الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء يرسمون «خريطة طريق» لعبور الاقتصاد المصري أزمة الدولار

خبراء يرسمون «خريطة طريق» لعبور الاقتصاد المصري أزمة الدولار
30 يوليو 2016 19:51
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) رسم 5 خبراء اقتصاديين «خريطة طريق» لعبور الاقتصاد المصري أزمة الدولار التي يعاني منها منذ فترة، وتعدى خلالها لأول مرة في تاريخه حاجز 13 جنيهاً في السوق الموازية، قبل أن تلتقط العملة الأميركية أنفاسها، مع إعلان الحكومة دخولها في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات. وأجمع هؤلاء في استطلاع رأي لـ«الاتحاد»، على ضرورة أن تضع الحكومة حزمة إصلاحات اقتصادية نقدية ومالية، تترافق مع تحرير جزئي أو كلي لسعر الصرف، تقضي به تماماً على السوق الموازية، وأن تستهدف خفض معدلات التضخم التي قاربت على 15%، وذلك للحد من الارتفاعات المتلاحقة في أسعار السلع، وسط مخاوف من أن يتحمل محدودو الدخل العبء الأكبر لسياسة التحرير المرتقبة، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ووصلت إلى القاهرة بعثة صندوق النقد الدولي لبدء مفاوضات مع الحكومة المصرية تقول وزارة المالية، إنها تستهدف التوصل إلى اتفاق لإقراض مصر نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات بواقع 4 مليارات دولار سنوياً، الأمر الذي من شأنه أن يخفف من معاناة الاقتصاد المصري من ندرة العملة الأميركية، ويؤدي إلى علاج تفاقم عجز الموازنة الذي يتوقع أن يصل إلى 319 مليار جنيه في الموازنة الجديدة. ويحمل غالبية المصريين ذكريات مؤلمة مع صندوق النقد الدولي خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، عندما طالب الصندوق حكومات مصرية متعاقبة بتطبيق حزمة إصلاحات اقتصادية يُتوقع أن تكون هي ذاتها في المفاوضات الحالية، وتتركز على إلغاء الدعم نهائياً عن أسعار الطاقة والمنتجات البترولية والكهرباء والمياه ورفع رسوم الخدمات. سعر توازني أم تعويم؟ قال الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، إن الهدف الأساسي أمام البنك المركزي حالياً يجب أن يتركز في توحيد سعر الصرف عند السعر الحقيقي الذي يجب أن لا يزيد على 10,5 جنيه للدولار، ولكن يشترط أن يسبق ذلك حزمة من الإجراءات الاقتصادية تتمثل في تطبيق سياسة نقدية تستهدف خفض معدلات التضخم إلى أقل من 10% من المستوى الحالي البالغ 14%. وأضاف أن من بين الإجراءات والأهداف المطلوب العمل عليها، زيادة احتياطي مصر من النقد الأجنبي من مستواه الحالي 17,5 مليار دولار إلى ما لا يقل عن 30 مليار دولار، ليتمكن من إشباع احتياجات كل المتعاملين في سوق الصرف الأجنبي (60 مليار دولار)، دون مضاربات من قبل مافيا تجار العملة. وقال: «يجب الأخذ بعين الاعتبار الأثر التضخمي لضريبة القيمة المضافة التي يجري مناقشتها حالياً من قبل البرلمان، وتعد أحد تدابير برنامج الإصلاح الاقتصاد، وأن يتم ذلك في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي على مدار السنوات الست القادمة، بحيث نبدأ بعلاج الاختلالات المالية في كل من الموازنة وميزان المدفوعات والسيولة النقدية علي مدار عام ونصف العام بدءاً من يناير 2017 بدعم مالي وفني من قبل صندوق النقد الدولي للمساعدة في تطبيق تلك الحزمة المتناغمة من السياسات المالية والاقتصادية. وعلى عكس الفقي الذي يدعو إلى سعر توازني لسعر الصرف بين السوقين الرسمي والموازي، ترى الدكتورة عالية المهدي أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن لا مفر أمام الحكومة المصرية للتخلص من أزمة الدولار، إلا بتعويم كامل لسعر الصرف. وقالت: «سعر الصرف محرَّر بالفعل في السوق السوداء أو الموازية، ورجال الأعمال المصريون يتعاملون على أساسه، في حين أن الدولة بحكومتها وبنكها المركزي، هي الوحيدة التي لا تدرك هذه الحقيقة أو تدركها ولكن لا تريد أن تعلنها رسمياً». وأفادت بأن طريقة التعامل مع أزمة الدولار التي تعاني منها مصر