الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: إلغاء عقوبة الإعدام يفتح باب الفتن والشرور

العلماء: إلغاء عقوبة الإعدام يفتح باب الفتن والشرور
14 ابريل 2011 20:19
أثارت المطالبات المتصاعدة بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع الجرائم والتي تتبناها بعض الجهات والمؤسسات والمنظمات الدولية، وأهمها المنظمات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان جدلاً حاداً، إذ تشن منظمات حقوقية الهجوم على المجتمعات الإسلامية التي تطبق الإعدام بحجة أنها عقوبة وحشية وتتنافى مع الكرامة الإنسانية والحرية، وأن تجديد الفكر الإسلامي يتطلب إظهار الوجه الحضاري للإسلام وإلغاء هذه العقوبة التي لا تتطابق مع الشريعة الإسلامية، بينما رفض تيار واسع من العلماء هذه المطالبات وأكدوا أن عقوبة الإعدام تتفق مع الشريعة الإسلامية، وهي تعادل القصاص واعتبروها ضرورة لردع الخارجين على القانون، وإلغاء العقوبة سيؤدي إلى انتشار الفساد والانحرافات في المجتمع. يؤكد الدكتور عبدالحي الفرماوي- الأستاذ بجامعة الأزهر- أن التشريع الإسلامي جاء بحلول جذرية لكثير من القضايا التي تهدد استقرار المجتمعات وأوجد لها العقوبات والحدود التي تكفل القضاء عليها، وقال إن الشريعة الإسلامية تعتبر التعدي على النفس من أخطر الجرائم، لأن الإسلام أعلى من شأن الإنسان بقوله تعالى:»ولقد كرمنا بني آدم» وعلى قدر ما أعلى الإسلام من قدر الإنسان فإنه تشدد في العقوبة على من يعتدي على حياة غيره بغير حق، ويقول الله تعالى: «وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً» 92 النساء. القصاص علاجاً ويضيف أن الإسلام اعتبر قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعاً، وأن إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء الناس جميعاً، وقال إن الله تعالى جعل عقاب القاتل كعقاب الكافر. وبهذا الحكم العادل جعل الشرع القصاص علاجاً يمنع العدوان، إذ لم يجعل الإسلام لدم أحد من الناس فضلاً على دم آخر، بل إن الإسلام ليقتص من الحاكم نفسه إذا اعتدى على أحد من رعيته بالقتل العمد، لأن الإسلام نظر إلى القاتل على اعتبار أنه بفعلته الشنعاء قد سلب القتيل حياته ويتم أطفاله وأيم زوجته وحرم المجتمع من يد عاملة في خدمته كما تحدى شعور مجتمعه وخرج على نظامه وقوانينه، ويقول الله تعالى: «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون» 32 المائدة، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :»كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه». ويقول د. الفرماوي إن من عدالة الإسلام في تشريعه أن جعل عقوبة القاتل أن يقتل لأن ذلك من الجزاء العادل الذي يستحقه بغير إبطاء ولا هوادة ولا بحث في بواعث القتل، مؤكداً أن رحمة الله عظيمة بفرضه القصاص الذي جعل فيه حياة الناس وأمنهم ومنع العدوان بينهم، لأن من يهم بالقتل والفتك بغيره وهو يعلم أن في ذلك هلاكه سيتردد ولا يقدم على تنفيذ جريمته فيبقى ذلك الخوف على حياة من يهم بقتله وهلاك نفسه، وإن من يتدبر قوله تعالى:»ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»، يجد فيه كل الإعجاز البياني والتشريعي من حيث روعة الأسلوب وروعة المعنى وهو ما يؤكد معجزة القرآن الكريم. العقاب في الفقه ويقول الدكتور عبدالله سمك - الأستاذ بجامعة الأزهر- إن العقوبات في الشريعة الإسلامية هدفها توفير العدل بين الناس ومنع الظلم والإثم وحفظ المجتمعات من الفساد، مضيفاً أنها تتضمن الحبس أو ما يعرف بالسجن أو التعزير وهو عقوبة غير مقدرة شرعاً وتجب حقاً لله تعالى أو لآدمي في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالباً. كما تتضمن القصاص أو الإعدام وهو لغة يعني تتبع الأثر، واصطلاحاً هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل. وقال إن العقوبات جزء من النظام الإسلامي العام وفهمها يفرض فهم النظام ككل، موضحاً أن عظمة الشريعة الإسلامية تتضح منذ البداية في الحرص على التفرقة بين العقوبة والعقاب، حيث بين الفقهاء أن العقوبة هي الشيء الذي يقع على الإنسان في الحياة الدنيا بسبب ارتكابه مخالفة شرعية أو قانونية مثل القتل والزنا والقذف، فإذا تحققت بالأدلة الشرعية وقع عليه القصاص والحدود والتعزيرات. ويضيف أن العقاب في الفقه الإسلامي هو ما يلحق الإنسان في الآخرة نتيجة لارتكابه بعض الجرائم الشرعية أو الأخلاقيات المنهي عنها شرعاً وعقلاً وثبتت بنص صحيح وبالإجماع. ويؤكد أن القصاص العادل شرع من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المجتمعات البشرية وصيانة حقوق الإنسان وحمايتها. مضيفا أنه يختلف عن التعزير