الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثلاثة أسئلة تطارد أوباما في أفغانستان

ثلاثة أسئلة تطارد أوباما في أفغانستان
30 أكتوبر 2009 22:24
مسؤولو الإدارة يريدون من أوباما الإعلان بأن الزيادة التي سيسمح بها الشهر المقبل، ستكون الأخيرة ولن تعقبها طلبات أخرى. لم ينته بعد النقاش المحتدم حالياً في الدوائر المقربة من الرئيس أوباما حول مستوى القوات في أفغانستان، لكن مع ذلك ليس من الصعب المراهنة على ما سيفعله، فهو على الأرجح سيمسك العصى من الوسط، فبعد أن طالب الجنرال ماكريستال، القائد العسكري للقوات الأميركية في أفغانستان، بإرسال بين 10 آلاف و40 ألف جندي، يبدو أن الرئيس سيستقر على رقم بين الحدين. غير أن عدد الجنود الذي سيتم الاتفاق عليه في النهاية، كما قال أوباما وماكريستال، ليس الجزء الأهم في النقاش حول الوضع في أفغانستان، بل الأكثر أهمية هو الإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية: هل ستبقى الأهداف الأميركية محدودة في مداها بما يضمن تحقيقها في المستقبل؟ وهل سيكون أوباما قاطعاً في القول إن موافقته على زيادة عدد القوات ستكون الأخيرة؟ ثم هل ستنجح الولايات المتحدة في دفع أفغانستان نحو إقامة حكومة أكثر فاعلية وأقل فساداً؟ لنبدأ أولا بمسألة الهدف والمهمة التي تسعى أميركا إلى بلوغها في أفغانستان. فعندما اتخذ الرئيس أوباما في شهر مارس الماضي قراره الأول بإرسال مزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان، أعلن ما كان يعتقد حينها أنه "هدف واضح ومحدد يتمثل في تعطيل وتفكيك ودحر القاعدة في باكستان وأفغانستان، ومنعها من العودة إلى أي من البلدين مستقبلا". المشكلة مع هذا الإعلان الجريء والطموح أن الخبراء الاستراتيجيين في الجيش الأميركي والمتخصصين في مكافحة التمرد، أخذوا كلام الرئيس على محمل الجد، وراحوا يصيغون الخطط الكفيلة بمنع "القاعدة" من الرجوع إلى أفغانستان، وهو ما يستدعي بدوره منع حليفتها حركة "طالبان" من السيطرة على مناطق شاسعة في أفغانستان. والحال أنه لهزيمة "طالبان" ودحر فلولها، لا بد من شن حملة واسعة لمكافحة التمرد تمتد إلى مجمل الأراضي الأفغانية، وهو أمر دفع الجنرال ماكريتسال، المدرك للتحدي الذي تمثله "طالبان"، لطلب 40 ألفا من القوات الأميركية الإضافية زيادة على تلك المنتشرة حالياً والبالغ قوامها 68 ألف جندي. والحقيقة أن تلك ليست المرة الأولى التي تسمح فيها إدارة أوباما بتقدم خطابها السياسي على قدراتها الفعلية، فخلال حملته الانتخابية أطلق أوباما وعوداً كبيرة مثل إصلاح النظام الصحي، وإعادة هندسة استهلاك الطاقة، وإغلاق معتقل جوانتنامو... كل ذلك في سنة واحدة! لذا تبقى العبارة الأكثر شعبية في إدارة أوباما، عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، هي "إمكانية التحقق"، بحيث تركز الإدارة حالياً على تحديد هدف يمكنها بلوغه في النهاية، وهو ما عبر عنه أحد مسؤوليها بالقول: "نحن بحاجة إلى هدف واضح ومحدد، وهو ما ستراه قريباً". وربما لذلك السبب أصبحت النسخة الأخيرة لاستراتيجية ماكريستال أقل طموحاً مما كانت عليه، مكتفية بتأمين المدن الأفغانية حيث تعيش غالبية السكان، والتركيز على مكافحة التمرد في المحافظات التي ينخفض فيها تواجد "طالبان"، بدل القضاء عليها تماماً، مع الاعتراف بأن بعض أجزاء البلاد ستبقى خارج سيطرة كابول. أما السؤال الثاني الذي يثير جدلا كبيراً في واشنطن فيتمثل في الضمانات التي سيعطيها أوباما لتكفل أن الزيادة المطلوبة ستكون الأخيرة وبأنها لن تكون مجرد الحلقة الأولى في سلسلة من الإضافات القادمة التي سيطلبها القادة العسكريون، فقد عكف مسؤولو الإدارة على قراءة تاريخ الحرب في فيتنام وهم متوجسون من تكرار مشهد الرئيس جونسون وهو يوافق المرة تلو الأخرى على طلبات الجيش بإرسال دفعات جديدة ومتوالية من القوات، انتهت بالكارثة وخروج الحرب عن السيطرة. ورغم انزعاج المسؤولين العسكريين من تلك المقارنة وإصرارهم هم على القول بأنهم يريدون تقليص التواجد الأميركي في أفغانستان، يبقى خوف الإدارة قائماً من أن يتمادى العسكريون في طلب مزيد من القوات. لذا يريد المسؤولون أن يوضح أوباما، وبشكل لا لبس فيه، أن الزيادة التي سيسمح بها الشهر المقبل ستكون الأخيرة ولن تعقبها طلبات أخرى. وفي النهاية يبقى السؤال الثالث والأصعب والذي يمكن تلخيصه في القدرة على الدخول في شراكة مع الحكومة المدنية في كابل. والواقع أن ذلك لن يتحقق إلا إذا تجاوزت الحكومة حالة العجز والفساد اللذين تتخبط فيهما. فالهدف من مكافحة التمرد هو مساعدة الحكومة والقوات الأمنية على بسط سيطرتها على الأراضي الأفغانية، والحال أنه لو ظلت الحكومة على ضعفها وعدم كفاءتها، لن تنفع أبداً القوات الأميركية ومعها قوات "الناتو"، مهما وصل عددها، وهي مشكلة يستطيع الأفغان فقط حلها. ومع أن أوباما ومساعديه يعرفون جيداً أن الجولة الثانية من الانتخابات المقرر عقدها في السابع من نوفمبر المقبل، لن تغير كثيراً من صورة كرزاي لدى مواطنيه، ولن تقضي على مظاهر الفساد التي سمحت لتنظيم "طالبان" بالظهور على الساحة... فإنهم يأملون في أن تؤدي ردة الفعل الدولية العنيفة ضد تزوير الانتخابات إلى إقناع كرزاي بإدخال التغييرات الأساسية والقيام بالإصلاحات الضرورية لإنجاح المشروع الأميركي وتخليصها من ورطتها. كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©