حالياً، يجب أن تنطوي على 3 أبعاد: الأول، هيكلي، بمعني التعامل مع أسس انخفاض موارد العملة الأجنبية المعروفة، وكيفية زيادتها بسرعة وحسم، كما يشمل خروج العملة الأجنبية الموجودة بالسوق، ولكن بعيدة عن القنوات الرسمية لتمر من خلالها وتعمل في النور. وأضافت المهدي أن البعد الثاني لعلاج الأزمة الدولارية يكمن في أسلوب تحديد سعر الصرف نفسه ووضوحه في البنوك وشركات الصرافة، ذلك أن سياسة القمع والقيود لا تصلح مطلقاً ولا تحل أي أزمة بل تزيدها، فالمستثمر الأجنبي لن يأتي لمصر وهذا الموضوع لم يُحسم بعد، كما أن تحويلات العاملين المصريين بالخارج لن تحوَّل إلى البلاد في المسارات الرسمية عند سعر صرف رسمي غير واقعي مطلقاً. والبعد الثالث -كما استطردت- يخص الإجراءات المتضاربة والتصريحات الخاصة بالبنك المركزي التي تثير بلبلة أكثر ما تعالج الأمور، على حد وصفها. مضيفة: «الأبعاد الثلاثة مجتمعة يجب أن تسير معاً لعلاج الأزمة، أما فكرة أن الوقت ليس ملائماً لتحرير سعر الصرف فهي فكرة عقيمة، لأن تحرير العملة أمر واقع للجميع باستثناء القيادات المصرفية». وبيّنت أنه في ظل حالة الانتظار والترقب يرتفع سعر صرف العملة الأجنبية وتختفي من الأسواق، ويصبح السؤال: لماذا التأخير في إعلان القرار الذي يعتبر محسوماً؟ هل من المتوقع مثلاً أن تهبط ثروة من العملات الحرة على مصر فجأة، فينخفض سعر الصرف إلى 4 جنيهات للدولار كما وعد محافظ البنك المركزي؟ أم أن التأجيل مجرد خوف من المجهول؟ وطالبت المهدي الحكومة بحسم قضية سعر الصرف غير الواقعي الذي قالت إنه يشل حركة الاقتصاد، ويمنع المستثمرين الأجانب والمصريين كذلك من الاستثمار، داعيةً أيضاً إلى اعادة النظر في السياسات النقدية والمالية، بهدف تحريك الاقتصاد في الاتجاه السليم. محدودو الدخل من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، أن تعويم الجنيه أمام الدولار يجب أن يأتي بناءً على دراسة متأنية تراعي كل الظروف والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أنه في حال اتخاذ قرار بترك سعر العملة لقوى العرض والطلب، يجب أن يرافق ذلك حزمة من الإجراءات، أبرزها رفع تنافسية المنتج المصري، وترشيد الاستيراد الترفي أو الاستهلاكي الذي يكلّف سنوياً بين 10 و14 مليار دولار. وبيّن أن الواردات المصرية ارتفعت خلال العام الماضي بنحو 7 مليارات دولار لتصل إلى 75 مليار دولار مقارنةً مع العام 2014، في حين أن النقد الأجنبي المتوفر للبلاد في أفضل مستوياته يصل إلى 20 مليار دولار، هي إجمالي الاحتياطي النقدي للبلاد، والتدفقات النقدية الدورية، وجميعها لا تلبي حاجة الشركات وفاتورة الواردات السنوية. وأشار إلى التداعيات السلبية التي ستترتب على قرار تعويم العملة المصرية في حال اتخاذه، أبرزها ارتفاعات جديدة في أسعار السلع، وارتفاع معدلات البطالة، لذلك يتفق مع الفقي في ضرورة التوصل إلى سعر صرف توازني للدولار، يجمع بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية. الأمر ذاته، أكده الدكتور أحمد أبو السعود أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الاقتصادية، مطالباً بالتأني في اتخاذ قرارات جديدة سواء بخفض قيمة العملة المصرية أو تحرير صرفها تماماً. وأوضح أن القفزات المتلاحقة في سعر الدولار أدت إلى ارتفاعات قياسية في أسعار السلع في الأسواق، وبات هناك إحساس عام لدى المصريين بعدم القدرة على تحمل مزيد من ارتفاع تكاليف المعيشة، بسبب ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها، وأضاف أن أي إصلاحات اقتصادية يجب أن تستهدف التخفيف من وطأة المعاناة عن محدودي الدخل، الأمر الذي قد لا تجده الشرائح الاجتماعية الأقل دخلاً والتي ستتحمل العبء الأكبر من تكلفة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، داعياً إلى التوسع في برامج الحماية الاجتماعية التي تطبقها الحكومة بحيث تمتد إلى كل الشرائح الفقيرة والأشد فقراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©