الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

السعادة الحقيقية للمؤمن

السعادة الحقيقية للمؤمن
9 ابريل 2015 23:25
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)، «سورة فصلت: الآيات 30 - 32». جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآيات السابقة، ولمّا ذكر تعالى حال الأشقياء المجرمين، أردفه بذكرِ حالِ السعداء المؤمنين، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) أي آمنوا بالله إيماناً صادقاً وأخلصوا العمل له، ثم استقاموا على توحيد الله وطاعته، وثبتوا على ذلك حتى الممات، عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنه قال على المنبر بعد أن تلا الآية الكريمة: «استقاموا واللهِ على الطريقة لطاعته، ثم لم يروغوا روغان الثعالب» والغرضُ: أنهم استقاموا على شريعة الله، في سلوكهم، وأخلاقهم وأقوالهم، وأفعالهم، فكانوا مؤمنين حقاً، مسلمين صدقاً، وقد سُئل بعض العارفين عن تعريف الكرامة فقال: الاستقامةُ عينُ الكرامة، وعن الحسن أنه كان يقول: اللهمَّ أنت ربنا فارزقنا الاستقامة (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ)، أي تتنزل عليهم ملائكة الرحمة عند الموت بأن لا تخافوا ممَّا تقدمون عليه من أحوال القيامة، ولا تحزنوا على ما خلفتموه في الدنيا من أهلٍ ومالٍ وولد فنحن نخلفكم فيه (وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، أي وأبشروا بجنة الخلد التي وعدكم الله بها على لسان الرسل. السعادة الحقيقية من المعلوم أن السعادة ليست مالاً يجمعه الإنسان، ولا منصباً يتبوأه، ولا جاهاً يتقلده، ولا كثرة أولاد يزهو بهم على الآخرين، ولا صحة يتجبر بها على عباد الله، فالسعادة لا تكون إلا بالإيمان والعمل الصالح، فهما من أهم أسباب السعادة، كما قال الله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى)، «سورة طه: الآيات 123 - 126». هنا نضرب لذلك أمثلة منها: * سيدنا يونس- عليه الصلاة والسلام-: نادى ربه وهو في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمةُ البحر، وظلمةُ الحوت، حيث انقطعت به السبل ولم يبق أمامه إلا الله سبحانه وتعالى، فهتف من بطن الحوت، بلسان ضارع حزين: (لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، «سورة الأنبياء: الآية 87»، فوجد السعادة، هكذا الإيمان إذا باشرت بشاشته شغاف القلوب تجعل المستحيل مُمْكنا، إنه الإيمان يحرك الجبال ويسير العوالم، وفي الحديث: «مَا مِن مكروبٍ يَدْعُو بهذا الدُّعاء إلا أستُجِيبَ له»، (أخرجه مسلم). * سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام-: عندما لحق به ومن معه فرعون وجنوده، وقال أصحابه: إِنَّا لَمُدْركُونَ، قالوا ذلك: حين رأوا فرعون وجنوده وراءهم، والبحر أمامهم، وساءت ظنونهم، قال - عليه الصلاة والسلام - كما جاء في قوله تعالى: (قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، «سورة الشعراء: الآية 62»، إن ربي معي بالحفظ والنصرة، وسيهديني إلى طريق النجاة والخلاص، فوجد السعادة. * سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم-: وهو يُطَوَّق في الغار بسُيوف الكفر، يقول لصاحبه وهو أبو بكر الصديق تطميناً وتطييباً: لا تخف فالله معنا بالمعونة والنصر: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، «سورة التوبة: الآية 40». سعادة المؤمن وعند قراءتنا لقول الله تعالى في الآية الكريمة من سورة النحل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، «سورة النحل: الآية 97»، نجد أن الله عز وجل قد بيَّن في هذه الآية الكريمة أن الأساس المكين للحياة الطيبة السعيدة والعيش الهادئ والاستقرار والطمأنينة، هو الإيمان بالله والعمل الصالح المرتكز على ذلك الإيمان، فالله عز وجل قد كتب الحياة الطيبة والسعادة لعباده المؤمنين المتقين، الذين يعملون الصالحات ويخلصون الدين لله، ويتمسكون بالإسلام ويهتدون بهدي القرآن. فمن أراد السعادة فليلتمسها في المسجد، في القرآن الكريم، في السنَّة، في الذِّكر، في الاستقامة، في اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم-، فيا طلاب السعادة، ويا عشّاق السعادة، ويا أيها الباحثون عن الخلود في الآخرة، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، لا يكون ذلك إلا من طريق محمد - صلى الله عليه وسلم-، لأن ديننا الإسلامي يوجب علينا حبّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - والسير على هديه واتباع سنته. اللهم أحينا على سنته، وأمتنا على ملته، واحشرنا في زمرته، واسقنا يا رب من حوضه الشريف شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً.. آمين.. يا رب العالمين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©