الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وتحدي قمة الأميركتين

11 ابريل 2015 22:20
قبل بضعة أسابيع فقط كان يبدو أن قمة الأميركتين في بنما ستشكّل فرصة ذهبية للرئيس أوباما لإكمال تطبيع العلاقات مع كوبا، وإزالة نقطة خلاف قديمة في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية. ولكن احتمالات أن يخرج أوباما من هذه القمة منتصراً تبدو ضئيلة، نظراً لعدد من التطورات التي وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية، ويُتوقع أن تضع أوباما في موقف دفاعي خلال القمة، التي تمثل مناسبة نادرة سيلتقي خلالها الرئيس الأميركي مع نظرائه في النصف الغربي من الكرة الأرضية. وسنسُوق هنا عدة تطورات تبرر هذا الرأي: أولًا، الأمر التنفيذي الذي أصدره أوباما الشهر الماضي، والقاضي بحرمان سبعة مسؤولين حكوميين فنزويليين من التأشيرة وتجميد ودائعهم في المصارف الأميركية بسبب تورطهم فيما قيل إنها انتهاكات لحقوق الإنسان أو الفساد، دفع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى جمع 10 ملايين توقيع لعريضة تطالب بإلغاء هذه العقوبات. ويقول مادورو إنه سيقدم العريضة الجماعية لأوباما في بنما. وعلى رغم أن حملة مادورو لإعداد العريضة الجماعية كانت، من وجهة نظر منتقديه، حركة استعراضية هدفها صرف الانتباه عن مشاكل فنزويلا الداخلية، وأن إدارة أوباما أعلنت مراراً وتكراراً أن العقوبات الأميركية لن تؤثر على الشعب الفنزويلي - خلافاً لما يقوله مادورو- إلا أن الخلاف الأميركي- الفنزويلي يُتوقع أيضاً أن يطغى على عناوين الصحف في معظم دول أميركا اللاتينية. ومن المحتمل أن يضر، جزئياً على الأقل، بآمال البيت الأبيض في أن تكون مصافحة أوباما للزعيم الكوبي الجنرال راوول كاسترو مؤشراً على نهاية أكثر من خمسة عقود من العداء الأميركي- الكوبي، واللحظةَ التاريخية الأهم في القمة. ولعل من المفيد التذكير هنا بأن البيت الأبيض ينظر إلى تطبيع العلاقات الأميركية مع كوبا باعتباره تركة إيجابية لرئاسة أوباما. بيد أن العديد من زعماء أميركا اللاتينية يُتوقع أن يدعموا عريضة مادورو في القمة، سواء تعبيراً عن قلق حقيقي من تداعيات العقوبات الأميركية أحادية الجانب، أو خوفاً من أن تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه ضد بلدانهم أيضاً. والتطور الثاني، الذي من المحتمل أن يضر بالمصالحة بين أوباما وكوبا، قد يكون آتياً من كوبا نفسها. فالزعيم العسكري الكوبي لا يمكنه إلا أن يدعم فنزويلا صراحة في القمة، لأسباب اقتصادية وسياسية. وذلك أن فنزويلا ما زالت هي المساعد الاقتصادي الرئيسي لكوبا، والخطاب الكوبي المناوئ للإمبريالية ما زال هو التبرير الرئيسي لرفض كاسترو السماح بإجراء انتخابات حرة في الجزيرة. وعلاوة على ذلك، فإن المفاوضات الأميركية - الكوبية حول التطبيع لم تمض بشكل سلس مثلما كان متوقعاً. وإذا كان من المحتمل أن يعلن أوباما وكاسترو عن إعادة فتح السفارتين في عاصمتي بلديهما، وعن قرار أميركي برفع اسم كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فإن كاسترو من المحتمل أن يتصدر عناوين الصحف بسبب انتقاده المحتمل لما تبقى من الحظر التجاري الأميركي على كوبا، الذي لا يمكن رفعه إلا من قبل الكونجرس الأميركي. أما التطور الثالث الذي من الممكن أن يضر بالمصالحة بين أوباما وكاسترو، فهو المعارضة الكوبية التي أحست بأنها قد هُمشت من قبل أوباما عندما أعلن عن عرضه تطبيع العلاقات مع كوبا. وفي هذا السياق، قال لي «جيليرمو فارينياس»، وهو معارض كوبي بارز يأمل أن يكون في منتدى المجتمع المدني التابع للقمة المرتقبة في بنما، إنه إذا لم يطالب أوباما علناً كوبا خلال القمة بأن تخطو خطوات ملموسة نحو الديمقراطية، فـ«إننا سنصاب بخيبة أمل كبيرة»، مضيفاً أنه ينبغي على أوباما أن يطالب كوبا بالإفراج عن السجناء السياسيين، والكف عن استهداف خصوم الحكومة، والسماح بحرية التجمع. ويقول بعض المراقبين إن الاكتفاء بالظهور مبتسماً في صورة إلى جانب كاسترو، وفي صورة أخرى مع المعارضين الكوبيين، سيكون كافياً لجعل أوباما نجمَ القمة، معتبرين أن ذلك، إلى جانب مشروع الاتفاق مع إيران، سيجعله، في نظر أنصاره، يبدو صانع سلام عالمياً. ولكنني، أعتقدُ أن الأمور لن تنجح بتلك الطريقة. فللخروج من القمة منتصراً، يتعين على أوباما أن يتحلى أولاً بالشجاعة. فحين يقدم مادورو لأوباما وثيقة يقول إنها موقَّعة من طرف ملايين الأشخاص، ينبغي على أوباما أن يرد أيضاً بالمثل. وبدلاً من أن يفاجَأ ويتلقاهـا بابتســـامة، مثلما فعل حينما قدم له الرئيــس الفنزويلــي الراحــل هوجــو تشــافيز كتابـا يُحمّل الولايات المتحدة مسؤولية مشاكل العالم في قمة مماثلة في 2009، ربما يجدر بأوباما أن يقدم هو أيضاً لمادورو نسخة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. أندريس أوبنهايمر * * كاتب أرجنتيني مختص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©