«الصندوق الأسود» يكشف أسرار منى واصف.. ويغوص في أغوار النفس البشرية

لم تغب الفنانة السورية القديرة منى واصف عن الشاشة الصغيرة طوال سنوات احترافها الطويلة، واليوم تتصدر أدوار البطولة المطلقة في عمل جديد يحمل اسم “الصندوق الأسود”، سيناريو وحوار رانيا بيطار وإخراج سيف الشيخ نجيب وإنتاج سوريا الدولية للإنتاج الفني. الممثلة القديرة المعروفة بأدوار المرأة القوية، وجدت الشخصية الأنسب لها في هذا العمل الجديد، الذي تلعب فيه دور “قدرية” هرم العائلة التي تحول كل من حولها إلى ظلال بكبريائها وجبروتها وقوة شخصيتها، فهي تتدخل في كل شيء، وتفرض سيطرتها على كل كبير وصغير، تزوج وتطلق وتهجّر وتحرم وتعطي وترمل!. إنها امرأة قاسية من حديد ونار، لا تجادل ولا ترحم وكلمتها مسموعة عند الجميع. لكن صلابة قدرية وقوتها الظاهرة تنطوي على سر ما لا تبوح به، بينما تخفي في قلبها الأسود كل الصناديق السوداء لأفراد عائلتها. ليكتشف المشاهد مع توالي الأحداث مفاجأة حقيقية داخل قلب هذه الإنسانة القاسي، عندما تبدأ الحقائق الموجعة والأسرار الدفينة بالتكشف، لتجيب عن السؤال الذي يراود المشاهد منذ البداية عن أسباب كل هذا السواد في قلبها، وما السر الذي حولها لإنسانة ينقصها الحب والعطف والحنان، وما الذي جعلها تفقد الأمان والأمل، فتتحول إلى مخلوق متسلط ينزع إلى السيطرة على الآخرين وإيذائهم!. تنحاز للشخصيات القوية وتعترف الفنانة الكبيرة منى واصف بأنها تنحاز إلى الشخصيات القوية، ولا تحب الضعيفة منها، لا في الحياة ولا على الشاشة الصغيرة، فهي لا تستطيع أن تلعب أدوار المرأة الحيادية أو المكسورة أو المغلوبة على أمرها، ولا تنسجم معها، لأنها ترفض صورة المرأة المسحوقة، وترى أن من مهمتها تقديم المرأة معتدة بنفسها، حتى أن المشاهد اعتاد عليها في مثل هذه الأدوار، ولا يمكنه أن يتقبلها إلا في أدوار القوة. وترى واصف أن ملامحها تساعدها كثيراً في تقديم مثل هذه الشخصيات، كما أنها تستمتع بها، وهي لا تمثل إلا لتستمتع. أسرار القلوب تقول كاتبة العمل رانيا بيطار إن عملها الجديد يقوم على فكرة أن كل الناس يخفون بعض الأسرار في قلوبهم، فكل منا لديه أسراره، مهما تكن صغيرة، لكنها بالتأكيد تحفر عميقاً في شخصيته، وتترك أثرها على حياته كلها. والصندوق الأسود هنا هو القلب وما يخفي في داخله من خفايا، وما يتكتم عليه من مشاعر، ومن خلال هذه الفكرة، يعالج العمل العديد من القضايا الاجتماعية التي يعاني منها الناس، وتشكل جزءاً مهماً من حياتهم اليومية، وتؤثر بهم كثيراً رغم أنهم لا يقرون بها، فلو حاول المرء أن يفتح صندوقه الأسود، ويعرضه للهواء والشمس، لأمكنه أن يعالج الكثير من مشكلاته، وما يعانيه في حياته، وأن يعدل طريقه ومساره، فالصدق مع الذات، هو مفتاح السعادة والتطهر. هذا ما يحاول العمل أن يطرحه، من خلال الغوص عميقاً في أغوار النفس الإنسانية، وما يعتمل فيها من تناقضات، في حياتها الاجتماعية وعلاقاتها مع الآخرين. ومن خلال هذا المستوى من التحليل، نصل إلى مستوى