الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات الأفغانية... وتحديات ما بعد الانسحاب

القوات الأفغانية... وتحديات ما بعد الانسحاب
10 ابريل 2012
تحولت الطرق الترابية عبر "بلاكلا" في وادي "تشارهاسيا" جنوب كابول إلى وحل بعد الأمطار التي تهاطلت مؤخراً، وأشجار الفواكه الواقعة وراء الجدران الطينية المنخفضة باتت على وشك الإزهار وتحتاج إلى الرعاية. غير أن كثيراً من سكان القرية البالغ عددهم 1000 نسمة خرجوا للاستماع حسب ما قاله الجنرال سعيد عبد الكريم، قائد قيادة العمليات الخاصة التابعة للجيش الوطني الأفغاني حول الجنود الـ 15 المنتمين لقوات النخبة الذين أقاموا معسكراً في منزل مهجور مجاور. يقول عبدالكريم إن رجاله سيساعدون على توفير الأمن لعائلاتهم، مع العمل في الوقت نفسه كهمزة وصل مع الوكالات الحكومية حول احتياجات التعليم والصحة والمواضيع المرتبطة بالزراعة. ولكن عبدالكريم يقدم أيضاً رؤية أوسع لدور قواته إذ يقول: "من خلال عمل جنود أفغانستان الشجعان هؤلاء، نريد أن يفهم أبناء الشعب من يقف إلى جانبهم، ومن هو العدو الحقيقي للبلاد". ومنذ بعض الوقت، أخذت أفغانستان تطالب بقدر أكبر من المسؤولية عن نفسها، وهو ما تتم الاستجابة له أحياناً. فاليوم في كابول مثلاً، منحت القوات الأميركية حكومة الرئيس حامد كرزاي الإشراف على الغارات الليلية المثيرة للجدل التي تعتبر تكتيكاً مفضلاً من قبل القوات الأميركية، علماً بأن "الناتو" سينهي دوره هنا في نهاية 2014، الأمر الذي سيترك قوات الأمن الوطني الأفغاني بمفردها عموماً. وربما لو كان عدد أكبر من قوات الأمن الوطني الأفغانية -التي من المتوقع أن تتألف من 195 ألفاً من جنود الجيش و157 ألفاً من أفراد الشرطة الوطنية بحلول هذا الخريف- مثل رجال الجنرال عبدالكريم، لكانت ثمة شكوك أقل بشأن المستقبل، والحال أن جنود العمليات الخاصة الذين يرتدون قبعات حمراء لا يمثلون سوى جزء صغير جداً من قوات الأمن الأفغانية المتزايدة التي ما زالت قيد التشكل. فالجيش، وبشكل أكبر الشرطة الوطنية، يواجهان مشاكل عديدة ومتنوعة، من عمليات تدقيق غير كافية مع المجندين، إلى تفشي الأمية، ومن تدني المعنويات إلى تفوق العلاقات الإثنية على الهوية الوطنية. وعلاوة على ذلك، فإن الفساد متفش بشكل خاص بين الشرطة الوطنية، وهي الجهاز الأكثر قرباً من الشعب. وكل هذه المشاكل، التي لم تظهر تحسناً في وقت ضخت فيه الولايات المتحدة مليارات الدولارات في أفغانستان، تضع علامات استفهام حول قدرة قوات الأمن على التصدي لـ"طالبان" ضعيفة ولكنها ما زالت نشطة بعد 2014. ولعل الأدهى من ذلك هو التهديد المتمثل في عودة أفغانستان إلى حرب أهلية بعد رحيل القوات الدولية -وهو احتمال يؤرق العديد من الأفغان. وربما كانت مهمة مستحيلة من البداية أن تتوقع القوات الخارجية إنشاء قوة أمن وطني حديثة وموحدة في غضون بضع سنوات في بلد فقير وتتفشى فيه الأمية ومقسم إثنيّاً وجغرافيّاً مثل أفغانستان. ومما زاد الطين بلة أن بلدان الائتلاف الدولي لم تستجب لبعض متطلبات الوضع من خلال فشلها المستمر في توفير العدد