الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبده خال: هناك من آمن بروايتي وهناك من كفر بها..

عبده خال: هناك من آمن بروايتي وهناك من كفر بها..
28 أكتوبر 2009 21:55
“ترمي بشرر” هكذا اختار الروائي السعودي عبده خال عنوان روايته الأخيرة، والتي أحدثت حال صدورها الكثير من الآراء ومن علامات الاستفهام بل ومنعت عبر بعض قنوات النشر، وأحدث عنوانها وصدورها جدلاً ولغطاً في الأوساط الثقافية بكافة مشاربها الفكرية. عبده خال ذو التاريخ الطويل في كتابة الرواية والقصة جنباً إلى جنب، تمتاز رواياته عموماً بملامستها واقترابها من “الحارة” السعودية وخصوصا في منطقة تحمل زخما ثقافيا كبيرا كالحجاز. في بعض قصصه أيضا ورواياته يبدو مشدودا إلى الجنوب السعودي حيث حنينه وموطنه الأصلي. عبده خال يعمل الآن معلما في مدينة جدة ويكتب عموده اليومي عن الشأن المحلي والثقافي ويعد واحدا من أبرز الأقلام العربية روائيا، له من الأعمال السردية “الطين” و”نباح” و”الأيام لاتخبئ أحدا” و”فسوق” وغيرها. هنا حوار معه حول تجربته الروائية، أثرها وتأثراتها. - هل يعتقد عبده خال أن روايته الأخيرة “ترمي بشرر” هي منعطف لتجربته خصوصا وهي رواية تدخل بنا في عوالم جديدة من خلال الطبقات الاجتماعية المختلفة فيها ومن خلال تكنيك فني نعثر عليه في آخر الرواية؟ - يمكن امتلاك الجرأة لأقول لك نعم. لكن هذه (النعم) سأوقفها كي لا أقنع إني حققت منعرجاً جديداً في خطواتي المتلاحقة والتي استهدف في كل خطوة اخطوها في عالم السرد خلق روح لوامة. روح لا تطمئن للمشوار الذي عبرته ويبقى تحفيزها قائماً حين تهتف بي قائلة: “أنت لم تكتب شيئا بعد”. ومع كل رواية أبدأ بها أظن ـ في البداية ـ إني قادر على استخراج عشرات الشخصيات التي أغازلها كي تبوح لي بعوالمها حتى اذ انتهيت وجدت كثيرا من الشخصيات غابت ولم تحضر.. شخصيات تحمل افكاراً مجنونة، تهرب في كل مرة بأفكارها نحو هاوية سحيقة كي لا أصل إليها. ورواية “ترمي بشرر” نصبت لها فخاخا عدة ـ أثناء الكتابة ـ وكان كل فخ بحاجة الى ألاعيب وحيل سردية كي توقع تلك الشخصيات في الأسر.. هذه الفخاخ انتجت عدة تكنيكات من خلال أوعية سردية متشابكة وممتزجة لخلق حالات أو عوالم روائية تتبادل التغذية السردية كحالات الضخ اللوني على حائط كبير لتجسيد الرؤى والأفكار والشخوص بتمايز لوني داخل إطار سردي يجمع تلك الألوان المتنافرة والمتحدة معا. ومع ذلك لن أقول إني نجحت في طرد النفس اللوامة وأفضل بقاءها خير من الاطمئنان لمشوار لا أريد له أن ينتهي أبدا. التملص من العهود - هناك سرد ذاتي طويل في الرواية، هل هي محاولة منك لأن تكتب بطريقة مختلفة خصوصا مع قارئ متابع لك؟ - عندما يوجد القارئ المتابع لمشوارك الروائي عليك اتباع استراتيجية التخفي أو إيهامه بانسلاخك عما عهدك عليه، فالكتابة خلق حالة من الدهشة، وإذا فقدت هذه الخاصية فلن تغري ذاتك ـ قبل الآخر أو المتابع ـ إن لديك لعبة سحرية مبهجة تريد ان تجربها أمام الحضور أو الاصدقاء. وحين يكون الروائي محل متابعة وتربص يشعر أن عليه التملص من كل العهود المبرمة بينه وبين من يعرفه، وهو بهذا الشعور عليه أن يخذل التوقعات.. عليه ان لا يكون وفيا لظنهم كي يستطيع السير وفق ما يشتهي، وربما في رواية ترمي بشرر خيبت توقعات أصدقاء كثر حينما لجأت الى جملة