الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكومة الإمارات تحمل نظرة مستقبلية ثاقبة وطموحة للإنترنت

حكومة الإمارات تحمل نظرة مستقبلية ثاقبة وطموحة للإنترنت
21 ابريل 2014 01:53
احتفل العالم الشهر الماضي بمرور 25 عاماً على الاختراع الذي غير تاريخ البشرية، والمتمثل في ميلاد الشبكة العنكبوتية العالمية التي بلغ عدد مستخدميها ما يزيد على نصف سكان الكرة الأرضية اليوم، وتحول استخدامها من تقليعة يتبعها البعض وينهي عنها البعض الآخر، إلى عادة لا يمكن تخيل حياة الإنسان المعاصر من دونها، وتمكن هذا الاختراع من ربط حياة البشر حول العالم، وقرب المسافات وخلف وراءه عدداً غير منتهٍ من الابتكارات والاختراعات التي كان أحد أهمها تقنيات النطاق العريض فائق السرعة. يحيى أبوسالم (دبي) شبكات النطاق العريض فائقة السرعة تؤتي ثمارها على المستوى الوطني (الصور من المصدر) احتفل العالم مؤخراً بميلاد الشبكة العنكبوتية العالمية التي يعود الفضل في ابتكارها إلى المهندس البريطاني تيم بيرنرز- لي، في عام 1989، حيث أثرت هذه الشبكة على حياة البشر والدول بأسرها، وعلى ضوء نتائج دراسة حديثة أجراها قادة قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في العالم، يُطلعنا «بونج شنجي» المدير العام لشركة «هواوي» في دولة الإمارات، على الرؤية المستقبلية لثمار المبادرات المرتبطة بتقنية المعلومات والاتصالات في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية التي من المرجح أن تؤتي ثمارها في المستقبل القريب، على مستوى الدولة المنطقة والعالم بأسره. عمليات نشر واسعة يرى شنجي، أن الشركة العنكبوتية سرعان ما أصبحت من أكثر الظواهر الجماهيرية حيوية في حياتنا، والفكرة التي بدأت في السابق باعتبارها حلاً تقنياً رائداً لشبكات اتصالات المناطق الواسعة النطاق (WAN)، استطاعت أن تولّد عدداً لا حصر له من الأفكار الرائعة التي غيّرت مجتمعاتنا وسياساتنا واقتصاداتنا بصورة جذرية. ونعيش حالياً، بحسب شنجي، في عصر عمليات النشر واسعة النطاق لشبكات الألياف الضوئية عالية السرعة، أو ما بات يُعرف باسم حقبة الشبكات ذات النطاق العريض فائقة السرعة (ultra-broadband). وقد طرأ على هذا النوع من الشبكات تطور كبير بهدف التعامل مع الزيادة المطردة في حجم البيانات التي نقوم بإرسالها وتبادلها عبر شبكات المعلومات. وبفضل الانتشار الواسع للمواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات الفيديو، بالإضافة إلى انتشار تطبيقات وسائط التواصل الاجتماعية وتبادل الصور، تشير التقديرات إلى أن حجم البيانات التي تم تبادلها وإرسالها عبر الشبكات الثابتة خلال عام 2012 وحده بلغ أكثر من 30,000 بيتا بايت شهرياً، أي ما يعادل 8 ملايين ساعة من مقاطع الفيديو المتدفقة عبر الإنترنت تقريباً. وعلاوة على ذلك، وصل حجم حركة البيانات المتنقلة عالمياً إلى 1,5 إكسا بايت شهرياً في نهاية عام 2013، أي بزيادة تصل إلى ما يقارب ضعفي حجمها خلال العام السابق. حيث يؤكد شنجي أن كل هذا انعكس بالإيجاب على منطقة الشرق الأوسط، حيث دفعت هذه الطفرة في حركة مرور البيانات على الشبكة القائمين على قطاع صناعة الاتصالات إلى توسيع وترقية شبكاتهم بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة، ما