السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطباق الشعبية تفوح بعبير الهيل والزعفران وتحوز إعجاب الزوار

الأطباق الشعبية تفوح بعبير الهيل والزعفران وتحوز إعجاب الزوار
22 ابريل 2014 20:37
أزهار البياتي (الشارقة) في الشارقة القديمة ومن قرية التراث تحديداً ما أن تطأ قدماك دهاليزها العتيقة، حتى تلفك نفحات فواحة من أريج الهيل والزعفران، لتشدك إلى ركنها الطيب، حيث تختلط الروائح والوجوه والألوان، وكأنها تتحداك أن تقاوم تجربة مذاق بعض أطباقها الشعبية المنكهة بالسمن العربي وطعم السكر والتمر، وقطم شيء من أقراص خبزها اللذيذ الحار. لعل تحضير هذه الأكلات المحلية الطابع والهوى، وإعدادها بأنامل إماراتية وبامتياز، هو ما يكمل الصورة الجميلة، ويختزل مشهد الأصالة وخصوصية التراث، والذي لم يغب مطلقاً عن زوار «أيام الشارقة التراثية» في موسمها الثاني عشر، ومهرجانها المستمر ليوم 25 من أبريل الجاري، عكستها مجموعة عرائش مفتوحة ومرفوعة بعمدان الخشب، تجاورت فيها نساء مبرقعات، افترشن الأرض ليقرصن العجين، ويخبزن على وهج الصاج، ويكرمن المارة من الصغار والكبار. حياة الآباء والأجداد تشير خلود الهاجري رئيس لجنة القرية الإماراتية بالمهرجان، قائلة: هي احتفالية شعبية وجماهيرية تحتفي بملامح التاريخ والتراث، وتستعيد أمجاد زمن مضى من حياة الآباء والأجداد، وربما تكمن أهمية مثل هذه المهرجانات النوعية، أنها تحصد جملة من الأهداف، وتكون وسيلة معبّرة تقرأ للعالم أجمع صفحات مهمة من ثقافتنا المحلية وتراثنا الإنساني وتكويننا الاجتماعي. وتتابع الهاجري: «من منطلق أن التراث يعد منظومة متكاملة ذات هوية وانتماء، فإن أجزاءه تتوزع على العديد من المجالات، حيث تحتل الأكلات المحلية وطرق تحضير الطعام عند السكان جزءاً مهماً من طبيعة الشعوب وأسلوبهم في الحياة، فتحمل عناصر من خصوصيتهم، بيئتهم، ومحيطهم العام، ومن هذا المنطلق فإن ركن المؤكلات الشعبية في «أيام الشارقة التراثية» حظي باستقطاب واسع واهتمام ملحوظ». أقراص «اللقيمات» ومن عريشة مفتوحة تتربع على أطراف قرية الإمارات، جلست فاطمة إبراهيم، وهي في عقدها السادس، أمام موقد النار، تحمّر أقراص «اللقيمات» الشهية، وتقّطرها برحيق الدبس والعسل، لترش عليها بذور السمسم، وتقدمها بكرم لضيوف المهرجان، مستقبلة إياهم بوجه يفيض بالطيبة والحنان، وهي تتحدث عن طبيعة صنعتها بحب، لتقول: «هذا شغفي ومهنتي التي ورثتها عن أمي وجدتي، ثم علمتها لبناتي، فنحن أسرة تتمسك بالعادات والتقاليد، ونعشق الطهو وتحضير الطعام، خاصة الأكلات الشعبية والأطباق المحلية، ومن هذا المكان المميز تتاح لنا فرصة عرض طرق أعداد الأكلات التقليدية المستنبطة من صميم تراث الإمارات، بذات أدواتها وقدورها ومقاديرها القديمة، لنبين للزوار الوافدين على أيام المهرجان، جوانب من إبداع المطبخ الإماراتي، والأساليب التقليدية في تحضير الوجبات المحلية. خبز «الرقاق» وفي ركن آخر غير بعيد هبت منه رائحة خبز «الرقاق» الحار، وهو يتلظى على صاجه الساخن، ترققه أياد حفرت عليها السنون خطوط الأصالة والانتماء، لصاحبتها الإماراتية “أم عبدالرحمن”، ذات الخامسة والخمسين عاماً، وهي تمارس هوايتها ومهنتها، التي تعمل بها منذ سنوات، متخصصة في المخبوزات الخليجية، وتحضيرها بطرقها القديمة، وهي تعبّر عن مهارتها في هذا المجال، فتقول: «أنا مختصة في خبز «الرقاق» المحلي على فرن الصاج، وأعده بأسلوبه التقليدي، والذي يحظى بشعبية كبيرة عند المواطنين، وبالرغم من حفاظنا على أصول هذا الصنف كما ورثناه منذ أجيال، فإن طورناه بعض الشيء لننكهه بأطعام جديدة، ونضيف عليه مزيداً من المواد، كدهنه بمسحات من الجبن، والعسل والقشدة أو البيض المخفوق، فيؤكل بالهناء والشفاء، وهو مازال ساخن ومقرمش مع كوب من الشاي. الهريس والبثيث والخبيص والبلاليط تشير نورة علي (ربة بيت 40 عاماً)، والتي ساهمت بتحضير أصناف متنوعة من الأكلات الشعبية خلال المهرجان، أعدتها خصيصا لأيام الشارقة التراثية، منها أطباق محلية لذيذة مثل «الهريس، البثيث، الخبيص، والبلاليط، والمضروبة»، قائلة: «شاركت مع شقيقتي في ركن المأكولات الشعبية، فالطهو بالنسبة لنا يعد هواية واحترافاً، ولا شك بأن المطبخ الإماراتي يتميز بالغنى والتنوع، والأطباق التقليدية تتمتع بالنكهة الأصيلة والطعم اللذيذ، ومن وجه نظري أن وجود الإماراتيات، ومساهمتهن في هذه الاحتفالية بأي مجال، يعتبر ضرورة وواجباً وطنياً، خاصة أولئك اللواتي يتقن مهنة أو فناً له علاقة بالتراث، لأن إرثنا وماضينا أمانة، لابد أن تحفظ وتنقل للأجيال، وفيه يكمن معنى لهويتنا وثقافتنا وانتمائنا لبلدنا الإمارات، وما نقدمه نحن والآخرين في «أيام الشارقة التراثية» يعكس هذه القيم الحضارية لشعبنا الأصيل، ونحن نلمس ثمارها من تهافت وإقبال الضيوف والزوار».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©