إنديان: أبيع الطيور ومعها ذكرياتي

يتقاطع بعض الناس مع مهنهم التي يعملون بها أو هواياتهم التي يجيدونها، ويتناغمون مع أدواتها ربما لأنهم اختاروا مهنة يحبونها ولم تفرض عليهم، أو مهنة تتصل بهواية يمارسونها، كبائع الطيور سيد إنديان الذي يعمل في دكان بسوق الطيور· وتبدو مهنة إنديان ملائمة تماما له، ففي طفولته اعتاد الركض خلف أسراب الطيور العابرة للسهول في ولاية كيرلا الهندية التي نشأ فيها· ويقول إنه كان يطاردها ويسابقها أحياناً إلى أن تسبقه وتحلّق وتغيب عن مدى رؤيته، تماماً كوطنه الغائب عن عينيه الآن· قدم إنديان، الذي يبلغ من العمر 24 سنة، قبل أربعة أعوام إلى أبوظبي من عاصمة ولايته ''تريفاندروم'' المبنية على سبع تلال، ويوضح أن مدينته الواقعة في الساحل الجنوبي من الهند، تتميز بطبيعة خاصة عن بقية أنحاء شبه القارة الهندية، فهي تطل على المحيط الهندي، وتنتشر فيها القنوات المائية، والجبال، والغابات الاستوائية، وتعدّ واحدة من أجمل عشر مناطق طبيعية في العالم، وتتم فيها زراعة الشاي، والأرز، والموز، وجوز الهند· وعمل إنديان في أبوظبي منذ وصوله إليها في المجال الذي أحبه طويلاً وهو الطيور، فهو خبير بها ويعرف أنواعها· ويشير إلى معرفته بجنس الطير أنثى أم ذكر من مجرد نظرة عن بعد، كما أنه يغرّد مثلها، ويقلّد أصوات بعضها، ويحادثها بالزقزقة قبل أن يقدم لها فتات الخبز وحبوب الذرة المطحونة وغيرها· ويشير سيد إلى أن ''كل الطيور التي نبيعها غير مستوردة وهي ''متوالدة'' في الإمارات، إذ منعت وزارة البيئة والمياه بقرار رسمي صدر عام 2005 استيراد الطيور، حرصاً على عدم انتقال عدوى مرض ''أنفلونزا الطيور'' إلى طيور الزينة أو باقي الأنواع''· ويضيف: ''تخضع الطيور لفحوصات دورية تقوم بها ''بلدية أبو ظبي'' لتقديم اللقاحات اللازمة لها، حرصاً على سلامتها وسلامة الناس الذين يقتنونها· إضافة إلى فحوصات طبية تقوم بها عيادة أبوظبي البيطرية لأخذ عينات عشوائية لفحص الطيور، وكذلك لعلاج حالات صحية تصاب بها أحياناً كأمراض الجهاز التنفسي، والجلد، والريش، والعيون، خاصة وأن منها ما ينتقل بالعدوى إلى الإنسان''· تنشأ -أحياناً- روابط بين الإنسان والطيور، وثمة قصص أو مواقف محزنة وطريفة تتصل بها، كالتي حدثت معه، ''تعلقت بطير كناري جميل الهيئة والصوت والحركة، ورفضت مراراً أن يبيعه مدير المحل، إلى أن اضطررت لاقتنائه بخمسين درهم، وأطلقت عليه اسم مدينتي، لكنني فقدته بعد عام، وتأثرت كثيراً ونويت أن لا أقتني طيراً مرة أخرى''· وبحزن يعدد أشهر أنواع الطيور التي يبيعها بعد أن يقضي معها أياماً ويعتاد على وجودها ومن بينها: طيور الكناري، والدرّاج، والفزنت، وطيور الجنة، والحجل، والفري، والحسون، واليمام بنوعية الإفريقي والهندي، والبلابل والعصافير، والهدهد، وكذلك الببغاء الذي يعدّ ، وفقه، الأغلى ثمناً حتى أن سعر الواحد منها يصل إلى سبعة آلاف درهم· ويقيم سيد في شقة تضمه مع أصدقائه، ويحرص على توفير مبلغ بسيط من راتبه ليرسله إلى أسرته في الهند، ويبدي سعادته لأنه وإن كان لا يستطيع التحليق في سماء أبوظبي كالطيور، لكن عينيه تستطيعان النظر والتمتع بنهضتها العمرانية وطبيعتها الساحرة وجزرها القريبة من شاطئ الكورنيش، حيث هوايته الأثيرة مشاهدة مناظرها الخلابة والتأمل فيها بإعجاب·