الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سفراء أبوظبي» في دعوة مفتوحة على مائدة «الإتيكيت»

«سفراء أبوظبي» في دعوة مفتوحة على مائدة «الإتيكيت»
9 ابريل 2013 19:21
لم يغفل البرنامج الوطني «سفير أبوظبي» العديد من جوانب التواصل المعرفي، وطرقها عبر إطلاع المشاركين فيه من أبناء الدولة على مختلف الميادين المتخصصة التي تؤهلهم ليكونوا واجهة مشرفة للبلاد في الداخل والخارج. ووسط محاضرات تنظمها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن فنون الخطابة والإرشاد العام والترويج اللائق لمجتمع الإمارات، تكلل الأسبوع الفائت بورشة عمل حول مفاهيم «الإتيكيت»، التي خاض غمارها بحرفية خبير اللباقة المستشار محمد المرزوقي، مشكلة بأدق تفاصيلها المحور الحاسم لأفضل أساليب التطبيق. ما أن اطلع سفراء أبوظبي على عناوين جلسات الدورة المعدة لتدريبهم على مدى 12 أسبوعاً، حتى لفتهم موضوع «الإتيكيت»، وكانوا يترقبونه بحماس، إذ إن جميع المشاركين في البرنامج من المواطنين والمواطنات، يعون تماماً حجم الأهمية التي تضعها المعايير الدولية لحيازة الألقاب التي تصنف أصحابها في الصدارة، وهم على أبواب التخرج من برنامج سفير أبوظبي، أكثر ما يحتاجون إليه تحقيق أقصى درجات الإفادة للارتقاء بالصورة التي يظهرون بها أمام الملأ؛ لأن التصرف بتلقائية وعفوية لن يعد مسموحاً بعد اليوم، ولا بد من الأخذ في الاعتبار أن خطواتهم باتت محسوبة، طالما أنهم ارتضوا بأن يكونوا قدوة لمحيطهم ومرآة لمجتمعهم. سلوكيات راقية ورشة العمل ضمن برنامج سفير أبوظبي مع خبير «الإتيكيت» محمد المرزوقي بدأت بتأخير 5 دقائق عن موعدها المحدد، فكانت الملاحظة الأولى من المحاضر أن الالتزام بالمواعيد أول إشارات اللباقة الاجتماعية، وبهذه الأجواء التي تحتمل الشك بأكثر من تصرف على الصعيد الشخصي من لباس وأداء، بدأت الجلسة بطريقة ودية، في محاولات واضحة من المستشار في مجاله لكسر جبل الجليد بين الأعراف التقليدية والتعاليم المتعارف عليها دولياً التي لا تحتمل اللغط أبداً، وجاء السؤال الأساس عمَّا تعنيه كلمة «إتيكيت» الفرنسية باللغة العربية، حيث أتت الإجابات متقاربة للمعنى الحقيقي الذي لم يتصور أحد بساطته على قاعدة السهل الممتنع. فـ «الإتيكيت» ليس مجرد إتقان التعامل مع أداب المائدة بما فيها طريقة استعمال الشوكة والسكين، ولا هو أسلوب معقد يحتاج إلى المذاكرة المسبقة وكأنه واجب ثقيل، إنما يقتصر على احترام النفس وتقدير الآخرين، مع التركيز على الارتقاء بالذات وعدم حملها على الرقي أو التطبع بصفات معينة لإرضاء للناس، ويلفت المرزوقي إلى أن سلوكيات الإنسان الراقي تتسم بلباقة تنبع من الداخل وتكون جزءاً من شخصيته، سواءً في طريقة اختياره لملابسه أو في أسلوب كلامه وتعامله مع المحيطين به بغض النظر عن مستوياتهم الاجتماعية، وأن رد الفعل تجاه سلوك ما، يختلف من شخص لآخر بناء على القناعات الذاتية، حيث يأتي السلوك بحسب تحليل الأمور، فإما تمنح حجمها الطبيعي وتؤخذ بروية أو حتى ابتسامة مرور، أو يتم تضخيمها بما يستثير الغضب ويصل أحيانا إلى حد افتعال مشكلة. بين الموضة و«التقاليع» وللإضاءة على أهمية الانطباع الأول الذي يتركه الشخص في خلال دقائق، ويشكل النسبة الأكبر من حكم الناس عليه، ويقول: إن هذا الأمر قد لا يتنبه إليه كثيرون، مع أنه في غاية الدقة، بحيث لا تشفع لصاحب الانطباع السيئ أي من صفاته الحميدة، التي قد يكون تعب عليها