الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استقالة مشرف··· إرباك للحرب على الإرهاب

استقالة مشرف··· إرباك للحرب على الإرهاب
20 أغسطس 2008 00:41
استبق الرئيس برويز مشرف الإجراءات الوشيكة لمساءلته في البرلمان، وأعلن استقالته من منصبه أول من أمس الاثنين· وتأتي هذه الاستقالة، بعد شهور من الاعتراف المتأخر من جانب الأميركيين، بأن الرئيس الباكستاني قد بدأ يفقد فعاليته تدريجياً في الحملة ضد الإرهاب· وهذا القرار يزيح من على المسرح السياسي الباكستاني، رجلاً خدم الولايات المتحدة لمدة ثماني سنوات تقريباً، كواحد من أكثر الحلفاء أهمية، وأقلهم على الإطلاق من حيث إمكانية الاعتماد عليه! يأتي هذا القرار الآن، ليضع أمام المسؤولين الأميركيين مهمة التعامل مع التحالف الجديد المنتخب، الذي أثبت حتى الآن أنه غير راغب، أو غير قادر، على مواجهة تمرد ''طالبان'' الآخذ في الاتساع، والمصمم على إطاحة الحكومة· في خطاب عاطفي متلفز، حاول فيه شرح الأسباب التي دفعته لاتخاذ قراره قال مشرف: ''سواء كسبت المحاكمة أو خسرتها، فإن الأمة هي التي ستخسر''· وقال مسؤولون حكوميون إن مشرف سوف يبقى في باكستان، ولن يتم تقديمه للمحاكمة· ومن المتوقع أن يثير السؤال الخاص بمن سيخلف مشرف، نزاعاً عنيفاً بين الأحزاب السياسية المتنافسة، التي يتكون منها الائتلاف الحكومي الحاكم، وأن يضيف المزيد من الاضطراب إلى أمة مسلحة نووياً، تعداد سكانها 165 مليون نسمة، تعاني أصلاً من عدم الاستقرار· وسيجد مسؤولو الإدارة الأميركية أنفسهم الآن مضطرين إلى إيجاد حلفاء من بين أعضاء الحكومة المدنية المنقسمة، التي لم تُظهِر حتى الآن سوى اهتماماً ضئيلاً بالتصدي للمقاتلين المسلحين الذين يتخذون ملاذاً لهم في المناطق الباكستانية النائية المتاخمة للحدود مع أفغانستان· ويُشار إلى أن الحملة ضد المسلحين لا تحظى برضا الشعب الباكستاني الذي ينظر إليها على أنها جزء من معركـــة أميركيـــة مفروضـــة قسراً على بلاده، وهو ما يجعل واشنطن حريصة على مطالبة الحكومة الجديـــدة بأن تشرح للشعـــب الباكستاني أن الجهود التي تقوم بها قواتها لإخماد تمرد ''طالبان'' هو في صالح باكستان أيضاً· ومن بين أكثر المسائل التي تثير قلق الولايات المتحدة- كما يقول هؤلاء المسؤولون- تلك المتعلقة بمدى استمرارية، ودرجة الثقة في الضوابط الجديدة المتعلقة بالبرنامج النووي الباكستاني· من أسباب القلق الأساسية الأخرى، الحرب في أفغانستان التي يؤجج نارها مقاتلو ''طالبان'' و''القاعدة''، الذين استخدموا باكستان كقاعدة خلفية لتنفيذ هجمات نوعية، متفاقمة الخطورة عبر الحدود· بعد سنوات أظهر فيها مشرف عدم قدرته، أو عدم رغبته، في كبح جماح التنظيمات المسلحة في باكستان، يقول المسؤولون الأميركيون إنهم قد أصبحوا الآن أكثر تشككاً من ذي قبل في إمكانية الاعتماد على تعاون القادة العسكريين الباكستانيين بمن فيهم الجنرال إشفاق برويز كياني، الذي حل محل مشرف كقائد للجيش في نوفمبر الماضي· ومن التحديات الرئيسية التي تواجه واشنطن الآن إقناع زعيمي حزبين من الأحزاب التي تتشكل منها الحكومة الحالية وهما عاصف علي زرداري ونواز شريف بتركيز الانتباه على التمرد ''الطالباني'' المتأجج، الذي لا تقتصر خطورته على الجنود الأميركيين في أفغانستان وإنما يهدد أيضاً بزعزعة استقرار باكستان عينها· حتى