الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التعاون ضرورة لبناء مستقبل مستدام

12 يناير 2014 21:54
في الوقت الذي تعمل فيه الأسواق الناشئة على استعادة التوازن لاقتصاداتها، من الضروري توسيع نطاق التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة في مجال السياسات عموماً وتحديداً في قطاع الطاقة، حيث إن تغير أنماط الاستهلاك والإنتاج تزيد من تعقيد الاتجاهات العامة. ولا يقتصر الأمر على تحول اتجاه خريطة الطاقة العالمية نحو الشرق، إذ يشهد كبار منتجي الطاقة التقليديين مثل المملكة العربية السعودية طلباً متزايداً، في حين تشهد الأسواق عالية الاستهلاك مثل أميركا الشمالية تطورات مهمة في مجال الإنتاج بفضل ابتكار تقنيات وأساليب جديدة. كما أن أنماط التجارة الجديدة والتقدم التكنولوجي تفتح أفاقاً جديدة لتكامل الأسواق العالمية وإصلاحها، مما يشكل حافزاً مشتركاً لاستقرار السوق وتشجيع الاستثمار. وفي هذا السياق، أصبح من الضروري مواجهة التحدي الكبير المتمثل في الحد من تداعيات ظاهرة تغير المناخ العالمي خاصة أن جهود خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة العالمي قد تباطأت. ولكي يتسنى لنا بناء مستقبل مستدام مع ضمان تحقيق أمن الطاقة والازدهار الاقتصادي، لابد من بذل المزيد من الجهود وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية لإبقاء الباب مفتوحاً أمام إمكانية تحقيق أهدافنا المتعلقة بخفض البصمة الكربونية حتى عام 2020، فضلاً على ضمان وضع إطار عمل شامل للحد من الانبعاثات الكربونية على المدى الطويل. وبما أن قطاع الطاقة مسؤول عن ثلثي انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم، فإنه يلعب دوراً محورياً في الحد من تداعيات تغير المناخ. ويعطي التقرير الذي أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ‏IPCC? ? مؤخراً? ?فكرة? ?حول? «?ميزانية? ?الكربون?» ?أي? ?كمية? ?غاز? ?ثاني? ?أكسيد? ?الكربون? ?التي? ?يسمح? ?لنا? ?بإطلاقها? ?لتكون? ?أمامنا? ?فرصة? ?بنسبة ? ?50 ?? ?للحد? ?من? ?ارتفاع? ?درجات? ?الحرارة? ?على? ?المستوى? ?العالمي? ?بمقدار? ?درجتين? ?مئويتين? ?على? ?المدى? ?الطويل.? ?ومن? ?خلال? ?النظر? ?إلى? ?هذه? ?الميزانية? ?في? ?الوقت? ?الحالي،? ?نرى? ?أن? ?أكثر? ?من? ?نصفها? ?قد? ?سبق? ?استخدامه،? ?ومن? ?شأن? ?الانبعاثات? ?المتوقعة? ?حتى? ?عام? ?2035? ?-? ?بدون? ?استخدام? ?تقنية? ?التقاط? ?الكربون? ?وحجزه? ?على? ?نطاق? ?واسع-? ?وفي? ?غياب? ?سياسات? ?مناخية? ?قوية،? ?أن? ?تستهلك? ?الكثير? ?مما? ?تبقى? ?من? ?هذه? ?الميزانية،? ?وفي? ?الواقع،? ?بعد? ?عام 2035،? ?ستكون? ?الميزانية? ?قد? ?استهلكت? ?بالكامل? ?تقريباً. وعليه، لابد من البدء باتخاذ إجراءات مكثفة وفعالة في هذا المجال. وفي حين يسعى مؤتمر باريس بشأن المناخ لعام 2015 (الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الأطراف) للاتفاق على إطار عمل طويل الأجل، من المرجح أن يستغرق تنفيذ تدابير فعالة فترة تصل إلى 5 سنوات على الأقل. ولكن بحلول عام 2020، من المتوقع أن تكون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية أعلى بما يقرب من 4 جيجا طن من المستوى الثابت الذي يساهم في الحد من زيادة متوسط ??درجة حرارة سطح الكرة الأرضية عن 2 درجة مئوية. ويقدم تقرير «وكالة الطاقة الدولية» الخاص بتوقعات الطاقة العالمية لعام 2013، «إعادة رسم لخريطة الطاقة والمناخ» مجموعة من أربعة إجراءات يمكن أن تسهم في الحد بشكل كبير من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2020، وبالتالي إبقاء الباب مفتوحاً أمام تحقيق هدف عدم تجاوز الـ 2 درجة مئوية. وتشمل التدابير المتعلقة بتحقيق الكفاءة المنشودة في استهلاك الطاقة: تقليل الاعتماد على محطات توليد الكهرباء الأقل كفاءة والتي تعمل بوساطة الفحم؛ والحد من إطلاق غاز الميثان وخاصة عن طريق الحرق، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري. ولن تكون هناك أية تكلفة إضافية لتنفيذ هذه التدابير التي تشكل منهجيات عملية ومجربة لا تؤثر على تحقيق أمن الطاقة أو الاعتماد على التكنولوجيا الجديدة. وخلال القرن الماضي، جاءت معظم الانبعاثات الكربونية من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على الرغم من أن مساهمة الدول غير الأعضاء في المنظمة في الانبعاثات آخذة في الازدياد بشكل سريع. وكانت الأسواق الناشئة مساهمة رئيسية في زيادة حجم الانبعاثات خلال عام 2012، في حين