الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مُلاك يتلاعبون بأنظمة الحرائق ومستأجرون في خطر دائم

مُلاك يتلاعبون بأنظمة الحرائق ومستأجرون في خطر دائم
20 ابريل 2014 14:05
بعد عناء يوم عمل طويل وشاق، جلس سالم المرزوقي على أريكته مساء، وبدأ يقلب القنوات لمتابعة ما يفضله من البرامج الرياضية إلى أن يحين موعد نومه. انطلق فجأة صوت جهاز الإنذار والأمن الخاص بالحرائق في شقته. صمت لبرهة، ثم طمأن زوجته التي أفاقت من نومها مرتعبة من الصوت، قائلاً: «عودي إلى نومك، حريٌّ بك الاعتياد على هذا الجهاز الكاذب الذي أطلق صفارة إنذاره مرات عديدة، دون أن تكون هناك أية حرائق أو دخان». عادت الزوجة إلى سريرها، واثقة بكلام زوجها. بعد بضع دقائق، شعر سالم بالعطش، فقصد المطبخ ليشرب، وإذ برائحة احتراق تستوقفه. بحث عن مصدرها، فإذا هي بقايا بخور ألقتها الخادمة في سلة المهملات قبل إطفائها. بادر سالم إلى إطفائها كلياً، وهرع إلى زوجته وأخبرها بما حدث، وشدد على ضرورة إبلاغ الخادمة بإطفاء البخور بالماء قبل إلقائه في سلة القمامة. منذ هذا الموقف، أصبح سالم يعير كل انتباهه إلى صوت جهاز إنذار الحريق، وبدأ يتعامل معه على محمل الجد في كل الأحوال، حيث بادر إلى الاتصال بشركة الصيانة وحثهم على مداومة إجراء الصيانة للجهاز، فسلامة زوجته وأطفاله الثلاثة أهم شيء في حياته. تحقيق: شروق عوض يؤخذ على بعض مالكي البنايات والأبراج السكنية استهتارهم بصيانة أنظمة الأمن والسلامة، بحسب سكان يؤكدون أن أولئك المالكين لا يعنيهم سوى تحصيل الإيجارات وتكديس الأموال، ضاربين بعرض الحائط أوامر الدفاع المدني الذي يحرص دائماً على تطبيق أفضل الممارسات الخاصة بالوقاية والسلامة في المباني والأبراج السكنية، ابتداءً من مرحلة اعتماد المخططات الهندسية مروراً بالإنجاز وحتى الاستخدام، وانتهاء بالمسح الميداني المستمر. وتحاول «الاتحاد» اليوم الوقوف على تجارب سكان البنايات والأبراج مع أجهزة الأمن والسلامة، وما إذا كانت تلك الأجهزة تعمل بكفاءة، وما إذا كان مالكو البنايات ملتزمين بما يفرضه عليهم «الدفاع المدني» من وجوب الصيانة والمتابعة. ويسرد محمود أحمد حكايته مع جهاز إنذار شقته السكنية، قائلاً: «لا أستطيع وصف حجم الذعر الذي أصابني لحظة اتصال زوجتي التي طلبت مني العودة إلى المنزل بسرعة، لأن هناك حريقاً شب في البناية وتخشى الخروج من الشقة، وسط أصوات أجهزة الإنذار التي انطلقت في أركان البناية ووصل صداها إليّ عبر الهاتف». ويتابع: «اتصلت بالحارس لأطلب منه مساعدة زوجتي على الخروج من المنزل بسبب الحريق الذي شب في البناية، لكن الحارس رد ضاحكاً ونفى اشتعال أي حريق، مبيناً أن هناك خللاً في أجهزة الإنذار تسبب في انطلاقها». ويزيد: اختلطت مشاعري عندئذٍ بين الارتياح لعدم وجود حريق، والغضب من سوء المتابعة والصيانة لهذه الأجهزة التي تتسبب في رعب للأسر الساكنة في البناية، وفي الوقت نفسه اعتياد الأسر على سماع أصواتها وبالتالي عدم الالتفات لها عند حدوث الحريق فعلياً. أجهزة تماشي الموضة ولخالد لبيب «موظف»، حكاية من نوع آخر، فهو يؤكد أن شقته «مزروعة بأجهزة اكتشاف الحرائق»، إلا