الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكفوفون مصريون يلتقطون صوراً فوتوغرافية بـ «بصيرتهم»

مكفوفون مصريون يلتقطون صوراً فوتوغرافية بـ «بصيرتهم»
12 يونيو 2010 20:54
استخدم طلبة مكفوفون قوة حواسهم وإرادتهم في التغلب على فقدان الإبصار واشتركوا في ورشة لتعلم فن التصوير الفوتوغرافي بجامعة القاهرة التي أقامت لهم معرضاً ضم خمسين صورة التقطها المكفوفون بأنفسهم بمساعدة معيدة في كلية التربية النوعية كان لها الفضل في طرح فكرة الورشة. شعارهم أن القوة في البصيرة لا في البصر وأن الإنسان بإرادته يستطيع أن يتحدى المستحيل ولم يقعدهم كف البصر ينعون حظهم بل قهروا الإعاقة وأثبتوا أنهم أقوى وأن بإمكانهم أن يقتحموا مجالات المبصرين مثل التصوير والرياضة والفن التشكيلي. بداية الفكرة تقول ريهام أحمد، المعيدة بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة إن “الدكتورة فيفي زلط أستاذ التربية الفنية بالكلية أول من اقترح تنظيم ورش للمكفوفين لما تلمسه من تفوق وتركيز وقوة لحواسهم فتحمست للفكرة خاصة أنه لا يوجد من يتولى تدريس هذا التخصص للمكفوفين وبحثت في الإنترنت وجمعت الكثير من المعلومات حول الفكرة واكتشفت أن الفكرة موجودة في الخارج وخصوصاً في تركيا منذ فترة وصممت على إعطاء هذه الكورسات لأن التصوير تخصصي”. وتضيف “اشتركت مع المكتبة المركزية بجامعة القاهرة في الإعلان عن هذه الورشة للطلبة المكفوفين ودرست لهم التصوير نظرياً من حيث أنواع اللقطات والزوايا بنفس أسلوب الشرح للطلبة المبصرين مع الاعتماد على اللمس وباقي الحواس كالسمع لمعرفة مكان الهدف المراد تصويره وعلمتهم كيفية الإمساك بالكاميرا الديجيتال وزر التقاط الصورة والزر المسؤول عن الزووم حسب موقع المصور”. تتابع “خرجنا للتصوير في حديقة الأزهر والاهرامات والمتحف الزراعي وساعدتهم في الإمساك بالكاميرا أول الأمر وشرح المكان ووصفه لهم حتى تتكون الصورة في خيالهم ويبدأوا معرفة الأبعاد على أساس اللمس أو الصوت كصوت نافورة الماء مثلًا أو الوصف كوصف الهرم وارتفاعه والمسافة بيننا وبينه والطالب يختار الزاوية التي يريدها للتصوير بناء على وصفي ثم يلتقط الصورة بنفسه”. صعوبات التنفيذ عن الصعوبات التي واجهتها تقول أحمد “التخوف من هذه الفكرة الجديدة بالإضافة إلى أنني المتطوعة الوحيدة للقيام بهذه التجربة وعدم وجود جهة توافر الاحتياجات المالية للورشة فقد استضفنا العام الماضي مركز سعد زغلول الثقافي بالقاهرة وهذا العام المكتبة المركزية لجامعة القاهرة ونحتاج إلى أن يتوسع الأمر اكثر من ذلك على يد رعاة لإمكانية تكرار الورشة واستقبال أعداد اكبر من الطلبة الذين لديهم البصيرة القوية والإحساس المرهف حتى أن الطالبة رضوى عندما دخلت حديقة الأزهر وسمعت صوت النافورة طلبت أن تجلس على ركبتها لالتقاط صورة لها لأن الصوت يدل على أن النافورة في مستواها وضبطت موقع التقاط الصورة بناء على وصفي لها”. من جهته، يقول الدكتور شريف شاهين مدير المكتبة المركزية بجامعة القاهرة “عندما اقترحت الفكرة أعجبت بها كثيراً خاصة أنها تزامنت مع رؤيتي لمعرض اللوحات الزيتية لفاقدي البصر وكنت متحمساً لإقامة هذه الأنشطة والمعارض بالمكتبة لذا رحبت بفكرة ورش التصوير للمكفوفين ولم يتردد أي مسؤول بالجامعة في قبول الفكرة وتوفير الموارد المطلوبة من كاميرات التصوير ونفقات الرحلات ونشجع أي اقتراح لزيادة التواصل بين المكفوفين والمجتمع”، مشيراً إلى أن قاعة طه حسين بمكتبة جامعة القاهرة مختصة بخدمة الطلبة المكفوفين ومجهزة بـ 46 جهاز كمبيوتر لتحويل النصوص الرقمية المسموعة لاستخدام الطلبة ليبحروا في صفحات الويب وإنشاء صندوق البريد الخاص بكل منهم دون تدخل الوسيط البشري. وتقول الدكتورة أماني رفعت، المشرفة على قاعة طه حسين لفاقدي البصر “كان أكثر المتقدمين للاشتراك في الورشة من أقسام الإعلام لارتباط عملهم بالتصوير ولم نكن نتوقع هذا الإقبال الكبير حتى أن هناك طالباً يأتي من خارج القاهرة