يؤدي بدوره إلى زيادة التكلفة الإجمالية للملكية بالنسبة لمشغلي شبكات الاتصالات على وجه الخصوص. ويضيف شنجي أن ابتكار الشبكات الوطنية ذات النطاق العريض (NBNs) يعد أحد سبُل إرواء ظمأ «التعطّش للبيانات»، حيث تبنّت العديد من الحكومات في شتى أنحاء العالم وضمن مجموعة من المشاريع الأولية في منطقة الشرق الأوسط، فكرة إنشاء هذه الشبكات الوطنية كأداة لدفع عجلة النمو الاقتصادي، والقدرة التنافسية الوطنية عبر تزويد الناس بخدمات اتصال عالمية ذات سرعات عالية. كما يؤكد أنه غالباً ما يتم استخدام العلاقة بين الاستثمار في مجال الشبكات الوطنية ذات النطاق العريض من جهة، والأثر الإيجابي المترتب على الناتج المحلي الإجمالي جراء هذا الاستثمار من جهة أخرى، لتقييم جدوى مشاريع نشر تلك الشبكات ونفقاتها المرتفعة. كما تم أيضاً إجراء مقارنات بين مشاريع الشبكات ذات النطاق العريض فائقة السرعة ومشاريع البنية التحتية الرئيسية الأخرى، مثل شبكات الطرق والسكك الحديدية الوطنية، وذلك لجهة أنه يمكن التغاضي عن التكاليف والنفقات التي يتم دفعها في المراحل الأولى من هذه المشاريع بالنظر إلى الفوائد العظيمة والمزايا الكثيرة التي تُحققها على المدى الطويل. منتجات وخدمات اجتماعية يرى بونج شنجي أن شبكة الإنترنت التي أسهمت في نشر شبكات النطاق العريض، وزيادة سرعات الاتصال بها، تمتاز بتأثيرات تحويلية لا تقتصر على القطاع الاقتصادي فحسب، بل تتعداه لتشمل المجتمع ككل. فعلى سبيل المثال، تغيرت أمكنة العمل على مدى السنوات السابقة بسبب عمليات التصنيع على مستوى المعامل الكبيرة التي أسفرت عن الاستعانة بمصادر خارجية وظهور ما يسمى بـ «الموظفين المطّلعين» (knowledge workers) ومفهوم الاقتصاد الرقمي. وبالإضافة إلى ذلك، يرى شنجي أن الشبكات الاجتماعية والاقتصادية التقليدية القائمة منذ فترة طويلة تعطلت وتوقفت عن العمل تماماً بفعل صعود نظيراتها من الشبكات الرقمية مثل موقع «لينكد إن» (LinkedIn) الذي يحتل التوظيف مساحة كبيرة من اهتماماته، وموقع «فيسبوك» (Facebook) للتواصل الاجتماعي، وموقع «اي باي» (eBay) للتسوق، ومواقع حجز تذاكر الطيران وأماكن الإقامة أثناء السفر، وغيرها من المواقع المماثلة. ولا تتميز هذه المواقع الرقمية الجديدة بتقديم خدمات جيدة فحسب، بل يفوق مستوى خدماتها نظيراتها من الأماكن الأخرى على أرض الواقع بسبب ميزاتها الأساسية التي تمكنها من إجراء عمليات المطابقة بين الطلبات النادرة للمستخدمين مع الخيارات الاستثنائية المتاحة. الابتعاد عن الماديّة كما يتوقع شنجي أيضاً التوجه نحو الابتعاد عن الماديّة أثناء القيام بنشاطات الحياة اليومية. فلن يعد يتعين علينا امتلاك وسائط ماديّة ملموسة مثل أقراص الفيديو الرقمية والأقراص المدمجة والملفات المكتوبة. بل سيكون لدينا بدلاً من ذلك نسخاً رقمية، أو أننا سنتمكن من الحصول على حقوق الاستفادة من البيانات المتدفقة عبر تقنيات الحوسبة السحابية التي تتجسد في خدمات كتلك التي يقدمها موقعا «سبوتيفاي» (Spotify)، و«باندورا» (Pandora) لبث الموسيقى عبر الإنترنت. وستكون المنازل بالتالي أصغر حجماً مع انتفاء الحاجة إلى توافر مساحات كبيرة فيها لتخزين الأشياء. وسيستخدم الطيارون الأجهزة اللوحية لأغراض