الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرغيزستان... خلفيات الأزمة العِرقية في الجنوب

قرغيزستان... خلفيات الأزمة العِرقية في الجنوب
14 يونيو 2010 21:33
شرعت أوزبكستان في إقامة معسكرات يوم الأحد الماضي لاستضافة عشرات الآلاف من اللاجئين الذين فروا من الاضطرابات الإثنية التي تجتاح المناطق الجنوبية من قرغيزستان وسط استمرار العصابات المسلحة في نشر الفوضى بالقرى والبلدات الأوزبكية الواقعة جنوب البلاد، هذا في الوقت الذي طالبت فيه منظمات حقوقية الأمم المتحدة بالإسراع في التدخل لمنع الأسوأ، وقد أعلنت الحكومة المؤقتة التي تدير قرغيزستان أن عدد القتلى وصل إلى 97 قتيلا بسبب أعمال العنف الأخيرة فيما بلغ عدد الجرحى 1200 شخص منذ اندلاع موجة الاضطرابات في الجنوب، ولكن بعض المسؤولين يعتقدون أن تلك الأرقام أقل من التقديرات الحقيقية لعدد القتلى والجرحى لامتناع العديد من المصابين عن التوجه إلى المستشفيات والإعلان عن خسائرهم. وفي هذا الإطار أفاد أحد شهود العيان بأنه رأى عدداً من الجثث ملقاة في شوارع مدينة "أوش" التي تعتبر ثاني أكبر مدن قرغيزستان وهي الأكثر تعرضاً للعنف، فيما صرح أحد المسؤولين المحليين لوكالة "أسوشيتد بريس" أن ما لا يقل عن 30 أوزبكياً لقوا حتفهم يوم الأحد الماضي في قرية خارج مدينة جلال آباد المجاورة. وتفيد التقارير أن مجموعات أوزبكية هاجمت أيضاً سكاناً من العرقية القرغيزية في المناطق التي يقطنون بها، وجاءت مطالب منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية بضرورة تدخل مجلس الأمن الدولي لتعكس دعوات مماثلة تقدم بها نشطاء محليون في مجال حقوق الإنسان، حيث اتفق الجميع على ضرورة التدخل السريع لمساعدة الحكومة في قرغيزستان على ضبط الموقف ونشر قوات تابعة للأمم المتحدة في المنطقة لمنع تدهور الوضع الأمني وخروجه عن السيطرة. وعن هذا الموضوع أكدت "أندريا بيرج"، الباحثة في منظمة "هيومان رايتس ووتش" بمدينة "أوش" أن على "الحكومة حماية المواطنين من أعمال الانتقام التي تحركها دوافع إثنية، كما يجب عليها توفير الغذاء والسماح بمغادرة السكان لمدينة أوش إذا أرادوا ذلك، ولأننا ندرك أنها لا تستطيع القيام بكل ذلك منفردة دون مساعدة دولية، لذا يتعين على مجلس الأمن التدخل قبل أن يشمل العنف الإثني مجمل المنطقة ويمتد إلى كل أنحاء قرغيزستان". وبحسب تقديرات أوزبكستان المجاورة فقد عبر الحدود أكثر من 75 ألف لاجئ معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وكانت روسيا قد رفضت طلباً تقدمت به رئيسة قرغيزستان "روزا أوتنباييفا" بإرسال موسكو قوات لإخماد العنف والمساهمة في دعم الاستقرار الهش، متعللة بأن الصراع في قرغيزستان ذو طبيعة داخلية، ولكن الكرملين وعد مع ذلك بدراسة الموضوع والتباحث بشأنه مع الحلفاء الإقليميين في اجتماع طارئ دعت إليه روسيا. ومن جانبها أصدرت السفارة الأميركية في العاصمة "بيشكيك" بلاغاً عبرت فيه عن قلقها العميق من حالة العنف المستفحلة في البلاد، مؤكدة أنها تدرس إمكانية إرسال مساعدات إنسانية إلى قرغيزستان لمنع تدهور الوضع الإنساني هناك. وقد شدد في هذا الإطار أحد المسؤولين المحليين أن بلاده لم تطلب من الولايات المتحدة التدخل بإرسال قوات لحفظ السلام في المنطقة، ولاسيما أن قرغيزستان تستضيف فوق أراضيها قاعدة أميركية مهمة فضلا عن قاعدة روسية أصغر، ولكنهما تقعان معاً في شمال البلاد بعيداً عن مناطق الاضطراب في الجنوب. وقد اعترفت الرئيسة "أوتنباييفا" بفقدان السيطرة على مدينة "أوش" التي تشهد الاضطرابات العنيفة بعدما عجزت القوات الحكومية عن التعامل مع الجماعات المسلحة التي واصلت إضرامها النيران في مقرات الشرطة واقتحامها للاستيلاء على الأسلحة بعد ثلاث ليالٍ متتالية من النهب والعنف الطليق. وتُرجع السلطات المحلية العنف إلى عراك نشب في أحد المطاعم حول فاتورة العشاء، هذا في الوقت الذي وجهت فيه الرئيسة القرغيزية اتهامات إلى مناصري الرئيس المخلوع مؤخراً "كومانبيك باكييف" بإذكاء التوتر بهدف إضعاف حكومتها قبل الاستفتاء المزمع إجراؤه خلال الشهر الجاري حول الدستور الجديد، ولاسيما أن المنطقة الجنوبية تعد أحد المعاقل المهمة للرئيس المخلوع وبؤرة التوتر العرقي والديني في البلاد. وتعتبر المنطقة الجنوبية أيضاً جزءاً من واد خصب مقسم بين قرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وقد سبق اندلاع صراع حدودي حوله بين قرغيزستان وأوزبكستان خلال التسعينيات أسفر عن مقتل المئات من الأشخاص. أما في السنوات الأخيرة فقد سعت الدول الثلاث إلى منع صعود الإسلام السياسي في الوادي والحيلولة دون ظهور جماعات دينية متطرفة. ويعيش في قرغيزستان ما لا يقل عن مليون أوزبكي هاجر معظمهم مؤخراً للاستفادة من الأراضي التي هجرها القرغيزيون الذين ذهبوا بدورهم بحثاً عن العمل في روسيا المجاورة. وقد تعالت حدة التوتر في المنطقة الجنوبية منذ الإطاحة بالرئيس السابق "باكييف" في تمرد عنيف جرى في 7 أبريل الماضي حيث يسعى الأوزبك إلى لعب دور أكبر ضمن النظام السياسي فيما يحظى الرئيس المخلوع بتأييد القرغيزيين الذين يعيشون في الجنوب. ويُظهر الإعلام المحلي بين الفينة والأخرى صور العائلات الأوزبكية وهي تغادر قراها المحروقة متجهة نحو الحدود مع أوزبكستان. وعلى رغم الدعوة التي أطلقتها السلطات القرغيزية على لسان الرئيسة "أوتنباييفا" من أجل تدخل روسي فوري لمنع تدهور الوضع ردت "ناتاليا تيماكوفا"، المتحدثة باسم الكرملين، بأن روسيا ستكتفي في هذه المرحلة بإرسال المساعدات الإنسانية وإخلاء الجرحى، مضيفة أن قرار إرسال قوات لحفظ السلام سيتخذ جماعيّاً من قبل منظمة معاهدة الأمن المشترك التي ينتظر أن تعقد اجتماعها هذا الأسبوع لمناقشة الموضوع والبت في سبل التعامل مع الأزمة القرغيزية. فيليب بان - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©