الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فجوة تركية- إسرائيلية

9 ابريل 2013 23:20
ستيفان لارابي رئيس كرسي الأمن الأوروبي في معهد «راند» تستحق الأخبار السارة الواردة من الشرق الأوسط كل الانتباه والتركيز مثل نجاح أوباما في تخفيف التوتر الطويل في العلاقات التركية الإسرائيلية، ما يستدعي الإشادة والإطراء، لا سيما وأن وزير الخارجية، جون كيري، يسعى إلى تعميق هذا التفاهم بين البلدين خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا يوم الأحد الماضي. لكن رغم هذه التطورات الإيجابية علينا ألا نتحمس كثيراً وننجرف وراء الأماني، ذلك أن قائمة ما يتعين القيام به لاستئناف علاقات التعاون القديمة بين تركيا وإسرائيل طويلة سواء تعلق الأمر بسوريا، أو بالسلام في الشرق الأوسط، أو بأجواء عدم اليقين المخيمة على المنطقة بعد هبوب رياح «الربيع العربي»، بحيث ما زالت هذه المواضيع وغيرها تفرق البلدين اللذين جمعهما في السابق تقارب استراتيجي. ولأن أوباما يدرك ضرورة التقارب بين البلدين، فقد سعى خلال رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط إلى حث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تقديم اعتذار لنظيره التركي على خلفية مقتل تسعة مواطنين أتراك في السفينة التي كانت متوجهة إلى قطاع غزة في عام 2010. ورغم فشل عدد من الوسطاء في الحصول على الاعتذار تمكن أوباما من ذلك ليوقف التدهور السريع في العلاقات بين بلدين يعتبران أهم حلفين لأميركا في المنطقة، بيد أنه من غير المرجح أن يقود اعتذار إسرائيل إلى استئناف العلاقات الدافئة التي جمعت تركيا وإسرائيل في مجالات الدفاع والتعاون الاستخباراتي خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي. والسبب أن التعاون العسكري الوثيق في تلك الفترة كان نتاج سياق استراتيجي خاص، كما أن الظروف الجيوسياسية التي دفعت بالتعاون التركي الإسرائيلي قدماً ما عادت قائمة اليوم. ففي التسعينيات اقتربت تركيا أكثر من إسرائيل لحاجة فرضتها طبيعة المنطقة، لا سيما العلاقات التركية- العربية غير الجيدة، وحاجة تركيا إلى إسرائيل في مواجهة سوريا التي كانت تملك أحد أكبر القوات المسلحة وأفضلها تسليحاً في الشرق الأوسط. أما اليوم فقد تغير الوضع الاستراتيجي تماماً بالنسبة لتركيا، حيث تحسنت علاقاتها مع العالم العربي، وأصبح أردوجان بالنموذج الذي يطرحه للإسلام السياسي واستعداده لاستخدام لغة صارمـة في الدفاع عن سكان غزة أحد القادة الأكثر شعبية في المنطقـة. كما أن العديد من العرب ينظر إلى النموذج السياسـي والاقتصـادي التركي كمثال يحتذى في بلدانهم، ومن ثم لم تعد تركيا في حاجة لإسرائيل بنفس الدرجة التي كانت عليها قبل عقد من الزمن. والأكثر من ذلك كان للتقارب السابق بين البلدين مبررات داخلية وسياق خاص في السياسة التركية تغيرت بدورها اليوم، ولم تعد موجودة، ففي تلك الفترة كان الجيش التركي أحد أهم المدافعين عن العلاقات التركية- الإسرائيلية المتميزة وتعميق التعاون العسكري والاستخباراتي بين البلدين وكان للجنرالات دور أساسي في تحديد السياسة الخارجية التركية، أما اليوم فقد تراجع هذا الدور وتمكن أردوجان على مدى السنوات الماضية من بسط سيطرة المدنيين على السياسة الخارجية ليصبح رئيس الوزراء المنتخب وليس الجيش غير المنتخب من يرسم السياسة التركية تجاه إسرائيل. ولا ننسى أيضاً أنه خلال سنوات التسعينيات كان القادة الأتراك ينظرون إلى إسرائيل كأداة للحصول على التكنولوجيا العسكرية المتطورة، وهو ما لم يعد قائماً اليوم في ظل تنوع الخيارات أمام تركيا وتطويرها لصناعتها العسكرية الخاصة. هذا التغيير في النظرة لم يقتصر على تركيا فقط، بل امتد إلى إسرائيل أيضاً التي ما عادت تنظر إلى أنقرة باعتبارها «وسيطاً نزيهاً» في الصراع العربي الفلسطيني بسبب مناصرتها الواضحة للقضية الفلسطينية. تصريحات أردوجان المنتقدة لإسرائيل، والتي كان آخرها وصفه للصهيونية بأنها «جريمة ضد الإنسانية» ومطالباته المتكررة برفع الحصار على قطاع غزة كلها دفعت إسرائيل إلى التشكك في النوايا التركية والنظر إليها بعين الريبة، لهذه الأسباب كلها من غير المتوقع أن تعود العلاقات التركية- الإسرائيلية إلى سابق عهدها مهما اعتذرت إسرائيل. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©