أنها في الحقيقة لا تتعدى كونها ديكوراً كما تبين له. يقول: يبدو وبكل أسف إنّ أرواح الناس باتت رخيصة جدا عند الملاك والمقاولين، غير المكترثين بالقوانين التي فرضها الدفاع المدني بإلزامهم بوضع أجهزة حقيقية لكشف الحرائق وذات كفاءة عالية لا أن تكون ديكوراً فحسب». وبسؤاله عن كيفية اكتشافه لهذه الحقيقة، يجيب: بعد مرور عامين على استئجاري للشقة، حدث عطب بأحد أنابيب الماء فوق سقف المطبخ، وعند إصلاحه، اكتشفت أن أجهزة الكشف عن الحرائق المثبتة في السقف لا تتصل بها أية أسلاك كهربائية، وعند مراجعة الشركة المؤجرة ومطالبتها بتركيب أجهزة حقيقية لا مجرد دمى، وهو ما لاقى سخرية من الموظف الذي رد بقوله: «إن الحامي هو رب العالمين لا الأجهزة التي من صنع البشر». ورداً على سؤال حول عدم انتقاله إلى شقة أخرى، يجيب بأنه اعتاد على الإقامة في منطقته الحالية، فهي حيوية وقريبة من مختلف الخدمات، كما أن ارتفاع إيجارات الشقق هو العائق الأكبر، إضافة إلى التكاليف الأخرى من عمولات الشركة المؤجرة وبدل نقل الأثاث والتأمينات ورسوم الكهرباء وغيرها. ضمائر مغيبة ولم تعان مروة محمد، موظفة، من مشكلة خالد، قائلة: «لا نستطيع تعميم ما تعرض له خالد على كل شقق العمارات السكنية المنتشرة بإمارة دبي، فقد اتسمت العمارة التي أقطن بها بحرص مالكها على إجراء صيانة مستمرة لأجهزة الإنذار الموجودة في شقتي بين فترة وأخرى، وعلى ما يبدو أنّ هناك بعض البشر لا يمتلكون ذات الضمائر، فمالك عمارة خالد مجرد تاجر جشع لا يفكر سوى بجني المال من مستأجريه دون أن يقدم لهم الأمن والأمان والحماية من الحرائق، وغير معني بصرف أي مبلغ على شراء أجهزة أمن وسلامة أو حتى إجراء صيانة لها لصالح قاطنيها، متغافلاً عن وجود أطفال ومسنين، وفي حال نشوب حريق، فإن هؤلاء لا يستطيعون الهروب من العمارة بالسرعة المطلوبة». وتطالب مروة الدفاع المدني بإحكام الرقابة على مثل هؤلاء الملاك وإيقاع العقوبات عليهم لأنهم ضربوا باشتراطات الدفاع المدني وقوانينهم عرض الحائط ولم يزرعوا أجهزة خاصة بالأمن والسلامة من الحرائق أو إجراء الصيانة الدورية للقديمة منها إن وجدت. أما بالنسبة إلى منيرة الكعبي، فترى أنّ القضية مرتبطة بملّاك العمارات والأبراج السكنية، الذين يتوجب عليهم، إن لم يكترثوا بأمن وسلامة مستأجريهم، أن يخشوا عقاب الدفاع المدني لهم، والذي لن يتوانى في حال نشوب حريق في إحدى الشقق السكنية أو العمارة بأكملها عن إيقاع أقصى العقوبات بحق المؤجر، مضيفة أن على الملاك الذين لا يفكرون إلا بجني الأموال أن يعلموا أنّ إهمالهم لصيانة أنظمة السلامة والأمن في عماراتهم وشققها سيجعلهم عرضة للعقاب والغرامات التي قد تكون بقيمة الإيجارات التي يدفعها السكان». حرص الدفاع المدني ويقول محمد سليمان، مدير لإحدى الشركات الخاصة التي تحتل الطابق الأرضي في إحدى العمارات السكنية بدبي إنه أجرى توسعة لشركته في الآونة الأخيرة، «حيث استأجرت محال إضافية في ذات الطابق، لكن تبين لي أن التوسعة لا تمر مرور الكرام على الدفاع المدني، وهو أمر أشكرهم عليه، إذ طُلب مني شهادة تمنحني حق الترخيص من الدفاع المدني والبدء بالتوسعة بعد