آخر، عبر خطوط درامية عديدة متشعبة ومتشابكة، لنصل إلى القضايا الأكبر التي تؤرق الناس وتمثل طروحات اجتماعية ساخنة، تثير الجدل وتبحث عن حلول. وتضيف بيطار: المسلسل يروي حكاية عائلة كبيرة تتحكم بها امرأة متغطرسة تمثل المرجع في كل شيء، وتتسلط على أبنائها وزوجاتهم وعلى أحفادها وأزواجهم أيضاً. وعندما كنت أكتب النص، لم يكن يخطر في بالي سوى الممثلة القديرة منى واصف لأداء مثل هذا الدور، وهي المعروفة بإجادتها للأدوار القوية والجريئة، وبالفعل تم إسناد دور البطولة المطلقة لها في هذا العمل، وأتوقع أن تقدم فنانتنا القديرة أداء لافتاً، مما يجعلني متفائلة جداً بالنجاح. أما عن تعاونها مع المخرج سيف الشيخ نجيب في هذا العمل فتعبر رانيا عن ارتياحها للرؤية الإخراجية المتميزة التي يقدمها، وتقول إنه سبق بدء التصوير جلسات حوار معه، لضمان انسجام النص مع التصورات الإخراجية، مما أغنى العمل وبلور بعض الأفكار الأكثر نضجاً. أسلوب إخراجي جديد يقول المخرج سيف الشيخ نجيب، فيثني على قصة العمل، لأنها شديدة الالتصاق بالواقع وحياة الناس، ويعترف بميله لهذه النوعية من الأعمال الاجتماعية الجريئة، وهو الذي سبق له أن قدم مسلسلين اجتماعيين مهمين، الأول “وجه العدالة” مع الفنان سامر المصري، والثاني “شر النفوس” الذي كان واحداً من أبرز الأعمال الخليجية خلال الموسم الماضي. وتعبر الفنانة مرح جبر عن سعادتها بالمشاركة في هذا العمل، ولاسيما أنها التجربة الأولى لها مع المخرج الشيخ نجيب، وتقول إنه فاجأ الممثلين بأسلوب إخراجي جديد تماماً، لكن هذه المفاجأة تحولت إلى متعة حقيقية بعد المشاهد الأولى، لأنها تكسر الروتين السائد في أساليب المخرجين عادة، وتدفع بالممثل إلى مجاراة خيال المخرج الطموح، ليستثمر كل طاقاته الفنية في خدمة الشخصية والعمل. أما عن الفكرة المطروحة فترى مرح أنها جريئة ومثيرة، وتقدم لأول مرة في الدراما التلفزيونية، فالمرأة القاسية المتسلطة “قدرية”، تمسك كل خيوط اللعبة بيديها دون أن يشعر أفراد العائلة بذلك، ليكتشفوا الحقيقة مع سير الأحداث وتشابكها، فهذه الجدة توجه حيواتهم، وترسم مصائرهم، وهو ما يمنح العمل عنصر التشويق بامتياز. فضح الخفايا المستترة هناك توقعات أن يتألف الصندوق الأسود من ثلاثين حلقة، ويلعب الأدوار الرئيسية فيه إلى جانب الفنانة القديرة منى واصف، كل من الفنانين، بسام كوسا، رفيق سبيعي، مرح جبر، رامي حنا، ديمة قندلفت، زهير عبد الكريم، ضحى الدبس، جلال شموط، شكران مرتجى، وغيرهم. ويتوقع كثير من المراقبين أن يلامس هذا العمل الجديد شريحة واسعة من المشاهدين، ويحقق نسبة متابعة جماهيرية جيدة، وهم يبنون تفاؤلهم هذا على أن رانيا بيطار هي كاتبة مسلسلي “البيوت أسرار”، و”أشواك ناعمة” اللذين حققا حضوراً مهماً خلال السنوات الماضية، وهي تتجه في أعمالها نحو الموضوعات الاجتماعية الساخنة والجريئة. لكن الأهم أن بطلته هي منى واصف ذات الأداء الآسر والحضور القوي، والتي ستميط فيه اللثام عن أسرار القلوب. ، وتفضح الخفايا المستترة!.