الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية... سباق مستعر

الانتخابات الأميركية... سباق مستعر
26 أغسطس 2008 00:02
باختياره لـ''جو بايدن''، يكون باراك أوباما قد أضاف- حسب الاعتقاد السائد- تجربة وخبرة بالغتي الأهمية في مجال السياسة الخارجية إلى حملته؛ غير أن ما قام به في الواقع هو بمثابة إضافة علامة تعجب إلى انتصار سياسة ''الفوز مهما يكن الثمن''· لنتذكر انه كان يفترض أن يكون هذا نوعاً مختلفاً تماماً من التنافس، بين جون ماكين- المنشق عن التيار الغالب في حزبه، وباراك أوباما- الزعيم الذي لا يأتي مثله سوى مرة في كل جيل، غير أن الأشهر القليلة الماضية أظهرت مدى صعوبة كسر العادات السياسية القديمة؛ حيث انتقل ماكين إلى إدارة حملة سلبية إلى حد كبير ضد منافسه، بدأت تؤتي أكلها على ما يبدو؛ هذا بينما أضحى أوباما أكثر قرباً من التيار الغالب بعد أن اختار السيناتور بايدن- العارف بشؤون واشنطن، والسياسي الذي يستطيع خوض المعركة بقتالية وصلابة· وعليه، يمكن القول إن الأمر كله يرقى إلى ما يمكن أن نصفه بالحملة الأكثر قذارة وقبحاً خلال السنوات الثمانين الماضية؛ حيث أصبحت 2008 حملة ''السياسة كما العادة'' أكثر منها حملة ''تغيير يمكن أن نؤمن به''· لم أكن أتوقع أن يختار أوباما السيناتور ''بايدن'' ليكون نائباً له، حتى حين أصبح هذا السياسي المخضرم الذي قضى في الكونجرس 35 عاماً الاختيار الأرجح والأفضل وفق الاعتقاد السائد قبل عدة أسابيع؛ خاصة وأنه يرمز أحياناً إلى سياسات كثيرة اعترضنا عليها في معارك سابقة؛ لقد تمت الإشارة إليه كـ''بايدن'' (البنك) بدلاً من ''بايدن'' (الديمقراطي) نظراً للطريقة التي دعم بها شركات بطاقات الائتمان، مغلباً مصالح الشركات على مصلحة الفقراء منا؛ كما أنه والجناح التقدمي للحزب الديمقراطي- بل وأوباما أيضاً- على طرفي نقيض بخصوص مسائل مثل التصويت لغزو العراق والاستمرار في تمويلها· لنكف عن خداع أنفسنا وعن الاعتقاد بأن ''بايدن'' يعزز ويقوي رسالة أوباما الرئيسية خلال الانتخابات التمهيدية: ''التغيير الذي يمكن أن نؤمن به''؛ فـ''بايدن'' لا يرمز إلى اختيار جيل على غرار ما كان يمثله ''آل جور'' بالنسبة لبيل كلينتون، بل إن ''بايدن'' هو أقوى رمز للحرس القديم في واشنطن· ولكن، لماذا اختاره أوباما؟ الجواب: لأن فريقه أدرك على ما يبدو، في الوقت المناسب ربما، أن حملة ''تنأى بنفسها عن التعصب الحزبي السائد في البلاد'' وتقدم نفسها على أنها عامل تغيير لن تجلب له بكل بساطة النصر في نوفمبر المقبل؛ وعليه، يمكن القول إن اختيار أوباما لـ''بايدن'' يُظهر احترام وتقدير فريق أوباما لسياسة جديدة قد تعرض للاختطاف من قبل الواقع؛ ويتكون هذا الواقع من حقيقتين رئيسيتين، أن استطلاعات الرأي تظهر تردداً بين الديمقراطيين والمستقلين البيض في احتضان أوباما وأن استراتيجية ماكين السلبية ناجحة· في أفق المؤتمرين الوطنيين للحزبين الديمقراطي والجمهوري، تشير استطلاعات الرأي إلى نقاط الضعف في ترشح أوباما على أن الأمر لا يقتصر على الرجال البيض· فمعدلات تأييد ''ماكين'' متساوية مع معدلات تأييد أوباما؛ وفي استطلاعات الرأي بخصوص معدلات التأييد للجمهوريين والديمقراطيين للوصول إلى الكونجرس، يتقدم الديمقراطيون على الجمهوريين، في حين يفتقر أوباما إلى تقدم مماثل، وهو ما اعتبره الكثيرون مؤشراً على أن دعمه ليس قوياً بالقدر المطلوب، ولاسيما في ضوء رفض الجمهور الكبير لرئاسة بوش والحكم الجمهوري· بيت القصيد: رغم كل العوامل التي يبدو أنها تمنح الأفضلية والامتياز لأوباما والديمقراطيين هذا العام، إلا أن السباق مستعر ومحتدم، والنتيجة ستكون جد متقاربة· قبل شهر، كان السباق في مكان مختلف؛ ولكن ماكين أدرك حينها أن استراتيجيته تقوده إلى الفشل· كانت نصيحة مدير حملته الحالية ''ستيف شميت'' واضحة وصريحة: أن ماكين سيخسر إذا بقي الوضع الحالي للحملة على ما هو عليه· وهكذا، انتقل ماكين إلى استراتيجية أخرى- الحملة التي سبق تجريبها واختبارها والمتمثلة في التركيز على نقاط ضعف الخصم، ومنذ تلك اللحظة بدأ في التقدم على أوباما· من جانبه، يُظهر اختيار أوباما أن استراتيجيته قد تغيرت أيضاً؛ فتقديم ترشحه الذي رفع شعار ''سياسة جديدة'' لم يكن يكفي وحده؛ وباختياره خوض السباق رفقة بايدن- الذي يمثل الأشياء التي كان أوباما يخوض السباق ضدها- حصل هذا الأخير على ''مقاتل'' يمثل الطبقة العاملة، شخص يستطيع الرد على ضربات ماكين بأخرى أقوى منها· والأرجح أن بايدن لم يكن الاختيار الذي كان يرغب فيه أوباما، ولكنه يمثل ربما الاختيار الأنسب بالنظر إلى الشكل الذي باتت تتخذه الحملة· فقد أذعن أوباما- كما ماكين- لممارسة سياسة ''الرسائل'' والإعلانات السلبية· على الرغم من كل شيء، فإن دعم ''النشطاء السياسيين الإلكترونيين'' للمرشح الديمقراطي، يظل قوياً لأننا ننظر إلى جو التعصب الحزبي في مشهد الحملـــة الحاليـــة كميزة، وليس كعيب؛ إننا نقاتل بشراســـة من أجـــل الفوز؛ وقـــد انتظرنـــا أن يرد أوبامـــا على حملة ماكين السلبية، ونعتقد أن بايدن سيمثل سنـــداً قويـــاً له؛ فمــن أجــــل أن تحكـــم، عليـــك أن تفــوز أولاً· جيروم آرمسترونج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©