اللازم من المدربين. ويرى بعض الخبراء أن التدخل الأجنبي الطويل وتغير أهدافه -محاربة الإرهاب هنا، ومحاربة التمرد هناك، وخلق قوات أمن وطني، ثم الانتقال إلى تطوير ميليشيات- سيترك أفغانستان أكثر اهتزازاً وهشاشة مقارنة مع الفترة التي وصلت فيها قوات "الناتو" بزعامة الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، تقول كريستين فير، الخبيرة في أمن جنوب آسيا بجامعة جورج تاون في واشنطن: "لا أعتقد أن ثمة طريقة للخروج من هذا الوضع تكون فيها أفغانستان أكثر استقراراً مقارنة مع الفترة التي دخلنا فيها"، مضيفة: "إن الكثير من الناس، وأنا واحدة منهم، يتوقعون حرباً أهلية أخرى". والواقع أن كبار المسؤولين الأميركيين في كابول، كانوا أكثر تفاؤلاً، حيث يقدمون توقعات حذرة بشأن قدرات الجيش والشرطة بحلول تاريخ رحيل القوات الدولية في 2014. ومثلما يقول السفير الأميركي في كابول ريان كروكر، فإن قوات الأمن الوطني الأفغانية يفترض أن تكون قادرة بحلول ذلك التاريخ على الدفاع عن أفغانستان "آمنة، ومستقرة، وديمقراطية عموماً، وتستطيع رعاية مصالحها الخاصة". والواقع أن تقييمات قوات الأمن الأفغانية التي تتراوح بين "المتواضعة" إلى "القاتمة" تشير إلى أسباب تركيز إدارة أوباما على تأمين اتفاقية شراكة استراتيجية مع حكومة كرزاي خلال الأسابيع المقبلة. ذلك أنه مع تلاشي الأمل في هزيمة حركة التمرد الأفغانية قريباً، باتت إدارة أوباما اليوم ترضى باتفاقية تسمح للولايات المتحدة بمواصلة عملياتها المتعلقة بمطاردة الإرهابيين في المنطقة، مع الوقوف جانباً تحسباً لأي تدخل في الحالات القصوى، حيث من المنتظر أن تبادر الولايات المتحدة بتقديم المساعدة للأفغان -بواسطة القوة الجوية على سبيل المثال- عندما يجدون أنفسهم في وضع صعب. كما ينتظر أن تبقي بلدان "الناتو" على بعض برامجها التدريبية العسكرية. وفي المقابل، سيحصل الرئيس كرزاي على التمويل لدعم دولة ذات عائدات هزيلة.. غير أنه ما زال من غير الواضح ماذا سيحدث بين سبتمبر، عندما تكون الولايات المتحدة قد سحبت 23 ألفاً من جنودها الـ 90 ألفاً الموجودين في أفغانستان ونهاية 2014، وإن كان البعض يرجح أن يسعى الجيش الأميركي إلى منح قوات الأمن الوطني الأفغانية مزيداً من الوقت، في ظرف يضغط فيه الجمهور الأميركي والعديد من الخبراء الإقليميين من أجل انسحاب سريع ومباشر مما يعتبرونه انخراطاً مضرّاً. وفي هذا الإطار، ألمح الجنرال جون آلن، القائد الأميركي لقوات "الناتو" في أفغانستان، للكونجرس مؤخراً إلى أنه من غير المرجح أن يوصي بمزيد من الخفض في عديد الجنود الأميركيين الـ 68 ألفاً المتبقين بعد سبتمبر إلى 2013. ومن جانبه، قال أوباما إنه يرغب في وضع "وتيرة تدريجية" للانسحاب. أما إن كان انسحاب القوات الدولية سيكون مطرداً أو تدريجيّاً فهذا أمر يبدو غير ذي أهمية تقريباً بالنسبة لآفاق حفاظ قوات الأمن الأفغانية على استقرار البلاد، وذلك نظراً لأن الكثير من مشاكلها داخلية وتقاوم الحلول السريعة والمؤقتة. هاورد لافرانتشي كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©