الآن أخفق الائتلاف الحاكم، المنشغل بنسج المكائد الداخلية في إثبات أنه أهل لهذه المهمة، على الرغم من أن العسكريين قد نشطوا مجدداً في التصدي للمتمردين خلال العشرة أيام الأخيرة· وسعت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية يوم الاثنين الماضي إلى التأكيد على الاستمرار في الحملة ضد الإرهاب بالتعاون مع القادة الجدد في باكستان، من خلال قولها إن الولايات المتحدة سوف تواصل الضغط على الحكومة الباكستانية من أجل الاستمرار في محاربة الإرهاب داخل حدودها· أما الرئيس بوش الذي كان موجوداً في مزرعته في ''كروفورد'' فلم يعلق على استقالة مشرف· ويرجع رد الفعل الخافت من جانب المسؤولين الأميركيين على استقالة مشرف، إلى حقيقة أن الإدارة الأميركية قد توصلت إلى قناعة بأن عليها الاستمرار في تنفيذ استراتيجيتها في باكستان من دون مشرف· وكانت نهاية مشرف السياسية قد أصبحت أمراً حتمياً، بعد أن تخلى عن منصبه العسكري العام الماضي، وتعرض حزبه السياسي لهزيمة نكراء في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير الماضي· منذ ذلك الحين، ظل البيت الأبيض يتصارع مع الواقع السياسي الجديد، الذي يمتلك فيه الزعماء المدنيون سيطرة ضئيلة على مؤسستي الجيش والاستخبارات في باكستان· ويعتقد البعض داخل وكالة الاستخبارات المركزية ''سي·آي·إيه'' والبنتاجون، أن الاستخبارات العسكرية الباكستانية، قد استخدمت عملية التحول الديمقراطي في تعزيز علاقاتها مع المسلحين الذين يتخذون من مناطق باكستان القبلية ملاذاً، ينطلقون منه لتنفيذ عمليات في أفغانستان· وعدم اليقين بشأن من يسيطر على باكستان بالفعل، فاقم من الهموم المتعلقة بترسانة البلاد النووية، التي تحتوي على ما يتراوح ما بين 50 و100 سلاح نووي· وفي حين يقول المسؤولون الأميركيون علناً إنهم واثقون من أن تلــــك الترســـانة آمنـــة، إلا أنهم ظلوا طويلاً يشعرون- سراً- بالقلق بشـــأن ما يمكن أن يحدث عندما لا يصبح مشرف موجوداً على قمة بنية القيادة النووية، التي صنعها هو بنفسه· ربما كان أكبر مصدر لقلق الإدارة الأميركية، ما أطلق عليه أحد مسؤولي إدارة بوش مؤخراً ''الجهد الدؤوب'' الذي تقوم به الجماعات المتطرفة لاختراق المختبرات النووية الباكستانية، التي تمثل النواة الأساسية لبنية تحتية واسعة، يعمل بها عشرات الآلاف من الناس· ويعتقد أن بعض تلك الجهود، قد شارك فيها علماء باكستانيون تدربوا في الخارج- كما يقول المسؤولون· أما الأسلحة الباكستانية نفسها، فتشكل هماً أقل جسامة وهو ما يرجع- جزئياً- إلى برنامج سري بدأته إدارة بوش- بموافقة من مشرف- للمساعدة في تدريب قوات الأمن الباكستانية على تأمين تلك الأسلحة· ولكــــن المسؤولين الأميركيين يقولــــون إنهــــم لا يعرفون تفاصيل الكيفية التي تم بها إنفاق الأموال المخصصة للبرنامج، حيث تم الحيلولة بينهم وبين مراجعة الجوانب المهمـــة من الإجراءات الأمنية· عقب استقالة مشرف تمت تسمية محمد ميان سومرو رئيس مجلس الشورى ليتولى مقاليد رئاسة الجمهورية بالوكالة· وسوف يستمر سومرو في منصبه هذا إلى أن يتم اختيار رئيس جديد من قبل البرلمان، والجمعيات الإقليمية في أقاليم باكستان الأربعة خلال 30 يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس· جين بيرليز-إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©