والحد، ففي الحدود والقصاص، إذا ثبتت الجريمة الموجبة لهما لدى القاضي شرعاً، فإن عليه الحكم بالحد أو القصاص على حسب الأحوال، وليس له اختيار في العقوبة، بل هو يطبق العقوبة المنصوص عليها شرعاً بلا زيادة أو نقص، ولا يحكم بالقصاص إذا عفي عنه، وله هنا التعزير ومرد ذلك أن القصاص حق للأفراد بخلاف الحد. وفي التعزير يختار القاضي من العقوبات الشرعية ما يناسب الحال، فيجب على الذين لهم سلطة التعزير الاجتهاد في اختيار الأصلح، لاختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس، وباختلاف المعاصي. عدم التعدي وقال إن إقامة الحد الواجب لحق الله لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط، إذا وصل الأمر للحاكم وثبت بالبينة وكذلك القصاص إذا لم يعف صاحب الحق فيه، ويؤكد أن العلماء اختلفوا في كيفية استيفاء القصاص، فذهب كثير من العلماء إلى أن القصاص أو القتل يكون بمثل ما قتل به، أي أنه يقتل القاتل بمثل ما قتل به المقتول إلا إذا كان قتله بشيء محرم شرعاً، فإنه لا يجوز أن يقتل بذلك استناداً إلى العديد من الأدلة الشرعية، ومنها قول الله تعالى:»ولكم في القصاص حياة»، فإن كلمة القصاص تنبئ عن معنى المماثلة والمساواة، وأيضاً قوله تعالى: «وجزاء سيئة سيئة مثلها»، كما يستفاد من قوله سبحانه:»وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به». وأضاف أن بعض العلماء ومنهم أبوحنيفة وأصحابه والكوفيون ذهبوا إلى أنه لا يكون الاقتصاص إلا بالسيف واستندوا إلى قول الرسول- صلى الله عليه وسلم:»لا قود إلا بالسيف» إلا أنه حديث ضعيف قال عنه ابن عدي طرقه كلها ضعيفة. وقال إن المعول عليه شرعا هو عدم التعدي في القصاص، حيث يجوز شرعاً إزهاق روح القاتل سواء بالمشنقة أو غيرها على وجه يكون أسرع وأسهل. حكم قطعي ورفض الدكتور سعيد أبوالفتوح -أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس- دعوات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، وقال إن الإسلام شرع العقوبات للخارجين على نظام المجتمع الذي يكفل لأفراده المحافظة على الحقوق الأساسية وفي مقدمتها الدين والنفس والمال والعرض والعقل، والاعتداء على أي منها في فرد واحد يعتبر اعتداء على المجتمع كله وتهديداً لأمنه واستقراره. وأوضح أن الأدلة الشرعية تؤكد أن القصاص حكم قطعي في الشريعة الإسلامية لا يمكن تجاوزه، والقرآن شدد في وجوب حماية النفس الإنسانية وصيانتها وتقديرها واحترامها، مؤكدا أنه لا يمكن إلغاء عقوبة الإعدام في كل الحالات، لأن القصاص من صميم الدين الإسلامي وتطبيق هذه العقوبة من صلاحيات المحاكم التي تقدر ظروف وملابسات وقوع الجريمة. وأضاف أن الشريعة الإسلامية تعتبر جرائم الحرابة والإفساد في الأرض والإرهاب وترويع الآمنين عدواناً على الأمة وعلى حق الحياة الذي أوجبت الشريعة احترامه، ويقول الحق سبحانه:»إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم». المائدة 33-34. قول فاسد ويقول إن الشريعة توفر لأفراد المجتمع من الحقوق ما يكفيهم بحيث يصبح ارتكاب الجريمة في حد ذاته هو الوحشية، موضحاً أن العقوبات في النظام الإسلامي لا تطبق بسرعة أو لمجرد الشبهة وإنما هي محكومة بعدد من الإجراءات الدقيقة التي ينبغي توافرها قبل إدانة المجرم مما يجعل تحقيقها قليلاً إن لم يكن نادراً، والهدف من وضعها ردع وتحذير وتخويف المسلم من أن هناك جرائم لا يرضى عنها الله تعالى. وأوضح أن رفض عقوبة الإعدام بحجة أنها قاسية وعنيفة وتهدر حقوق الإنسان، قول فاسد وادعاء ظالم يسعى إلى نشر الباطل لا الحق، ويطالب بالإفساد لا بالإصلاح، وبالظلم وسوء النية، بدلاً من العدل وحسن النية، ولا يعرف قول الله عز وجل: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق» الأنعام 151، ولا يقيم وزنا لحق القتيل، وزوجته التي ترملت وأبنائه الذين تيتموا ودعوة لرحمة القاتل وغبن فادح لأسرة القتيل. ازدواجية الغرب أكد الدكتور سعيد أبوالفتوح، أنه لا يوجد في الدولة الإسلامية من يستطيع منع تنفيذ القصاص من القاتل الذي لم يظلمه القانون حينما عاقبه بالإعدام، ولم تفتئت عليه الشريعة الإسلامية حينما أعطت لولي القتيل حق المطالبة بالقصاص، فالأدلة الشرعية تنص صراحة على وجوب عقوبة الإعدام ولا يمكن إلغاء النص القرآني الذي جاء لتحقيق مقاصد الشريعة وحماية حقوق الناس لأن الشريعة الإسلامية لا تعفي مطلقاً القاتل من تحمل المسؤولية، لأنها شريعة العدل، وكل أحكامها مليئة بالعدل وتصون كرامة الإنسان وحياته، وتحرص كل الحرص على منع العدوان عليه، ويجب أن يكف الغرب عن ازدواجيته ويحترم عقائدنا وهويتنا وثقافتنا.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©