الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الصدر» وبوادر التصعيد مع الأميركيين

12 ابريل 2011 21:51
لقد حشد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عشرات الآلاف من أنصاره وأتباعه يوم السبت الماضي مستغلاً مناسبة مرور الذكرى السنوية لإسقاط نظام صدام، للمطالبة برحيل جميع الأميركيين المدنيين والعسكريين من العراق. وبعيداً عن ساحة الفردوس، التي ساعدت فيها قوات المارينز الأميركية العراقيين على إسقاط تمثال صدام في صيف عام 2003، سار أنصار "الصدر" من مدينة الصدر إلى ساحة المستنصرية القريبة من إحدى كبرى الجامعات العراقية بشمال شرق بغداد. ومن هذه الساحة الأخيرة ارتفع دخان الأعلام الأميركية التي أحرقها المتظاهرون إضافة إلى إحراق رموز أخرى دالة على الوجود الأميركي بشقيه العسكري والمدني على حد سواء. وهتف بعض المتظاهرين بشعار "نحن قنابل زمنية" أثناء حركات متناسقة كانوا يؤدونها وهم يرتدون ملابس زاهية من السيتان صممت بحيث ترمز إلى العلم العراقي. يذكر أن هذه المظاهرات هي أكبر مظاهرة من نوعها التي ينظمها التيار الصدري منذ اندلاع المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت المنطقة العربية بأسرها خلال العام الحالي. ودعا "الصدر"، الذي قرر الانخراط في العملية السياسية بعد أن كانت مليشياته المسلحة المعروفة باسم "جيش المهدي" قد شنت هجمات شرسة على القوات الأميركية في عام 2004، أنصاره إلى ضبط النفس في الاحتجاج على أداء الحكومة العراقية التي يشغل أعضاء حزبه فيها مناصب رئيسية. وبدلاً من مواجهة الحكومة الوطنية مباشرة، قرر الصدر استغلال المظاهرات الشعبية الواسعة وجعلها ستاراً للاحتجاج على ضعف الأداء الحكومي. هذا ولا يزال "الصدر" مقيماً في إيران التي يواصل فيها دروسه الدينية. غير أنه بعث رسالة تلاها على المتظاهرين صالح عبيدي، أحد كبار مسؤولي الحزب "الصدري". وحث الزعيم الشيعي أنصاره على عدم السكوت فيما لو شهد العام المقبل وجوداً أميركياً كبيراً، سواء كان مدنياً أم عسكرياً. فقد جاء في تلك الرسالة قوله: وماذا لو لم تغادر القوات الغازية بلادنا؟ ماذا لو استمر وجودهم بشكل ما من الأشكال؟ وفيما لو علت الأعلام الأميركية الشركات والسفارات المتبقية هنا حتى العام المقبل، فهل تلتزمون الصمت؟ ومما قال به "الصدر" في رسالته إنه وفي حال استمرار الوجود الأميركي في العراق، فإن ذلك يعني أمرين. لجوء التيار الصدري إلى تصعيد مقاومته العسكرية، وتفعيل مليشيات جيش المهدي مجدداً. وفي الإجابة عن سؤال وجه إلى مسؤولي الحزب الصدري، حول ما إذا كان الحزب يعارض حتى وجود بعثة دبلوماسية أميركية في العراق، قال عدد كبير من مسؤولي الحزب إنهم يعارضون أي توسع لوجود المدنيين الأميركيين، وأن التيار الصدري يعتبر السفارة الأميركية في بغداد مركز قيادة عامة لقوات الاحتلال. يذكر بهذه المناسبة أن السفير الأميركي في بغداد، جيمس جيفري، كان قد صرح للصحفيين في أول شهر أبريل الحالي قائلاً إن سفارته التي تعتبر الأكبر على نطاق العالم كله، تخطط الآن لمضاعفة طاقم العاملين فيها كي يصل إلى 18 ألف موظف في العام المقبل. وتشمل هذه الزيادة الكبيرة، عناصر الأمن والطاقم المساعد، فضلاً عن العاملين في المكاتب الدبلوماسية خارج العاصمة بغداد. ومن ناحيته دعا الصدر جميع أنصاره والموالين له إلى تسجيل أسمائهم في مكاتب الحزب بهدف المشاركة في مظاهرات احتجاجية مفتوحة إلى أن يغادر الأميركيون تراب العراق. وبصورة عامة يبدي كثير من العراقيين شكوكاً عظيمة في نوايا الأميركيين تجاه وطنهم. فالعراق دولة غنية جداً، على حد قول الموظف الحكومي صباح الأميري، الذي خرج من مكتبه لينضم إلى حشود المتظاهرين في ساحة المستنصرية. وأضاف الأميري قائلاً: ومن ناحية منطقية فإنني لن أصدق أن الأميركيين سيغادرون هذه المصالح ويتجاهلونها بكل بساطة. وفي هذه البيئة السياسية المتوترة، فقد بدأ العد التنازلي لرحيل القوات الأميركية، الذي أصبح أمراً لا مفر منه. ذلك أن من المقرر أن يغادر الجنود الأميركيون الباقون والبالغ عددهم 47 ألفاً العراق بحلول نهاية العام الحالي، مع العلم أن هذا هو العدد الذي تم الاتفاق على استمرار بقائه عبر مفاوضات مجهدة مع الحكومة العراقية بشأن وضع القوات. وعليه فقد أصبح تنفيذ الانسحاب من العراق مهمة أساسية للقوات، تطغى على أي مهام أخرى كان قد تم الاتفاق عليها، مثل تقديم الاستشارة العسكرية ومساعدة القوات العراقية. وخلال زيارة قصيرة قام بها وزير الدفاع الأميركي إلى العراق هذا الأسبوع، أكد روبرت جيتس للمسؤولين العراقيين أنه لم يبق من الوقت ما يكفي لاستجابة أميركية لمطالبتهم ببقاء بعض القوات حتى العام المقبل. وعلى الرغم من أن العراق لا يزال يفتقر إلى القدرات الحربية التي تمكنه من الدفاع عن مجاله الجوي ولا حدوده البرية، فقد أصبح مستحيلاً من الناحية السياسية أن تستجيب واشنطن لأي مطالبة من جانب الحكومة العراقية بأي تمديد لبقاء القوات الأميركية إلى ما بعد العام الحالي. وقد أشار بعض المسؤولين العراقيين إلى تخلي واشنطن نهائياً عن هذه الفكرة، وأنه يتعين على العراق الاعتماد على نوع من الترتيبات الدفاعية الثنائية المحدودة التي يمكن للجيشين الأميركي والعراقي الاتفاق عليها. يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي لم يتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية بعد شهور طويلة تلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا بعد أن قرر مقتدى الصدر -المعروف بشدة خصومته السياسية للمالكي- الانخراط في العملية السياسية، والمشاركة بحزبه في حكومة الائتلاف الوطني التي يقودها المالكي. جين عراف - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©