الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهند والإعلام العربي

24 أغسطس 2008 23:36
نذكر قبل سنوات كيف كانت الفضائيات تروج للأفلام المكسيكية والفنزويلية المدبلجة، واليوم للأفلام التركية نور وسنوات الضياع في غزو ثقافي جديد، بزعم أن شعوبنا العربية بحاجة للخروج من مستنقع الخلافات والحروب والدمار والاستعمار إلى فضاء أوسع وأكثر رومانسية وميلا إلى حياة مترفة متطورة، وأنا أتفق أن المجتمعات العربية بحاجة إلى التغيير ولكن أي نوع من التغيير نحتاج ؟ لقد تسببت المسلسلات التركية الجديدة أضراراً اجتماعية في المجتمع العربي كحالات طلاق في الدول العربية إما لرغبة الزوجة أن يكون زوجها مثل مهند بطوله وعيونه الزرقاء أو العكس· وقرأنا في الصحف أن عروساً بحرينية اسمها نور طلبت من عريسها أن يقوم بتغير اسمه من محمد إلى مهند كشرط لعقد القران· وسألت امرأة في بيت عزاء عن التلفاز لمشاهدة مسلسل نور، دون أن تراعي مقدار الحزن الذي تمر به العائلة المكلومة· وفي فلسطين عريس وعروسه يصبحان فجأة وحدهما في كوشة العروس بسبب وقت عرض مسلسل نور! للأسف كل هذه وقائع نشرتها الصحف ، بالإضافة إلى ما ذكرته حول الحفاوة التي تلقاها مهند في الأردن والإمارات والعراق وللأسف بدل أن يتهافت الناس على القدس نراهم يتهافتون على قصر محمد عبود أفندي الذي تم تصور مسلسل نور فيه· فأي انحطاط فكري وتحجر في العقول العربية قد وصلنا إليه؟! في المقابل لماذا لا نشاهد أفلاماً تركية مدبلجة عن الفتوحات العثمانية عندما عبر سليمان بن أورخان مضيق الدردنيل سنة 1356م ونزل شبه جزيرة جاليوبولي مؤسساً بذلك أول موطئ للعثمانيين أو مسلسلا عن محمد الفاتح وفتح القسطنطينية· تغييب مثل هذه المسلسلات والأفلام في السينما التركية والعربية ليس صدفة وإنما يصب أصلا في عملية تطهير عرقي للفكر المقاوم والعمل على إبقاء التاريخ الإسلامي لتركيا مغيبا· وفي ظل هذه الحروب التي تعاني منها مجتمعاتنا في لبنان والعراق وفلسطين والسودان وفي ظل الدمار والتطهير العرقي الذي يمارس في هذه البلدان، أصبحت المعارك بشكل رئيسي معارك إعلامية بامتياز· والإعلام العربي وقف عاجزاً أمام تغير قناعات المجتمع الغربي في مجريات الأحداث على الساحة العربية والدولية على الرغم من أن الإعلام يحظى باهتمام لا سابق له في التاريخ فهو مخلوق لا حدود لقوته أو رقته يعبر كل الفضاءات ويجتاز المساحات ويصل إلى كل بيت على هذا الكوكب· أصبحت هذه القنوات عبارة عن ''قنوات للصرف الصحي'' هدفها الأول تحقيق الربح بغض النظر عن الوسيلة، فأصبحت بيوتنا عبارة عن سلة قمامة تحوي ما هب ودب من الثقافة الفاسدة، وما يبث حالياً على شاشاتنا من مسلسلات تركية مدبلجة من أجل تغير سلوك وفكر وذوق المواطن العربي لينسجم مع الفكر الغربي وطمس معالم المقاومة ضمن خطة ممنهجة تسير جنباً إلى جنب مع فكرة عولمة الإعلام· على الإعلام العربي أن يفرض رقابة على قنوات التعري التي لا تنم عن ماضي وحاضر ومستقبل الأمة المنشود· معاذ الجندي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©