الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السُلطات الإيرانية.. حملة ضد «مزدوجي الجنسية»

29 يوليو 2016 23:07
قبل أن يطير رضا «روبن» شاهيني إلى إيران، في شهر مايو الماضي، بغرض زيارة والدته المريضة، حرص على شطب كافة التدوينات المتعلقة بإيران، والتي سجلها على مدى سنوات في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. لم يكن «شاهيني» ناشطاً سياسياً، ولكنه أراد من خلال ذلك الإجراء، تجنب لفت انتباه السلطات الإيرانية بأي وجه من الوجوه. لمدة ستة أسابيع، مضت زيارته كما كان مخططاً لها، ولكن في الحادي عشر من يوليو، قبضت السلطات على شاهيني (46 عاماً) للاشتباه بارتكابه جرائم ضد إيران، ليصبح آخر من يقبض عليه من الغربيين الذين يحملون جنسية مزدوجة (أجنبية- إيرانية). وانضم شاهيني بذلك لمواطنين أميركيين اثنين معلوم أنهما اعتُقلا، وأربعة آخرين على الأقل من حاملي الجنسية المزدوجة من بريطانيا، وكندا، وفرنسا، قُبض على ثلاثة منهم خلال الشهور الخمسة الماضية. ويقول أصدقاء شاهيني وآخرون مقربون من عائلته، إنه لا يوجد شيء في ماضي شاهيني، يشير إلى أنه سيكون مستهدفاً، وأنه قد قام بعدة زيارات سابقة إلى إيران، لم يقع خلالها أي شيء يستحق الذكر. ولكن القبض على شاهيني، يعكس، في جوهره، تغييراً في تكتيكات المتشددين في إيران، الذين يحاولون إبقاء بلدهم معزولاً عن العالم الخارجي، على الرغم من الاتفاق النووي الذي وقعته العام الماضي. وبموجب هذا التغيير، لم يعد الأشخاص المهمون هم فقط الموضوعون في بؤرة اهتمام السلطات الإيرانية، وإنما امتد الأمر ليشمل الأشخاص العاديين أيضاً. من المعروف أن حسن روحاني، الذي انتخب رئيساً لإيران عام 2013، والذي وعد في حملته الانتخابية بتوسيع نطاق التعامل مع الغرب، قد عمل على فتح باب العودة للإيرانيين المقيمين في الخارج، بعد أن تأرجحت سياسة السلطات بشأن هذه المسألة بين إغلاق الباب وفتحه، منذ قيام الثورة الإيرانية، وحتى توليه الحكم. ولكن روحاني واجه معارضة شرسة من فيلق الحرس الثوري الإيراني القوي، الذي يتحكم في الاستخبارات والأجهزة الأمنية والجهاز القضائي. ولا يعترف بالجنسية المزدوجة، ويقبض على حامليها باعتبارهم مواطنين إيرانيين. «هناك في غالب الأحيان، منطق سياسي واقتصادي يستند إليه المتشددون الإيرانيون في سجن مزدوجي الجنسية» هذا ما يقوله «كريم سجادبور» من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، الذي يضيف لما سبق قوله:«وهذا يردع رجال الأعمال الإيرانيين في دول الاغتراب، ويحول بينهم وبين زيارة إيران، كما يخرب جهود تحسين العلاقات مع واشنطن التي يخشاها المتشددون، كما يقوض في نهاية المطاف أجندة حكومة روحاني، الذي شجع مزدوجي الجنسية على العودة لإيران وجلب الاستثمارات الأجنبية معهم». وكان الإفراج عن خمسة أميركيين، بما في ذلك «جوسون رضيان» «الصحفي بالواشنطن بوست، عندما بدأ سريان الاتفاق النووي التاريخي في يناير، قد زاد من آمال الإفراج عن رجل الأعمال الأميركي من أصل إيراني« سيامك نامازي»، وهو ما لم يحدث، حيث لا يزال الرجل سجيناً خلف القضبان. ما حدث بدلاً من ذلك، هو قيام السلطات الإيرانية بإلقاء القبض على المزيد من الأشخاص: ففي شهر مارس، جرى اعتقال «نازك أفشار» الفرنسية من أصل إيراني، التي كانت تزور والدتها المصابة بمرض عضال بمجرد وصولها لإيران، وحكم عليها بالسجن لمدة ستة أعوام، بتهم غير محددة. وفي أبريل، جرى القبض على «نانزانين زاغاري- راتكليف»الموظفة في مؤسسة خيرية بريطانية في مطار طهران، بعد زيارتها لعائلتها في إيران. وفي أوائل شهر أبريل الماضي أيضاً، تم القبض على «هوما هودفار» وهي أكاديمية كندية متخصصة في قضايا المرأة، أثناء زيارتها للبلاد لرؤية عائلتها ولأسباب مهنية. إلى ذلك، أكد متحدث باسم القضاء الإيراني أنباء القبض على أميركي آخر من أصل إيراني. ولم يذكر المتحدث اسمه ولكن القبض جرى في مدينة «جرجان» مسقط رأس شاهيني. وأسلوب القبض على أشخاص غير سياسيين، يقوض جهود روحاني لإعادة بناء بلاده- جزئياً- من خلال التعاون مع المغتربين الإيرانيين كما يقول هادي قائمي، مدير الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها. وتقول «إيليزأورباخ»، العاملة في منظمة العفو الدولية، والمختصة في الشأن الإيراني، إن الأميركيين الذين يفكرون في زيارة إيران يقومون بإجراء مسح شامل لصفحات حساباتهم على فيسبوك، بحثاُ عن أي دليل على أنهم قد انتقدوا مسلك الحكومة الإيرانية خلال احتجاجات 2009. وتضيف «روحاني وإدارته يمكن لهم أن يتحدثوا كما شاءوا عن الكيفية التي سيقومون بها بالترحيب بالمغتربين الإيرانيين، ولكن الطريقة التي تعمل بها القيادة في إيران، تشير إلى أن الرئيس ليس لديه أي سلطة على الأجهزة الأمنية». ويشار في هذا السياق، إلى أن وزارة الخارجية الأميركية، قالت في تحذير لها بشأن السفر في مارس الماضي، إنه منذ توقيع الاتفاقية النووية مع إيران واصلت طهران مضايقة والقبض على، واعتقال المواطنين الأميركيين، وعلى وجه الخصوص حاملي الجنسية المزدوجة. ويدعو التحذير الصادر من الوزارة بخصوص السفر إلى إيران المواطنين الأميركيين» للتفكير بعناية قبل القيام بسفر غير ضروري لإيران، وعمل خطط مسبقة للطوارئ، كما يحثهم على قيد أسماءهم في برنامج (تسجيل المسافر الذكي) الذي يمكنهم من استلام رسائل أمنية، ويساعد على اقتفاء أثارهم في حالة تعرضهم لأي طارئ. *كاتبة أميركية من أصل إيراني **مراسلة دبلوماسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©