الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم محارتك.. فابحث عن لؤلؤتك

العالم محارتك.. فابحث عن لؤلؤتك
18 يناير 2017 21:24
سمر حمود الشيشكلي لم يعد هناك من ينكر على السينما دورها في تشكيل العقل وإعادة برمجته. رغم أن من اخترع العرض السينمائي لم يكن في ذهنه، كأولوية على الأقل، أن يكون لهذا الفن هذا الأثر وهذا الدور الذي لعبته وتلعبه السينما في توجيه السلوك البشري وفي إيجاد أساليب جديدة في التفكير، وأن يكون له هذا الأثر والفاعلية في تشكيل الوعي وتعديل القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتغيير أسلوب الحياة وأنماط الإدراك المعرفي والوجداني للحياة. ومن المؤكد أن السينما أكثر تأثيراً من الرواية، وهناك الكثير من الأفلام التي ارتكزت على رواية مكتوبة بالأصل. كم من فيلم خرجنا من صالة عرضه بطاقة إيجابية للحياة، وكم من فيلم حضرناه وأضاء زاوية من إدراكنا وأعاد ترتيب أفكارنا عن أنفسنا ورؤانا، وكم منها أضاف إلى وعينا و لاوعينا مهارات للتعامل مع الحياة بانفتاح وحرية ونضج أكبر! يحاول مخرجو الأفلام دائما تقديم نجاحات الحياة الحقيقية وقصصها الملهمة، التي ربما ما سمع عنها الناس لولا التقديم السينمائي لها، عبر تجسيد لرواية ناجحة حظيت باهتمام الجمهور وتركت أثرا كبيراً عليه، أو عبر شخصيات وجدت في الحياة على أرض الواقع، وتشكل تجاربهم في الحياة وطرائقهم في تناول ظروفهم محفزاً كبيراً للمشاهدين، شخصيات لم تستسلم لليأس واللاجدوى والعبثية، وكان كفاحها وصبرها وإصرارها على تحويل كل ما هو سلبي في حياتها إلى طاقة إيجابية خلاقة هو إبداع خالص بحد ذاته. هناك بالطبع كثير من هذه الأفلام التي أنتجت عبر عقود من عمر الفن السينمائي، لكن المجال لا يتسع لتقديمها كلها، هنا بعضها كدليل على الفكرة المطروحة، وقد تكون من أحدثها، وأعمقها وقعاً!. غير قابل للكسر «غير قابل للكسر - Unbroken» هو فيلم دراما أميركية 2014، من إنتاج وإخراج أنجلينا جولي. الفيلم في مرحلة الحرب العالمية الثانية، يرتكز على أحداث حقيقية كتبتها كقصة لورا هيلينبراند عام 2010، سيرة ذاتية تصف وتمجد الكفاح للبقاء على قيد الحياة، الصمود، والإخلاص. يروي الفيلم وقائع من حياة «لويس زامبريني» وهو عداء أميركي أولمبي، نجا مع اثنين فقط من أفراد طاقم الطيارين الذي خرج في مهمة مميتة أثناء الحرب العالمية الثانية، بعد 47 يوم من تحطم طائرتهم في البحر ليتم التقاطهم والقبض عليهم من قبل القوات البحرية اليابانية وإرسالهما إلى معسكر لأسرى الحرب. في أحلك أوقاته ترددت في ذهنه عبارة سمعها في الكنيسة عندما كان صبيا: «لا تخف الظلام» وكان تركيزه عليها، كإيمان عميق لم يلتفت إليه من قبل، هو أحد التكتيكات التي ساهمت في استمراره بصلابة ليقاوم الموت والقهر في أقسى حالاته عنفاً وتطرفاً؛ سواء كناجٍ هائم في طوف في عرض البحر حيث لا طعام ولا ماء وسمك القرش يطوف حولهم، ونيران العدو تتربص بهم، أم كأسير مع ما يعنيه الأسر من التعرض للقسوة اللامتناهية والسلوكيات اللا إنسانية. نجا زامبيريني - قام بتجسيد دوره (جاك أوكونيل) - من الفشل المدرسي ومن البحر