السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

محللون سياسيون بلندن لـ«الاتحاد»: ماي ستستقيل في نهاية المطاف

محللون سياسيون بلندن لـ«الاتحاد»: ماي ستستقيل في نهاية المطاف
11 يونيو 2017 16:07
في الوقت الذي تحاول فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مواجهة آثار نكسة الثامن من يونيو، في ضوء نتائج الانتخابات التي جرت في ذلك اليوم وأفقدت حزب المحافظين الذي تتزعمه الأغلبية المطلقة في مجلس العموم، أكد محللون سياسيون في لندن أن المفاوضات المقبلة بين حكومة ماي والاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا ستكون عسيرة وتوقع بعضهم استقالة ماي من منصبها بعد أشهر عدة. لكن هؤلاء المحللين شددوا في الوقت ذاته على حرص الحكومة المقبلة في المملكة المتحدة على العلاقات مع منطقة الخليج، في ظل تسارع خطوات تعزيز الروابط بين الجانبين خلال الشهور الماضية. ففي تصريحات لـ«الاتحاد»، قال المحلل السياسي عادل درويش إنه بغض النظر عن المقاعد التي خسرها «المحافظون» في الانتخابات العامة التي جرت يوم الخميس الماضي، وهو ما جعل الحزب يفقد أغلبيته المطلقة التي كان يتمتع بها قبل الاقتراع، فإن تيريزا ماي ما تزال تحظى بـ«أغلبية عاملة» في البرلمان تُمكِّنها من تمرير القرارات التي تريدها بغض النظر عن كونها «أغلبية غير مريحة». وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز حزب المحافظين بـ318 مقعداً وهو ما يقل بـ13 مقعداً عن حصته في البرلمان السابق، بينما زاد نصيب حزب العمال المعارض من 232 مقعداً في انتخابات عام 2015 إلى 262 في الاقتراع الأخير. واعتبرت تلك النتائج فشلاً لـ«مقامرة» أقْدَمت عليها رئيسة الوزراء البريطانية عندما دعت إلى إجراء هذه الانتخابات المبكرة في محاولة لتعزيز قدرتها على الوصول إلى اتفاقٍ أفضل مع الاتحاد الأوروبي في المحادثات المقرر بدؤها في 19 يونيو المقبل، ولكن الدعوة إلى الانتخابات أتت بنتائج عكسية تماماً. وفي تصريحاته لـ«الاتحاد»، لفت عادل درويش النظر إلى أن ما تواجهه ماي حالياً ليس الأول من نوعه في التاريخ السياسي البريطاني الحديث. وأشار في هذا الشأن إلى أن إدوارد هيث رئيس الوزراء المحافظ في النصف الثاني من القرن العشرين، عانى من ذلك من قبل في عام 1974، عندما دعا إلى إجراء انتخاباتٍ مبكرة لزيادة الدعم البرلماني الذي تحظى به حكومته في مواجهة مطالب عمال المناجم بزيادة الأجور، ولكن ذلك أفضى في نهاية المطاف إلى «برلمانٍ معلق» لا يحظى فيه أي حزبٍ بأغلبية مطلقة كما هو الحال حالياً. وتوقع درويش أن تتبنى حكومة ماي المقبلة نهجاً متشدداً في المفاوضات مع التكتل الأوروبي، وذلك حتى تُخفي الضعف الذي يعتريها حالياً. وقال في هذا الشأن: «عندما تكون الحكومة ضعيفة في الداخل فإنها تنزع إلى التشدد حيال قضايا السياسة الخارجية، سواء كانت هذه القضايا تتعلق بحربٍ أو غير ذلك. لذا فهي (ماي) ستتشدد مع الاتحاد الأوروبي حتى لا تبدو ضعيفة». وبينما أقر المحلل السياسي البريطاني المصري الأصل بوجود استياءٍ بل وغضب في صفوف حزب المحافظين إزاء ماي، فقد أشار إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية سعت إلى تخفيف هذه المشاعر عبر الاستجابة إلى مطلب نواب الحزب في مجلس العموم بإقالة نِك تيموثي وفيونا هيل وهما مستشاراها اللذان «كانا مسؤوليْن عن إعداد برنامجها الانتخابي» الذي خاض به «المحافظون» الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ويُشار إلى أن تيموثي وهيل، اللذين بدآ العمل إلى جانب تيريزا ماي منذ أن كانت وزيرةً للداخلية بين عامي 2010 و2016، يتعرضان منذ ظهور نتائج الانتخابات لانتقاداتٍ واسعة من جانب قيادات حزب «المحافظين»، إذ اعتُبِرا مسؤوليْن عن «الحملة الانتخابية الكارثية» التي خاض بها الحزب المعركة الانتخابية الأخيرة. ودعا عادل درويش إلى الانتظار حتى يوم غد (الثلاثاء) لتحديد مدى الدعم الذي ما تزال رئيسة الوزراء البريطانية تتمتع به بين نواب حزبها في مجلس العموم، وذلك في ضوء الاجتماع المقرر غداً بين الجانبين. ولكن درويش استبعد أن يتخلى حزب المحافظين عن زعيمته حتى رغم حالة الغضب الحالية. وعزا ذلك إلى أن تخلي الحزب عن ماي وبالتالي استقالتها من منصبها سيؤدي إلى «انهيار قيمة الجنيه الإسترليني، وكذلك انهيار الأسواق كما ستتقوض سمعة بريطانيا في العالم». وأشار