السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبد اللطيف الشامسي: رؤية محمد بن زايد للتعليم... سبعة منطلقات وأربعة ملامح

عبد اللطيف الشامسي: رؤية محمد بن زايد للتعليم... سبعة منطلقات وأربعة ملامح
8 مايو 2018 21:23
عرض ــ خالد عمر بن ققه يُقدِّم كتاب «محمد بن زايد والتعليم».. الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، شرحاً مفصّلاً، لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للتعليم، كونه يمثل «المستقبل» الذي تتبنَّاه دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. ويعدُّ هذا الكتاب ــ المكوّن من إسهامات بحثيّة لمسؤولين وعاملين في قطاع التعليم، عملاً مؤسساً وجامعاً، وموجَّهاً لكلّ الشركاء في العملية التعليمية من جهة، ومُميّزاً بوضوح بين الرؤية السياسية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبين قراءات الباحثين لها من جهة ثانية، إضافة إلى أنه يقدم إجابات، بعيداً عن الصخب الإعلامي، لأسئلة من مثل: كيف تُقْرَأ رؤية محمد بن زايد للتعليم؟ وما مدى إمكانيَّة تطبيقها؟ وهل هي خطاب سياسي عام أم رهان مستقبلي؟ وما علاقتها بتصور سموه العام لإنتاج أفكار إيجابية؟ وكيف للإمارات من خلال التعليم أن تَرْكَن إلى النوعية؟.. الخ. إجابات تلك الأسئلة وغيرها، سيتضمنها هذا العرض في سبع حلقات، متصلة من حيث وحدة الموضوع، ولكنها منفصلة فيما يخصُّ القضايا التي يتطرق إليها كل باحث، وفي ما يلي نص الحلقة الرابعة، الخاصة بإسهام الدكتور عبد اللطيف الشامسي، مدير مجمع كليات التقنية العليا: يستند الدكتور عبد اللطيف الشامسي، في قراءته لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، حول التعليم، إلى مقولات وآراء سموه، التي أصبحت متداولة بين كل المهتمين، باعتبارها مرجعية للتطوير والنهضة والتقدم، وأهم ما في تلك المقولات، هو: الرهان على الشباب الإماراتي في رحلة الزمن صوب المستقبل، لأنه جزء من منظومة بشرية رائدة، قائمة على ما يمكن أن نطلق عليه «الشراكة الوطنية» كما يقول سموه: «نحن شركاء في هذا الوطن، في سعادته وتقدمه وأمنه وهمومه ورسالة ردعه، فهناك من يحمل الراية الآن ويتقدم بها ليسلمها للجيل المقبل، وهذا أمر قادم لا محالة، وهذه سُنّة الحياة». يأتي ذلك، مؤسَّساً على أمرين الأول: الوعي بأن الشباب هم الثروة الحقيقية للوطن، ومنبع المبادرات والأفكار الريادية، والثاني: مواصلة الإمارات لتجربتها التنموية في سياق تقديم النموذج الأمثل على المستويين العربي والعالمي، والأمران يشكلان معاً توجيهاً سياسياً وحضارياً لجيل الشباب، باعتباره القائد في المستقبل، ولأن هذا التأسيس يمثل هدفاً في حد ذاته، هنا يصبح سؤال الدكتور عبد اللطيف الشامسي، القائل: «ما الطريق إلى تحقيق هذا الهدف؟» مشروعاً، وضرورياً، ليس فقط لحاجتنا الماسة لإجابته لأجل تحقيق رؤية سموه على أرض الواقع، وإنما لأن طرحه يخرجنا من ضيق الاهتمام إعلامياً وسياسياً بمقولات الرؤية إلى سعة المنجز الذي ينتظره سموه من جميع الأطراف الفاعلة. أجيال المنعطف يرى عبد اللطيف الشامسي، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، قدم إجابة حاسمة للسؤال السابق، متمثلة في: «أن التعليم هو السبيل لتمكين الأجيال الحالية والمستقبلية، وتأهيلها لتكون قادرة على حمل المسؤولية في ظل عالم يموج بالتغيرات السريعة والجذرية في كل المجالات وعلى كل المستويات»، وبالرغم من أن الإجابة هنا كافية ووافية، إلا أن الشامسي يعمل على تأصيل رؤية سموه من جهة، ويحدث نوعاً من النقاش الثري، ساعياً لشرح المنطلقات والمحددات، التي يقوم عليها توجيه سموه لأجيال المستقبل من جهة ثانية، مرتكزاً في ذلك على عدد من الأسئلة المهمة، هي: ما منطلقات الاهتمام الكبير الذي يبديه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بأجيال المستقبل؟ وما أسباب هذا الاهتمام في رؤيته التنموية ونظرته إلى موقع هذه الأجيال في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة؟ وما مصادره؟.. إجابة عن هذه الأسئلة تتضمنها محددات ومنطلقات ـ يوردها الشامسي ـ تتعلق بالشباب والتعليم لجهة صناعة المستقبل، يمكن ذكرها على النحو الآتي: أوَّلاًـ أجيال ستعيش في عالم مختلف: يدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، أن أجيال الغد ستعيش في عالم مختلف، وفي ظل معطيات ومتغيرات جديدة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية وغيرها، ولذلك فإنه من المهم أن تكون هذه الأجيال مستعدة للتعامل مع هذا العالم السريع التغير، وتمتلك أدوات هذا التعامل وآلياته وفي مقدمتها، العلم، وهذا «الوعي اليقظ» يكشف عن عمق رؤية سموه، في الاهتمام بأجيال المستقبل عبر تعليم عصري يمدّها بالمعارف والمهارات والقيم، التي تؤهلها للتعامل الفاعل والإيجابي مع عالمها المقبل. ثانياً ــ أجيال في منعطف تاريخي: يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، أن الأجيال الحالية والمستقبلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعيش - وستعيش - مرحلة مفصلية في تاريخ الوطن، هي مرحلة الانتقال من «عصر النفط» بكل ما يتسم به من سمات على المستويات المختلفة، إلى «عصر ما بعد النفط»، بكل ما يتطلبه ذلك من استحقاقات، وما يفرضه من تحديات، وما يحتاج إليه من استعداد على كل الصعد، ومن هنا يجيء حرص سموّه الكبير على الإعداد الجيد لهذه الأجيال من خلال التعليم. النّموذج الإماراتي ثالثاً ـ «النوعية» هي خيار الإمارات للتعامل مع التغيرات الحالية والمستقبلية في العالم: ذلك لأن الإمارات دولة قليلة السكان، وتعتمد على مورد ناضب وهو النفط، ومن ثم، فإن خيارها للتعامل مع متغيرات العصر العلمية والتكنولوجية هو الاعتماد على النوعية؛ بمعنى إعداد كوادر بشرية مواطنة ذات قدرات نوعية، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا، بحيث تصبح هي نفسها الثروة الحقيقية للوطن. رابعاً ــ المحافظة على «النموذج الإماراتي» والتنمية المستدامة: ذلك لأن أهم أولويات القيادة الرشيدة في الدولة تتجلى في المحافظة على هذا النموذج ودعمه وتطويره باستمرار، للحفاظ على التنمية المستدامة وحق الأجيال القادمة في هذه التنمية، بعيداً عن النفط وتقلبات أسعاره، وفي هذا السياق، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، يعطي المحافظة على التنمية المستدامة وحق الأجيال القادمة في هذه التنمية أهمية كبيرة، كما يضع سموّه أمام عينيه دائماً وهو ينظر إلى المستقبل كيفية الحفاظ على الريادة الإماراتية، و«النموذج الإماراتي» المتميز في التنمية والنهضة، واستمرارها في توجيه رسائل إيجابية إلى العالـم. خامساً - طبيعة الحاجات التنموية المستقبلية لدولة الإمارات العربية