الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

غروب شمس عصر تدليل البنوك الأميركية

غروب شمس عصر تدليل البنوك الأميركية
1 نوفمبر 2009 22:37
جاء تعيين الرئيس الأميركي باراك أوباما للمحامي المعروف في تنظيم البنوك دنيال تارولو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي دليلا فيما يبدو على أن عهد قوانين البنوك المتسيبة قد ولى. وعكست اللوائح الجديدة المنظمة لمكافآت المصرفيين التي اقترحها الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي تدخل تارولو ونفوذه. إذ قام تارولو بإعادة تنظيم أعمال هيئة مشرفي البنوك التابعة للاحتياطي الفيدرالي المؤلفة من 2858 عضواً وراح يتدخل في مختلف الشؤون التي منها أسلوب تعامل المنظمين والمراقبين مع القروض العقارية التجارية المتعثرة والقواعد التي ستحكم الأعمال المصرفية الشاملة لسنوات مقبلة. ويقول ريتشارد فيشر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس إن “تارولو يسد ثغرة”. وأضاف أنه خلال عهد جرينسبان كانت عملية الإشراف المصرفي في واشنطن مهمشة، أما الآن عقب الكارثة المصرفية فأصبح لها الأولوية. الخوف من التشدد وتارولو الذي عينه رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي على رأس لجنة الاحتياطي الفيدرالي المسؤولة عن الإشراف والتنظيم يبرز ضمن نخبة من الخبراء المنظمين الجدد الذين يعكفون على تغيير تنظيم الأنشطة التجارية والأعمال والمشروعات شكلاً وموضوعاً في مجالات منها المشتقات بل وحتى المخدرات. وفي داخل أروقة الاحتياطي الفيدرالي، لم تمر المرحلة الانتقالية لتارولو بلا مصاعب، حيث ترددت أقاويل فيما بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأنه قد يكون بان ترولو قد يكون ميالاً الى مبدأ الشك التسلطي في البنوك والمشرفين. وقد وصل قلق بعض موظفي الاحتياطي الفيدرالي من أن يصبحوا الضحية التالية الى درجة أنهم يطلبون منه الموافقة حتى على استمارات البنك العادية. وفي اجتماعات تارولو مع باقي مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي كانت أهم موضوعاته هو العقارات التجارية، حيث يجبر تارولو المشرفين على تدقيق محافظ العقارات التجارية وعلى إعطائها الأولوية. ويعكف مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك على صياغة مقترح إرشادي عن الأسلوب الذي يتعين على البنوك اتباعه في التعامل مع العقارات. أما فيما يتعلق بلوائح مكافآت المصرفيين فستكون التوجيهات على الأرجح مفصلة، وربما تجبر بعض البنوك على فرض مزيد من التخفيضات. وعلى غرار طريقة برنانكي، يدير تارولو اجتماعات مثل المنتديات الأكاديمية ويحث الموظفين والمسؤولين على تفحص المشاكل من زوايا مختلفة، وكلاهما يؤمن بأنه ينبغي على واضعي التنظيمات العناية برصد الحوافز التي تقود قرارات البنوك. وقد أعاد تارولو مقترحات الموظفين بشأن قواعد رواتب البنوك الجديدة بقائمة مطولة من الأسئلة والملاحظات. بل تلقى بعض الموظفين رسائل إلكترونية من هاتفه حين كان جالساً بجوار برنانكي يشاهدان إحدى مباريات البيسبول خلال الصيف. وتحدث تارولو خلال إحدى جلسات مجلس الشيوخ في أكتوبر الماضي كما لو كان يتحدث الى مصرفيين قائلاً “ستخضع الأمور لتغيرات أكبر، وهو ما يعني طريقة تقييم المخاطرة، وهو ما يعني الطريقة التي تدير بها مؤسستك”. غير أن المقاربة