الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نبراس أمل في باكستان

8 ابريل 2012
قدمت حكومة باكستان، بطلب من رئيس وزرائها، ترشيحاً رسميّاً إلى لجنة جائزة نوبل للسلام 2012، لرجل الأعمال الخيرية عبد الستار إدهي. وإذا أخذنا بالاعتبار عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، فإن هذا الترشيح يكتسي أهمية خاصة، حيث كرّس إدهي حياته بأكملها لخدمة الناس. وقد تأسست منظمته -مؤسسة إدهي- عام 1951، بعد فترة قصيرة من حصول باكستان على استقلالها. فبعد أن لاحظ أن حكومة بلاده لا تستطيع إلا بصعوبة توفير احتياجات شعبها، حينها تقدم هو إلى المعترك، للمساهمة في خدمة المصلحة العامة. وإدهي، الذي بدأ قبل 60 سنة بسيارة إسعاف صغيرة كان يقودها بنفسه، يدير اليوم منظمة خيرية عالمية لها مراكز في 37 دولة. وتدير المؤسسة أكبر خدمة إسعاف في باكستان، ومئات المستشفيات والعيادات وعشرات دور الأيتام التي خدمت مئات الناس طوال ستة عقود. كما تتولى مؤسسته علاج المرضى الفقراء، والاهتمام بتجهيز والصلاة على أعداد كبيرة ممن يتوفون ولا يطالب أحد بجثثهم في المشرحة. وكذلك أدرج اسمه أباً لألوف الأطفال المتخلى عنهم، وقد وضعوا في أسرّة صغيرة في مراكز إدهي التي تقدم خدمات منظمته أدهي. ولم يأخذ يوماً إجازة في حياته. وبالنسبة لدولة تجد نفسها بشكل متواصل في حالة من الفوضى، فإن كفاءة موظفيه ومتطوعيه مثيرة للتقدير. وقد وفرت مؤسسة إدهي كذلك مساعدة للمجتمعات المحلية التي ضربتها الكوارث في أعقاب إعصار كاترينا في الولايات المتحدة، وإعصار سدر في بنغلادش. وبذلك تقدم الباكستانيون لمساعدة المحتاجين ليس فقط داخل حدودهم الوطنية وإنما خارجها أيضاً. ويؤمن إدهي بعمق أن العناية الإلهية ستعطيه الموارد لمساعدة كافة المصابين بالكوارث في أي مكان في العالم. وقد صرح مؤخراً في مقابلة معه أنه "لا يوجد شيء في هذا العالم يعلو على الإنسانية". وبذلك يعطي عمله في المجالات الخيرية بالتأكيد صدقية وشرعية لجهود خدمة الإنسانية تفوق حواجز العرق والدين والثقافة حول العالم، وهذا شغف وعاطفة متفقة يشاركه فيها أخوه في الإنسانية الممثل ومخرج الأفلام الأميركي شون بين. وقد عبّر شون بين، الفائز مرتين بجوائز الأوسكار عن إعجابه بأعمال إدهي في زيارة قام بها مؤخراً لأحد مراكز إدهي في كراتشي. واعترف إدهي بصراحة أنه لم يكن على علم بمن هو شون بين، ولا يعرفه من الأساس. ولكن "بين" كان مندهشاً بما حققه مضيفه الباكستاني صاحب الأعمال الإنسانية عبر السنين. ويكرّس الفائزون السابقون بجوائز نوبل للسلام جهودهم الهائلة في السعي لتحقيق السلام في المجتمعات التي عملوا فيها. ويشبه نضال إدهي وعاطفته المتدفقة ومهمته صفات الأم تيريزا في الهند إلى درجة كبيرة. فرغبتها الشديدة في خدمة فقراء كلكوتا عصرت قلبها وهي تدرّس في مدرسة سانت ماري الثانوية. وما بدأ عام 1948 كمدرسة في الهواء الطلق لسكان مناطق كلكوتا الفقيرة تحوّل بسرعة إلى أعمال خير انتشرت حول العالم. وفي المقابل كان خط انطلاق إدهي مماثلاً. فقد بدأ بقيادة سيارة إسعاف ومساعدة المرضى دون مقابل، ووسع مجال عمله الخيري عندما شعر بالحاجة المتزايدة لفقراء باكستان إلى ذلك. ومع هذا فهو يصر على أنه لا يطمح لنيل جائزة نوبل للسلام أو أي جائزة أخرى. وإنما هدفه خدمة الناس، وإذا أدار المجتمع ظهره لك فإن إدهي يفتح ذراعيه لك. ولاشك أن في باكستان بعض المعاناة تعاني منها الشرائح الأكثر فقراً بشكل خاص. وتبقى الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية غير مستقرة، وأصبحت مهمة إدهي أكثر إلحاحاً. وبالنسبة لمن يحصلون على رعايته، فإن مثلهم الأعلى الحي قد حصل على جائزة نوبل للسلام سلفاً في قلوبهم، وترشيحه لها يوفر فقط المزيد من الاعتراف والشرعية والصدقية الخارجية التي تضمن أن يستمر عمله. زيشان سهيل كاتب باكستاني ينشر بترتيب مع خدمة "كومن جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©