ومن الأسر ليعيش حتى سن ال97، وشارك في الأولمبياد العالمي ليحمل الشعلة الأوليمبية من جديد. قدم الفيلم ملحمة ملهمة للمشاهد مفادها أن تابع تقدمك في حياتك بإرادة متسلحة بالإيمان العميق وقوة فولاذية على الصمود أمام أسوأ السيناريوهات، واعدة إياهم بأن المكافأة ستكون عظيمة، وأنها ستكون رحلة ناجحة للخروج من الظلمات إلى النور. الإغواء العظيم (الإغواء العظيم - The Grand Seduction)، فيلم من إنتاج عام 2014 للمخرج دون ماكلر. فيلم كوميدي، مبهج ومفعم بالأمل، بطول 113 دقيقة، يحكي قصة (تيكل غوف) البلدة الساحلية الصغيرة الساحرة التي تفتقر إلى التنمية والتي تندر فيها الأعمال وتقتصر على الصيد. أهلها يعيشون ببساطة ووداعة وحب لكنهم فقراء ويرغبون بشدة بتحسين أحوالهم والتوقف عن الاعتماد على المساعدات الحكومية. كانت أمام البلدة فرصة لذلك، إذا ما قررت شركة معينة إنشاء معمل فيها لأنها ستوفر فرص عمل لأهل القرية ويأتي معها النماء والازدهار والمستقبل الأفضل للأبناء. لكن المسؤول عن هذا القرار في الشركة يخبرهم أن عليهم أن يحوزوا الشروط القانونية في البلدة وإلا ستذهب الفرصة لبلدة أخرى، من هذه الشروط وجود طبيب مقيم فيها، لكن ما من أحد من الأطباء كان يرغب في القدوم إلى هذه الأنحاء التي تفتقر إلى محفزات الحياة ومقوماتها العصرية. الطريق الذي يسلكه أهل البلدة بقيادة رئيس الصيادين فيها لإغواء أحد الأطباء بالعمل فيها، والطريقة التي ينظمون فيها العمل فيما بينهم لإقناع صاحب القرار بإقامة المصنع تدخل البهجة إلى النفس، وتقنع المشاهد بأن ما من مطلب أو هدف يموت إن كان وراءه الإصرار والإخلاص وعدم اليأس. الفيلم كوميدي سلك طريق المبالغة الدرامية ولكنه في النهاية زرع انطباعا جميلاً عن إحدى مهارات الحياة، بأن وضوح الرؤية والهدف والتركيز والمثابرة توصل المرء إلى ما يريد. جوي (جوي - Joy) فيلم دافئ يكاد المشاهد يشعر باليأس التام عند مشاهدته، إلى ما قبل نهايته بقليل، من كثرة وشدة بأس ما تعرضت له البطلة من إحباطات وفشل. ترتكز القصة على ابنة العائلة المحاطة بأجيالها الثلاث، جدتها، والداها، إخوتها والأولاد. تواجه في عملها الغدر والخيانة وندوب الحب، وتتعرض طيبتها لامتحان مزلزل. تحاول الدفاع عن ذاتها ووجودها من خلال إصرارها على تسويق الاختراع المنزلي البسيط الذي اخترعته والذي قوبل في البداية بالتسفيه وعدم الاكتراث. الفيلم سيرة ذاتية عن رحلة كفاح طويلة ومريرة لـ (جينفر لورانس) وهي شخصية حقيقية في المجتمع، لكنها تثلج الصدر فيما آلت إليه، رحلة سندريلا الى التمكين الاقتصادي والاجتماعي. الزوج الفاشل والعائلة المختلة والولدين المتطلبين المشاكسين، بالإضافة إلى أخت حاقدة لا تستطيع إلا أن تكون بغيضة وشديدة الغيرة منها (من جوي). ليس هناك غير الجدة التي كانت منبع الحكمة الوحيد في البيت ومصدر الثقة والدعم النفسي لها رغم سنها المتقدم. كانت جدتها الوحيدة التي آمنت بأنها ستكون يوماً امرأة عظيمة بطريقة ما. كانت جوي تحمل دائما القدرة على النجاح، لكن الحياة كانت تكمن لها بالعقبات في كل زاوية من حياتها، وتبرز لها بالمعوقات عند كل فرصة