الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان دبي لمسرح الشباب يحتضن مواهب شباب الإمارات

مهرجان دبي لمسرح الشباب يحتضن مواهب شباب الإمارات
20 أغسطس 2008 22:28
دورة ثانية من ''مهرجان دبي لمسرح الشباب''، تنظمها هيئة دبي للثقافة والفنون، وهي منبر جديد للمسرح وللشباب في آن معا، مهرجان هو فرصة تتيحها الهيئة للمسرحيين الشباب لتطوير مواهبهم وإمكانياتهم، وهو موسم من المواسم التي تتيح المجال ليلتقي المسرحيون فيما يشبه ورشة عمل، ورشة تشتمل على عروض مسرحية وندوات فكرية وتطبيقية· قبل الانطلاق كانت إشارة المنسق العام للمهرجان ياسر القرقاوي إلى كل التسهيلات والإمكانيات التي قدمت لتساعد على إنجاح فعاليات المهرجان، وإلى التعاون بين الهيئة وجميع مسارح الدولة لمساعدة الشباب على القيام بأدوارهم، سواء كانوا كتابا أو ممثلين أو فنيين· وكان التأكيد على أن التعامل مع الشباب يحتاج إلى حساسية عالية، ومراعاة للمشاعر والكفاءات والتشجيع على الاستمرار والتطور، وهو ما تسعى إليه الهيئة من المهرجان، فهو فرصة للشباب كي يعبروا عن أنفسهم وتجاربهم بحرية· مع الانطلاق كان حديث عضو مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون عمر غباش حول رؤيته للمهرجان حيث يقول ''لا شك أن المشاركة في مثل هذا الحدث المميز ستحفز شبابنا على التفكير جديا في احتراف المسرح واتخاذه مسارا لحياة مهنية ناجحة ومثمرة، فالمهرجان يزود الهواة بفرصة حقيقية لتطوير عملهم والارتقاء إلى مصاف المحترفين من ممثلين ومخرجين ومديري مسارح وفنيي إضاءة ومصممي أزياء وديكور··''، وأخيرا ''أتمنى أن يتمكن الموهوبون عند اكتمال النسيج الثقافي في الدولة من ارتقاء خشبة المسرح لتقديم أرفع مستويات الأداء وتحقيق مستويات عالية بكل المقاييس''· وفي هذه الدورة للمهرجان نتوقف مع ما تلقينا من الأعمال المسرحية لهؤلاء الشباب، وهنا وقفة مع أبرز ما لاحظناه وتسلمناه من رسائل وانطباعات· المهرجان شهد تسعة عروض لفرق مسرحية من كافة إمارات الدولة، كما شهد ندوات فكرية وتطبيقية حضرها جموع من الفنانين والمهتمين بالشأن المسرحي، واختتمت بتكريم الفنان عبدالله صالح لعطائه الكبير في الحركة المسرحية· أما العروض المشاركة فهي بدأت بعرض ''العزبة لفرقة مسرح الفجيرة، ثم قدمت فرقة مسرح الشارقة الوطني عملها المتميز ''الستارة''، وفي اليوم الثالث كان هناك عرض لمسرح العين بعنوان ''الفزعة''، وعرضت فرقة مسرح دبي الشعبي ''زمان اليوم''، ومن جمعية حتا للثقافة والفنون شاهد الجمهور ''يا عيوني''، وقدم مسرح رأس الخيمة الوطني مسرحية ''الضمير''، أما جمعية عجمان للفنون الشعبية والمسرح فقدمت ''الغاوي''، وقدم مسرح الشباب للفنون عملا بعنوان ''من أين ؟ وإلى أين؟''، وأخيرا قدم مسرح بني ياس ''عيني عالولد''· الملحوظة الأولى على مهرجان يفترض أنه لمسرح الشباب، هي غياب أفكار الشباب وهمومهم وقضاياهم، فباستثناء ''الستارة'' التي تعرض قضية فنان (مصور) يفشل في مواجهة قوى الواقع الشرسة، اتجهت غالبية العروض إلى معالجات مكررة في معظمها، وخصوصا قضية صراع القديم والحديث، فكيف تغيب قضايا الشباب عن مهرجانهم، وأين هي همومهم العصرية التي يعانون منها في هذا المجتمع المتحول· هو سؤال للحوار حول هذا الغياب، لأننا لا نجد مبررا لغياب قضايا التكنولوجيا والمخدرات والقروض البنكية التي يعاني منها الشباب· غابت قضايا المسافة بين التطور الاقتصادي الهائل والمحافظة على الصعيد الاجتماعي· وغابت العلاقات الإنسانية في ظل هذه الظروف، وغابت علاقات الشباب الذكور والإناث، ولم نشهد معالجة جدية لشؤون البطالة والتعليم··الخ· في ظل هذه الغيابات حضرت بقوة علاقات الصراع بين الماضي والواقع الراهن، بين البيت القديم والأبراج مثلا، ففي أكثر من عمل شاهدنا محاولات الدفاع عن القديم، سواء كان بيتا، كما هي