الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

يهدد صناعــة التعدين

يهدد صناعــة التعدين
3 يناير 2008 01:15
لعل صناعة التعدين لم تشهد طوال تاريخها أوقاتاً أفضل من الآن بطلب لا يتوقف عن النمو من الصين الورشة العالمية للصناعة، وبعد أن أصبحت صناعة التعدين تنطوي على كميات هائلة من الأموال تقدر بمليارات الدولارات، بدأت الضغوط تمسك بخناق هذه الصناعة وتدفع بها للاستمرار في الحفر بحثاً عن كل شيء ابتداءً من الحديد الخام إلى الفحم والذهب والألماس بغية الاسراع في شحنها إلى الموانئ في جميع أنحاء العالم، وربما لا يوجد مكان يهدد بالمزيد من الحدة في هذه الضغوط أكثر من القطاع الذي يختص بانتاج الإطارات والتي بامكانها وحدها أن تجعل عجلة التعدين تستمر في دورانها· وقد يبدو الأمر مجرد تفاصيل صغيرة للوهلة الأولى إلا أن المسألة لا تتعلق بأنواع الإطارات العادية وانما تلك التي يصل ارتفاعها إلى 13 قدما وتزن الواحدة منها أكثر من 5 أطنان، وبدونها فإن الشاحنات التي يتساوى حجم إحداها بأحد المنازل المتوسطة سوف تعجز عن نقل الأحمال من أعماق أكبر المناجم في شيلي أو غرب أستراليا وبشكل يكبد الصناعة الملايين من الدولارات في الإيرادات· وكما ورد في صحيفة الاندبندنت البريطانية مؤخراً فإن شركة بريدجستون اليابانية المزود الأكبر للعالم بالإطارات العملاقة قد حذرت في هذا العام من حدوث نقص في الإطارات يمتد إلى العام 2012 وهو الرأي الذي تؤيده شركة ميشلان التي تحتل المرتبة الثانية على العالم في تزويد هذا المنتج· ولكن هذا النقص بلغ مستوى من الحدة إلى درجة أن الإطارات التي كانت تكلف 30 ألف دولار قبل عامين من الآن قد ازدادت قيمتها إلى ثلاثة أضعافها منذ ذلك الوقت· إذ يقول الثوني كوشين مدير منجم بلاك ستار التابع لشركة اكستراتا في أستراليا ''بهذا المستوى من النقص العالمي الحالي في الإطارات العملاقة لآليات المناجم فإن إطار الشاحنات الضخمة يمكن أن يتجاوز مبلغ الـ 90 ألف دولار''· بل لقد أصبح من الاعتيادي أن نشهد شاحنات التفريغ الجديدة يتم جلبها إلى المواقع وهي خالية من الإطارات لتبقى عاطلة عن العمل لأسابيع أو أشهر طويلة إلى أن تصل عجلاتها، لذا فليس من المستغرب أن تلجأ شركات التعدين إلى البحث عن حلول إبداعية والتفافية لتعويض هذا النقص حيث عمدت شركة اسكتراتا إلى منح بعض السائقين عطلات غير مدفوعة بسبب غياب الإطارات بينما اتجهت شركة ريوتينتو لفتح ورشة خاصة باعادة خياطة وتجديد الإطارات القديمة من أجل تمديد عمر صلاحيتها في العام الماضي· ولما كان الإطار الواحد لا يعيش فترة أكثر من ستة أشهر متواصلة فإن تمديد عمره لشهر واحد فقط أصبح يتمخض عن الكثير من الفوائد الملحوظة، والآن فإن النقص بات يمثل جزءاً واحداً فقط من الضغوط الهائلة التي تواجه الصناعة وتبعث بتكاليف التشغيل إلى عنان السماء في كامل قطاع التعدين، ففي دراسة أجرتها مجموعة جولدمان ساكس مؤخراً وتختص بمراجعة أسعارها المستهدفة لسلسلة من السلع، لاحظ البنك أن ''هناك دلائل تتنامى وتشير إلي أن المعروض بات يناضل من أجل التكيف مع الخطوات المتسارعة للنمو المتفجر في الطلب مما أدى إلى عجز الشركات عن الالتزام بالأسقف العالية لانتاجها· وإلى ذلك فإن تكلفة المتفجرات المستخدمة في المناجم على سبيل المثال قد قفزت بسرعة صاروخية وسط ضغوط مشابهة بينما أصبح يتعين على شركات الشحن البحرية الاصطفاف لاوقات طويلة أمام الموانئ لكي تفوز بأي قدر من الأحمال الجديدة، ولكن النقص قد أدى أيضاً إلى آثار سلبية ملحوظة أيضاً بسبب حمى الاندماجات التي اجتاحت الصناعة في الأشهر الأخيرة· فبعد أسابيع فقط منذ أن تقدمت شركة بي اتش بي الأكبر في العالم في مجال التعدين بعرض لشراء شركة ريوتينتو سرعان ما عمدت شركة اكستراتا إلى وضع نفسها على قائمة البيع حيث من المنتظر أن تصبح شركتا انجلو أميركان وشركة فيل البرازيلية أكبر المرشحين لشرائها· وفيما يبدو فإن الشركات الأكثر مرونة وكفاءة التي لديها أعلى مستويات من هوامش الارباح هي التي ستحقق النصر مع نهاية حمى الاندماجات أو تستطيع على الأقل تأمين أسعار أعلى لموجوداتها في نهاية المطاف· وعلى كل فإن التكاليف العالية في الصناعة سوف يجري تعويضها بالأسعار القياسية الحالية التي أصبحت سائدة في سلسلة متكاملة من السلع حيث يقول موري تيلور رئيس شركة تيتان انترناشيونال الأميركية المصنعة لإطارات السيارات في رمال القار في كندا ومع سعر للنفط بمستوى 80 دولاراً للبرميل فإن الشاحنة بسعر 3 ملايين دولار يمكن أن تسترد أموالها بعد فترة 30 يوماً فقط من العمل·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©