للنجاح. لقد تركت وظيفتها الأكاديمية المرموقة لتعتني بوالديها أثناء مرحلة انهيارهما وطلاقهما. وطغى حضور أختها الأقل موهبة، وبالتالي الأقل مشاكل، على حضورها. لكن عالم جوي الداخلي وخيالها المتقد حملاها في قلب العواصف التي واجهتها إلى النجاح والفرح. نظرية كل شيء (نظرية كل شيء - The Theory of Everything) فيلم درامي رومانسي من إنتاج 2014 من إخراج جيمس مارش. يحكي السيرة الذاتية لعبقرية القرن الواحد والعشرين عالم الفيزياء الفلكية النظرية، بعد أينشتاين، البروفيسور ستيف هوكينج، وزوجته جين وايلد التي كانت زميلته في جامعة كامبردج. الفيلم يحتفل بالرقي البشري ليترك بصمة مؤثرة على مفهوم الحياة للبشرية. عن كتاب مذكراتي لستيف هاوكينج نفسه وكتاب زوجته (حياتي مع ستيف). واجه هوكينج واحداً من أكثر الأمراض العصبية الحركية تطرفاً، مرض يذهب تدريجياً بقدرته على التحكم بعضلاته لتضعف وتذوي في أوائل العشرينيات من عمره. تثبت حياة هوكينج أنه يجب أن لا تكون هناك حدود للمسعى البشري تجاه الحياة والعلم. ويكون ملهماً بأن هناك دائما شيء يمكنك القيام به، وتنجح فيه. عدا عن أن صبر ستيفن على مرضه بروح عالية وجلد نادر تجاوز المستحيل، وأصالة زوجته وحبها وإنسانيتها العالية بحبها له وزواجها منه رغم مرضه ورغم أن الأطباء قالوا أنه لن يعيش أكثر من عامين، وتكريسها عمرها لرعايته وإيثاره على مستقبلها لأنها آمنت بعبقريته، كانت هناك وقفات وأقوال ملهمة ستبقى ترن في فضاء الإعلام وهي تترك بصمة ملهمة أينما حلت: «طالما هناك حياة، هناك أمل»/‏ «لملايين السنين عاش الإنسان كالحيوانات إلى أن حدث شيء وأطلق قوة خيالنا، لقد تعلمنا أن نتكلم وتعلمنا أن نستمع. الكلام سمح بتواصل الأفكار وتبادل الأفكار أعطى فرصة للبشر أن يعملوا معاً ليعمروا المستحيل»/‏ «إن اشتكى أحدهم من أنك ارتكبت خطأ، قل له إن هذا شيء جيد. لأنه من دون اللاكمال، لا أنا ولا أنت كنا سنوجد»/‏ «على الرغم من أننا جميعاً مختلفون عن بعضنا البعض إلا أننا نتقاسم نفس الروح الإنسانية. قد تكون من ضمن طبيعتنا البشرية أن نتكيف لننجو في الحياة»/‏ «الناس الذين يتفاخرون بذكائهم هم أكبر الفاشلين»/‏ «لست خائفاً من الموت ولكني لست مستعجلاً لأموت، لأنه لدي الكثير من الأشياء لأنجزها»/‏ «تذكر أن تنظر إلى الأعلى، إلى النجوم، وأن لا تبقي نظرك إلى الأسفل، على قدميك». ما زلت آليس (ما زلت آليس - Still Alice)، فيلم درامي من بطولة «جوليان مور» بأروع أداء لها، كتبه وأخرجه ريتشارد غلاتزر وووش ويستمورلاند عام 2014. يرتكز الفيلم على رواية حصلت على أعلى المبيعات عام 2007 للروائية ليزا جينوفا، تحمل اسم الفيلم نفسه. ويتمحور حول مهارة إتقان فن الفقدان أو فن الخسارة. دكتورة آليس هولاند، بروفيسورة في جامعة كولومبيا لمادة اللغويات، وجدت نفسها في (فخ) الزهايمر المبكر، وأدركت أبعاده المؤلمة والمهينة عليها وعلى أسرتها فحاولت من البداية أن تكبر على المحنة وتحايلها بكل الذكاء الذي أوتيته، وتبتكر طرقها العملية الذكية لتمد بعمر وظائف خلاياها الدماغية بابتكارها استراتيجيات تدريب عقلية. بالطبع لن تستطيع