ضفائر وبدأت بجدلها حتى ظن القارئ للرواية ـ في بدايتها ـ إني أتهيأ لوضع تسريحة بعينها، وعندما أيقنت ان هذا الإحساس تسلل الى نفسية القارئ نكثت تلك الجدائل وقصصتها بأطوال غير متساوية وبعضها نتفته نتفا لأبقى على فراغات داخل تلك الكثافة السردية. لذلك ربما وجد القارئ أزمنة تنفس مختلفة، تنفس ذاتي وجماعي واختناق وانعاش وموات وإفاقة وجمود ولهاث، أزمنة البوح والتنفس داخل رواية ترمي بشرر ليست وفق حالة سردية واحدة هي تمتلك الوعاء لكنها في كل فصل تفرغ محتوى وعاءها لتملأه مرة أخرى بسائل مغاير عما سبق. المكان أيضاً يظهر أكثر من شخوص الرواية هذه المرة.. أكثر من “الأيام لا تخبئ أحداً” مثلا؟ مع أن الشخوص بفقرهم وتشردهم وسيرتهم كانوا يحركون الكثير من الأحداث التي قد لا تعني مكانا محددا. - “ترمي بشرر”.. العنوان وما يشير إليه من تأويلات قد تفتح على عدة أفكار.. هل عبده خال يبحث عن عنوان رواياته كثيراً؟ ولماذا لم يأت مثل “طين” و”نباح” و”فسوق”؟ هل هناك شيء من الإثارة بغض النظر عن اتصال العنوان بالرواية تماما؟ - لا تغض النظر عن تطابق اسم الرواية مع المحتوى. فالقصر هو تكملة العنوان ولذلك كتب الفصل الاول تحت عنوان “القصر” كإشارة حتمية لتطابق العنوان مع تكملته بلفظة القصر كمنتج ثقافي سابق مترسخ في الوعي الثقافي للمجتمع، ولذلك لم يكن العنوان مجرد تسمية لحقت بالمولود بعد خروجه.. فالعنوان ـ في هذه الرواية ـ جاء متلازما مع أحداثها خاصة بعد التوطئة للحيين المتقابلين (الجنة والنار).. وحين يكون القصر هو الجنة ـ داخل السرد ـ فهذا عبث بالمحتوى الدلالي لجملة: ترمي بشرر كالقصر. وهو تخفي مبكر لحركة سرد تسعى لقلب الدلالات. وربما تكون الشخوص قابلة لأن تسكن أي فضاء مكاني روائي الا ان اعتقالها داخل مدينة جدة من البدء وتحديد المواقع على خارطة هذه المدينة، يجعل الشخصيات المتحركة داخل النص هي شخصيات ذات ثقافة يشار اليها بالتحديد. ولأن المكان ينتج أفكاره جاء التخفي الآخر باستقطاب شخصيات شاذة في مستويات عدة كي تمنح المكان منتجا ثقافيا مغايرا للمنتج الأصلي كدلالة أخرى للتبدل الثقافي. ولكي يكون القصر الحامل لمكروب أو الفيروس الذي أصاب الجميع من خلال التواصل داخل الحيز الواحد وبالتالي تعطي معنى للعدوى التي استشرت داخل المجتمع على إتيان المنكر كما لو كان عرفا مستساغا. الحاجة إلى مذنبين - وماذا عن طارق فاضل بطل الرواية؟ هل تجده داخل نسيجنا الاجتماعي بهذه الملامح وهذه التشكلات والمراحل؟ - طارق فاضل استشعر بدنسه من وقت مبكر هو كبقية الآثمين الذين يرغبون ان يتوبوا، الا ان الحياة بحاجة لمذنبين تبقيهم كأخديد يجرى بها الماء الآسن. وطارق فاضل خرج من تلك المياه الآسنة ليقول لنا إننا جميعا نحمل قذارتنا ونتخفى بها ونخرج صباح مساء لنشير الى قذارة الآخرين. كلنا يزاول لعبة الطهارة بينما نكون غارقين الى ذقوننا داخل تلك المياه الآسنة.. وكتابة الرواية هي نضح بركة الدنس التي تغطيها أقفاصنا الصدرية وجماجمنا. فكيف لو عرفت ما يجول في خاطر من يجاورك؟ حتما ستكون الحياة أكثر دناسة مما تبدو لنا، والرواية هي اقتناص اللحظة للولوج الى تلك الأقفاص والجماجم وإفراغها من محتواها.. وأنت بهذا العمل تقوم بشيء نكر.. ومع ذلك لابد من اتمام المهمة مهما كانت قذرة. - هل برأيك أخذت الرواية حقها إلى الآن في المشهد الروائي السعودي على الأقل؟ - العمل الروائي ليس حكاية فحسب، هو اختصام وتصالح وتبادل ونقض حياة متكاملة، لذلك يظل الروائي مترقباً لردود الفعل على كتابته الروائية، وكل قراءة تمسك بجانب وتترك جوانب أخرى، والى ان تصل القراءات وردود الفعل لكثير من تضاريس الرواية نقول عندها إن الرواية قرأت. هذا في ظل توفر الرواية داخل السوق الذي كتبت له في الأساس، فكيف يمكن قراءة تضاريس الرواية وهي غائبة، وهي بغيابها تصبح عوالمها عبارة عن ملخصات يلتقطها القارئ من قراءات من قرأ الرواية ويتحول الحكم على الرواية حكماً بالتبني. ومع ذلك أجد أني محظوظ بأن روايتي قرأت من قبل جملة من الأصدقاء تفاوتت آراؤهم حولها مما جعلني أستقبل كل رأي وفق موقعه الجغرافي داخل الرواية، وما كتب عنها يجعلها رواية قابلة للجدل لوقت طويل. على أية حال لم تعد رواية “ترمي بشرر” خاصة بي، فقد تحولت الى وليمة سيجد فيها المدعون ما يشتهون من القاء النعوت المادحة والذامة او يمسحون أياديهم وافواههم وهم يقولون: إنها كثيرة الدسم! لقد مددت السماط وأنا الآن أسترق السمع لمديح وشتائم المدعوين. حفر.. ودفن - هل هناك حكايات أخرى داخل عملك دفنتها بعيدا عن القارئ؟ أم تعتقد أنك قلت كل شيء؟ وهل صحيح أن بعض رواياتك ولدت أثناء كتابة رواية أخرى على صعيد فكرتها مثلا؟ - الروائي أشبه بالمنقب الأثري هو يقوم بالحفريات بحرص شديد، كما أن عمله قائم على الحفر والدفن، وفي رواية “ترمي بشرر” كان الردم (داخل النص كفعل أدى الى خلق حالات من الفزع) كان الردم السردي كثيراً كي يتوازى مع ردم البحر وإحلال حياة طارئة لها مقوماتها الاقتصادية والثقافية، ولذلك تجد ان البرزخ كانت كتابته محاولة لتأكيد ان عشرات الأحداث والشخوص تم طمرهم ولم يكن بالامكان الوقوف على كوارثهم دفعة واحدة.. بينما كان الغبار المنبعث من عملية ردم البحر وكذلك الناس، غبارا يشي بأن مدفنة كبيرة حفرت والقت بها أرواح حية. ولم يكن بالإمكان استنطاق كثير من الشخصيات التي وئدت أثناء عمليات الحفر والردم المتتالية. كما أن هناك شخصيات عصية نهضت في ثنايا النص كان ردمها مزاجيا بمعنى اغفال اسمها وطبقتها والابقاء على أفعالها التي أثارت النقع وأغلقت منافذ التهوية حتى غدا الاختناق سمة لبعض فصول الرواية، وهذا ردم أشبه بمن يقدم على القتل بصورة الوأد، أي أن تدفن الضحية وهي حية تشاهد كل تفاصيل الموت. أما بالنسبة للجزء المتبقي من السؤال (هل صحيح أن بعض رواياتك ولدت أثناء كتابة رواية أخرى) فأقول لك نعم يحدث هذا، فمع تنامي السرد تتولد شخصيات مليئة بالحياة الا أن تواجدها داخل النص المكتوب سوف يؤدي الى انحراف بوصلة السرد فيتم استئصالها وتجميدها في حافظة علها تكتب في زمن آخر. - وهل يبحث عبده خال دوما وفي كل أعماله عن رواية تدهشه هو ثم يبدأ بإدهاش القارئ؟ هل نجد ذلك في “فسوق” مثلا؟ - الادهاش سمة السرد. ومن لا يمتلك خلق لحظة الدهشة فحري به أن لا يدخل مضمار السرد.. إن الألعاب السحرية تضل قيمة مالم نكتشف اسرارها، وحين نقف على سرها الخفي تغدو لعبة مملة ومكشوفة.. والسرد نوع من السحر عليك أن لا تكشف سر الحركة التي تقوم بها مع الإبقاء على الادهاش. والرواية ليست دهشتها منحصرة في الأحداث فقط بل في مستويات مختلفة يكون مجالها: خلق الشخصية والأفكار المستحدثة والأسلوب ومستويات اللغة وهكذا... التصنيف انقياد - البعض يشير إلى أن “فسوق” هي رواية بوليسية؟ وفي زمن تجاوزت فيه الرواية هذا التوصيف وهذه الاشتغالات.. ما رأيك؟ - من يضع رواية “فسوق” في خانة البوليسية هم اولئك الباحثون عن التصنيفات، والتصنيفات هي انقياد لحالة التوازن التي ينشدها المرء بينما العمل الأدبي يكون بحاثا عن لحظة اللا اتزان.. ومن ذهب لهذا التصنيف كون السارد رجل شرطة يمكنه أيضا أن يضع رواية “الطين” في خانة الرواية النفسية او يضع رواية مدن تأكل العشب في خانة الرواية السياسية أو يضع رواية “نباح” في خانة الرواية الصحفية وكذلك الأيام لا تخبئ أحدا في خانة الرواية الاجتماعية.. أي ان التصنيف قائم على مهنة السارد وهذا إخلال فادح في القراءة.. ويبدو أن العقلية العربية قائمة على التجزئة، فالتجزئة تمكن العقل البدائي من الاحصاء ووضع كل مجموعة بجوار بعضها للحصر والتصنيف بينما العقلية التجريبية هي عقلية التوقعات الى ما لانهاية! ورواية “فسوق” ـ من وجهة نظري ـ ليست بذلك التصنيف الفج، ومن يقرأ “فسوق” بعيداً عن كرة البحث عن درج فارغ ليضعه فيها سيتمكن من قراءتها وفق التوقعات اللانهائية. تهتم كثيراً في مجمل أعمالك بالأسطوري الشعبي ـ إن جازت العبارة ـ وتربطه بالواقع من جهة أخرى.. هل ترى أن الاسطورة هي تجاوز وتحطيم سلطة الواقع؟ وهل يمكن أن تصنع أسطورة خاصة بك؟ الاسطورة لها صيرورة متفاعلة لا تقف عند زمان محدد، هي تسير عبرنا ومن خلالنا، هي الثقافة الغارقة فينا ولو تتبعت أي مفردة أو حكاية ستجد أنها ثمرة لأسطورة قديمة اختبأت جذور الاسطورة عبر التراكمات الزمنية وأبقت ثمارها في أفعالنا وعاداتنا وألفاظنا ومن هنا تصبح الاسطورة كائنا حيا يمنحنا شهيقه وزفيره، وينمو فينا وننمو فيه. وأتصور أن ما نحدثه من أفعال وأقوال وممارسات هو نوع من إضافة تراكمية على الاسطورة ذاتها ومن هنا ليس هناك افتراق بين الأسطوري والواقعي إلا من جهة التصنيف الزماني، فنحن نعيش داخل الاسطورة وبها ونضيف الى ذلك انتاج أسطورتنا التي تمثل غصنا نابتا في فرع من فروع شجرة معمرة اسمها الاسطورة. وكما لكل إنسان حكايته فله أيضا أسطورته الخاصة التي يعمل على تجذيرها وإنباتها، وأي فعل انساني يتوالد عبر الزمن ليمثل في نقطة ما أسطورة. والأساطير هي فرع صغير نبت في زمن سحيق وعبر السنوات تحول الى غصن عصي على الكسر، فاكتسب وجوده الحكائي المؤسطر. - وألا تشعر بأن تحديد جغرافية معينة تدور فيها النسبة الأكبر من أعمالك ستؤدي إلى حصارك بمناخات وشخوص وحوار وهذا يؤدي إلى تكرار ما.. وتشابه؟ - من قال لك إن الحكايات ليست متشابهة؟ نحن نغترف من عدد محدد من الحكايات التي أنتجها العقل البشري كعلاقات متداخلة عبر الزمن، وما يلون تلك الحكايات ويجعلها حديثة هي الظروف المستجدة أي ما أحدثه الزمن من توليد تقنيات حياتية على الفرد والجماعة، وفي تصوري ان الرواية ليست حكاية فقط بل انتاج معرفي للزمن الذي يعيشه الكاتب ولو احصيت ألف رواية فهي لن تخرج عن السياق الحكائي المنتج عبر آلاف السنوات والذي يمنحها التميز مقدرة الروائي في احداث الخلطة السحرية ما بين المكان والزمان ومنتجهما الفكري في صياغة تقترب من التشكيل النفسي للجماعة والفرد. لا أكترث بالمصحح - بين ساخط على العمل الأخير رواية “ترمي بشرر” وراض، وبين مواكب ومتجاهل كيف يرى عبده خال كل هذا؟ وهل تتابع كل ما يكتب عن أعمالك؟ - الكفار هم المستهدفون بالرسالة، فلا توجد رسالة سماوية في مجتمعات مؤمنة، الانبياء يأتون عندما يختل ميزان الإيمان.. وفي زمن انتهت العلاقة ما بين السماء والارض، نهض العقل ليقوم بدور النبي، واذا آمنا ان الرواية ليست حكاية ساذجة مفرغة من الافكار فإنها تمثل رسالة سيؤمن بها البعض ويكفر بها البعض الآخر. بهذه الصورة أجد ان التعامل مع الأعمال الابداعية والفكرية من قبل المتلقين بحاجة الى التدبر والوقوف عند مفاصل التغيرات التي يحملها هذا العقل في بث رسالته. ورواية “ترمي بشرر” مثلها مثل أي رسالة يمكن أن يؤمن بها البعض ويكفر بها البعض الآخر، إلا أن الايمان والكفر مسألة جدلية بحاجة الى افكار ترسخ الايمان أو تزيد الكافر بعدا وغيا. وكلمة كافر الواردة في سياق حديثي أقصد بها المفردة التي تقف ضد الايمان واليقين وليس وفق حمولاتها ودلالاتها الدينية. وبالنسبة للمتابعة أحرص على الاستفادة مما يكتب عن أعمالي وهو حرص البخيل أي الامساك بالدينار الذهبي أما (الفكة) فلا أكترث بجمعها. فهناك من يقول قولا نفيسا وهذا الذي أحرص عليه أما من يهذر فلا أقوى على جمع الهلالات فهي تثقل أكثر مما تغني. - وماذا قصدت بعبارة لك في إحدى الصحف: “لن ألجأ إلى جبل يعصمني من طوفان “ترمي بشرر”؟ هل لانها رواية صادمة ومفاجئة، وكما يصفها البعض بالمرعبة أو المخيفة والتي تحمل بوحا عاريا لطارق فاضل بطل روايتك؟ - عليك أن لا تهرب من اليقين الذي تحمله حتى وإن أدى بك الى الدخول في طوفان من الأقاويل التي تمزق سيرتك. و”ترمي بشرر” كفيلة بتمزيق السيرة والخسف بك الى أسفل السافلين. - ماذا عن مصادرة الرواية في أحد معارض الكتاب في السعودية؟ خصوصا وأن الرقيب قد يجد مبررات لمنعها من البيع في المعرض؟ - هل تعرف شعور البليد عندما ينبأ بأنه فشل في تجاوز الامتحان، أنا أمتلك هذا الشعور مع أي رواية أصدرها وتمنع في المكتبات السعودية، فأنا لم أنجح منذ أول رواية الى الآن في اختراق السوق السعودي، ولذلك لا اكترث بالمصحح الذي يجلس على مكتب الرقابة لاجازة هذا العمل او رفض ذاك، كما انه لو لم يجد المبررات لمنعها فهو سيجد الاسم مبرراً كافياً لمنع الرواية.. فهناك أسماء تطبع في الاذهان بانها أسماء لا يليق بها ان توضع على أرفف المكتبات. وانما على متابعها ان يتعامل معها كالمهربات والمخدرات.. واذا كنت من هذا النوع عليك ان تشفق على قارئك من عقوبة التهريب كما هو منصوص عليها. لكن طالبي الكيف لهم وسائلهم في تهريب ما يجعل رؤوسهم منعدلة! - وهل تعتبر رواياتك أشبه بالكيف حتى يعاقب قارؤها بمتابعتها وتهريبها؟ - الأفكار يا صديقي هي التي تهرب عبر الأزمنة والجغرافيا ولأنها تمتلك خاصية الثقب فهي من الأدوات الحادة التي يمنع حملها في رحلة ستقلع للفضاء.. فربما تكون تلك الآلات خطراً لو وضعت في يد متهور. والأفكار المعاكسة تقلقل الماء الذي يجري في اتجاه واحد. لذلك كان الارتشاف من النهر منهي عنه لإثبات الطاعة المطلقة والكتاب هم من يرتشفون من مياه الأنهار ليعرفوا معنى الإقصاء ويتدبروا سير المعركة من على بعد. كما ان عملية التهريب ليست محصورة على الممنوعات من السلع فهناك عشرات الممنوعات وكل ممنوع سيجد منفذا للعبور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©