إلى أن كل ذلك يوجب على «المحافظين» الالتفاف حول رئيسة الوزراء «وتأييدها بهدف تحقيق الصالح الوطني». أما على صعيد العلاقات المستقبلية بين الحكومة البريطانية المقبلة ومنطقة الخليج، أكد المحلل السياسي المخضرم أن هذه العلاقات «ثابتة» بغض النظر عن شكل الحكومة التي تُمسك بزمام الأمور في لندن. وأشار إلى أن «الصداقة مع المنطقة العربية قديمة وتعود إلى نحو 300 عام». وأعاد التذكير بـ«الاستقبال الرائع» الذي حظيت به تيريزا ماي خلال حضورها القمة السابعة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي، التي عُقدت في البحرين أواخر العام الماضي. وشدد درويش على أن «عودة بريطانيا إلى الخليج جرت بالفعل منذ فترة»، مشيراً في هذا الشأن إلى الروابط العسكرية والاقتصادية والسياسية القائمة بين الجانبين في الفترة الراهنة. كما أكد أن مثل هذه العلاقات ضرورية لبريطانيا في فترة الخروج من الاتحاد الأوروبي المعروف باسم «البريكزيت»، وهي الفترة التي قال إن المملكة المتحدة ستكون فيها في حاجة إلى «دعم أصدقائها التقليديين». من جهة أخرى، أشار درويش إلى أن التنسيق البريطاني الخليجي سيكون أكبر في الفترة المقبلة، وذلك في ضوء التأييد الذي تبديه حكومة حزب المحافظين للرئيس الأميركي دونالد ترامب «الذي بدأ في اتخاذ مواقف إيجابية داعمة لمجلس التعاون الخليجي في أزمته مع قطر ولمواجهة إيران». ولكن المحلل السياسي د. حسن عبد ربه يرى في تصريحات لـ«الاتحاد» أن ملف العلاقات مع الخليج قد يبقى «معلقاً» لفترة قد تتراوح ما بين أربعة أو خمسة أشهر على الأقل بعد إتمام تشكيل الحكومة الجديدة في بريطانيا، على الرغم من الجهود التي بذلتها تيريزا ماي لتعزيز هذه العلاقات خلال فترة ولايتها الأولى. فـ«عبد ربه» يرى أن رئيسة الوزراء البريطانية سترضخ لمطالب الاستقالة التي تواجهها في الفترة الحالية «لكنها لن تُقدِم على هذه الخطوة الآن». ويعزو هذا التأخر إلى أن «اعتبارات الكرامة (لدى ماي) كزعيمة للحزب ورئيسة للوزراء ستجعلها تقاوم هذه المطالب». ولكنه أشار إلى أن بوادر تنازلات رئيسة الوزراء البريطانية للغاضبين منها في داخل حزبها بدأت بالفعل عبر استقالة مستشاريّها تيموثي وهيل، بجانب تخليها «عن بعض وزراء حكومتها السابقة في تشكيلتها الحكومية المقبلة، باستثناء الوزراء الرئيسيين، وذلك لتحقيق قدرٍ من التوازن في الحكومة الجديدة». وتوقع د. عبد ربه أن تستمر المعركة الخاصة بمسألة بقاء ماي في منصبها حتى أكتوبر الأول المقبل، وهو موعد المؤتمر العام لـ«المحافظين». وأشار إلى أن الحكومة التي سترأسها هذه السيدة ستكون هشة فيما يتعلق بتعاملها مع الشؤون الداخلية، «رغم أنها ستسعى للاهتمام أكثر بهذه القضايا، في مسعى لأن تنفي عن نفسها تهمةً أنها متفرغة فقط لمسألة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي». واعتبر عبد ربه أن اهتمام رئيسة الوزراء البريطانية سينصب خلال الشهور القليلة المقبلة «على ملفيْن شديديْ الأهمية بالنسبة لها: أولهما الإبقاء على تحالفها الوليد مع الحزب الوحدوي الديمقراطي (الذي وافق على دعم حكومتها بداخل البرلمان) وكذلك الحفاظ على تشكيلتها الوزارية المقبلة لأطول فترة ممكنة، ربما لستة أشهر». أما الملف الثاني -بنظر المحلل السياسي العربي المقيم في لندن- فيتمثل في أن يكون بوسع ماي أن تبدأ المحادثات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي «بنوع من القوة أو ادعاء القوة لكي تضمن أن من سيرث منها هذا الملف سيكون لديه أساسٌ يستطيع أن ينطلق منه». ويعتبر عبد ربه أن الاتحاد الأوروبي بات الآن «متنمراً -سياسياً واقتصادياً- لتيريزا ماي» بعد الانتخابات التي أفقدتها الأغلبية البرلمانية المطلقة التي كانت تساعدها على تمرير ما تريده من قوانين. وقال إن سقف المطالب الذي كانت تسعى رئيسة وزراء بريطانيا إلى عدم النزول عنه في المفاوضات مع التكتل الأوروبي «هبط على الأقل بنسبة الثلث، خاصة في ما يتعلق بمسألة الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة، وعلاقة بريطانيا بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وكذلك علاقتها بالسوق الأوروبية الموحدة». ويخلص د. عبد ربه إلى القول إن هذه العوامل مجتمعة ستجعل ماي تدخل المفاوضات المقبلة مع بروكسل وهي في حالة «ضعيفة وهشة للغاية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©