الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيجواين وبوجبا.. هل أفسد المال كرة القدم ؟

هيجواين وبوجبا.. هل أفسد المال كرة القدم ؟
30 يوليو 2016 20:35
عمرو عبيد (القاهرة) لا حديث يعلو الآن فوق صوت الميركاتو الصيفي لكرة القدم، سوق انتقالات اللاعبين والصفقات، ولعل القارة الأوروبية العجوز هي ساحة النزال الكبرى التي تشهد «أم المعارك» ما بين أسعار جنونية من جانب أثرياء اللعبة وبين عجز وقلة حيلة من يواجه أزمات مالية لم يعهدها من قبل حتى لو كان أحد الأندية التي سطرت تاريخاً عريقاً في ذاكرة اللعبة الأشهر في العالم. وحركت صفقة انتقال الأرجنتيني، جونزالو هيجواين، مهاجم نابولي السابق وهداف الكالتشيو في الموسم الماضي، إلى البطل الإيطالي الدائم، يوفنتوس، الكثير من الغضب والألم على حال كرة القدم الآن، بعدما صار المال هو كلمة السر التي تفتح كل الأبواب المغلقة أمام من يمتلكه، وفي الوقت ذاته بات لعنة تطيح أندية أخرى إلى غياهب النسيان. هيجواين المنتقل حديثاً إلى فريق السيدة العجوز، وغريم الموسم الماضي، بات حديث الأوساط الرياضية المختلفة، خاصة الإيطالية، من حيث قيمة الصفقة الضخم وهو الأول من نوعه بين ناديين ينافسان في بطولة محلية واحدة، ومن ناحية أخرى وكما صرح ملك روما، توتي، بأنها صفقة كشفت الوجه القبيح للفكر الكروي السائد حالياً والباحث دوماً عن المزيد من الأموال، دون النظر لأي انتماء أو مبدأ ثابت. فمن يمتلك المال يتحكم بكل شيء، حتى لو رفع أسعار اللاعبين إلى حدود خرافية غير منطقية على الإطلاق، ومن لا يمتلكه عليه الرضوخ للوضع الجاري واحتمال تبعاته حتى لو أدى الأمر إلى إعلان الإفلاس.. ولم تكن صفقة انتقال هداف الكالتشيو إلى صفوف البطل هي سبب الإثارة الحالية وحدها، بل تصر الكرة الإيطالية على الاستمرار في بؤرة الضوء والنار بعد حالة الترقب المثيرة التي تصاحب مسألة رحيل بول بوجبا عن صفوف اليوفي بأرقام فلكية، كما ترصد الصحافة العالمية من جهة عكسية تماماً الوضع المتأزم الذي يمر به أكبر أندية إيطاليا، ميلان، والذي تناولت بعض التقارير في العام الماضي مسألة بيع حافلة الفريق وعدم وجود دعم مالي يكفي حتى لشراء ملابس اللاعبين، إضافة إلى تخليه عن أهم لاعبيه من أجل حل أزماته المالية المتعاقبة، ولا يختلف وضع الإنتر كثيراً عن حال شقيقه الأكبر. والحقيقة المؤكدة أن الأموال الوفيرة لدى عدد من كبار أندية أوروبا والعالم وجنون التنافس على انتقالات المواهب الشابة الواعدة، قد أفسد الكثير من الأمور في لعبة كرة القدم، وتظهر الأندية الإنجليزية ومعها عملاقا الكرة العالمية، برشلونة وريال مدريد، وغيرهم ضمن الصورة القاتمة لتأثير هذه الأموال، صحيح أن السوق مفتوحة أمام الجميع، لكن المضاربة بهذا الشكل أفسدت ولم يصلح، وهو ما دفع بمحاولة وضع قانون للنزاهة المالية للحد من هذا الاشتعال الجنوني لأسعار انتقالات اللاعبين، التي بدأت قبل سنوات قليلة ولا تزال الحرب دائرة دون النظر لجوانبها السلبية العديدة. لعل أبرز تلك السلبيات هو رحيل النجوم عن الأندية غير القادرة على تحمل تلك الحرب المالية الشعواء بين الكبار، وهو ما أبعد كثير من الفرق الكبيرة صاحبة التاريخ عن البطولات الكبرى، وبالنظر إلى دوري أبطال أوروبا نجد أن المنافسة اقتصرت في المواسم الماضية بين 3 أو 4 أندية على الأكثر، وزاد الأمر سوءاً عندما أجبرت أندية عريقة على إعلان الإفلاس والهبوط إلى درجات أدنى. والمثل الأقرب إلى الأذهان هو ما حدث مع بارما الإيطالي في الموسم قبل الماضي، وهو صاحب ثمانية ألقاب في تاريخه، منها 4 ألقاب قارية أوروبية، بعدما تم إشهار إفلاسه وهبط إلى الدرجة الرابعة في إيطاليا، حيث عانى طوال ذلك الموسم بسبب عدم قدرته على دفع