خصيصاً لحضور الورشة وبعد انتهاء الورشة أقمنا معرضاً في القاعة لعرض هذه الصور وتحت كل صورة شرح بطريقة برايل موجه للطلبة المكفوفين الآخرين”. تجارب شخصية لقطات لجامعة القاهرة وأبوالهول والورود صورتها الطالبة مروة، وجاءت الصور ناطقة بالبصيرة والدقة والإحساس، وتقول مروة “أنا طالبة في الفرقة الثالثة في كلية الألسن وعلمت عن طريق المكتبة المركزية بجامعة القاهرة عن ورشة التصوير لأن أختي طالبة في كلية الإعلام وتتردد إلى المكتبة وهي أيضاً كفيفة وتحمست أنا وأختي لهذه التجربة التي لم أكن أتصور أنني سأنجح فيها وأحبها كل هذا الحب وقد يكون ما ساعدنا كمكفوفين هو تعودنا دائماً على التخيل منذ صغرنا حتى تخيل الألوان ومدلولها وعندما بدأنا الورشة تعلمت نظرياً ما هو التصوير وكيفية قياس الأبعاد واستخدام الزووم والامساك بالكاميرا واستعمالها وهذا لم يكن صعباً فنحن نستعمل الموبايل وما نحتاج إليه هو مرشد في أول الأمر يشرح كيفية عمله ثم نخزن ذلك في ذاكرتنا ونستعمل المحمول بعد ذلك بمفردنا”. وتبين “الصعوبة الحقيقية فكانت عندما نزلنا إلى موقع التصوير وفيه نعتمد على مدربتنا ريهام لشرح المكان الذي نتواجد فيه ثم تساعدنا في تخيل افضل جهة يمكن تصويرها وتترك لنا حرية اختيار المناظر وتحديد البعد الذي نريده في الصورة وعندما يكون ما نريد تصويره ثابتاً يكون سهلًا كما في حالة المتحف الزراعي فقد قمت بلمس التمثال لمعرفة شكله وحجمه واخترت المسافة التي سألتقط منها الصورة وبالفعل التقطت أكثر من صورة وأخذت وقتاً لتثبيت الكاميرا لأنها ثقيلة فقد كانت تهتز أول الأمر عند الضغط على زر التصوير ولكن بالتكرار أصبح الأمر سهلاً أما المناظر البعيدة فإن توجهات المدرسة كانت أساسية”. وتتابع “كنت أسألها عن بعدنا عن الهرم مثلًا وارتفاعه وأشياء من هذا القبيل حتى أتخيل الصورة وأبني قياساتي عند التصوير. وأنا سعيدة بهذه التجربة، ونحن نستطيع عمل أي شيء من مذاكرة أو طبخ ومساعدة في أي عمل حتى في تنسيق الألوان والملابس بناء على معرفتنا السابقة بكل لون والفضل لوالدينا فمنذ الصغر تعودا إخبارنا بكل ما حولنا ووصفه لنا حتى الألوان ونختزن هذه المعلومات في ذاكرتنا”. أما وليد فهو طالب كفيف يأتي من دمياط ويدرس في كلية الإعلام بالقاهرة، يقول “أنا دائم التردد إلى المكتبة المركزية بجامعة القاهرة وعندما علمت بورشة التصوير صممت على دخولها وأصبحت أحضر كل يوم للمشاركة والفكرة مع غرابتها أعجبتني وأرى لها علاقة وثيقة بمهنتي في المستقبل كإعلامي حتى وان لم أكن مصوراً فسأكون على علم ودراية بالتصوير عندما يرافقني مصور ويكون لي رأي ووجهة نظر في الصورة وافهم ما أسمعه وأتصوره وأتمنى أن تتكرر هذه الورشة وتصبح لها مستويات نتطور من خلالها ونطور معرفتنا وقدرتنا على التصوير”. وتقول رضوى طالبة من المنضمات للورشة “حياتي ككفيفة معتمدة أساساً على التخيل والتصور وكل ما نسمعه نترجمه إلى صورة في أذهاننا لذا عندما سمعت عن الورشة اشتركت فوراً وشدني فن التصوير وبعد تعلم الأساسيات التي درسناها في مناهجنا بالكلية تعلمنا حمل الكاميرا ولمسها للتعرف إليها والاعتماد على حواسنا من سمع ولمس لتحديد الكادر والمسافة والمقاييس واستطعنا اجتياز التجربة بنجاح وأنا سعيدة باللوحات المعروضة في الجامعة خاصة أننا شرحنا ما نتخيله عن الصورة بطريقة برايل لزملائنا المكفوفين الذين يزورون المعرض”. ويقول طارق حلمي موظف في المكتبة المركزية وهو أيضاً كفيف وشارك الطلبة في ورشة العمل “أحب المشاركة في أي نشاط يسهم في تأكيد مقدرة الكفيف على صنع المعجزات وأتمنى تغير نظرة البعض للكفيف على أنه غير قادر على فعل أي شيء فأنا أمارس رياضة كرة القدم “الجرس” والسباحة والأنشطة الفنية والأدبية وحصلت على دبلوم الدراسات العليا في الأدب المسرحي، وأهوى الأدب المسرحي والنقد ونشاط التصوير شدني كثيراً واستمتعت بتعلمه لأنقل الصورة التي بذهني للآخر”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©