سراقة بن مرداس الأكبر.. شاعر الهجاء والمكر

سلوى محمد (القاهرة) سراقة بن مرداس البارقي بن حارثة بن عامر، ولد في السنة الثانية قبل الهجرة، من قبيلة بارق، أصله يمني، من فرسان الجاهلية، قيل له سراقة الأكبر للتفرقة بينه وبين سراقة بن مرداس الأصغر، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه في العام التاسع للهجرة وعمره تسع سنين، فأسلم وهاجر إلى العراق واستقروا بالكوفة، تعلم الشعر من جده أسماء، يقربه الأمراء ويحبونه لحُسن إنشاده. وقع سراقة في الأسر بعد استيلاء جيش المختار الثقفي على الكوفة، والذي لا يأتيه أسير إلاّ قتله، فجيء إليه بسراقة، فأراد قتله فخاطبه سراقة وكان ذكياً ظريفاً يحُسن التفلت من خصمه قائلاً: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفتح الشام، فعفا المختار عنه، ثم جيء به أسيراً ثانية فثالثة، فأقسم للمختار محتالاً عليه إنه لم يقع أسيراً إلاّ لأن الملائكة كانت تقاتل في جيش المختار، وأن الملائكة هم الذين أسروه، فزعم المختار أن الملائكة تقاتل معه ورأى شهادته نصراً، فطلب منه أن يخبر الجند بما رأى وأطلق سراحه، وأمره أن يخرج من العراق واستطاع سراقة بدهائه أن ينجو من القتل، وكان المختار يكنى أبا إسحاق فهجاه قائلاً: ألا أبلغ أبا إسحاق أني رأيت البلق دهما مصمتات كفرت بوحيكم وجعلت نذرا عليّ قتالكم حتّى الممات أري عينيّ ما لم ترأياه كلانا عالم بالترّهات إذا قالوا أقول لهم: كذبتم وان خرجوا لبست لهم أداتي التقى سراقة الشاعر جرير الكلبي، وهو من شعراء الهجاء وأبرعهم، وكانا تهاجياً وغلبه جرير من قبل، وعندما رآه والناس مجتمعون عليه وهو يُنشد، استحسن إنشادَه فسأله: من أنت؟ قال سراقة: بعضُ من أخزاه الله على يديك، قال جرير: أما واللهِ لو عرفتك لوَهَبْتك لظَرْفك. ناقض جرير ومن ذلك قوله: فإِنْ أَهْجُ يربوعًا فإنِّيَ لا أرى لشيخِهمُ الأقصى على ناشيِّ فَضْلا بِطاءٌ إلى الدّاعي إذا لم يَكُنْ أَكْلا سواءٌ كأسْنانِ الحمارِ فلا تَرَى لذي شَيْبَةٍ منهمْ على ناشئٍ فَضْلا اشتهر بالمدح والهجاء والرثاء، وفخر بمآثر قومه يقول: قوميْ شَنُوءةُ إنْ سألتَ بمجدِهمْ في صالحِ الأقوامِ أو لم تسألِ الدّافعينَ الذّمَّ عن أحسابِهم والمُكرمينَ ثَوِيَّهم في المنزلِ والمُطعِمينَ إذا الرّياحُ تَناوَحَتْ بِقَتامها في كلِّ عامٍ مُمْحِلِ المانِعينَ مِنَ الظُّلامةِ جارَهُم حتّى يَبِينَ كسَيِّدٍ لم يُتْبَلِ توفي سراقة بن مرداس عن عمر يناهز الثمانين عاماً.