السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فنان من الإمارات» يعرض تجارب رواد الفن التشكيلي ببعد سينمائي

«فنان من الإمارات» يعرض تجارب رواد الفن التشكيلي ببعد سينمائي
13 يونيو 2010 20:20
أطلقت قناة “أبو ظبي الإمارات” مؤخراً أحد أبرز برامجها الثقافية في دورتها الحالية وهو برنامج “ فنان من الإمارات”، الذي يعتبر أقرب للفيلم التسجيلي لتجارب معظم الرواد من الفنانين التشكيليين، ضمن مشهدية يغلب عليها البعد السينمائي، من خلال ما يسجله هذا البرنامج من خصوصية على مستوى الصورة والنص والموسيقى التصويرية. ويعتبر هذا البرنامج رائداً من حيث التغطية والرؤية. البرنامج فكرة وإخراج نزار رمضان، ومن إعداد الإعلامية فاتن حموي. عن فكرة البرنامج يقول المخرج نزار رمضان: يعتبر البرنامج من البرامج القليلة التي توثّق الحركة التشكيلية الإماراتية، وأحاول من خلاله إظهار الحركة الفنية التشكيلية كوني مخرجاً وعندي تجربة في الفن التشكيلي إلى جانب العمارة والسينما، فالتشكيل جزء من كينونتي، وأعمل في شيء أحبه كي أعطي أكثر، ونوه إلى أن هذا النوع من البرامج لم يكن ليبصر النور لولا أن إدارة التلفزيون كانت متجاوبة مع الفكرة. وربط رمضان بين البرنامج والحركة الثقافية في دولة الإمارات، والمعارض التي تشهدها إمارة أبو ظبي، من خلال إقامة المتاحف” اللوفر”، ومعارض الخط والمسابقات، معتبراً أن معرض بيكاسو خطوة جبارة، إلى جانب معرض كنوز روسيا القيصيرية.. إلى جانب مهرجان الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا، ومعارض كثيرة تمضي أبوظبي نحوها بخطوات مدروسة، لذا فإن فكرة البرنامج تتماشى مع رؤية أبوظبي كعاصمة ثقافية. وعن خصوصية الصورة وجمالياتها المتعددة، أشار إلى أنه يصور بطريقة تشريحية، موضحاً: آخذ الموضوع بكليته، ثمّ أدخل في التفاصيل ببعدٍ طفولي تطفلي للوصول إلى جماليات أراها أنا، أركز على العين، الشفاه أحيانا، الأصابع، فأنا إنسان يعرف كيف يرى. التصوير والأمكنة وعن علاقة تصوير الفنانين بالأمكنة، قال: صوّرت بمتحف الشارقة، وفي البستكية بدبي، والمراكز الثقافية، والمرسم الحر، صورت مع فنان كان الاستديو الخاص به هو حديقة بيته، ( محمد يوسف - واصل صفوان)، فالضوء أساس التصوير، ومصدر الضوء عملية أساسية في التصوير وكذلك في الرسم، فالضوء ومصادره، إلى جانب الظلال، يعطي معنى للون، فمعنى اللون في الصورة الزرقاء تعني البرودة، والأحمر حار، أو دافيء، فأثناء عملية تصوير الفنانة فايزة مبارك، حوّلت المكعبات، ومجسمات الكتاب، والطائر، إلى عملاق، أضاف رمضان: أحياناً تفرض زاوية الرؤية على الصورة معاني، فمن الأسفل إلى الأعلى أكبّر الموضوع، و إذا صوّرت من مسقط علوي أصغر الموضوع، و كأنني أتعامل معه بتعال، و حين أستخدم اللقطات القريبة أصل إلى روح اللقطة، أما اللقطة الأكثر قرباً فهي محاولة للدخول في التفاصيل، وفي المونتاج أوظف الموسيقى كأني أوحي أن الفنان يرسم على إيقاعي. ويشير المخرج نزار رمضان إلى أن الموسيقى والصورة يتشابهان من حيث التركيبة، ومن حيث الفيزياء، والارتباط بينهما ارتباط عضوي. والصورة مهما كانت بليغة لا تعبر، لذا فإن دور الموسيقى إعطاء الإحساس. وعن خصوصية استخدامه للموسيقى التصويرية، يقول: أحيانا ألجأ إلى الإحساس، و أحيانا أفكر قبل أن أوظف أي مقطوعة موسيقية تتناسب مع حركية الصورة، فحين