الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جائزة القارئ

جائزة القارئ
18 أغسطس 2008 21:30
لسنا في حاجة إلى إحصاءات ودراسات لندرك أن العالم العربي يعاني أزمة قراءة، إذ يكفي أن نوجه سؤالا لدور النشر عن عدد النسخ التي تطبعها من أي كتاب، باستثناء الكتاب المدرسي، ليأتينا الرد كالصاعقة إن لم يكن كالكارثة، وفي الحقيقة، إن إجابات دور النشر لا تلغي المسؤولية عن كاهلها، بل تدينها أكثر، إلا إذا قامت بإعادة طباعة الكتب دون علم الكتاب والباحثين والمبدعين· ولسنا في حاجة إلى برهان على أهمية القراءة في التنمية والتطور وبناء الإنسان، فنظرة واحدة إلى مآسينا وهزائمنا على الصعيد الجمعي والفردي، تكفي لنعرف أنها بسبب الإحجام عن القراءة، قراءة الكتب، قراءة الواقع، قراءة الأزمات، قراءة التاريخ، وقراءة أنفسنا· بل يكفي أن نستمع لمتحدث عادي أو متعلم أحيانا، لندرك أن القراءة باتت في المرتبة العاشرة من أولوياته، ويتجسد غيابها في ضعف قدرته على التعبير، وعجزه عن الإتيان بشواهد، وفقر قاموسه اللغوي، وركاكة اسلوبه في كتابة رسالة، إن كانت رسمية أو إلى صديق· الكاتب والقارئ توأمان، وفي علم النقد، القارئ مشارك رئيس في الكتابة، من خلال التلقي النوعي وتسجيل إضافات مهمة إلى جوهر الكتابة وأشكالها وسير أفكارها وأحداثها· المؤسسات الثقافية تجتهد كثيراً في تنظيم مسابقات في مجالات الإبداع الشعري والقصصي والروائي والبحثي والنقدي، ولكنها تتجاهل مسابقات في مجال القراءة النوعية أو العامة، في الوقت الذي لا يمكن أن يوجد فيه كاتب بدون قارئ، ولا باحث بدون قارئ، فالقارئ صانع مجد الكاتب· المؤسسات الثقافية مطالبة بأن تعيد تقييمها لمبدأ القراءة وأهميتها، من خلال حملات جادة تستهدف نشر هذه الضرورة التي يطلقون عليها ''عادة''، على أن تشمل مسابقات ترصد لها جوائز كبيرة للقارئ المتميز، بحيث يحتفى بالقارئ إلى جانب الكاتب والمبدع، بصفته معيار نجاح المبدع والباحث· والمؤسسات وجهات العمل، مطالبة بالاهتمام أكثر بالثقافة العامة حين تقوم بتوظيف شخص ما، فالشهادة لم تعد مقياسا، ولا حتى سنوات الخبرة· هناك شهادات لا تساوي أكثر من كونها ورقة، وهنالك خبرات ليست أكثر من تراكم سنوات، والثقافة العامة هي التي تحدد نوعية الشهادة وقيمة الخبرة، والتي لا تنتج إلا عن طريق القراءة· وسائل الإعلام مليئة بكل أصناف الدعايات والإعلانات باستثناء الكتاب، هل من أحد يمتلك إجابة على هذا الغياب؟ ولن نقبل التبرير الواهي: ''إن الناس لا يقرأون''، بل نقبل التبرير المنطقي: ''إن المؤسسات ودور النشر والتوزيع لا يسوقون ولا يروجون للكتاب'' وطالما أن هؤلاء ليسوا ناشرين حقيقيين، ولا يعنيهم نشر قيمة القراءة، فعلى المؤسسات الرسمية القيام بهذا الدور، وإعادة الاعتبار للقارئ، تكريما لكلمة: اقرأ· akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©