الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتفاع أسعار النفط والتضخم يلقيان بظلال قاتمة على المجتمع السعودي

ارتفاع أسعار النفط والتضخم يلقيان بظلال قاتمة على المجتمع السعودي
18 أغسطس 2008 21:26
أضحت مشكلة التوزيع غير المتكافئ للثروة في المملكة العربية السعودية أكثر وضوحاً مع ارتفاع معدل التضخم في أنحاء منطقة الخليج العربية· في حين يصطف السعوديون الفقراء لساعات للحصول على المياه في جدة ثاني أكبر مدينة بالمملكة يستغل آخرون ازدراء الأميركيين في الأونة الأخيرة لسيارات الدفع الرباعي التي تستهلك الوقود بمعدلات عالية بالاقبال على شراء السيارات المستوردة· ويخفض آلاف الأزواج التكاليف عبر تخليهم عن إقامة الأعراس الفردية لصالح حفلات زفاف جماعية تنظمها مؤسسة خيرية يدعمها أمراء سعوديون، لكن الأغنياء مازالوا يسافرون لقضاء الإجازات وإن كانوا يؤثرون الإقامة الأرخص تكلفة في الدول العربية المجاورة على الرحلات إلى أوروبا أو آسيا· وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحسن كبير في الوضع الاقتصادي للسعودية إلى جانب العودة إلى شيء من السخاء في الإنفاق من قبل الأثرياء والمملكة الذي كان سمة مميزة في السبعينات والثمانينات، لكن الطفرة الاقتصادية أشعلت أيضا أسعار الغذاء والوقود مما تسبب في حالة من الاستياء بالبلاد التي تشهد تغيرات سريعة إذ أن نحو ثلثي سكانها المحليين البالغ عددهم 17 مليون نسمة تحت الثلاثين وهم متعلمون ويعبرون عن آرائهم بصراحة وعلى دراية بما يجري خارج بلادهم· وبلغ معدل التضخم في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في يونيو الماضي أعلى مستوياته خلال 30 عاما وهو 10,6 في المئة وقد انعكس هذا بالأساس في صورة ارتفاع في أسعار الغذاء والسكن· وقالت عهود وهي مديرة بنك في الرياض ورفضت الكشف عن اسمها بالكامل: ''لم يصل الأمر إلى درجة تمنعنا من السفر، مازلنا نسافر مثلما كنا نفعل ونحتفظ بنمط الحياة ذاته''، غير أنها قالت: إنها لاحظت أن الرواتب لا تتماشى مع الزيادة في الأسعار· ويرى جون سفاكياناكيس كبير الخبراء الاقتصاديين ببنك ساب السعودي إن الحكومة لا تستطيع رفع الرواتب بما يتناسب مع التضخم إذا كانت تريد تجنب إضافة المزيد من الضغوط التضخمية لكنها تجازف بإثارة غضب العاملين· ومضى يقول: ''العاملون بالقطاع العام لا يفهمون لماذا لا ترفع الحكومة الرواتب لتتماشى مع التضخم، هناك انفصال بين التوقعات وما تقدمه الحكومة وهناك استياء''· وخيبت زيادة في رواتب الموظفين الحكوميين بلغت خمسة في المئة في يناير الماضي أمل السعوديين ممن يقل دخلهم عن عشرة آلاف ريال (2666 دولارا أميركيا) شهريا خاصة بعد أن سارعت دول خليجية مجاورة إلى زيادة المرتبات بنسب أكبر· ومازال باستطاعة السعوديين الذين يكسبون أقل من هذا المبلغ التفكير في تعيين سائق وخادمة واحدة على الأقل، ولا يدفع السعوديون ضرائب ويحصلون على الرعاية الصحية والتعليم مجانا إلى جانب مزايا أخرى· وقالت نجلاء (22 عاما) وهي متدربة في أحد البنوك بالرياض ورفضت إعطاء اسمها بالكامل: ''لا أشعر أن هذا أثر علي كثيرا لأن الوضع المالي لأسرتي جيد''، وأضافت: ''لكنني لاحظت أننا لم نعد نشتري أشياء كما كنا