الصارمة تنطوي أيضاً على المخاطر، فالتشدد في وضع النظم والقواعد ربما يزيد أزمة الائتمان سوءاً أو يضر بالاقتصاد من خلال تقييد ابتكارات المسؤولين في وول ستريت (قلب المال والأعمال في أميركا). ويقول كمدن فاين رئيس مصرفيي النقابات المستقلة في أميركا، (وهو جهاز يضم بنوكاً صغيرة) “لقد أصبح جميع المفتشين متشددين جداً في مجالنا”. ويقول أحد محاميي البنوك إنه يخشى الإفراط في المحاسبة والمساءلة. وتارولو المحامي أشيب الشعر وكثيف شعر الحاجبين ويتحدث بلهجة أهل بوسطن. ونشر عام 2008 بحثاً من 310 صفحات ينتقد فيه قوانين البنوك الدولية ساعده الاحتياطي الفيدرالي على تأليفه، كما حققت مبيعات كتابه “العمل المصرفي في باسيل” ارتفاعاً كبيراً بعد تعيينه ولم يكن قد باع 2000 نسخة قبل ذلك الوقت. وكان تارولو (البالغ من العمر 56 عاماً) قد عالج مسائل اقتصادية دولية في عهد كلينتون ثم انشغل بتدريس قانون البنوك في جامعة جورج تاون. وفي عام 2005 دعي الى مكتب أوباما بمجلس الشيوخ لمناقشة السياسات المالية إزاء الأغذية الصينية. بدا أنه حدث بينهما نوع من التفاهم والتآلف حيث اشترك تارولو في حملة انتخاب أوباما، وعقب انتخابه رئيساً قام أوباما بتعيين تارولو مستشار التنسيق بينه وبين وزارة الخزانة الى أن عين فريقاً اقتصادياً ثم عينه في الاحتياطي الفيدرالي في شهر ديسمبر ضمن أول تعيينات. إصرار ومتابعة يصر تارولو على إلزام موظفي الاحتياطي الفيدرالي بتفسير الفشل التنظيمي الرقابي السابق، الأمر الذي سبب خلافات داخل المؤسسة. يذكر أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن يفوض صلاحية الإشراف على البنوك الى 12 احتياطي فيدرالي إقليمي (بنك مركزي إقليمي). وكانت هناك لجنة يرأسها تارولو قد أجرت مراجعة داخلية قاسية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة أطلنطا في مطلع هذا العام، وأصدرت تقريراً لاذعاً بسبب ضعف الإشراف المصرفي. ذلك أن بنوك جنوب شرق الولايات المتحدة منيت بحالات إخفاق وإفلاس. وقد تعهد رئيس احتياطي أطلنطا الفيدرالي دينيس لوكهارت الذي تولى منصبه عام 2007 بإعادة النظر في لوائح البنك، حيث تقول المتحدثة باسم “احتياطي أطلنطا الفيدرالي” إنه “عقب فترة عصيبة من هذا القبيل يجب على مشرعي القوانين المالية ومنظميها أن يدركوا تماماً أخطاء النظام المالي ويراجعوا إجراءاتهم ولوائحهم الداخلية وينفذوا التغييرات اللازمة”. يذكر أن هناك مزيداً من المراجعات الداخلية المنتظر إجراؤها منها مراجعة بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. وهذه المراجعات تعتبر أموراً روتينية، إلا أن تارولو أكد على أهميتها. ومجال إشراف الاحتياطي الفيدرالي على المؤسسات المالية هو أحد عدة موضوعات معروضة على الكونجرس. غير أن تارولو لا ينتظر قانوناً ليوضح دور الاحتياطي الفيدرالي المقبل. فضمن أمور أخرى يقوم تارولو حالياً بزيادة إشراك خبراء المؤسسة في عملية الإشراف على البنوك واختار باتريك باركينسون ليتولى منصب كبير الخبراء. ويقوم الخبراء الاقتصاديون حالياً مستفيدين من الدروس المستقاة من الأزمة بافتراض سيناريوهات عصيبة لمعرفة الطريقة التي سيتصرف بها كل بنك على خدة وهو أسلوب مبتكر في بيروقراطية كانت تعتمد في السابق بكثافة على تدقيقات كل بنك على حدة. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©