صورت حلقة فاطمة لوتاه، عرفت أنني سأستخدم الموسيقى المرتبطة بالخفة والمرأة وإيطاليا، كون المرأة متحركة في الهواء مثل الريشة. عدت إلى فيردي. بينما في حلقة أخرى وأثناء تلحيم المعدن استخدمت موسيقى روسية، يتخللها عنف وضربات إيقاعية مع الأوركسترا تنسجم وترفع من الصورة. يتابع رمضان قائلًا: أحياناً أخرى أرى أن الجملة الموسيقية تركب هنا. ففي كلّ حلقة هناك مساحة للفكر ومساحة للإحساس. ويساعدني على ذلك معرفتي بالموسيقى. فبالنسبة مثلا للفنانين الذين درسوا الخط في استانبول استخدمت الموسيقى التركية، مستحضراً روح المكان والإنسان. وبالنسبة لصحراء العين استخدمت قطعة موسيقية من ربوع آسيا الوسطى، هنا لعب دور المعرفة بالموسيقى، والمعنى والإحساس والتفكير، في رفع المشهد. مقومات المخرج و عن مقومات المخرج التلفزيوني، قال: عندنا ثقافة المخرج، ولا يوجد ثقافة المنتج، فالمخرج رأس العمل، ولكن في التلفزيون الحديث اختلفت الموازين، المخرج في التلفزيون الحديث ليس رأس العمل ببعض الأحيان. هو تنفيذي، ولو أن “بي بي سي”، تعتبره سيد العمل في الاستديو، أو الملك في مكانه، إلا أن جميع المدارس الحديثة تؤكد أن المنتج هو الأساس، و المنتج هو رأس المال. و حول أدواره في برنامج “ فنان من الإمارات”، أشار إلى أنه أخذ دور المخرج، والمنتج المنفذ، وصاحب فكرة البرنامج. أما عن مركزيته في البرنامج ومتابعته للتصوير، والموسيقى، ومسكه عدة خيوط بآن معاً، فقد أكد على أن نظرته تجاه البرنامج أبوية، وهذا ليس من باب الدكتاتورية، أو السلطوية، و إنما من باب القلق، وقال: سأسوق مثالاً، حين أخرج إلى التصوير يكون معي المصور ومساعده، ومساعد المخرج، من بين هذا الفريق أكون أنا القلق الوحيد، فإذا نجح العمل ينجح الفريق، أما إذا فشل فأفشل لوحدي، فإذا كان كل هذا غير محفز على المركزية فسيكون هناك كلام آخر!. خوف من الفشل و أوضح أنه يخاف الفشل أكثر من الحروب، قائلاً:” تراكم الخبرة بما يعادل 25 سنة، إلى جانب الدراسة، والفضول، والطفولة الكبيرة التي أتمتع بها، والدونجوان القابع داخلي، فأنا مثل دونكيشوت أحارب كل الطواحين ولا أسمح لنفسي بالفشل. وعن أهمية البرنامج، أشار إلى أن البرنامج رغم تمحوره حول الحركة الفنية التشكيلية في الإمارات، ورغم جمالية الصورة، والموسيقى، إلا أنه قريب من التوثيق والأخبار والأرشفة، إنه فني إخباري، يرصد علاقة الفنان بالمكان والمرجعيات الثقافية المختلفة. ويؤكد أن أي عمل تلفزيوني مشهدي مرئي ومسموع يعتمد نجاحه على عدة عوامل، أهمها عنصر المتعة، فمهما كان الموضوع علمياً أو فنياً، إذا لم يكن هناك عنصر تسلية، فإن المشاهد لن يتردد في تغيير المحطة. لذلك فإن اختيار الموسيقى مع الصورة كافٍ لإنجاح أي عمل مرئي ومسموع..حتى ولو غابت الكلمة. ويقول عن الكلمة كمؤثر صوتي إنها أحيانا تدخل الكلمة لتبلد الحالة، و لكن باعتبار أن التلفزيون يتوجه إلى كافة شرائح المجتمع، بعيداً عن النخبوية، تأتي الكلمة لتبسط الموضوع و تسهل إيصال الفكرة. لغة عالمية أما عن الموسيقى التصويرية، وتوظيفها لأعمال عالمية، أضاف: بالنسبة لي الموسيقى ليست محددة بشعب من الشعوب، هي مثل الهواء والماء، رغم خصوصية موسيقى الشعوب، فمن يستمع إلى السمفونية التاسعة لبتهوفن يشعر بالفرح، كذلك الأمر من يستمع إلى الجناز الغنائي “ ريكوويم”، يشعر بالحزن والآسى، المؤلف الموسيقي