الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزعابي.. صانع الأبواب وخازن أسرار الحرف القديمة

الزعابي.. صانع الأبواب وخازن أسرار الحرف القديمة
9 ابريل 2013 20:48
رغم تغير الكثير من تفاصيلنا اليومية، بفعل نمط الحياة السريع، إلا أن صناع الحياة على امتداد إماراتنا الحبيبة يتعاطون مع الأمور ببساطتهم وبأدواتهم البدائية، ليشكلوا فيما بعد مستقبل وحاضر هذه البلاد التي تقف شامخة وفاتحة أبوابها أمام العالم. وظلوا يستفيدون كثيرا من أدوات الحياة التي عاشت معهم، وإذا كان الإنسان في الإمارات قد استفاد من النخلة في بناء مسكنه التقليدي، فإنه استفاد أيضا من شجر «القرط والسدر واللوز والجز وجريد النخل»، لصناعة أبوابه وشبابيكه، وكل هذه الأشجار محلية كانت موجودة فيما بين الناس، وهذا ما يفسر مهارة الإنسان في السابق في توظيف كل ما تقع عليه عيناه من الأشياء والاستفادة منها. إبراهيم العسم (رأس الخيمة) - عبيد سعيد موسى الزعابي أحد صناع أبواب الحياة، يقول لـ «دنيا الاتحاد»: «تعلمت المهنة من والدي يرحمه الله، والذي كان يصر على اصطحابي معه إلى ورشته لصناعة السفن الكبيرة وذلك لمساعدته، وتشربت المهنة وتعلمت منه كيف تكون صناعة الجالبوت والسبوك والشاحوف والبوم وكلها مسميات للسفن في فترة تمثل مرحلة مهمة في تاريخ الإمارات والخليج العربي بشكل عام». ويضيف قائلا: «بعد وفاة الوالد واصلت المسيرة فترة من الزمن، لكنني توقفت عن صناعتها، بعد أن تراجعت أغلب المهن الإماراتية القديمة، إلا أنني تحولت إلى صناعتها بأشكال مختلفة لتباع للسياح كنوع من الهدايا التذكارية، أو لهواة جمع التحف والقطع التراثية في منازلهم. مشيرا إلى أن الهدف الحقيقي من وراء صنع مثل هذه المجسمات التذكارية هي المحافظة على تراثنا الغالي ونقله إلى الخارج من خلال بيعة إلى السائحين الأجانب، موضحاً أن الغرض ليس تجاريا بقدر ما هي نظرة تراثية لهذا العمل». المنزل.. متحف صغير وأول ماجاءته الفكرة، فكر الزعابي في المكان، وهل سيكون محلا تجارياً برخصة تجارية أم سيتخذ مكانا ما في منزله، إلا أنه حسم الجدل النفسي بإقامة محل تجاري يبيع من خلاله هذه التحف. وقد حقق ربحا سريعا لا بأس به، إلا أنه ومع مرور الوقت، تحول المحل إلى مجلس للأصدقاء والأحباب، ومن ثم أثر هذا على حركة السواح وعلى المحل، وتدريجيا تراجعت نسب البيعو فقرر إغلاق المحل واتخذ من مجلس المنزل متحفا صغيرا لعرض منتوجاته من هذه الصناعات، وأصبح يعتمد على الزبائن الذين يعرفونه فقط. ويضم متحف الزعابي جميع الصناعات التراثية من أبواب قديمة مختلفة الأشكال والأغراض وطاولات والسـفن الصغيرة والكبيرة التي استخدمها الآباء والأجداد في السابق وبأنواعها ومسمياتها المختلفة، وكذلك الصناديق وكل الصناعات الخشبية التي كان يستخدمها الإنسان الإماراتي في السابق. عمق تراثي وحول تراجع مثل هذه الحرف يقول الوالد عبيد سعيد متحسرا، إن هذه الصناعـات وهذه المهن تمثل تأكيدا قويا على مهارة الإنسان الإماراتـــي وحاضـره وتفــوقه في إعمار هذه الأرض. مشـيرا إلى أن هـذه المهن اندثـرت كحـال بقية الحـرف الأخـرى التي ســاهمـت في إعطاء الإنسان الإماراتي عمقا تراثيـا استفادت منه هذه الأرض الطيبـة في حقبـة زمنية مهمة. وأضاف أن عددا قليلا يكاد لا يتجاوز أصابع اليد من المواطنين هم مهتمون ويصنعون مثل هذه الصناعات، مشيرا إلى أن على وزارة الثقافة والجمعيات التراثية الاهتمام بهذه الصناعات وتنميتها من خلال احتضان العاملين فيها وتدريب الأجيال القادمة عليها من خلال ورش العمل، مشيرا إلى أنه وزملاءه مستعدون لتعليم هذه الأجيال حرف الآباء والأجداد التي لا تزال تقاوم الزمن نتيجة التمسك بها. مهارة خاصة في صناعة الأبواب عن صناعة الأبواب بشكل خاص، يقول الزعابي إنها تحتاج إلى مهارة خاصة كأغلب الحرف القديمة، فإلى جانب الدقة في اختيار الخشب تحتاج إلى مهارة خاصة في النقش والقص والتركيب، وللباب في الإمارات اهتمام كبير، شأنه شأن باقي الحرف، لم لا.. وهو الخازن لأسرار حياة الناس وحاميهم من كل عثرات الحياة وهو العتبة الأولى لمساكن الروح على هذه الأرض الطيبة.. موضحا: تغيرت الأبواب عما كانت عليه سواء في شكلها البنائي أو في شكلها المعنوي الراسخ في النفس، فتفاصيل الحياة الجديدة غيرت كل شيء، وأصبحت هناك أبواب تفتح باللمس أو براحة اليد أو بأصابع الكف، حتى الأبواب التي يرسمها الإنسان في نفسه تبدلت وأصبحت هشة بفعل نمط الحياة السريع.. فهل يجوز لنا أن نطلق بعد كل ذلك على الباب بأنه «باب للحياة»؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©