إصدار مخطط هندسي يوافق عليه أيضاً الدفاع المدني وهو متعلق بأنظمة السلامة ومكافحة الحرائق، وتشتمل على أماكن لخراطيم المياه ومدخل للمرشّات المائية وآخر لفوهة الحرائق وأجهزة كشف الدخان وجرس إنذار». يؤكد سليمان أن هذا الإجراء غير مختص فقط بالشركات، وإنما لكل العمارات السكنية، وهو أمر إن دلّ على شيء، فإنما يدل على حرص الدفاع المدني على أمن وسلامة الأفراد من حوادث الحرائق. أنظمة الأمن تتولى كشف الحريق وإطفاءه يقول المهندس محمد عبد ربه، مدير مشاريع في شركة العربية للأمن والسلامة، إن دولة الإمارات أولت عناية خاصة بأنظمة الأمن والسلامة، وفرضت على كل مبنى سكني تركيب أنظمة الحماية من الحرائق، متمثلة بأجهزة الإنذار من الحرائق وتكون بمثابة كواشف الحريق والحرارة. وتقوم هذه الأنظمة بدورين مهمين أحدهما كشف الحريق ويتكون من لوحة أساسية يتم تثبيتها في غرفة التحكم أو في غرفة حارس العمارة والآخر على إطفاء الحريق ويتكون من مرشات وخراطيم المياه، وكلاهما ضروريان. ويوضح محمد أن الجهات المعنية لا تسمح لمالكي البنايات أو المقاولين الرئيسيين بالتأجير قبل الحصول على شهادة تؤكد وجود أجهزة إنذار للحرائق في كل أركان العمارة وطوابقها وشققها. ويضيف: عندما يستلم الدفاع المدني الشهادة يحدد موعداً للمقاول وبحضور أحد مهندسينا إلى موقع العمارة حيث يتم الفحص، وإذا وافق الدفاع المدني بأنّ كل الأجهزة سليمة يصدر شهادة الإنجاز ويفيد بإمكانية استخدام المالك للعمارة. ويتابع: يقوم الدفاع المدني في كل إمارات الدولة بتطبيق القواعد العالمية لأنظمة الحرائق (NFPA) ومنها إمـارة دبـي، هـذه القواعد التـي تلزم وضع أنظمة السلامـة والأمن بشـكل أسـاسـي في كل بنايـة سكنية وغيرها من الأماكن، حيث نقوم بعمل المخططات وتـوريد المواد والأجهزة ومتابعة التركيب حسب القواعد العالمية التي فرضها الدفاع المدني وبعد الانتهاء نمنح المقاول الشهادة المبدئية للحصول على شهادة إنجاز المبنى المصادق عليه من قبل الدفاع المدني. 13 حريقاً ببنايات سكنية في 2014 سجل الدفاع المدني بدبي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 13 حريقاً في أبراج وعمارات سكنية، جميعها صنفت بسيطة، في حين شهد العام الماضي 35 حادث حريق، منها 33 بسيطة وحادثان متوسطان. كما حرر الدفاع المدني 29 مخالفة وقائية في المواقع السكنية، كما حُررت مخالفتان في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. جميع بنايات دبي مربوطة بغرفة العمليات الإلكترونية المطروشي: خلل أجهزة الإنذار ليس ظاهرة وإنما حالات محدودة يوضح اللواء خبير راشد ثاني المطروشي، المدير العام للدفاع المدني بدبي أنّ القرار رقم 24 لسنة 2012 الصادر عن مجلس الوزراء ألزم جميع العمارات والأبراج السكنية بالربط بغرفة عمليات الدفاع المدني الإلكترونية، ولا يتم ذلك الإجراء إلاّ بعد أن تستوفي تلك المباني كل المتطلبات التقنية الإلكترونية للإنذار، ومراقبة استمرارية عمل أنظمة وأجهزة الحماية من الحريق وتوفر مستلزمات السلامة في المصاعد، لأنّ ذلك الاستيفاء شرط ضروري لتطبيق القرار المذكور، وهذا الإجراء يعد تفتيشاً إلكترونياً ذكياً على