الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساخرون

ساخرون
13 يونيو 2010 20:18
حب ودموع ووحش وطيور كانت معنوياتي في مرحلة المراهقة هابطة كأنها نعال تحت قدمي بسبب الترهّل الجسدي، وكان كل شيء فيّ معطوباً سوى فمي الذي كان يعمل باستقلالية. اعترفتُ بدموع عيني أمام المرآة بأنني كـائن لا يستحق حتى الالتفات إليه، وعدت خطوات إلى الوراء لأرى الوضع بشكل كامل، فوجدت أنني لو قطعت يديّ ورجليّ لأصبحت كرة متكاملة الاستدارة. كان هذا الاعتراف مع الأيام الأولى للإجازة الصيفية وانتقالي إلى الصف العاشر، أي أن أمامي ثلاثة أشهر كاملة. وتصادف في الأيام نفسها أن وقع قلبي في أسر رموش عيني فتاة في المنطقة، ونشأ بداخلي الدافع الذي يستحق من أجله أن ألجم فمي و«أتلحلح». استيقظتُ في اليوم التالي عند الرابعة فجراً، وخرجت من المنزل في الظلام والجو المشبع بالرطوبة وبدأت في الجري، لكن لم أستطع أن أجري إلا المسافة بين برميلي قاذورات كانت تتوزع على طول الشارع، ويفصل بين كل برميل وجاره مسافة لا تتعدى المئة متر، فقد شعرت بآلام غير مسبوقة وكنت ألهث مثل كلب لكن بحجم وحيد قرن. في اليوم التالي كدتُ أن أمشي إلى المكان على يدي بسبب التشنّج الشديد في عضلات قدمي، لكنني استحضرت وجه فتاتي وحددت هدفاً أكبر وهو البرميل الثالث، فرحلة الألف برميل تبدأ بخطوة واحدة، وصرتُ مثل ذلك الأرنب الغبي الذي يركض نحو الجزرة المربوطة بالعصا. بقيت أطارد محبوبتي بين البراميل إلى أن وصلت إلى نهاية الشارع محققاً مسافة كيلو متر واحد، وهي مسافة قصيرة إلا لمن كان كرشه كبيراً. بعد أقل من شهر كنت آخذ دورة كاملة حول المنطقة. ومع الأيام أخذ وزني يتراجع. كان الجري مرحلة واحدة من مراحل مشروع إذابة طبقات الشحم واللحم، فهناك مراحل أخرى تسبّبت في اشتعال بطني. فقد كنت أشرب كوبي عصير برتقال بعد العودة من الجري، ثم أنتظر إلى أن يفتح مطعمي المفضّل أبوابه، فآكل عنده طبقاً من «الكيما» بعد أن أغطيها بشطة حارة، وفي طريق العودة إلى البيت أدخّن بعض السجائر لإثبات الرجولة. ولأنني كنت من مدمني الغازات عدوّة الحِمية، فقد استبدلت مشروب «إينو» بالمشروبات الغازية، وهذا الـ«ENO» يعد من أبناء عمومة الأدوية، ويستعمل فقط في حالة الإكثار من الأكل، ولكنني كنت أشربه كلما شعرت بالعطش، وكان عشائي يتكون من المخللات فقط. حرق مراحل مشروع إذابة الشحم شعلل بطني وتعرض جداره إلى ثقوب، وأمسك الطبيب رأسه حين وصفت له تفاصيل المشروع، فالبرتقال الحامض على الريق مصيبة، والشطة الحارة مصيبة أكبر، والمخللات في البطن الخالي تصبح تنيناً متوحشاً، واستبدال «الإينو» بالماء مثل شرب ماء النار، والتدخين يشعلل كل شيء. بقيت أكثر من سنتين أعاني من آلام حارقة في بطني، وتخيلت أن وحشاً يعيش في معدتي، لأن الآلام لا تتوقف إلا حين أبدأ في الأكل، وسرعان ما تعود بعد ساعة أو ساعتين، وهكذا طيلة اليوم، يجب أن آكل ليشبع الوحش. ولأن النائم لا يأكل بالبداهة، فإنني كنت أقوم من نومي ببطن مشتعل ووحش يلح وعينين تبكيان وطرقات بيدي على غرفة والديّ، أستنجد بأمي لعلها تفعل لي شيئاً. هرع أبي إلى كتبه الطبية القديمة بحثاً عن علاج يقضي فيه على الوحش الذي استقر في بطن ابنه المتوحش. قال إن الطب القديم ينصحني بالابتعاد عن الغازات، والحمضيات، والدهنيات، والفلفليات، والدخانيات. قلت في نفسي: وماذا تبقى لي يا أبي؟ لم آخذ بنصيحة الطب القديم كما هي، لكنني خففت من كل شيء، وبدأت آكل لحم الطير بناء على نصيحة والدي. بعد سنتين لم أعد أشعر بالوحش، وفي الوقت نفسه ازداد وزني من جديد، لأنني كنت آكل كثيراً طيلة السنتين لأشبع الوحش، ولم أكن أستطيع ممارسة الرياضة بسبب آلام شديدة في معدتي، وحاولت أكثر من مرة أن أجري كما كنت أفعل في الفترة الماضية لكنني لم أستطع مواصلة الجري حتى إلى البرميل الثاني حيث فتاتي تنتظرني. أحمد أميري Ahmedamiri74@yahoo.com وطني حبيبي.. ونص!! (1) أصيب أحد أفراد قبيلة من آكلة لحوم البشر بالصداع مع تقيؤ شديد، وقد عاينه ساحر القبيلة.. وبعد الفحص السريري والمخبري قال له: - إن سبب صداعك وغثيانك، أنك تأكل الكثير من المثقفين هذه الأيام! وفي رواية أخرى فقد كان يلتهم السياسيين، أما مندوبنا لشؤون القبائل فقد أكد لنا أن الرجل المصدوع كان يلتهم المثقفين والسياسيين معاً، مدعياً بأن إشارة وصلته من آلهة القبيلة تدعوه إلى تخليص العالم من الشرور والمصائب والفساد. عدا ذلك فإن المثقف ينمو ويترعرع في حضن السياسي الدافىء، رغم أن السياسي الناجح يشبه الزئبق في خواصه، إذ إنه ينزلق بسهولة وكلما حاولت أن تضع يدك عليه فلا تجد شيئاً..! هذا التواطؤ المعلن بين المثقف والسياسي أنتج طبقة- بل طبقات- من باعة الكلام وتجـار الشـعارات وأسـاتذة الـ «جلاجلا». وجولة سريعة بالريموت كونترول المنزلي على الفضائيات العربية، سوف لن تجد سوى سياسي يكذب ومثقف يبرر ويخترع المصوغات الفكرية لأكاذيب السياسي- ما غيره- تلك الأكاذيب التي لا يصدقها حتى هو شخصياً «هو المثقف وهو السياسي». حاول أن تتابع حواراً أو سجالاً أو ندوة حتى، وسوف تخرج منها أقل فهماً وإدراكاً للموضوع عما كنت عليه قبل الاستماع، لا بل إنك سوف تفقد حتى آلية التمييز بين الأشياء، وتضيع «طاستك» وبوصلتك، وتصير مجرد تائه في دول التيه. المزعج، هو أن آكل لحوم البشر الذي تركناه يعاني من الصداع والتقيؤ في أول المقال لن يقدر على ازدراد بوصة واحدة من لحم السياسي العربي أو لحم واعظ.. لأن جلودهم أقسى من جلود التماسيح، ولحومهم أقسى من لحوم التماسيح، ودموعهم أغزر من دموع التماسيح. (2) -بتقرأ إعلانات التنحيف في الجرايد؟ -بقراها ..... فكرك ممكن الواحد ينزل وزنه؟ -طبعاً ، لكن بعد ما تشوفها -شو هيه اللي أشوفها؟ - بعد ما تشوف الفاتورة اللي بدك تدفعها. (3) - شو أسرع ثلاثة كائنات في العالم؟ - الفهد والأسد..... - وشو الثالث؟ -أردني معزوم ع منسف (4) - بتصدق أنهم خدروني مرتين لما عملت العملية لأذني في المستشفى الخاص؟ - وليش مرتين مش مرة واحدة؟ - صل على النبي - عليه الصلاة والسلام - المرة الأولى عشان العملية - والثانية؟ - بعد ما شفت الفاتورة. (5) كان أحد أقدم فيلمين سينمائيين أردنيين وكان يحمل اسم «وطني حبيبي» بطولة الفنان الأردني علي هليل...لا أذكر أحداث الفيلم ، لكننا كنا نرى بطل الفيلم وهو في الطائرة التي تهبط في المطار، فيخرج البطل ويركب سيارة الى وسط المدينة.. كل هذا والكاميرا تلاحقة، ولم يصل البطل الى المكان الذي يريده إلا ويكون نصف وقت الفيلم قد انقضى. في الوقت المتبقي تبدأ مغامرات بوليسية ومطاردات مع الأشرار، لا أذكر منها سوى أن البطل يصاب بطلق ناري في قدمه اليمنى، لكنه يستمر في مقارعة الأشرار حتى ينتصر عليهم.... الغريب في الأمر أن البطل كان أحياناً يعرج بقدمه اليمنى كما هو مفترض، لكنه أحياناً كان ينسى ويعرج في قدمه اليسرى.. وقد مرت هذه الغلطة الفادحة على مخرج الفيلم ومنتجه والمراقب. لكنها لم تمر على الناس .... فقد اكتشف المشاهدون هذه الهفوة، فكانوا ينطلقون بالضحك والتصفيق حينما يخطئ البطل ويعرج باليسار. هذا البطل الذي اختلط عليه الأمر بين اليمين واليسار.... تناسل حتى أصبح 300 مليون عربي ونيف يلخبطون بين اليمين واليسار!! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©