بدأ رئيس إحدى أكبر المجموعات الصحفية الألمانية حملة علنية في مواجهة هيمنة عملاق الإنترنت جوجل، معرباً عن هواجس عديدة تشعر بها صناعة الصحافة في المانيا والعالم، وملمحاً إلى إمكانية تحكم محرك البحث بنتائج البحث الخاصة بمحتويات الصحف وأي منافسين آخرين.
وأطلق ماتياس دوبفنر، الذي يرأس مجموعة «اكسل سبرينجر» الصحفية المعروفة، صرخة إنذار، مستنكرا نفوذ وقوة العملاق الأميركي، ومتحدثا بشكل عن أن الصحف تعاني على الإنترنت من وضع احتكاري يمارسه محرك البحث. ويذكر أن المجموعة التي يرأسها دوبفنر تُصدر صحيفة «بيلد زيتينج»، التي تصنف بأنها أكثر صحيفة مقروءة في أوروبا.
رسالة مفتوحة
في رسالة مفتوحة وجهها إلى الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة لجوجل، أريك شميدث، قال دوبفنر «نحن خائفون من جوجل، يجب أن أقول ذلك بكل وضوح وشرف، لأن قلة من زملائي يجرأون فعل ذلك علانية». واعتبر مراقبون أن الناشر الألماني عبّر بصوت عال عما يفكر بهم زملاؤه «في السر عن خسارة معركتهم في مواجهة الغول الأميركي، الذي أنشئ احتكارا ومن دون احترام مبدأ تشجيع المنافسة»، وفق صحيفة لوموند الفرنسية.
وتعبيراً عن حالة تبعية حضور الصحف على الإنترنت بالاعتماد على جوجل، أضاف دوبفنر «نحن لا نملك قدرة المبادرة تجاه جوجل، وليس أمامنا محركات بحث أخرى من أجل الحفاظ على حضورنا على شبكة الإنترنت أو تطوير هذا الحضور. إن جوجل ليست بحاجة لنا، أما نحن فبحاجة لجوجل».
وأطلق دوبنفر صرخته عبر مقال نشره في صحيفة منافسة هي «فرانكفورت اليجمين زيتينج»، التي كانت نشرت دعوة وجهها رئيس الشركة الأميركية إلى الناشرين الألمان من أجل ما أسماه «مزيدا من التعاون».
وتحكم العلاقة بين جوجل والناشرين الألمان، بما فيها مجموعة «أكسل سبرينجر»، تنظيمات دخلت حيز التنفيذ بدء من الأول من أغسطس 2013، وهي تفرض على محركات البحث الحصول على رخصة من الناشر إذا أرادت استخدام محتويات المواقع الألمانية. كما سمحت لها أيضاً بنشر إعلانات «صغيرة (مثل إعلانات جوجل) مع هذه المحتويات من دون أي يتوجب على المحركات أي مقابل.
وتختلف طبيعة اتفاقات العملاق الأميركي مع الصحف من بلد إلى بلد، فقد فرضت فرنسا على جوجل تمويل صندوق بقيمة 60 مليون يورو. واعترضت محرك جوجل في السنوات الأخيرة الكثير من قضايا المحاكم التي تتهمه بالاحتكار. ولا يزال الاتحاد الأوروبي مشغولا بتطوير تنظيم العلاقة والقوانين التي ستحتكم إليها الخلافات بين وسائل الإعلام الأوروبية والوافد الأميركي عبر الإنترنت.
تحكم بالنتائج
عكس جواب الناشر الألماني على دعوة شميدث نوعا من عجز وعدم قدرة لافتة وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لدوبفنر، الذي يعد أحد أكبر الناشرين الصحفيين الألمان، ومن أبرز الناشرين الأوائل الذين قرروا التحول نحو الصحافة الرقمية.
ومن أبرز صور هذا العجز التي تستدعي من أصحاب الصحف كافة قول كلمتهم ما تحدث عنه دوبفنر من قدرة جوجل على التحكم بنتائج الظهور عبر معادلاتها اللوغارتمية، وهي النتائج التي يتحدد في ضوئها نصيب الصحف من عوائد إعلانات جوجل. وفي هذا الشأن لفت دوبفنر إلى قدرة جوجل على خفض الظهور خلال أيام قليلة، أي خفض حركة المرور على محتويات أو مواقع منافسة بعينها.
وفيما خص النتائج المالية الإعلانية للتعاون بين جوجل والصحف الألمانية، تفيد آخر إحصاءات «الاتحاد الفيدرالي للناشرين الألمان» أن جوجل تجني 70% من الإنفاق الإعلاني الألماني على الإنترنت، أي نحو أربعة مليارات دولار أميركي. أما شركات الناشرين للصحف الرئيسية فتتقاسم فقط نصف مليار فقط، رغم أن الناشرين «هم الذين يضعون استثماراتهم في إنتاج المحتويات التي تقطف ثمارها المالية جوجل»، وفق الناطق باسم الناشرين الألمان، بيتر كلوتسكي.
(أبوظبي- الاتحاد)
عدد اليوم