المتحدة: يدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في اهتمامه بأجيال المستقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة، طبيعة التغير في نوع الحاجات التنموية للدولة في المستقبل، وضرورة إعداد أجيال المستقبل للتجاوب مع هذه الحاجات، سواء من حيث طبيعة المعارف العلمية أو من حيث التخصصات أو المهارات أو غير ذلك، لهذا يوجه سموه الأجيال الجديدة.. قادة المستقبل، باستمرار إلى دراسة العلوم الحديثة والتفوق فيها. سادساً ــ الاهتمام بأجيال المستقبل يحصنهم ضد الأفكار المتطرفة: يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، أن الفكر المتطرف هو أكبر تهديد لأمن المجتمع وتنميته واستقراره، ويدعو خلال لقاءاته مع العلماء أو المفكرين أو المعلمين أو الإعلاميين إلى التصدي لهذا الفكر لتحصين الشباب والأجيال القادمة ضده، خاصة أن القوى والجماعات المتطرفة تعتبر الشباب والأجيال الجديدة هدفاً أساسياً لها، وتبني خططها ومخططاتها وفقاً لذلك. مُسْتَقبل المنطقة سابعاً ــ الشباب هم مستقبل المنطقة والعالم: يؤمن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بأن شباب الوطن هم عُدَّتُه للمستقبل، وأن الاستثمار في بناء أجيال المستقبل هو ضمانة لاستمرار التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الشباب ليسوا عبئاً، وإنما هم ثروة حقيقية من المهم استثمارها الاستثمار الصحيح. تلك كانت أهم المنطلقات الفكرية، لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في التعليم، كما رآها الشامسي، ولكن كيف يتم بناء جيل المستقبل القادر على قيادة التنمية المستدامة والحفاظ على مكتسبات الوطن في ظل عالم متغير وسريع التحول؟، يجيبنا عبد اللطيف الشامسي من خلال عرضه لأهم الملامح والعناصر لجيل المستقبل، من خلال رؤية سموه، يأتي بها مفصلة، ونذكرها هنا مختصرة، وهي: فتح آفاق التفاعل والحوار بين الشباب والقيادة، وإقامة أطر مؤسسية لأجيال المستقبل، وأولوية التنمية البشرية، وامتلاك أجيال المستقبل مهارات المستقبل. ويرى الشامسي أن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بشأن أجيال المستقبل واستراتيجيات إعدادها وبنائها بشكل سليم، من خلال التعليم، تندرج ضمن رؤية شاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة، يمثل الاهتمام بالشباب وأجيال المستقبل أهم وأبرز مكوناتها ومضامينها، وذلك من خلال تعزيز مفاهيم وقيم الابتكار لدى الشباب وأجيال المستقبل، وترسيخ ثقافة القراءة والمعرفة لدى أجيال المستقبل، وتعزيز مشاركة الشباب في الشأن العام، واعتبار الشباب محوراً أساسياً في خطط التنمية واستراتيجياتها ومبادراتها، وتوفير فرص التعليم على أعلى المستويات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، وتعزيز القيم الإيجابية لدى الشباب.. بعد هذا كله يأتي السؤال التالي: هل هناك مؤسسة تعليمية تعمل على تنفيذ رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بشأن أجيال المستقبل؟. التعليم الهجين يقدم لنا عبد اللطيف الشامسي مثالاً حياً لصرح علمي يعمل على تطبيق رؤية سموه، وهو مجمع كليات التقنية العليا، من خلال العديد من الاستراتيجيات والسياسات، مع التركيز في هذا الصدد على برنامج: التعليم الهجين، حيث قام المجمع بصياغة مفهوم جديد للتعليم المستقبلي، وهو ما يعرف