غوستاف ماهلر، في سمفونية “ العظمة” دير تيتان” عمل” المشية الجنائزية”، استخدم فيها أغنية الأطفال المعروفة” فريرو جاكو”، الأخ جاك نقلها من الميجر إلى المينر فتحوّلت من عالم الفرح إلى عالم الحزن. وبكل الأحوال فقد استخدمت موسيقى كلاسيكية وموسيقى عربية شرقية. علاقة تبادل وأوضح أن العلاقة مع الفنان علاقة تبادل، فأحياناً يحرضني الفنان على الإبداع، وقد استخدمت موسيقى شرقية للشيخ إمام ومارسيل خليفة وزياد الرحباني، فكان لقائي مع الفنان علي العبدان و ثقافته الواسعة، تجربته الفنية والإنسانية، رسمه “ للزغرتي”، جعلتني أشعر أنه يشبهني، وهذا انعكس على الصورة كبعد فني، وعلى خياري للموسيقى. وحول ثقافته الموسيقية، أشار إلى أنه يستمع بشكل يومي إلى الموسيقى، مثل الرياضي الذي يتدرب ساعات يومياً، فالكاتب الذي لا يكتب ينسى، والرياضي الذي لا يتدرب تضمر عضلاته. معمل الإبداع وحول التكوين النهائي للعمل، أشار إلى أن المونتاج هو المعمل الإبداعي، فالعمل الفني يبدأ تكوينه النهائي في المونتاج، وعادة أهيئ الصورة إلى المونتاج، في اللحظة التي التقطها، في هذه اللحظة أفكر باللحظة الأخيرة.. و أوضح رمضان، أن المونتاج أساس العملية الإبداعية، “زيجا فيرتوف” هو الذي اخترع نظريات المونتاج الحديثة، كان يقول أنا في المونتاج قادر على خلق إنسان، في المونتاج أكون إنساناً أكثر. حيث يتم تركيب التشكيلة الإبداعية النص الموسيقى، والصورة بطريقة فنية والتي تعكس بالمحصلة بصمة المخرج ورؤيته.. بعد التصوير تقول فاتن حموي معدة البرنامج :بعد إنجاز التصوير، أقوم بمشاهدة ما صوّر، فأقطّعه إلى مشاهد تتماشى عموما مع رؤية المخرج، الصورة هنا تصبح دافعاً لي، ومحرضاً لأكتب النص بطريقة تتماشى أولاً مع روحية الصورة، وحرية الفنان، فحين يبدع الفنان أمام الصورة، ويعبر عن نفسه بحرية، ينعكس هذا عليّ فأكتب من فضاء الحرية، فحلقة فاطمة لوتاه، والعبدان، وواصل صفوان، ومحمد مندي، ومحمد يوسف، كتبتها بروح تتناسب تماماً مع الصورة كنص، فأن أخلق نصاً متوازياً، يعني أنني استطعت الوصول إلى أبعاد الصورة بزواياها و مساقطها المختلفة، وهنا يكون نص لي، ونص آخر للفنان كي يحكي عن تجربته، هذا التناغم يسّهل على المتفرج معرفة وإدراك ما نريده من البرنامج، النص يشد المتفرج كما تشده الصورة، لأن الكتابة أيضا تحرض الخيال وتخلق بطريقتها مجموعة من الصور. وأحيانا تكون صورة الفنان التي تصلني من خلال ما صوّر، مربكة، لأنه كان يتحرك بخجل، أو خوف، ولم يخرج إلى جنون الإبداع بالمعنى الجمالي، هنا أحاول أن أتحايل على تفاصيل كثيرة كي أكتب النص الذي يرفع من السوية. شدتني تجربة فاطمة لوتاه، ومحمد مندي، فقد كان طفلاً جميلاً أمام الكاميرا، كان يكتب الحرف بإيقاع الحب، ولوتاه كانت تعجن اللون وكأنها نغمة قادمة من مشارق الأرض ومغاربها. الطبيعة والكتابة من خلال تصوير الطبيعة، على شاطيء البحر مثلًا، كما هي حلقة محمد الاستاد، تتجسد رؤيتي للعملية الفنية، كنت أشعر أنني أمام مشهدية سينمائية، دفعتني الصورة لأكتبها ببعد عشقي تداخل فيه الشعري مع الموضوعي، فالكتابة عن الفن مهما احتكمت إلى الموضوعي يبقى الجانب الخفي من الإحساس، الشعرية، شعرية الصورة، التي تشكل لي إيقاعاً من إيقاعات النص المحبب للجمهور. و عن تركيز حمودي، على الخصوصية المكانية والزمانية في نصها، تجيب قائلة: الفنان ابن بيئته