الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوابيس النوم ووساوس الصحو

كوابيس النوم ووساوس الصحو
10 ابريل 2013 20:37
بإخراج احترافي ومُمتع يحمل البصمة المميزة للمخرجة المغربية أسماء الهوري، قدمت مُؤخرا فرقة أنفاس للمسرح، مسرحية «هو أنت» المقتبسة عن المسرحية المعروفة «الموت والعذراء» لأربيل دورفمان. وتطرح المسرحية بشكل رئيسي موضوع «الذاكرة» الذي يشكل اشتغالا وهاجسا مستمرين لأحداث وشخصيات المسرحية. الذاكرة التي تعيد إحياء ماض أليم، مجسد بشكل كوابيس في النوم ووساوس في الصحو، تلازم ضحايا الأمس أولئك الذين يعيشون على شفير النسيان واللامبالاة... بالإضافة الى «الخوف» الذي يعد موضوعا جوهريا في البناء الاجتماعي لشخصيات المسرحية. إنه يجري في عروقهم يُؤرقهم. ويشل حياتهم حسب الورقة التقنية للمسرحية. وقد اقتبس هذا النص وترجمه رشيد البرومي وهو أيضا واضع موسيقى المسرحية، الذي اعتبر خلال تقديمه لهذا العمل المسرحي الممتع أن الصوت عموما والموسيقى على وجه الخصوص، يقوم بدور سحري في استنطاق الذاكرة وفي إثارتها للتوغل في مسارات مجردة ومستعصية على الإمساك. شأنهما في ذالك، شأن الرائحة واللمس كذالك. وتحتل الموسيقى في هذه المسرحية بالذات دورا محوريا إلى جانب المُكونات الفُرجوية الأخرى، لقدرتها على إنضاج الحبكة الدرامية من خلال إذكائها المباشر والفعّال للذاكرة الراوية من جهة، ومن خلال إمكانية قدرتها على مُصاحبة الحكي الدرامي بغية إتمامه وضبط إيقاعه من جهة أخرى. ويوضح البرومي خلال تقديمه للعمل كيف إن لرباعية شوبرت مثلا أن تستوي داخل ذاكرة لا تحتفظ في كامل أنسجتها سوى بالألم وهوس الأسئلة؟ كيف تتخذ المقطوعة ألوانا وأشكالا شخصية، حميمية ومختلفة باختلاف الأزمنة والحالات: زمن التذكر، اللحظة أو المزاح؟. أما المخرجة المغربية الشابة أسماء الهوري فتقول إن التناول الإخراجي لمسرحية «هوا أنت» يعتمد على مقاربة جدلية للتيمات التي تقترح جدلية تنبني على تجميع وتفكيك الأضداد في أبعادها التنافرية وأيضا الوحدوية، بغية الاستفادة من شساعة المدى الإبداعي الذي تتيحه هذه الطريقة في التناول. فعلاقة الشخصيات المركبة تقوم أساسا على مبدأي الصراع والتناقض (الضحية/ الجلاد، المرأة/ الرجل، الحرية/ الاعتقال، التسلط/ الإذعان..) لتقابلها أيضا صراعات وتناقضات على مستوى مضامين المسرحية (الذاكرة/ النسيان، الانتقام/ العفو، الحب/ الكره، البراءة/ الذنب). شخصية المرأة/ الضحية هي في القلب من تناول المخرجة لحركية المسرحية. إنها صورة مُصغّرة للكبت الاجتماعي والنفسي والسياسي. كله مختزلا في شخصية واحدة، إنها ترميز لمجتمع كامل مختنق، خرج توا إلى الهواء الطلق. شخصية تتحد وتتباعد جدليا مع الشخصيات الأخرى لتُشكل صورة الأبطال التراجيديين في الأسطورة الإغريقية، هؤلاء الذين يكونون مدفوعين بقدر حتمي نحو مصيرهم. تتخلى الشخصيات/ الممثلون عن الحفر في طبيعتها البسيكولوجية لفائدة إنضاج أداء يعتمد التركيزعلى العلامات والإشارات. التعبير الجسدي. الرمز والصورة. هذا الأداء الذي تغنيه وتكثفه عناصر ركحية إضافية من أكسسوار وأصوات وتجسيمات. تقنية اللعب داخل اللعب أو الأداء من داخل الأداء وأيضا تقنية اللعب مع المرأة، هي مداخل جمالية رئيسية لإظهار تبادل الأدوار الذي يطبع شخصيات المسرحية، الذي تقترحهم المخرجة كترميز ودلالة على أهمية الحضور والغياب داخل النسق الدرامي للأحداث. هذه التركيبة الدارمية تجد لها تعبيرا ساطعا في ذلك المزج الدقيق والرائع بين العلاقات الثنائية والجمالية بين الشخصيات والوقائع والمضامين التي خلقتها المخرجة في جو من الشك والمجهول المفتوح على كل الاحتمالات والتأويلات. مصدر قوة المسرحية، والذي تم التركيز عليه بشكل أساسي في المفاربة الإخراجية، هو طابعها اللاواقعي على الرغم من واقعية الأحداث والشخصيات. يذكر أن المسرحية قدمت بتشخيص مريم الزعيمي، محمد الشوبي، نور الدين التوامي، ومدة العرض ساعة و15 دقيقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©