الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فقدان «رب الأسرة».. اضطراب المشاعر واختلال الأدوار

فقدان «رب الأسرة».. اضطراب المشاعر واختلال الأدوار
9 ابريل 2015 22:30
خورشيد حرفوش (أبوظبي) إحساس دائم بالقلق والخوف يدهم الأمهات اللاتي يفقدن أزواجهن لأي سبب من الأسباب. وتصبح مسؤولية تربية الأطفال بمثابة «كابوس» يقلق مضاجعهن، إنها لمسؤولية رهيبة بلا شك أن يتحتم على المرأة أن تقوم بدور الأب والأم معاً. مثل هؤلاء الأمهات يقفن فجأة في مواجهة الواقع الجديد الذي تفرضه الحياة والظروف، ويكتشفن أن عليهن مسؤولية اتخاذ قرارات مهمة بمفردها، ما كان لها أن تفكر بها أو تقدم عليها في السابق. قد يغطي الهّم الاقتصادي هموم الأم الأخرى التي تتعلق بالجوانب الاجتماعية والتربوية، لكن يبقى للشأن النفسي والتربوي أهميته. إن الطفل الذي يفقد أحد والديه، يخلق بخياله أباً آخر بدلاً من الأب الذي افتقده، أو يخلق أماً أخرى في الخيال غير التي فقدها، فإن الابن يتخيل هذا الأب، ويتحدث مع هذا الخيال في الوقت الذي يريده. إذا كان الأب قد مات، فإن الطفل يصنع صورة خيالية للأب مكونة من الصفات التي يسمعها عن أبيه من أمه ومن أقاربه ويختار من هذه الصفات ما يعجبه ويحبه، بل ويضيف إلى صورة الأب التي يتخيلها كل ما يعجب به في عالم الكبار، ويفخر الابن بهذه الصورة الخيالية وهي عادة صورة إنسان مثالي خال من العيوب. صورة خيالية الدكتور محسن خليل، أخصائي الطب النفسي، يفند سيكولوجية هذا الفراغ أو الغياب، ويقول: «إن الإنسان بطبيعته بحاجة إلى أب وفي حاجة إلى أم. والإنسان يرسم لنفسه الأب أو الأم من الوهم إذا اقتضى الأمر ذلك. وبطبيعة الحال فإن الأب الحقيقي المسؤول يشبع حاجة الابن إلى إحساس بضرورة وجود والد بطريقة طبيعية تختلف تماماً عن الطريقة التي يتخيلها الابن لصورة الأب المفقود، لكن إذا لم يكن هناك في الواقع أب، فليس على الأم أن تحاول القيام بمهمة الأب والأم معاً، إن عليها أن تجعل الجو الذي ينشأ فيه الطفل صحياً حتى ينمو بشكل سليم وأن تساعده على خلق صورة طيبة عن أبيه. ومن الطبيعي أنه عندما تكون الأم دون زوج، يصبح من الصعب عليها أن تظل علاقتها بابنها عادية وطبيعية كما لو كان الحال عندما يكون لها زوج. إن إحساس الأم بالوحدة يكون شديداً، ومهما كانت شخصيتها قوية ومتماسكة، فلا بد أن تميل إلى اتخاذ ابنها صديقاً ورفيقاً لرحلة الحياة، وأن تزداد صلتهما بعضهما بعضاً خاصة إذا لم يكن لهذا الطفل أخ». ويكمل الدكتور خليل: «إن الطفل يسعى دائماً إلى هدف أن يكون مثل أبيه وأن يلعب نفس الدور. والدراسات تؤكد أن الطفل يرغب دائماً في أنه يحتفظ لنفسه بالأسلوب الذي يصل به إلى الطريق الذي يملأ به مكان الأب مما يخلق في نفسه احتراماً دائماً لذكرى والده. ومن أجل احترام الابن لذكرى الأب، فلا بد أن تتصرف الأم وأن تتكلم عن الأب بصورة مليئة بالتقدير مهما كانت مشاعرها مخالفة لذلك،إ نها تقدم للابن الصورة المثالية للأب، لأنها تقدم للابن الصورة التي يجب أن يكون عليها في المستقبل. صورة مضيئة أما عن علاقة الأم المطلقة أو الأرملة أو فاقدة الزوج بابنتها، فإنها تشبه علاقتها بابنها الصبي من بعض النواحي، وتختلف في غيرها. إن الأم عندما تكون لها ابنة، يسيطر عليها أيضاً مشاعر الخوف وعدم الثقة في قدرتها على تربية ابنتها لكن بدرجة أقل مقارنة بالابن، والسر في ذلك أن الأم نفسها كانت «بنتاً» ذات يوم من الأيام، وأنها تعرف بالتالي أحاسيس الفتاة بحكم حياتها الماضية. وهذا يجعل الأم أكثر ثقة في نفسها وفي أسلوب تربيتها لهذه الابنة. إن الابنة نفسها ستكون أسعد حالاً لأن المثل الأعلى الذي ستتبعه موجود في حياتها وهو الأم. ولكن يجب ألا ننسى على الإطلاق أن الابنة أيضاً تحتاج إلى الأب كما يحتاجه الابن تماماً. وتؤكد الأخصائية النفسية موزة المنصوري، تأثير دور الأم في تلك الحالة، وتقول: «إن البنت أثناء الأعوام الثلاثة الأولى من عمرها تعرف كيف أن في العالم نوعين من البشر. هما النساء والرجال. والاثنان مختلفان عن بعضهما البعض، وعندما تكون البنت بين عامها الثالث والسادس، تحتاج حاجة ماسة إلى وجود والدتها ووالدها على السواء، فإذا لم يوجد هذا الوالد فلا بد أن تكون هناك صورة له تعطيها لها الأم. وذلك حتى تعرف جيداً أن والدها كان موجوداً. وبطبيعة الحال يجب أن تكون هذه الصورة الخيالية التي تعطيها الأم لابنتها عن هذا الوالد، صورة مضيئة حتى لا تكره الابنة صنف الرجال، وحتى تشيع في أعماقها هذا العطش الحي لحب الوالد». وتكمل المنصوري: «من المؤكد أن صورة الأب التي تكونها الفتاة وما تعرفه عن علاقة هذا الأب بأمها ستجعلها تكون الفكرة المثالية التي ستختار بها زوج المستقبل عندما تصبح في سن الزواج. ومن ثم يجب على الأم أن تساعد الابنة في تكوين صورة مضيئة للوالد، كما يجدر أن تنتبه الأم إلى أن الابنة ستلتقط أسلوب تعاملها مع الرجال من أسلوب تعامل الأم مع الرجال، سواء في محيط العمل أو في محيط الأهل والأقارب والأصدقاء». كادر انتقال الخبرة إلى الابنة إن خبرة الأم السابقة مع زوجها الذي افتقدته، ستنتقل بالضرورة إلى ابنتها، وتشكل حيزاً مهماً في تشكيل اتجاهاتها تجاه الجنس الآخر، فإذا كانت خبرتها وتجاربها السابقة مع زوجها إيجابية فلا يوجد أدنى مشكلة، أما إذا كانت سلبية، فيجب ألا ينتقل هذا الانطباع إلى الابنة، حتى لا تضيع حياتها في البحث عن عيوب كل رجل تقابله قبل أن تبحث عن مميزاته، وينتهي بها الأمر إلى احتراف الفشل في علاقتها المستقبلية بالرجال، ولا تعرف كيف يمكن أن تختار شريك حياة ناجحاً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©