الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القوزاق»: محاربو روسيا الغامضون!

20 ابريل 2014 23:28
جوشوا كيتينج محلل سياسي أميركي يوصف العديد من المسلحين الموالين لروسيا، الذين يحتلون مباني حكومية في شرق أوكرانيا، في وسائل الإعلام، أو على الأقل يصفون هم أنفسهم بأنهم من القوزاق. وما بين ذلك، والدور الذي لعبوه في حماية الأمن أثناء دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في مدينة «سوتشي» - خاصة هجومهم المصور على أعضاء فريق «بوسي ريوت»- عاد القوزاق بصورة استعراضية إلى الساحة العالمية هذا العام. وبالنسبة لغير الروس، قد يفسر ذلك بأنه أمر غير مألوف كما لو أن عساكر «الانكشارية» أو «الفرسان» عادوا فجأة ليلعبوا دوراً بارزاً في الحروب الحديثة. ولكن جذور عودة القوزاق كانت واضحة منذ فترة. والقوزاق ليسوا تماماً مجموعة عرقية أو لغوية -على رغم كونهم تقريباً في الغالب من المسيحيين الأرثوذكس- ولكنهم أكثر من مجرد وحدة عسكرية. فجذور القوزاق كما يقول البعض تعود إلى بعض الجماعات الرحالة -التي إما نجت من أن تصير من الأرقاء، أو أنها إحدى سلالات قبائل التتار التي انتشرت في جميع أنحاء جنوب شرق روسيا وأوكرانيا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر. وعلى رغم تمردها الواضح يوماً ما ضد الحكم القيصري في روسيا، إلا أنها توحدت بمرور الزمن كتشكيلات في الجيش الروسي ولعبت دوراً أساسياً في تأمين الحدود الروسية، و«تهدئة» قبائل المسلمين في القوقاز، وهزيمة قوات نابليون. وفي الثقافة الروسية يلعب القوزاق دوراً مماثلاً لدور رعاة البقر في الثقافة الأميركية، وقد جاء ذكرهم في بعض الأعمال الأدبية لأدباء روس مثل «جوجول» و«تولستوي» و«بوشكين». أما خارج روسيا، فهم معروفون بقيادتهم المذابح المعادية للسامية في عهد القيصر. ولأن معظمهم قد قاتل إلى جانب الجيش الأبيض المناهض للحكم البلشفي خلال الحرب الأهلية الروسية، فقد لقي القوزاق معاملة وحشية تحت حكم الاتحاد السوفييتي، حيث قتل منهم عشرات الآلاف، أو رحلوا أثناء الحملة التي شنها الحكم البلشفي للقمع المنظم ضد القوزاق. وعلى رغم ذلك، فقد أعادوا تنظيم صفوفهم الثقافية والسياسية خلال فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي. وقد بدأ الأمر بإصدار الرئيس السابق بوريس يلتسين عدداً من المراسم تقضي بالاعتراف بحقوق خاصة، بما في ذلك الحق في حمل السلاح، بالنسبة لجماعات القوزاق. ولكن عودة ظهورهم تسارعت وتيرتها تحت حكم الرئيس فلاديمير بوتين» الذي جعل منهم رمزاً لأيديولوجيته القومية المحافظة. وفي عام 2005، وقع بوتين مشروع قانون يتيح لمنظمات القوزاق المسجلة اختيار أعضاء من وحدات القوزاق الخاصة في الجيش الروسي، بينما أعطى لنفسه الحق في تعيين قادة القوزاق. كما تم تشكيل المدارس العسكرية للقوزاق. وتقوم دوريات القوزاق بضمان الأمن في المدن الروسية، بما في ذلك موسكو، مرتدية الزي العسكري العائد للقرن التاسع عشر. وفي إقليم «كراسنودار» حيث تقع مدينة «سوتشي» تم إدراج ألف عضو من القوزاق على قائمة الرواتب الحكومية قبل البدء في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. كما خدموا في بعض الأوقات كمعاونين ثقافيين محافظين، حيث عملوا على حماية الأقليات العرقية القادمة من جنوب روسيا، وقيادة الحملات المناهضة للأعمال الفنية المثيرة للجدل مثل فريق «بوسي رايوت» وأداء رواية «لوليتا» للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف في سانت بطرسبورج. وقد زاد بوتين من استخدام القوزاق كقوة شرَطية، قائلاً إنهم في الأغلب أكثر كفاءة من الشرطة الرسمية. أما المنتقدون فيتهمونهم بأنهم أقل تحملاً للمسؤولية من الشرطة الرسمية، قائلين إن القوزاق في العصر الحديث يعادون الجماعات العرقية غير الروسية، ولديهم علاقة فعلية ضئيلة بأولئك المحاربين الأسطوريين في الماضي. وأياً ما كان الأمر، فقد تبنى عدد لا بأس به من الناس بحماس هوية القوزاق. ففي عام 2010، تم اعتبار جماعة القوزاق كعرقية منفصلة لأول مرة، بينما أعلن 650 ألف روسي أنهم ينتمون إلى هذه الجماعة. ويقول زعماء القوزاق إن الجماعة ربما تضم 2,5 مليون عضو في جميع أنحاء العالم. ويمثل ضم شبه جزيرة القرم فرصة بالنسبة للقوزاق المحليين لأن يحظوا بمركز مفضل كذلك الذي يتمتع به أمثالهم في روسيا منذ سنوات. وقد تأمل جماعات القوزاق التي تشارك في عمليات الاستحواذ في شرق أوكرانيا تحقيق نفس الشيء أيضاً. وأثناء توقيع بوتين لمعاهدة ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، استقبل القوزاق، الذين وقفوا خارج برلمان القرم يحرسونه لأسابيع، والسيدات العجائز اللواتي ساندوهم، يرددن شعارات مؤيدة في سرور وهُتاف، محتفلين بما اعتبروه نصراً تاريخياً. وفي هذا الجو المحموم قال أحدهم يدعى «ليوبوف أوكسينينكو» وهو متقاعد: «بعد كل هذه الأعوام نلت حريتي أخيراً. أجدادي روس، وجذوري روسية، وروسيا هي وطني». جدير بالذكر أن القوزاق هم مجموعة إثنية من السلافيين الشرقيين الذين يقطنون السهوب الجنوبية في شرق أوروبا وروسيا وكازاخستان وسيبيريا. وهناك أكثر من فرضية بشأن أصل القوزاق ومن أين ينحدرون. ثمة فرضية تقول إن القوزاق هم فئة عسكرية من الناس ظهرت ضمن روسيا نفسها. ولا يوافق علي ذلك القوزاق أنفسهم، إذ يعتبرون أن أصولهم أقدم من ذلك بكثير.. ومن المعتقد عموماً أن موطن القوزاق هو خط من القلاع والحصون كان يمر من منطقة نهر الفولجا الوسطى باتجاه مدينتي ريازان وتولا ثم ينعطف نحو الجنوب ويصل إلى نهر الدنيبر في منطقة مدينتي بوتيفل وبيرياسلاف. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©