إجراءات السلامة في حلبة ياس تصل إلى درجة الإبداع

بالرغم من التحدي الذي ينتظر السائقين على حلبة ياس، والذي يضعهم تحت ضغط هائل، إلا أنهم في المقابل سيخوضون الصراع على واحدة من أكثر الحلبات أماناً وسلامة في العالم. وإذا كانت السلامة من العناصر الأساسية في رياضة فورمولا-1، لكونها مرتبطة بآلة سمتها السرعة، فإن الأمر يزداد في حلبة مرسى ياس، التي تتضمن عدداً من المميزات الفريدة، في مقدمتها عناصر السلامة التي تسير جنباً إلى جنب مع عوامل الإثارة الكثيرة الموجودة بالحلبة. وبطولة العالم لسباقات سيارات الفئة الأولى منذ أن أبصرت النور عام 1950، شهدت إجراءات الأمان التي تهدف إلى الحفاظ على سلامة السائقين والمشاهدين، وقد شهدت هذه القوانين والإجراءات تطوراً متعاظماً من سنة إلى أخرى. وتتراوح أنظمة السلامة بين ما هو مرتبط بالسائق مباشرة، وما هو متلازم مع سيارته، وما هو ملتصق بالحلبة، وما هو متعلق بالسباق مباشرة. نبدأ بالسائق الذي يخضع لباسه لمعايير دقيقة للغاية، إذ تحتوي بذته على ثلاث طبقات من المواد المضادة للنيران، بالإضافة إلى طبقة من الثياب الداخلية الواقية، وقميص بأكمام طويلة وغطاء للرقبة وجوارب خاصة، ولا ننسى بالطبع الغطاء الواقي للرأس تحت الخوذة، والقفازات الخاصة والأحذية ذات الكعب الرفيع، وهي الأخرى تصنع من مواد قادرة على مجابهة النيران. أما الخوذة، فتخضع للتطوير الدوري مع العلم أنها خسرت الكثير من وزنها الذي بات يصل اليوم إلى كيلوجرام وربع الكيلوجرام بعد أن كان يبلع كيلوجرامين قبل حوالي 25 عاماً. وتصنع الخوذة من طبقات عدة من المواد المختلفة تشمل ألياف الكربون والبوليسيترين وطبقة بلاستيك مشابهة لتلك المستخدمة في صنع الدرع الواقية من الرصاص. ولا بد من الإشارة إلى أن مصممي الخوذات يأخذون دائماً في الاعتبار ضرورة توفير التوازن المثالي بين القوة والراحة. ومقدمة الخوذة مصنوعة من البوليكاربونات القوي، وهي مغطاة بقطعة بلاستيكية يمكن نزعها بسهولة خلال السباق لتحسين الرؤية، وتخضع الخوذة لسلسلة طويلة من الاختبارات، كما أن عليها أن تتوافق وجهاز "هانس" أو جهاز حماية الرأس والرقبة والذي يعتبر إضافة حديثة وفريدة جرى اعتمادها ابتداء من عام 2003. ورغم أن الجهاز يجعل السائق مقيداً بشكل محكم في قمرة القيادة إلا أنه يبقي رأسه وعنقه دون دعم. ويتألف جهاز "هانس" من قطعة مصنوعة من ألياف الكربون توضع على كتفي السائق ويتم ربط الخوذة طوليا برباطين غير محكمين مصنوعين من نوعية الجهاز نفسه. ورغم أنهما غير محكمين بشكل كافٍ بغية السماح للسائق بتحريك رأسه بحرية أثناء القيادة، إلا أنهما، وفي حال وقوع حادث، يحولان دون تحرك الرأس ىلى الأمام بشكل مفاجئ وعنيف. ننتقل إلى سيارة فورمولا واحد التي لا تشبه بتاتاً نظيرتها المستخدمة يومياً على الطرقات، خصوصاً أن هيكلها أحادي أي مكون من قطعة واحدة. ولا بد من الإشارة إلى أن السيارة معززة بلوحات حماية على جانبي الهيكل بهدف توفير الحماية اللازمة للسائق في حال وقوع حادث. والجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) وضع قواعد صارمة في ما يتعلق بصلابة الهيكل تخضع سنوياً للتطوير. وبالنسبة للحلبات، يشترط أن تتمتع بمستوى رفيع من التسهيلات الطبية، وخلال السباقات، يتمركز أطباء ومسعفون ذوو خبرة عالية في نقاط متعددة حول المضمار ويكونون على أتم الاستعداد للتدخل عندما تدعو الحاجة. وتضم الفرق الطبية عدداً من الحكام المدربين خصيصاً للتعامل مع الحوادث بهدف إخراج السائقين من سياراتهم بأفضل طريقة طبية. كما يتمركز طبيب الاتحاد الدولي للسيارات بشكل دائم في السيارة الطبية للاستجابة السريعة طوال السباق، ويمكن أن يصل إلى موقع أي حادث في غضون لحظات. ويشترط أن يكون لكل حلبة مركز طبي مجهز بالكامل، يعمل كمستشفى مصغر خلال السباق يشتمل غرف إنعاش وعمليات. وفيما يخص الإجراءات المطلوبة في الحلبات، فقد وصلت في حلبة ياس إلى حد الإبداع، حيث أوفت الحلبة بمتطلبات الاتحاد الدولي وأكثر سعياً إلى سباق مثالي يكتب فصلاً جديداً في تاريخ بطولة العالم للفورمولا-1، حين يشهد المسرح الجديد للسباق اليوم الكشف عن الفورمولا-1 بمذاق ورؤية أبوظبي