الطيران والملاحة بدلاً من المجلدات الضخمة. كما ستستخدم المدارس والجامعات الأجهزة الإلكترونية المحمولة للقراءة وتدوين الملاحظات أثناء الدروس والمحاضرات بدلاً من الكتب والوسائل الدراسية التقليدية. وسيكون ظهور اتجاه «إنترنت الأشياء» (أي ربط الأشياء بالإنترنت) بحسب شنجي، بمثابة محرك رئيسي آخر للتغيير الاجتماعي نظراً لأن أجهزتنا ومعداتنا وسياراتنا ومنازلنا أصبحت جزءاً من الشبكة العنكبوتية العالمية، وباتت تتميز بخصائص تتيح لها التواصل بسلاسة ودون انقطاع معنا ومع بعضها البعض. وإذا افترضنا أن التنقل والتمدن شكلا الاتجاهين الشامِلَيْن في المجتمع في أواخر القرن العشرين، فإن اعتماد التقنيات الافتراضية في جوانب حياتنا كافة يعد بمثابة الاتجاه الكلّي في عصرنا الحالي، كما يشكل توافر النطاق العريض فائق السرعة اليوم المحرك لدفع هذه التقنيات وتحفيزها. وأكد بونج شنجي أنه قد لا يكون الوصول إلى الدور المحوري للإنترنت في تحقيق المنفعة الاقتصادية والاجتماعية ممكناً عبر الاقتصار على تقديم الحوافز للاستثمار الخاص فحسب، وبالتالي فإن دور الحكومات جوهري على مستوى سدّ الفجوة في الحوافز من خلال وضع السياسات والقوانين الناظمة، وهذا ما نشاهده حالياً في العديد من دول المنطقة. وخلص شنجي إلى أن الجهد والتكلفة المتعلقة بنشر البنية التحتية الثابتة للإنترنت تتطلب مناطق ذات خصائص معينة، مثل توافر مستويات متقدمة من التمدن والتنظيم، بالإضافة إلى المباني الشاهقة كما هي الحال في دبي وهونج كونج وسنغافورة ونظرائها من المدن الأخرى. وليس من المستغرب أن هذه المدن قد امتلكت حالياً تقنيات الشبكات ذات النطاق العريض عالية السرعة وبدأت بالاستفادة منها فعليّاً، وتخطو خطوات سريعة على طريق الاستفادة من المزيد من تطبيقاتها. وفي إشارة إلى الأهمية البالغة لتقنيات النطاق العريض، يرى شنجي أن بعض الدول ذهبت إلى تصنيف الوصول إلى تلك الخدمات من بين الحقوق القانونية للمواطنين. وفي هذا الإطار، أصبحت فنلندا في عام 2010 أول دولة في العالم تقوم بوضع قانون يكفل حقّ مواطنيها في استخدام تقنيات النطاق العريض. وهنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، نلاحظ جلياً أنه لا يدّخر قادة البلاد جهداً في سبيل تحقيق معدلات الانتشار الأمثل لخدمات النطاق العريض، وذلك عبر وضع خريطة طريق طموحة لمدّ شبكة الألياف الضوئية إلى المنازل التي من شأنها أن تضمن إتاحة خدمات النطاق العريض بنسبة 100 بالمئة. وما كان لهذا الإنجاز الكبير أن يتحقق لولا النظرة المستقبلية الثاقبة والطموحة التي يتم رفدها بأوجه الدعم والتحفيز المقدّم من الحكومة الإماراتية. آفاق جديدة من الابتكار أشار بونج شنجي إلى أن نتائج الاستثمارات في مجال تطوير البنية التحتية للشبكات ذات النطاق العريض، أظهرت أنها ذات جدوى وقيمة جيدة للاقتصاد خلال أي مرحلة من مراحل دورة الاقتصاد الكلي. وتسهم التكنولوجيا الرقمية حالياً بتشجيع أنماط حياتية جديدة، وتتيح فرصاً لآفاق جديدة من الابتكار في المنطقة، ولا شك أن العامل الأهم هو الدور الذي بدأت تقوم الحكومات والمؤسسات على مستوى زيادة تلك الفرص عبر وضع خطط متكاملة تُطبق بشكل متناغم ومنسجم عبر مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©