مدار الساعة. وحول آلية عمل فرق التفتيش على العمارات والأبراج السكنية، يقول المطروشي: تتولى فرق المسح الميداني في مراكز الدفاع المدني، كلّ حسب منطقة اختصاصه، القيام بجولات تفتيش يومية، صباحاً ومساءً، لرصد مستوى السلامة في جميع المباني والمنشآت في منطقة الاختصاص، ومراقبة أي تغييرات تهدد السلامة العامة واتخاذ الإجراءات الضرورية لإزالتها. ويفيد المطروشي أنه عند انطلاق جرس الإنذار في أيّ مبنى تصل إشارة في نفس الوقت إلى غرفة العمليات بالدفاع المدني، ويجري التأكد من أنّ جرس الإنذار حقيقي أم ناجم عن خلل فني في الجهاز، وفي حالة وجود خلل فني فإن النظام الالكتروني يبعث رسالة الكترونية إلى شركة الصيانة المتعاقدة مع المبنى لإصلاح الخلل فوراً، وتبقى إشارة الخلل مضيئة في غرفة عمليات الدفاع المدني إلى حين إصلاح الخلل، وفي حالة عدم إصلاح شركة الصيانة للجهاز يتم استدعاؤها للتعرف على سبب الخلل وعدم المبادرة إلى تصليحه. ويطالب المطروشي المستأجرين بعدم الاستخفاف بإشارات أجهزة الإنذار الصوتية أو الضوئية، لأن ذلك قد يعرض حياة الإنسان للخطر، فوجود حالة خلل فني لا يبرر لسكان المبنى عدم الالتزام بأهم الخطوات لتأمين سلامتهم عند وقوع الحريق أو أي مخاطر أخرى وهي الاستجابة الفورية للإنذار وإخلاء المبنى. ولهذا فعلى المرء أن يسأل نفسه ما مصيره حين لا يستجيب للإنذار ويبقى في مكانه محاصراً بعناصر الخطر، بذريعة أنّ الإنذار قد يكون خللاً فنياً؟ ويشير إلى أن خلل مثل هذه الأجهزة لا يعد ظاهرة وإنما حالات محدودة، يتم رصدها ومعالجتها حال تلقي الإشارة الإلكترونية أو البلاغ عن ذلك. ويشدد المطروشي على أنه في حال وجود خلل فني أو تعطل في أي من أجهزة الحماية من الحريق في المبنى، فإنّ الدفاع المدني يعطي إشعاراً للمسؤول عن المبنى لإزالة المخالفة ضمن مدة زمنية محددة، ومن ثم إنذاراً لفترة زمنية أخرى، وبعدها يتم إيقاع غرامة مالية مع إلزامه بإزالة المخالفة. وصنفت المخالفات حسب درجة خطورتها، وبناء على ذلك تحدد مدة الإشعار أو الإنذار أو مبلغ الغرامة، أو ما بعد الغرامة في حالة عدم الاستجابة وإزالة المخالفة، كالإحالة إلى النيابة أو إيقاف النشاط في المبنى أو المنشأة وفقاً للقانون. خطط الدفاع المستقبلية ويشير اللواء خبير راشد ثاني المطروشي إلى أنّ خطط الدفاع المدني المستقبلية بشأن أنظمة السلامة الخاصة بالأبراج والعمارات السكنية تتمثل في سعيه إلى إدخال خدمة مشروع (الأنظمة الذكية للمنازل)، الذي سيستكمل تطبيقه على الأبراج والعمارات السكنية المُلزَمة بتنفيذ القرار الوزاري 24 لسنة 2012، كما سيتم إصدار شهادة استيفاء لمستلزمات السلامة لكل مبنى بما فيها السكنية، وتجدد سنوياً للتأكد من استدامة عمل أنظمة وأجهزة الحماية من الحريق والسلامة في المباني، إضافة إلى سعي الدفاع المدني لتطبيق أعلى معايير السلامة في المباني والأبراج السكنية منذ المراحل التصميمية، حيث تدرس المخططات الهندسية لتلك المباني وفق معايير (كود الإمارات)، بالتكامل مع المعايير التي تطبقها بلدية دبي، لتحقيق أعلى درجات السلامة للسكان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©