الحال في مسرحية ''زمان اليوم'' التي قدمت صورة لتشبث المواطن بمنزله القديم والمتداعي أمام عرض إحدى شركات العقار بمنحه فيللا بدلا من البيت الذي سيمر من تحته مترو الأنفاق، أو دفاع مواطن آخر عن ''العزبة'' التي تربى فيها ويرفض التخلي عنها· فهذه الثيمة ما تزال هي الأكثر حضورا في المسرح الإماراتي والخليجي عموما، ويجري تبرير هذه الظاهرة برفض الفنان والمبدع للتسارع الكبير في الانتقال من حياة بسيطة وحميمة إلى حياة معقدة وباردة· ملحوظة ثالثة يمكن التوقف معها تتعلق بالتقنيات التي يستخدمها الفنانون الشباب في أعمالهم، ففي الكثير من الأعمال يجري استخدام تقنيات عالية، لكن الاستخدام لا يعني دائما التوظيف الناجح، وهنا نلمس أن توفير الإمكانيات الباهرة يجب أن يرافقه توظيف موفق، فقطع الديكور الفخمة، والإضاءة الباهرة، والمؤثرات الصوتية التي تتوفر للعمل ينبغي أن تنسجم مع مضامينه ومع التصاعد الدرامي الذي يشهده العمل، لكن خبرة الشباب في هذا المجال تبدو في حاجة إلى حاضنات تعمل على تطويرها وتنميتها· وفي المهرجان شاهدنا أعمالا لا وجود فيها لنص متماسك، وحيث الأفكار المتناثرة تتجمع بلا طائل، وهذا مدعاة للتساؤل حول لجان قراءة النصوص وإجازتها، وكيف يعمل المخرجون على نصوص كهذه· وإلى ضعف النصوص فثمة ضعف لدى الكثير من التجارب الإخراجية، والكثير من الجوانب الفنية، وأبرزها التمثيل، فنحن لم نشاهد سوى القليل من الممثلين الذين قدموا أداء مقنعا لأدوارهم، ومع أننا أمام تجارب شبابية إلا أن ذلك لا يبرر عرض تلك التجارب الهزيلة· نكتب عن هذا المهرجان من واقع حرصنا على التقاط الثغرات وانتقاد الأخطاء، لكننا لا ننكر وجود بعض التجارب المميزة التي تحتاج من يحتضنها، وقد يكون المهرجان فرصة فعلية لها لتطوير أدواتها وأدائها، فمن هذا المنبر يمكن أن تنطلق إلى فضاءات أبعد، ويمكن أن نراها في دورات قادمة وقد استفادت من هذه الفرصة، خصوصا أن الندوات الفكرية والتطبيقية كانت تشير إلى الأخطاء مثلما تتوقف عند الإيجابيات، وإن كان البعض يبدو مجاملا حينا أو متحاملا حينا آخر· وأخيرا نشير إلى الحضور الجيد لجمهور المسرح وفنانيه والعاملين فيه· شباب المسرح تفوقوا بنص إيطالي موت فوضوي كوميديا سوداء تبكي على الواقع واقعة حقيقية ألهمت الكاتب المسرحي العالمي داريوفو أحداث مسرحية ''موت فوضوي صدفة'' التي قدمها مسرح الشباب وعرضت ضمن المهرجان القومي الأخير للمسرح المصري وحظيت بإقبال جماهيري واسع وهي من اخراج عادل حسان الذي اجاد التعامل مع النص المسرحي ودعمه بمجموعة من العناصر الناجحة مثل الديكور والأشعار والغناء وأداء الممثلين الذين دخلوا حالة مسرحية بينهم وبين المتفرجين من اجل الوصول الى الهدف وهو إدانة كل اشكال القمع والديكتاتورية والظلم· ''موت فوضوي صدفة'' من اشهر مسرحيات الكاتب الايطالي داريوفو وتحمل الكثير من سمات مسرحه الذي يعتمد على الارتجال وتفاصيل الحياة اليومية العادية من اجل مواجهة القهر والظلم ومنحته المسرحية جائزة نوبل· زين ابراهيم - القاهرة - تبدأ أحداث المسرحية من القنبلة التي وضعها احد الارهابيين بإحدى قرى روما وقبض على احد الاشخاص باعتباره واضع القنبلة واثناء التحقيقات معه يسقط من الطابق الرابع ميتا وسقوط الارهابي هو الخط الذي التقطه الكاتب داريوفو وصنع منه احداث مسرحيته· ويبدأ المخرج عادل حسان المسرحية من لحظة التحقيق ويحاول الاجابة عن السؤال الرئيسي: كيف مات؟ وهل أُلقي به من النافذة؟ ام أَلقى هو بنفسه؟ لكي يتخلص من المحققين الذين روعهم الحادث وأصبحت مشكلتهم كيف يقدمون تقريرا لرؤسائهم؟ وتتكشف كل احداث المسرحية من خلال مجنون أو فوضوي مغرم بانتحال الشخصيات وتقليدها الى ان يتمكن من سرقة حافظة أوراق مفتش الشرطة ويعثر فيها على اورق قضية انتحار الارهابي· ويتنكر الفوضوي في اكثر من شخصية فيصبح مفتشا للشرطة، وضابطا، وكبير المحققين، وقسيسا وعندما يتم اكتشافه تدخل احدى الصحفيات لتكشف مزيدا من الفضائح في جهاز الشرطة وسير القضية، وعندما يأتي كبير المحققين الحقيقي يتصور مفتشو الشرطة ان المجنون أو الفوضوي عاد فيهجمون عليه لإلقائه من النافذة الى ان تتبين الحقيقة وتنكشف فعلتهم· كل احداث المسرحية تدور في مكتب مفتش الشرطة الذي يتحول من مكتب للأمن الى جهاز للقمع والفساد في مدينة تعج بالمشاكل والإحباطات التي أصابت رجال الشرطة انفسهم، ويبرع المخرج والممثلون في حبك اللعبة المسرحية· وتبدو ملامح السخرية والعبثية والكوميديا السوداء بارزة في حوارات الممثلين وتواصلهم مع المشاهدين لتبرهن على عبثية واقع الشرطة وأبطال العرض والمشاهدين وتختلط أوراق اللعبة بقصد ـ كما يقول المخرج ـ الذي استطاع ان يوظف سينوغرافيا الدكتور صبحي السيد باقتدار حيث جهز القاعة بالاضاءة الخافتة والمرايا والسلالم على يسار ويمين مكتب مفتش الشرطة والملابس التي تتوافق مع مناخ النص ليحقق التشابه بين تلك الملابس المزركشة التي هي اقرب الي ملابس البهلوانات والمهرجين، ووظف المخرج مجموعة من الاشعار والاغاني التي جاءت من نسيج النص الاصلي للشاعر يسري حسان وألحان احمد الحناوي لتضيف الى العرض وتقرب فكرته· وحافظ المخرج على جو النص الاصلي لداريوفو فلم يلجأ الى تعديلات في الاسماء والاحداث وأتاح للمشاهدين الفرصة للربط بين الوهم والواقع· وعلى مستوى التمثيل قدم الفنان اشرف فاروق دورا راقيا ''للفوضوي'' وكان اداؤه طيبا للشخصيات التي قلدها· وقدم كمال عطية احد نجوم مسرح الشباب في مصر دور المحقق ''ديلي'' بتمكن واضاف للدور بعدا كوميديا ساخرا وساعده في ذلك وجود الممثل سيد الفيومي الذي قام بدور ''رئيس الشرطة'' حيث تبارى الاثنان في تبادل الكوميديا التي اضافت للنص وانضم اليهما الممثل باتع خليل الذي قدم دور ''هوفاني'' وتنوع تمثيله بين الاداء الصارم والكاريكاتيري· وقدمت الممثلة سمية الامام دور ''الصحفية'' الكاشفة للحقيقة برؤية متفهمة لروح النص وجاء اداء رجلي الشرطة مصطفى الدوكي ومحمد سمير جادا وقويا· وقال المخرج عادل حسان انه كان يحلم بتقديم نص ''موت فوضوي صدفة'' منذ سنوات دراسته بمعهد الفنون المسرحية الى ان تمكن من اخراجه هذا العام لانه نص ملهم ويقدم قضية انسانية متماسة مع الواقع ويمكن تقديمه في اي منطقة بالعالم وكل ما فعله انه حاول مع الابطال الاجتهاد في تقديم النص بعد ان حذف منه التفاصيل المرتبطة بالمجتمع الايطالي واكتفى بالتفاصيل التي تتوافق مع المجتمع العربي وركز على المحور الرئيسي للنص ورفض فكرة تمصيره أو تغيير اسماء ابطال العرض لان جمال النص موجود بداخله وهناك روح ساخرة كوميدية لا يمكن الاستغناء عنها· واضاف ان ''موت فوضوي صدفة'' عرض جماعي وكل المشاركين فيه ابطال من الممثلين والديكور والاضاءة والملابس والغناء والالتباس بين الارهابي والفوضوي وعدم وضوح العلاقة بينهما كان مقصودا داخل العرض فنحن بازاء قضية انسانية يجب تقديمها بشكل كوميدي ساخر· وقال الممثل اشرف فاروق انه سعيد بمشاركته في عرض ''موت فوضوي صدفة'' لانه احد ابرز النصوص المسرحية لكاتب عالمي بالاضافة الى اجادة المخرج عادل حسان التعامل مع النص برؤية واعية وذكية، وانه ساهم مع الابطال الآخرين في تقديم النص بشكل مختلف أدى الى اقبال جماهيري كبير وحظي جميع الممثلين بإعجاب الجمهور الذي شعر بالجهد المبذول لتوصيل أفكار النص المسرحي· اما الممثل كمال عطية الذي ادى دور ''ديلي'' مفتش الشرطة فقال ان كل ابطال العرض تفوقوا في تقديم حالة مسرحية مختلفة بفضل قوة النص وسيطرة المخرج على كل ادواته المسرحية والمزج بينها وبين اداء الممثلين لدرجة انه وظف الكوميديا التي يقدمها هو مع الممثل سيد الفيومي لصالح العرض·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©