رواتب اللاعبين والمدربين ووصول مديونياته إلى 218 مليون يورو، وألقى القبض على رئيسه جيامبيترو مانينتي بتهمة غسيل أموال، ورغم قيام رابطة الأندية الإيطالية المحترفة بإمداد الفريق بـ5 ملايين يورو فإن هذا لم يغير من الأمر شيئاً. وفي إطار ما حدث مع بارما آنذاك، أعلن نادي أوفي كريت اليوناني انسحابه من الدوري المحلي بسبب أزمة مالية عاصفة تراكمت في إثرها ديون هائلة، ليكون النادي الثاني الذي يغادر الدوري اليوناني بعد قرار الاتحاد هناك بهبوط نادي نيكي فولو المفلس أيضاً، ليصير الدوري اليوناني 16 فريقاً فقط بسبب توالي تلك الأزمات المالية. وعبر سنوات طويلة مضت، عقب دخول الأندية عالم الاحتراف، وعدم وضع قواعد محددة للعلاقات المالية ما بين الأندية واتحاداتها ولاعبيها، كان من الطبيعي أن تظهر تلك الأزمات في العالم كله، وكانت البداية هناك أيضاً، في إيطاليا، الأرض الخصبة لأعقد وأغرب الأزمات المالية في تاريخ اللعبة في العالم، عندما فشل نابولي العريق في الحفاظ على تاريخه الكبير وأعلن إفلاسه في أغسطس من العام 2004 بعدما بلغت ديونه ما يقرب 70 مليون يورو، وفشلت كل المحاولات الحكومية لإنقاذه. حتى أتى الفارس والمنقذ وقتها، رجل الأعمال أوريليو دي لورينتيس، لينشئ نادياً جديداً باسم (نابولى سوكر) ويبدأ منافساته من الدرجة الثالثة.. وخلال ثلاث سنوات عاد نابولي إلى الكالتشيو ونفذ لورينتيس وعده بإعادة اسم النادي الأصلي وتخطى تلك العقبة الكبيرة التي كان من الممكن أن تقضي على نادٍ كبير في عالم الكرة الإيطالية والعالمية أيضاً. وكاد لاتسيو وبارما أن يتعرضا لإشهار إفلاسهما في 2003 عقب فضيحة مالية كبرى طالت رئيس لاتسيو سيرجو كرانيوتي وأيضاً كاليستو تانسي مالك بارما وقتها، بعدما ثبت تلاعبهما وتحايلهما على الضرائب والقانون بإيطاليا، بالإضافة إلى تكوين شركات وهمية وإعلان إفلاس صوري لها وقروض بملايين بلا غطاء وغيرها من عمليات غسيل الأموال.. وأفلت الناديان بمعجزة من إعلان إفلاسهما بفضل محامين أذكياء، خاصة عقب الحكم بسجن رئيسي الناديين، إلا أن التاريخ أعاد نفسه بقسوة هذه المرة قبل عام ونصف تقريباً وقضى على مسيرة بارما حتى إشعار آخر. كما تعرض فيورنتينا الإيطالي أيضاً لنفس الأزمة العام 2002، وأُشهِرَ إفلاس ممثل مدينة فلورنسا قبل أن يهبط إلى الدرجة الرابعة بسبب ديونه المتراكمة، واضطر مالكه الجديد دييجو ديلا فالي صاحب مصانع الأحذية والجلود إلى إعادة إنشاء ناديه باسم جديد هو فيورنتينا فيولا مع تغيير قميصه.. وبعدها بعام واحد استعاد النادي اسمه الأصلي وتصميم قميصه المعروف قبل العودة مجدداً إلى دوري الدرجة الأولى العام 2004. بروسيا دورتموند هو الآخر تعرض لأزمة مالية طاحنة العام 2002 وكاد أن يعلن إفلاسه بسببها، إلا أن بايرن ميونيخ قام بعمل رائع قد لا يمكن تخيله في عالم كرة القدم، أو في أي مجال آخر، عندما قام بإقراض غريمه القوي في الدوري الألماني 2 مليون يورو ليخفف من حدة أزمته المالية، وهو ما حدث وانتعشت خزائن دورتموند بعدها مع حلول العام 2005، وأكد رئيسه هانز يواكيم فاتسكه أنه يدين بالفضل الكبير للنادي البافاري العريق في إنقاذه من شبح الإفلاس. ليستر.. الأمل المؤقت القاهرة (الاتحاد) تظهر تجربة فريق ليستر سيتي الفائز بالدوري الإنجليزي في الموسم الماضي كبارقة أمل قد تضىء طريق التغيير نحو كرة قدم قادرة على التخلص من لعنة المال.. إلا أن الضغوط التي تمارسها الأندية الثرية على ثعالب الفريق من أجل الانتقال إليها، وهو ما نجح مع البعض ولا يزال الباب مفتوحاً أمام آخرين، قد يقضي سريعاً على هذا الأمل، لتستمر سطوة المال فوق رقاب أندية كرة القدم في العالم أجمع!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©