لسنوات، إذ يكفي أن يوحي المتقدم إلى مقابلة عمل أو زيارة أو جلسة تعارف، بأنه شخصية لبقة من خلال نظافته وهندامه اللائق وابتسامته والتزامه بآداب المكان، حتى ينال الرضا والقبول، وهذا يشكل له فيما بعد جواز عبور إلى مراحل متقدمة في العلاقات المهنية أو الشخصية. ويذكر أنه بالرغم من أن الانطباع الأول قد يظلم الشخص ولا يشكل دلالة حقيقية عنه، إلا أنه من الصعب جداً تغييره، بحيث قد يحتاج الأمر إلى أشهر طويلة أو حتى سنوات، وعليه فهو ينصح بالتيقظ إلى الصورة التي يرسمها الشخص عن نفسه أمام المجتمع، وذلك في أي وقت كان وفي مختلف المناسبات أو الأماكن العامة، التي قد يصادف الالتقاء فيها بأشخاص تؤخذ انطباعاتهم وأحكامهم في الحسبان، ومن الملاحظات التي يسجلها الخبير في مجاله، وجوب عدم الخروج من البيت إلا على أفضل شكل حتى وإن كانت الوجهة البقالة أو محطة البترول القريبة. والتزام المواطنات بالزي الوطني الذي يجمع بين الأناقة والبساطة بعيداً عن المبالغة في إدخال الألوان والقصَّات إلى العباءة، مما يوحي بسوء استعمال الموضة والاتجاه ناحية «التقاليع». وهذا ما يرفضه «الإتيكيت» الذي يميل دائماً لصالح الأناقة الكلاسيكية التي تقترب من العصرية مع حفاظها على أقصى حدود قبول النظر لخطوط الاعتدال في أدق التفاصيل. وهذا ما ينطبق على الموقع الصحيح لاستخدام الخاتم في البنصر وليس الإبهام، والابتعاد عن ارتداء السراويل ذات الخصر المنخفض، وتجنب الماكياج فاقع الألوان بما لا يستدعي المناسبة، كأن تغطي الظلال الكثيفة العين، ويأتي أحمر الشفاه بدرجات صارخة خلال ساعات الدوام أو أثناء التبضع في السوق. آداب المائدة الجزء الأخير من ورشة العمل التي أغدق خلالها المستشار محمد المرزوقي من خبرته أمام سفراء أبوظبي، كانت عن آداب المائدة وأبجديات التعامل مع الدعوات الراقية ومفاهيم «البوفيه» وسواها، لا سيما عن أهمية التعامل مع المنشفة البيضاء التي تكون عادة على يمين المدعو، إذ إن وظيفتها ليست لوقاية الملابس من أي بقع قد يتسبب بها انزلاق المرق أو الطعام، إنما لتجفيف الفم بين فترة وأخرى من المواد الدهنية التي تنتج عن المضغ أو ارتشاف الحساء، ومن غير اللائق إزالتها باللعاب عن طريق اللسان. وهنا يوضح خبير «الإتيكيت» أن المكان الصحيح للمنشفة، هو أعلى الركبتين ولا يسمح بتعليقها على القميص إلا في الطائرة، حيث تكون فيها فتحة تدمج مع الزر الأعلى بما يضمن استخدامها بسهولة وأمان، وأنه خلال المآدب الرسمية، تعتبر المنشفة البيضاء مؤشرا للبدء بالطعام، ومن الخطأ فردها إلا بعد صاحب الدعوة، حيث يكون ذلك بمثابة التقدير له، ولا ترفع إلى يسار الطبق إلا من بعده، هذا ولا يعمد صاحب الدعوة عموماً إلى رفعها، إلا بعد التأكد من أن الجميع توقفوا عن الطعام، وذلك بحسب مفهوم اللباقة المتعارف عليها. ويشرح أنه مع تقنية توزيع الأطباق والأكواب على المائدة، لا بد من تذكر أن الطبق الصغير الذي يوضع على يسار المدعو مخصص للخبز، أما السكين الصغير بجانبه، فهو لمسح القليل من الزبدة على شرائح الخبز التي يتم تقطيعها باليد بحجم لقمة واحدة توضع مباشرة بالفم. وذلك خلال الوجبة كاملة وعلى مراحل، إذ إن تناول الخبز والزبدة ليس مشروطاً ببداية الطعام، ومن المعيب أن يتم تناولها على شكل «سندويش»، أما الأكواب فتكون عادة على يمين المدعو، فإذا تقدم النادل عن جهة اليمين فهذا يعني أنه يضع السوائل. أما إذا تقدم عن اليسار، فهو يقدم الطعام، الذي