بالتعليم الهجين، وأهم جوانبه وسماته: ثلاثية المستقبل: التعليم الهجين يُقَدَّم بوصفه مثلثاً يضم«الشهادات الأكاديمية» و«التدريب المهني الاحترافي»، و«المهارات الوظيفية»، وهذا التميز على مستوى الجانب التطبيقي في النموذج يأتي من كونه لا يقتصر على تحويل المادة العلمية تطبيقاً عملياً في المختبرات والمعامل فحسب، بل يربط التطبيق بالشهادات المهنية الاحترافية المتعلقة بالتخصص وبمهارات سوق العمل الفعلية، ليتخرج الطالب، وهو يحمل شهادة أكاديمية، وأخرى مهنية، تقدمه إلى سوق العمل، بوصفه قيمة بشرية وظيفية متميزة. تعلم مدى الحياة يحقق نموذج «التعليم الهجين» هدف التعلم مدى الحياة، وهو الذي أصبح في ظل هذا النموذج جزءاً من نظامنا التعليمي وليس في عزلة عنه؛ لأننا نتحدث اليوم عن سوق عمل متغير، وبحاجة إلى مواكبة تلك المتغيرات التي تحدث، وهذا يترجم رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، فيما يتعلق بالتعليم المستمر الذي لا يتوقف بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية. متطلبات ضرورية من الضروري توافرها لتحقيق نموذج التعليم الهجين، وهي: منهاج أكاديمي مهني مهجن للوصول إلى المخرجات المطلوبة، وتجهيزات تعليمية وتدريبية من خلال «ورش عمل مهجنة»، وأعضاء هيئة تدريس يتمتعون بالخبرة الأكاديمية والخبرة المهنية والصناعية الاحترافية، وشراكة حقيقية وفاعلة مع المؤسسات الصناعية لضمان الجودة العالية في مخرجات برامج التدريب العملي. فرص للجميع حيث يدعم التعليم الهجين مبدأ «التعليم للجميع»؛ فلكل مواطن ومواطنة من الإماراتيين فرصة للتعلم في كليات التقنية العليا، من منطلق تنوع المسارات التعليمية في هذا النموذج بما يتناسب مع قدرات الطلبة وميولهم. خريطة مستقبل مسارات تعليمية عدة: يتيح التعليم الهجين العديد من المسارات التعليمية، أهمها: المسار الأكاديمي الاحترافي، من خلال حصول خريج البكالوريوس على شهادة أكاديمية تطبيقية، على أن يتم ربط هذه الشهادة الأكاديمية بشهادة احترافية عالمية تتناسب مع التخصص الذي يدرسه الطالب، ومسار التعليم المستمر، كما يستهدف الموظفين الراغبين في تطوير مهاراتهم ليواكبوا المستجدات في سوق العمل، ومسار الإنجاز المهني، ويتيح هذا المسار الفرصة للطلبة الراغبين في نيل شهادة مهنية فقط، من خلال برنامج شهادة «الإنجاز المهني». الهرم الوظيفي: إلى جانب اهتمام كليات التقنية العليا بتخريج المهندسين وتميز مخرجاتها على مدار سنوات عملها الطويلة في هذا المجال وغيره من المجالات؛ فإن لديها اهتماماً كبيراً اليوم بتخريج التقنيين والمشغلين والفنيين؛ بوصفهم القاعدة العريضة لأي تطور فني وصناعي، وهذا سيدعم كذلك توفير مخرجات تتناسب مع احتياجات «الهرم الوظيفي» بمستوياته المختلفة. ينتهي الدكتور عبد اللطيف الشامسي إلى القول: «إن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حول إعداد أجيال المستقبل من خلال التعليم، هي بحق خريطة طريق للمستقبل، سواء من حيث مضامينها وآليات تنفيذها، أو من حيث الفلسفة التنموية التي تقف وراءها».. وهي لا شك خريطة آخذة في التمدد مكانياً نحو العالم كله، تفاعلاً وتأثراً، وعطاء ومساهمة، وزمانياً في اتجاه مستقبل يصْنَعُ بَدْءاً من اليوم، برؤية واعية، وإرادة صلبة، واهتمام بالإنسان. (يتبع)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©