الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا.. قوة إقليمية أم دولية؟

روسيا.. قوة إقليمية أم دولية؟
23 ابريل 2014 00:36
هانا علام- واشنطن محللة سياسية أميركية وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما روسيا بأنها «قوة إقليمية» في تصريحات اعتبرت أنها ليست فقط طعنة في الخيلاء الذاتي للزعيم الروسي فلاديمير بوتين، لكنها أيضاً تبرير لتلكؤ الإدارة الأميركية عن التورط بشكل أكبر في الصراع المتفاقم في أوكرانيا. وفي الأسابيع الثلاثة التالية على ظهور هذا الوصف، أدت المناورات العسكرية لبوتين على امتداد الحدود والدعم الجلي للمتمردين في شرق أوكرانيا إلى انتقادات شديدة من مجلس الأمن الدولي، وإلى تحذيرات من حلف شمال الأطلسي من احتمال وقوع غزو وشيك، وأثارت شبح «حروب الغاز» التي تعرقل الإمدادات عبر أوروبا، ونبهت الغرب لأن ينظم محادثات عن الأزمة يوم الخميس الماضي في جنيف. وتعتقد «أديلا ليندنمير» المؤرخة الروسية في جامعة فيلانوفا التي ساعدت في تسعينيات القرن الماضي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مشرعات للمجتمع المدني في روسيا في الفترة ما بعد السوفييتية أن «الوصف غير حكيم للغاية ومضلل من عدة وجوه». وهناك بالتأكيد معارضة لوجهة نظر «ليندنمير»، فالمتخصصون في الشأن الروسي منقسمون بشدة بشأن إذا ما كان وصف إقليمي ملائماً، وبشأن مدى تأثير مكانة موسكو في العالم على رد واشنطن على بوتين الذي يتزايد تحدياً دوماً: أيجب تجاهل بوتين عموما ما دام أنه لا يهدد حلفاء الولايات المتحدة و«الناتو» في المنطقة، أم يجب مواجهته برد أكثر قوة من الولايات المتحدة لتفادي صراع أوسع نطاقاً عواقبه وخيمة على الاقتصاديات الغربية ومصالح الأمن القومي؟ ويمثل هذا أحدث التحديات التي تواجهها استراتيجية أوباما للسياسة الخارجية الخاصة بعدم التورط التي تعلي من شأن الدبلوماسية على حساب التدخل وتحتفظ بالسبل الأشد جرأة في حالة التهديدات الواضحة للمصالح الأمنية الأميركية. وجادل كثيرون من المراقبين المتخصصين في الشأن الروسي بأنه حتى إذا استطاع أوباما أن ينأى بنفسه عن أوكرانيا، فقد حان الوقت لصانعي السياسة الأميركية أن يعيدوا التفكير في العلاقات مع موسكو على أساس الحقائق الجديدة على الأرض، وليس على أساس وجهات نظر عفا عليها الزمن تفيد بأن الاستقرار الأوروبي مسلم به، وأنه يجب أن ينظر إلى بوتين، باعتباره شريكاً فيه. ويرى «ستيفان لارابي» الخبير في الأمن الأوروبي في مؤسسة «راند»، والذي عمل في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر كخبير في شؤون أوروبا وشرق الاتحاد السوفييتي أن «كلا المقاربتين تعرضتا للشك كثيراً بعد التحركات الروسية». ويرى بعض المحللين أن الطريق الدبلوماسي المفضل لأوباما بات موضع اختبار حقيقي بعد اجتماع وفود من روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي في جنيف. ويقول محللون، إن الجانب الأميركي يأمل أن يكون لدى الروس رغبة صادقة في التفاوض وسحب القوات، لأنه إذا واصل بوتين تحديه للغرب، فإن أوباما سيضطر لتعزيز العقوبات أو يتخذ إجراءات أخرى كان يفضل تفاديها. وحتى الآن تلتزم إدارة أوباما بنهج ثلاثي الاتجاهات يتمثل في دعم السلطة الانتقالية في كييف والعمل مع حلف شمال الأطلسي لطمأنة الحلفاء القلقين في المنطقة، وفرض عقوبات تدريجياً. وحذر خبراء من أنه ما لم يبد الروس في جنيف المزيد من المرونة، فسيعود الأمر القهقرى إلى إعادة تقييم التوازن بين العقوبات القاسية التي تمثل تهديداً عالمياً والمضي قدماً في نهج نفض اليدين الذي يعكس وجهة نظر الولايات المتحدة بأن الأزمة إقليمية ويمكن استيعابها. ويعتقد «أليكسي مالاشينكو» المحلل في مركز «كارنيجي» موسكو في مكالمة هاتفية أن روسيا «أكبر من أن توصف بأنها قوة إقليمية، لكن في الوقت نفسه، فإن أهمية روسيا على الساحة الدولية تتضاءل... في أفغانستان على سبيل المثال والشرق الأوسط وحتى في أوروبا». ولا يجادل إلا قلة في أن روسيا ليست قوة عظمى على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وأنها لا تقترب بحال من الأحوال من القوة الهائلة التي كانت للاتحاد السوفييتي السابق، لكن آخرين يشككون في حكمة التقليل من مكانة روسيا من قبل الإدارة الأميركية التي تعرضت لانتقادات بالفعل لأنها اعتبرت أمن أوروبا أمراً مسلماً به. وهؤلاء الذين يجادلون بأن نفوذ روسيا يتجاوز جوارها الإقليمي يشيرون إلى أن البلاد لديها مساحة تصل إلى سبع مساحة العالم، وحدودها تبلغ 12 ألف ميل، ولديها ترسانة نووية، ولها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وهي ممول رئيسي للغاز إلى أوروبا دون بديل جاهز لها. كما أن الولايات المتحدة تعتمد على روسيا في قضايا حساسة، مثل سوريا وإيران وأفغانستان. وتساءلت «ليندنمير» الأستاذة الجامعية في جامعة فيلانوفا بولاية فلاديلفيا «قوة إقليمية لأي إقليم؟ شرق آسيا؟ نعم. وسط آسيا؟ نعم. هل هي قوة إقليمية لشرق أوروبا؟ نعم... واحد زائد واحد زائد واحد... أليس يساوي ثلاث قوى إقليمية، وهذا يساوي قوة دولية». لكن هناك من يرد على هذا، فالترسانة النووية الروسية أصغر بكثير من تلك التي لدى الولايات المتحدة واقتصادها قزم أمام الاقتصاد المجمع للولايات المتحدة وأوروبا. وروسيا التي استخدمت مقعدها في مجلس الأمن الدولي لتدعم الموافقة على تدخلات عسكرية من خلال قرارات الأمم المتحدة هي نفسها التي استولت على القرم لتثير غضباً دولياً. ويؤكد هذا المعسكر أنها مسألة وقت فحسب، قبل أن يفيض الكيل بالروس العاديين من الكلفة المالية المرتفعة والعزلة الدولية التي تسببت فيها استفزازات بوتين. وربما يريد بوتين أن يعيد بناء جزء من الاتحاد السوفييتي، أو يعيد بناء قوة مقابلة لـ«الإمبريالية» الغربية، لكنه من غير الواضح إلى أي مدى سيظل ناخبوه يؤيدونه في هذه القضايا، خاصة إذا دنا الاقتصاد من حافة الكساد، وتضرر الاقتصاد الروسي الذي كان منتعشاً ذات يوم من الأزمة المالية العالمية، ويواجه حالياً صراعاً من المحتمل أن يستطيل أمده، وقد يجلب معه بالفعل أراضي جديدة تحتاج للدعم، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية ونفور المستثمرين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©