ومكانه، هو حصيلة مراحله الزمنية المختلفة والتي تكثف في النتاج، فالبيت فضاء أول للإبداع، والمدرسة، والفريج، والشارع، والطرق، والسفر، كل هذا ضروري جداً في قراءة التجربة، لأن الفن لا يأتي من محيط خارجي، وإنما هو من فضاء الداخل من مساحة الحرية، من ايقاعات اللون، من الحكاية والحب والموسيقى، من البحر والصحراء، أو الجبل، و ربما من غرفة صغيرة لكنها بحجم الكون، هذا العالم يشكله الفنان عبر منحوتاته، أو تشكيلاته التي تحمل بالضرورة شيئاً من خصوصية المكان. التركيز إذا على الأبعاد المكانية والزمانية هو ذاكرة وصور، هو خصوصية عالمية، أحاول أن أكثف هذا بلغة تصل إلى مريدي الجمال وعشاقه. الإعداد والصحافة المكتوبة عن خصوصية الإعداد، تقول معدة البرنامج فاتن حمودي، يقال إنه في البدء كانت الكلمة، على طرف آخر يقال أيضاً:” في البدء كانت الصورة”، سأقول إن علاقتي مع الكلمة تنطلق من الصورة و قبلها، فمنذ اختيار الفنان، وقراءته، ومعرفة علاقته مع المكان، من خلال مفردات البيئة، البحر، الصحراء، وربما البيت بما يحمله من خصوصية، والعلاقة مع المنتج الفني. تبدأ الكلمة معه شفاهياً، و يحضر النص في الوعي، من خلال مرجعياتي الثقافية حول هذا الفنان، خصوصيته، الخط الذي يشتغل عليه، المكان الذي أتى منه، يدخل فيها بعض المتابعات للنتاج الفني، إذا لا ننطلق من الفراغ، فتأخذ الكلمة شكل الحوار مع الآخر”الفنان”، حوار يفتح لي العلاقة مع أبعاد مختلفة في شخصية هذا الفنان أو ذاك، هذه العلاقة، تجعلني أقرأ التجربة، وأصيغ الأسئلة قبل فعل الكاميرا والتصوير. وأضافت: نهييء لمخرج العمل الأسئلة، و معلومات عن الفنان، تشكّل محاور أساسية للصورة لاحقا، وبالتأكيد تكون الأمور مرنة لأن الواقع يفرض مستجدات دائمة سواء في الحوار أو النص. أهم شيء أننا ننطلق من الأجدر بالنسبة للفنان، ثم نعود إلى مراحل مختلفة تشكل مفاصل هامة في تجربته. وحول خصوصية العلاقة بين الإعداد التلفزيوني، وعملها سابقا في الصحافة المكتوبة، ذكرت أن الصحافة المكتوبة منحتها المعرفة والخبرة، والنقل الموضوعي، حيث تقول فاتن: من خلال عملي سنوات طويلة في الصحافة ، تعرفت على التجربة الفنية الإماراتية، روادها، والأجيال التي أتت بعد جيل الرواد، أجريت الكثير من الحوارات، والتغطيات، وحضرت الكثير من المعارض والبيناليات، كل هذا شكّل مفتاحاً من مفاتيح الإعداد، إضافة للقراءة والمتابعة وتصفح الانترنت، والمواقع التي أصبحت تشكل إحدى المرجعيات الثقافية لي إلى جانب بعض ما يكتب في الدوريات. وترى فاتن أن ما كتب عن تجربة الفن التشكيلي الإماراتي لا يوازي التراكم الفني لهذا الفن، فالمصادر عموماً شحيحة، والكتابات الصحفية نادرا ما تأخذ بعداً نقدياً، إلا في بعض الحوارات التي يركز فيها الفنان المثقف على قراءة تجربته بشكل ملفت، ولكن ما يسهل لي المهمة، هو أني أجريت الكثير من الحوارات، فعرفت خلال عشر سنوات الكثير عن هذا الحركة، وهذا بالتأكيد يسهل لي مهمة الكتابة، و أعتقد أن هناك ضرورة معرفية لقراءة التجربة سواء في الصحافة المكتوبة أو المرئية من أجل تسليط الضوء، وأخذ كل تجربة حقها ولو ببعد نسبي، وهذا يفتح أمام الشباب من المبدعين باباً من أبواب المعرفة كي يتعرفوا إلى آباء الفن التشكيلي الإماراتي، وتكون دافعاً لهم للإبداع والتجديد معاً.
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©