شهدت أوروبا والولايات المتحدة تراجعاً في الانبعاثات بسبب الانكماش الاقتصادي والتحول من الاعتماد على الفحم إلى الغاز في توليد الطاقة. ولو وسعنا نطاق تحليلنا إلى المستقبل، فإنه من المتوقع أن يستمر تزايد مساهمة الدول غير الأعضاء في المنظمة. بالتالي، لابد من تعزيز التعاون لمعالجة هذه المشكلة، ويشمل ذلك كافة الأطراف بما فيها العاملة في قطاع الطاقة، حيث من المتوقع أن يكون لتغير المناخ العالمي تأثير كبير على إنتاج الطاقة نفسها. وتفرض الزيادة في شدة وتكرار الكوارث المناخية تحديات كبيرة تؤثر على العديد من القطاعات بما في ذلك البنية التحتية الساحلية والبحرية لمشاريع النفط والغاز. كما يمكن أن يكون لها آثار واضحة على عمليات توليد الكهرباء من الطاقة المائية، والتوقعات المتغيرة لموارد الطاقة المتجددة، وتبريد المحطات النووية، والعمليات التشغيلية والبنية التحتية لنقل الطاقة. ويجب على القطاع اتخاذ تدابير مكلفة ومرنة لضمان تحقيق أمن الطاقة في ظل تزايد التهديدات المناخية، كما يجب إيلاء اهتمام أكبر بمسألة الحد من تلك التهديدات. ومن المشجع أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي أخذت زمام المبادرة في التصدي لتحديات الطاقة ودفع عجلة التنمية المستدامة من خلال إطلاق «مصدر» مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة في عام 2006،? ?ومن? ?ثم? ?إطلاق? ?القمة? ?العالمية? ?لطاقة? ?المستقبل? ?في? ?عام2008،? ?بالإضافة? ?إلى? ?إطلاق? ?جائزة? ?زايد? ?لطاقة? ?المستقبل? ?التي? ?يجري? ?تقديمها? ?سنوياً.? ?وقد? ?ساهمت? ?هذه? ?المبادرات? ?في? ?توفير? ?منصة? ?قيمة? ?يلتقي? ?من? ?خلالها? ?القادة? ?السياسيون? ?وخبراء? ?التكنولوجيا? ?لبحث? ?الطرق? ?العملية? ?التي? ?يمكن? ?من? ?خلالها? ?المضي? ?قدماً? ?في? ?جهود? ?تنويع? ?مزيج? ?الطاقة.? ?كما? ?ساهمت? ?جهود? ?الإمارات? ?العربية? ?المتحدة? ?في? ?لفت? ?انتباه? ?العالم? ?إلى? ?الإمكانات? ?الكبيرة? ?لبلدان? ?الشرق? ?الأوسط،? ?الغنية? ?بموارد? ?النفط? ?والغاز،? ?في? ?مجال? ?تطوير? ?طاقة? ?الرياح? ?والطاقة? ?الشمسية? ?والطاقة? ?النووية? ?السلمية.? ? وبدأ جني ثمار الجهود المبذولة لتنويع مصادر الطاقة، فقد أطلقت «مصدر» في مارس 2013 محطة «شمس 1» للطاقة الشمسية المركزة باستطاعة 100 ميجاواط. وفي الرياض، قامت «أرامكو السعودية» ببناء محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية باستطاعة 3.5 ميجاواط لتزويد «مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية» بالطاقة الكهربائية النظيفة، كما تعتزم المملكة ضخ استثمارات كبيرة في مجال توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية. ومن جانبها وضعت المغرب حجر الأساس للمرحلة الأولى من مشروع ورزازات للطاقة الشمسية المركزة باستطاعة 160 ميجاواط. ومن جهتها، تخطط بلدية مدينة مكة المكرمة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لتلبية احتياجات مختلفة بما في ذلك إنارة الشوارع. وتعكس كل هذه المشاريع والخطط حقيقة أن العمل لا يقف عند حدود الحكومات المحلية فقط. فعلى مستوى المدن والمستوى الإقليمي، هناك مجال واسع لتطوير استراتيجية شاملة للنهوض بقطاع الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة استهلاكها. ويمكن من خلال تنويع مزيج الطاقة المحلي في الدول الغنية بموارد الطاقة، تحسين مستوى أمن إمدادات الطاقة العالمية عبر توفير كميات أكبر من الوقود الأحفوري لأغراض التصدير. وستتطلب مواجهة هذه التحديات الاقتصادية والبيئية توحيد الجهود الدولية في مجال الطاقة على أعلى المستويات، إضافة إلى التركيز على حوكمة قطاع الطاقة. وتمثل وكالة الطاقة الدولية المرجعية الأولى في مجال سياسات الطاقة العالمية، حيث تتمثل رسالتها الرئيسية في ضمان تحقيق أمن الطاقة على المستوى العالمي مع المساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة وتعزيز الازدهار الاقتصادي، وهو ما يتطلب العمل مع أطراف أخرى غير أعضائها التقليدين. ولهذا السبب، عملنا على تجديد اتفاقياتنا الثنائية مع شركائنا الرئيسيين، ونبحث حالياً تعميق علاقاتنا مع البلدان الغنية بمصادر الطاقة غير الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية. ولكي نتمكن من تحقيق أمن الطاقة المستدام، لابد لنا من اتخاذ إجراءات حاسمة على المدى القصير والبعيد، وتعزيز أواصر التعاون الدولي في هذا المجال. * المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©