نشتريها من قبل مثل أجهزة الكمبيوتر المحمول، في كل منزل يشتري كل شخص واحداً على الأقل في العام·· هذا هو الطلب المعتاد·· لكن ليس بالنسبة لنا هذا العام''· على الجانب الآخر تبيع لولوة (36 عاما) وهي أم لخمسة أبناء الوجبات الخفيفة على حصيرة في متنزه بالرياض، واضطرت الى الحصول على قرض من مؤسسة خيرية مؤخراً، وتقول: ''هذه هي المرة الثانية التي أفعل فيها هذا وقد استعملت الأموال لمشاركة ست نساء أخريات لإقامة مشروع لإعداد الوجبات، كما اتجهت لحياكة الملابس وأبيع بعضها وأحيك بعضها الآخر لكسوة أبنائي وقد ساعدني هذا كثيراً، لكن الأمور مازالت صعبة بالنسبة لزوجي ولي''· ويتوخى السعوديون الحذر بشأن التعبير عن الانتقادات علنا خشية أن تعتبر هذه معارضة، لكن في المنتديات التي يستخدم مرتادوها أسماء مستعارة على شبكة الإنترنت يتساءل من يعانون بحق أين ذهبت الأموال· وفي تعليق على بوابة الأسواق دوت نت على شبكة الإنترنت وهو موقع متخصص في أخبار الأعمال ويتمتع بشعبية كتب أحد المشاركين يقول: إن السعودية على وشك دخول حقبة تختفي فيها الطبقة المتوسطة وأنه لم يعد يوجد سوى الثراء الفاحش أو الفقر المدقع· ولايزال التساؤل عن عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر من المحرمات في المملكة التي تشتهر بثروتها الهائلة، لكن نصف سكانها يعيشون في منازل مستأجرة كما تم تخصيص عشرة مليارات ريال من أجل إقامة منازل منخفضة التكاليف· وفي أواخر التسعينات حين كان سعر برميل النفط نحو عشرة دولارات للبرميل قال الملك عبد الله الذي كان وليا للعهد آنذاك علنا إنه يجب ترشيد الإنفاق الحكومي، ومنذ توليه الحكم عام 2005 يعزى اليه الفضل في إطلاق مسعى لخفض الإنفاق الملكي، فضلا عن بذله جهوداً لكبح جماح الفساد في الأجهزة الحكومية· وواجهت الرياض ضغوطا دولية من أجل إجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة حيث كان هناك 15 سعوديا من جملة 19 منفذاً· وأشار محللون إلى أن الكثير من هؤلاء الرجال جاءوا من جنوب البلاد الصحراوية الفقير، وجاءت الهجمات في بداية موجة ارتفاع أسعار النفط التي زادت الآن إلى ستة أمثالها وهو ما غير الوضع الاقتصادي بدرجة كبيرة· وقال خبير اقتصادي سعودي عمل مع الحكومة: إنه يجب أن يكون هناك مزيد من الشفافية حتى يتسنى للسعوديين أن يفهموا كيف توزع الدولة عائدات النفط· وظهرت بوادر على أن ارتفاع تكاليف المعيشة ربما بدأ يحدث أثراً، وتظهر أدلة من حكايات يتداولها الناس ارتفاع معدلات الجريمة في المدن السعودية حيث ارتفع عدد أحكام الإعدام التي نفذت عام 2007 الى 143 حكماً، وذكرت صحف سعودية أن زيادة كبيرة مزعومة في عصابات المافيا من بنجلاديش هي السبب في هذا· ويعمل اكثر من سبعة ملايين أجنبي في السعودية ومعظمهم عمال من آسيا، وهم من بين الفئات الأكثر تضررا من ارتفاع الأسعار؛ غير أن محللين يقولون: إن المملكة لم تشهد تحركات كبرى للعمالة إلى خارجها· وقال سفاكياناكيس: ''السعودية ما زالت تعتبر دولة تستطيع فيها إدخار مبالغ أكبر من تلك التي تستطيع ادخارها في الإمارات العربية المتحدة أو قطر على الرغم من تزايد الضغوط التضخمية''·
المصدر: الرياض
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©