الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: إطلاق الشائعات جريمة تقود إلى العذاب

العلماء: إطلاق الشائعات جريمة تقود إلى العذاب
9 ابريل 2015 23:25
حسام محمد (القاهرة) يقول خبراء علم النفس والاجتماع إن الشائعة قضية أو عبارة مطروحة للتصديق.. تنتقل من فرد إلى آخر بالكلمة الشفهية دون أن تستند إلى دلائل مؤكدة على صدقها وبهذا تبقى الشائعات من أخطر وأفتك أساليب الحرب النفسية. أما خبراء الإعلام فيعرفون الشائعة بأنها أي شيء غير حقيقي وتكون في الغالب خبراً «غير شريف» لا يلتزم بأي معايير دينية أو أخلاقية يقصد به تحقيق مصلحة أو غرض ما وقد تتسبب في أضرار خطيرة سواء على المستوى الشخصي عندما تتناول شخصاً بعينه أو على مستوى المجتمع بأسره عندما تتناول خبراً عاماً وللأسف، فإننا ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح سريان الشائعة أكثر سهولة في وقتنا الحاضر، بحيث تصل في زمن قياسي. تهدد المجتمعات تقول الدكتورة ماجي الحلواني أستاذ الإعلام بالجامعات المصرية: الشائعة من أخطر الأسلحة التي تهدد المجتمعات في قيمها ورموزها إذ يتعدى خطرها الحروب المسلحة بين الدول، بل إن بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في الحروب المعنوية أو النفسية التي تسبق تحرك الآلة العسكرية، ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب، بل إنها الأخطر اجتماعياً واقتصادياً فكم من الشائعات جنت على أبرياء وشوهت سمعتهم ونالت من أعراضهم وأشعلت نار الفتنة بين الناس خاصة وهناك شائعات قد تنال من التماسك المجتمعي، وبالتالي قد تؤدي إلى قلاقل وتهديد للأمن والسلم وهناك من الشائعات الذي ينال من علماء وقادة ما يؤثر في مكانتهم بين الناس. وتضيف: لابد أن نعي جميعاً أن الشائعات ليست وليدة اليوم وإنما معروفة بقِدَم الإنسان، لكنها أخذت تَتطور، حيث أدى تنوع وسائل الاتصال إلى سهولة انتشار الشائعة وانتقالها من مكان لمكان بسرعة هائلة مما يعني خطورة الصمت حيال الأخبار الكاذبة التي سرعان ما تترقى وتكون شائعة قد يؤدي انتشارها إلى خطر على المجتمع كله ولهذا فلابد من التصدي لها بأن تتبنى وسائل الإعلام والهيئات الثقافية والدينية حملة مكثفة تحث على عدم الانسياق وراء الأخبار مجهولة المصدر. مرض خطير الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق والداعية الإسلامي المعروف يقول من جانبه إن الشائعات من أخطر الأمراض المدمرة وقد وصف القرآن الكريم مروجي الشائعات بالفسق‏، حيث يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 6»، كما توعد الله تعالى أولئك الذين يلوكون في الأعراض ويسرهم إشاعة الفاحشة في المجتمع بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة فقال في ذلك‏:‏ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ...)، «سورة النور: الآية 19»، ‏ولنا في التاريخ الإسلامي المثل والعبرة في خطورة الشائعات ففي صدر الإسلام استخدمها المشركون وسيلة للنيل من انتشار الإسلام، حيث سرب الكفار شائعة بأن أهل مكة أسلموا وكان هناك عدد من المسلمين الأوائل الذين هاجروا إلى الحبشة وأقاموا هناك في ظل ملكها العادل يمارسون طقوس دينهم دون خوف، ولكنهم كانوا يعانون القلق على أهلهم وذويهم الذين تركوهم خلفهم وعندما وصلتهم شائعة أن كفار مكة أسلموا سارعوا بالعودة ليسوموهم سوء العذاب قبل أن يتمكن بعضهم من الهجرة مرة أخرى وهذه الحادثة تكشف لنا خطورة الشائعات ومدى الخطر الذي يشكله ترويجها. آثار سلبية ويضيف: ولا ننسى أيضاً تلك الشائعة التي نالت من بيت النبوة ذاته وهددت المجتمع المسلم كله وكادت تتسبب في فتنة طاغية وهي حادثة الإفك وسرعان ما تبادل أهل المدينة كلها الشائعة وظل بيت النبوة يتقلب شهراً كاملاً من أثرها لولا أن برأ الله تعالى أم المؤمنين ونزلت آيات بينات تجرم أهل الإفك «إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم…». وهكذا أكد التاريخ الإسلامي أن الإسلام قد اتخذ موقفاً حاسماً حازماً قوياً من الشائعات ومروجيها لما يترتب عليها من آثار سلبية تزلزل كيان المجتمع وتؤثر على تماسكه وتلاحم أبنائه. المواجهة الإسلامية ويؤكد الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن الإسلام ذم الشائعات، كما حذر من الغيبة والنميمة والوقيعة في الأعراض‏، والكذب والبهتان وأمر بحفظ اللسان‏، وأبان خطورة الكلمة‏، وحرم القذف والإفك‏، وقد ذم الله عز وجل حتى من يكتفي بسماع الأكاذيب بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ...)، «سورة المائدة: الآية 41»، ‏وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم مروجي الشائعات قال:‏ «كفى بالمرء كذبا أو إثما أن يحدث بكل ما سمع»، كما بين صلى الله عليه وسلم أن أبعد الناس منه مجلساً يوم القيامة الثرثارون. ويتابع: من هذا المنطلق فلابد من نشر الوعي بين المسلمين حتى لا ينطلقوا وراء الشائعات، فلابد أن يدرك المسلم أن لها خطراً عظيماً وأن كل مسلم عليه ألا يساهم في نشرها بل عليه عدم الاستماع لأي خبر كاذب لأن سماعه وترديده من الممكن أن يأتي على الأخضر واليابس‏ ولابد أن يعي الذين ينشرون الأخبار التي تمس سمعة الناس أو أمن الأوطان خطورة ما يفعلونه وأنهم على خطر عظيم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©