الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البريطانيون لا يعارضون التقشف

8 ابريل 2015 22:10
بعدما تحملوا خمس سنوات في واحد من أكبر تخفيضات الميزانية في التاريخ الحديث لبريطانيا، ستتاح للناخبين قريباً فرصة لتخفيف التأثيرات المؤلمة التي نتجت عن ذلك في وقت أخذ اقتصاد البلاد يتعافى. ولكن بدلاً من أن ينهوا التقشف، يبدو أن البريطانيين على استعداد للاستمرار على نفس النهج، بل والإمعان فيه. فعلى رغم أن استطلاعات الرأي تُظهر أن حزب المحافظين - وهو أحد الشريكين في الائتلاف الحاكم - وحزب العمال المعارض متعادلان تقريباً في نتائج استطلاعات الرأي في وقت لم يعد يفصلنا فيه عن موعد الانتخابات العامة سوى شهر ونيف، إلا أن استطلاعات الرأي نفسها تمنح المحافظين تقدماً بخصوص سؤال حول الحزب الذي يحظى بأكبر قدر من الثقة لإدارة الاقتصاد. هذا علماً بأن المحافظين، بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، يقولون صراحة إن أجندتهم الاقتصادية لولاية ثانية تشبه إلى حد كبير سابقتها، بل إنهم ربما يعتزمون زيادة الإجراءات التقشفية في مجالات يقول المنتقدون إنها تعرضت أصلاً لتخفيضات كبيرة جداً. ويمكن القول إن استعداد الجمهور لتحمل سنوات أخرى من التقشف، على رغم تحسن الصورة الاقتصادية العامة لبريطانيا، إنما يعكس إلى أي مدى ما زالت تأثيرات الأزمة المالية العالمية محسوسة في هذا البلد، إذ ما زال الناخبون يخشون شبح نفاد أموال الخزانة العامة جراء زيادة الإنفاق الحكومي، وذلك على رغم مرور قرابة ثماني سنوات على اندلاع الأزمة. وفي هذا الصدد، يقول «جو تويمان»، رئيس الأبحاث السياسية والاجتماعية في شركة «يوجوف» لاستطلاعات الرأي: «إن الناخبين من مختلف ألوان الطيف السياسي أيدوا المقاربةَ الاقتصادية العامة القائمة على ضرورة خفض الإنفاق لأن هناك اعترافاً بأننا ننفق كثيراً». والعلاج، الذي روج له كاميرون منذ البداية خلال حملته الانتخابية الناجحة في 2010، كان يتمثل في خفض الإنفاق بشكل ملموس. وقد فعلت الحكومات الأخرى عبر أوروبا الشيء نفسه في وقت أصبح يُنظر فيه إلى التقشف المالي على النموذج الألماني على أنه ترياق لعلاج آثار سنوات الإفراط في الإنفاق. ولكن بعد سنوات من التخفيضات القاسية، يبدو أن بلداناً في أوروبا الجنوبية باتت ترفض هذا الدواء مع فوز حزب من اليسار الراديكالي في الانتخابات في اليونان في يناير الماضي بفضل برنامج انتخابي يتعهد إنهاء التقشف، وسعي حزب آخر للقيام بالشيء نفسه في إسبانيا في انتخابات مقررة أيضاً هذا العام. ولكن في بريطانيا، حيث كانت التخفيضات كبيرة بالمعايير التاريخية الوطنية وإن كانت متوسطة مقارنة مع معايير أوروبا الجنوبية، ليست ثمة مؤشرات على رد فعل شعبي معارض للتخفيضات على نطاق واسع. فحتى حزب العمال، الذي وصف مخططات كاميرون لتبني مزيد من التخفيضات بـ«المتطرفة»، قال إنه لن يتراجع عن التدابير التقشفية التي تم تبنيها وإنه سيواصل في الواقع خفض الإنفاق -ولكن ليس بنفس حدة ما ينوي المحافظون القيام به. أما الأحزاب الصغيرة -مثل الخضر والقوميين الاسكتلنديين- فقد انتقدت سياسة التقشف بشدة، ولكن أتباعها يظلون قلة. ويقول تويمان في هذا الصدد: «إن حزب العمال لا يريد أن يمنح المحافظين عصا ليضربوه بها»، مضيفاً «في بريطانيا، ليس ثمة حزب ناجح وشعبي معارض للتقشف». وهذا على رغم حقيقة أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يشككون في وجاهة الفكرة القائلة بالاستمرار في خفض الإنفاق عوض الاقتراض في وقت لا تزال فيه أسعار الفائدة منخفضة على نحو استثنائي وما زال التعافي هشاً أيضاً. ففي استطلاع للرأي شمل مجموعة من علماء الاقتصاد البريطانيين أجري الشهر الماضي، رأت الأغلبية أن السياسات الحكومة التي تركز على التقشف أضرت بالتعافي الاقتصادي بدلًا من أن تساعده، واقترح عدد منهم مقاربة أكثر توازناً مثل تنشيط الاقتصاد على غرار الاستراتيجية التي اتبعتها الولايات المتحدة. وعلى المستوى المحلي، اتخذت تخفيضات الإنفاق شكل مكتبات مغلقة ومراكز اجتماعية مغلقة، إضافة إلى عدد أقل من خدمات الدعم التي يستفيد منها أشخاص في أوضاع صعبة مثل اللاجئين ومهاجرين آخرين. غير أن التنديد بهذه التخفيضات لم يكن قوياً مثلما قد يتوقع المرء، وذلك يعزى جزئياً إلى حقيقة أن قطاعات مهمة مثل التعليم والصحة استثنيت من إجراءات التقشف. ويقول بول جونسون، مدير معهد الدراسات المالية، وهو مركز بحوث مستقل: «إن الخدمات التي يستعملها معظم الناس في معظم الأوقات هي التي استفادت من حماية نسبية»، مضيفاً «من وجهة نظر سياسية، يمكن القول إن التخفيضات صُممت بحذر وعناية». جريف ويت - لندن * ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©