تجنب المآلات الحتمية لمراحل المرض ولكنها كانت تقف مستعدة للتالي ومحتالة على أثره الكارثي. مع محبة عائلتها ودفء احتوائهم لها في محنتها المميتة استطاعت آليس السيطرة على الطبيعة القاسية لمرضها. الفيلم عرض قسوة تشظي ذاكرتها البشرية بكل رقة، حيث عرض أيضاً الدفء الأسري العامل المساعد الأكبر لأي مريض. على ارتفاع خمسة أدوار (على ارتفاع خمسة أدوار- 5 flights up) فيلم درامي أطلق عام 2015 اخراج: ريتشارد لونكرين، تأليف: تشارلي بيترز. يرتكز على رواية «معايير ملحمية» للروائية جيل سيمانت. بطولة رئيسية لاثنين من عمالقة السينما الأميركية: مورغان فريمان و ديان كيتن. يحكي قصة مدرسة متقاعدة (روث) وزوجها الفنان الرسام (أليكس) يعيشان في شقة واحدة منذ أربعين سنة زواج. ارتفعت قيمة العقارات؛ فقررا تغيير الشقة بسبب ارتفاعها وما أصبح يمثله لهما من مشقة مع تقدم العمر، والحصول على شقة أقل ارتفاعا وأرخص ثمناً. تحقيقاً لهذه الغاية تكلف روث ابنة أختها، وهي وكيلة عقارات، بيع الشقة، وتكون النتيجة مواقف مضحكة ومؤلمة في آن معاً تظهر التباين الذي يعيش خارج إطار عوالمنا الخاصة، من خلال تدفق نوعيات عديدة من البشر على محيط عالمنا، كل بشخصية وأفق مختلف. من خلال هذه التجربة يكتشف الزوجان كم أن حياتهما نابضة وحية ودافئة وأن بيتهما هو جزء من شخصيتهما، وأن هذا التغيير لن يجلب معه الرخاء والفرحة لمثلهما بل ولن يحقق لهما الوفرة المالية التي ابتغياها، فيقرران الالتصاق بالشقة التي تمثل الماضي والحاضر والمستقبل أيضاً. في حياتنا متعلقات حميمية لا ينبغي رميها واستبدالها بهذه السهولة لأن هذا قد يترك أنفسنا أعصاباً مكشوفة غير محمية من صواعق الأيام. كتاب الحرية (كتاب الحرية - Freedom Writers) فيلم للمخرج ريتشارد لوغرافينيس عن كتاب (مذكرات مدرسة ثانوية في لوس أنجلوس) للكاتبة إيرين غروويل، وفكرة الفيلم مستمدة من برنامج وثائقي عمله صحفي عن المدرسة المتميزة تلك. إنه أفضل فيلم ملهم للناس الذين يمرون بفترة مراهقة عصيبة في المدرسة الثانوية، أو لأولئك الذين قد واجهوا العراقيل في دراستهم في تلك المرحلة المبكرة من العمر. إنه ملهم للمدرسين الشباب لأنه يحكي عن تجربة مدرّسة كانت مصدر تحفيز لطلاب صفها ليمضوا قدماً في دراستهم بعد أن علمتهم كيف يتعرفون أنفسهم وكيف يجدون الهدف النهائي لدراستهم ويضعونه نصب أعينهم ليتمكنوا من القفز فوق الصعاب والمعوقات. تقول المدرسة إيرين: إن بإمكان سكرتيرة عادية أو ربة منزل أو حتى مراهق أن يضيئوا شمعة في غرفة مظلمة. في كل معركة تخاض، هناك عدو، اعرفوا العدو وقاتلوه. في أميركا تتوج الفتاة ملكة لجمالها ولكنها في حضارة مثل الأزتك مثلاً تتوج لنسبها وسلالتها. فلنقاتل من يقول أننا أقل منهم شأناً، ومن يقول أننا لا نساويهم في الجمال أو النسب، لكن بكنوزنا الذاتية. كانت تلك مجموعة صغيرة من الأفلام الملهمة لكن ما حواه أرشيف السينما من أفلام من هذا النوع لا يحصى، وتأثير السينما تأثير خطير لعل هذا العالم يستعمل هذا القنديل للإنارة ولا يستعمله للإشعال الحرائق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©