الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدب المزاج الشعبي

29 يوليو 2016 23:05
لا يكاد أحد من أبنائنا يطل على كتب التراث الشعبي ومن جملتها الأدب الشعبي! هذا ما ذكرته إحدى الصديقات متأففة. والواقع أننا نطل أحيانا على هذه الإصدارات ذات العلاقة بالماضي المشتملة على ما يمكن أن نسميه تراثا إنسانيا قبل أن يكون إماراتيا لكن ليس بذلك المزاج، فما الذي نذكره لتراثنا وأدبنا الشعبي؟ ربما ذكرنا من هذا الأدب أنه أدب المزاج الشعبي، والسؤال عن هذا يداهمك كلما شعرت بأن المسافة تضيق وأننا نفتقد شيئا موجودا فيه.هذه المسافة التي تفصلنا عن حياة مجتمع ما قبل النفط، حياة الناس في مجتمع الإمارات قبل التعليم والتغير الاجتماعي والاقتصادي على وجه التحديد، حياة ما قبل الكهرباء والتكنولوجيا تضيق بحيث لا تكاد كتبنا الآن تتسع لما يصف المزاج الشعبي في وقتنا الراهن. كانت القصيدة مؤثرة بالإضافة إلى كونها ممتعة، وكانت الحكاية والمثل الشعبي والأهازيج والأناشيد الشعبية والألغاز تعبر عن هذا المزاج الجمعي، يسيطر عليها ويعرف من إبداعها، شعرا ونثرا يمتلئ بما يختزل تجارب إنسانية كان يتم تداولها ويضاف إليها. مجرد لغة ولدت في مرحلة كانت القصة فيها تحكى على ضوء القمر والقصيدة تنقل من فم الشاعر إلى قلوب الناس ولم تكن هنالك تكنولوجيا ذكية تصل ما بينهم. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع خلط هذا الأدب بأدبنا الكلاسيكي أو الحديث، إلا أننا نذكر له هذا السحر الجامع، شكله ومضمونه ورمزيته وجمالياته وفلسفته التي استفاد منها الناس في حياتهم اليومية وكانت تعبر عن أحوالهم. ونحن نتذكر الكثير من الأعمال والنماذج التي نعرف مؤلفيها كما نجهل أسماء الكثير من هؤلاء المؤلفين، وكما عايشنا الكثير من هذه الأسماء عايش من قبلنا غيرها وهكذا، هي حصيلتنا من الفكر والثقافة المؤرخة لأحوال المجتمع. وسواء كانت قصيدة أو خروفة أو مثل فهي امتزاج للفكر بالواقع الذي عاشه سابقونا. البحث في هذا الإبداع، وكيف استوعب هؤلاء المبدعون العالم من حولهم أو لنقل الحياة وكيف نستوعب نحن ذلك، وغيرها من الأشياء المهمة تحتاج إلى منهجية للتعامل معها للوقوف على أسئلة كثيرة يشتمل عليها التراث الشعبي ما تزال مستمرة حتى في يومنا هذا لتذكرنا أننا أبناء المجتمع والبيئة ذاتها. هذه الأشياء تتم قراءتها بمنظور متجدد لا يجافي الحقيقة ولا يسيء تفسيرها، بل يأتي من داخل هذه الأعمال بمعنى أننا نفهمها، فالعيب ليس عيب الأدب والموروث الشعبي ولا عيب أبنائنا وإنما عيبنا فنحن نهوى الاطلاع عليه وهو بالنسبة لنا مجرد قراءة عادية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©