يرفعه بدوره من جهة اليمين، والأمر يكون معكوساً بالنسبة لوضعية جلوس المدعو، عندما تقدم الخدمات إلى أحد الجالسين عن يمينه أو يساره، وعند حفظ القاعدة، لا داعي لترقب حركة النادل ولا إلى اللغط في رفع الكوب أو طلب إزالة الطبق الفارغ وما إلى هنالك. مفهوم «البوفيه» أما فيما يتعلق بمفهوم البوفيه، فيشير إلى أن أول فنون هذا النوع من المآدب، يكون باختيار الطاولة التي سيجلس عليها المدعو سواء كان بمفرده أو برفقة عدد من الأشخاص، ومن ثم يتوجه إلى المنصة ويختار الأصناف التي يرغب فيها بحسب التدرج المنطقي، على ألا يحمل طبقين في الوقت ذاته، وتكون البداية مع «الحساء»، الذي يعتبر الوجبة الوحيدة التي يسمح بتناولها بالملعقة، وذلك وفقاً لتقنية معينة، بحيث تغرف الطبقة العليا بالاتجاه المعاكس للمدعو ليكون ارتشافها فيما بعد من الجهة الأقل سخونة، مع التنبه إلى عدم إدخال الملعقة بالكامل إلى الفم؛ لأنه من المعيب تخيل أثار اللعاب في أي مرحلة من مراحل تناول الطعام على الموائد العامة. بعدها يحين موعد السلطات، وعند القيام عن الطاولة، تطوى الفوطة البيضاء وتوضع على ظهر الكرسي، في إشارة إلى حجز المكان. وفي حال لم يرغب المدعو بالسلطات، يضع الوجبة الرئيسية مباشرة أو حتى يدمجها مع أي صنف آخر شرط أن يكون ذلك في طبق واحد، وأن توضع الكمية التي تتوافق مع القدرة على إتمامها، إذ من غير اللائق مع موائد «البوفيه»، أن تملأ الأطباق ولا يؤكل منها إلا القليل. ومن المسموح التوجه إلى «البوفيه» لوضع المزيد من الأصناف، بشرط أن يتم إنهاء الكمية في كل مرة. وبحسب المستشار محمد المرزوقي، فإنه من الممنوعات أن تمس باليد أي من المواد الموضوعة على طاولة العرض، أو أن يتم شمها أو تذوقها. وأن ينتظر المدعو دوره في طابور «البوفيه» مع ترك مسافة منطقية بينه وبين من يتقدمه منعاً لتصادم الأطباق. ويذكر أن ختام المائدة يكون عادة بأصناف الحلوى، التي تؤكل جميعها بالشوكة، إلا «الآيس كريم» التي تخصص لها ملعقة فائقة الصغر توضع أعلى الطبق. سلوك إيجابي يوضح خبير «الإتيكيت» محمد المرزوقي أنه من الضروري اتباع السلوك الإيجابي في الحياة وعدم التركيز على السلبيات التي قد تتحول مع الوقت إلى أمر واقع، مشيراً إلى أن العقل الباطن أقوى بأضعاف من العقل الواعي، لافتاً إلى إحصائية مفادها أن 90% من المسجونين بجرائم متفاوتة كانوا منذ الصغر يسمعون من آبائهم أنهم سينتهون في السجن، وفي ذلك إشارة على خطورة التشاؤم الدائم وما يفرزه من ذبذبات مؤثرة على الدماغ. نشأة «الإتيكيت» يروي التاريخ أن بداية عهد المجتمعات بـ «الإتيكيت» انتقلت إلى أوروبا عن طريق الأندلس، عندما أبرق جورج الثاني ملك إنجلترا وفرنسا والنرويج رسالة إلى خليفة المسلمين هشام الثالث، جاء فيها: سمعنا عن الرقي الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا. وجاء في رد الخليفة: سينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا، وأبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم. كسر القواعد يؤكد المستشار محمد المرزوقي أنه على أهمية التقيد بتعاليم «الإتيكيت» الدولي، غير أنه من المتعارف عليه إمكانية كسر قواعده بطريقة لبقة في حال تعارضت مع 3 مبادئ، وهي: الدين، الثقافة (بمعنى العادات والتقاليد) والصحة، وهنا يمكن للشخص التصرف بحسب هذه القناعات شرط توضيح الأمر في المكان والزمان المناسبين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©