السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطر.. قطيعة انتحارية مع المنطق

10 يونيو 2017 23:22
سحابة كئيبة تظلل أجواءنا العربية نتيجة المواقف القطرية. اضطرت عدة دول عربية لقطع علاقاتها مع النظام القطري، بعد طول صبر وتنبيه وجدل ووعود. النظام القطري أحرج نفسه ووضعها ومعه كل شعب قطر في زاوية حرجة. زاوية إنكار الفعل المفضوح والتنكر لوعود قطعها على نفسه. يحاول البعض التشكيك في دوافع اتخاذ الموقف العربي الخليجي الصارم من قطر. ويحاول إعلام الفتنة القطري أن يصور الأمر وكأنه معاقبة أو محاصرة للشعب القطري، دونما تحميل النظام القطري المسؤولية الكاملة عما يحدث، وعما يمكن أن تتطور إليه الأمور. لا شك أنه أشد المدافعين عن النظام، فهو الشريك الأول في مغامرات قطر وفتنتها. جاء ذكر الأشخاص والكيانات الإرهابية بالاسم ومن دون تعميمات، خطوة هادفة إلى نقل الوصم بالإرهاب بعمومياته من الاتهامات السياسية إلى الساحة القضائية. وهذا يعني أن مقابل كل اسم من الشخصيات المتورطة المذكورة، أفراداً وهيئات معنوية، ثمة ملف يمكن تقديمه لإدانته، والأخطر هو إدانة من كان يأمره. فما هؤلاء إلا واجهات لصاحب الفتنة الحقيقي. يعطي فتح الملفات أمام القضاء الدولي الفرصة لإماطة اللثام عن الشبكات السرية التي تديرها الدوحة خليجياً وعربياً ودولياً. ويمكن أن يرد بإجابات واضحة ودقيقة عن علاقة الدوحة بجماعة «الإخوان»، وعلاقته وعلاقة التنظيم «الإخواني» معه بالجماعات المتشددة الأخرى مثل «القاعدة» و«داعش» و«النصرة»، بل لا نتردد في القول بأنه سيكشف السر عن المحاولات التي بذلتها قطر لتجيير هجمات 2011 وركوب موجة «الربيع العربي». ماذا نريد من قطر؟ ما نريده هو موقف بسيط ولكنه حاسم. نريد أن ندفع الدوحة إلى التوقف عملياً عن دعم الإرهاب بدل البحث عن مسوغات للهروب من التزاماتها. التزاماتها التي قطعتها على نفسها ليس بعيدا، مرة عام 2014 ومرة أخرى قبل أسبوعين لا أكثر في قمم الرياض. قبل كل هذا وذاك، لا بد أن تسأل الدوحة نفسها، وهي في أزمتها الحالية: من وقف معي بعد قطع العلاقات؟ وما هي اللهجة التي تحدث بها ممثلو الدول الكبرى والاتحاد الأوروبي وغيرهم؟ من الضروري ألا تخدع قطر نفسها، إد رغم الدعوة إلى حل الخلاف بالحوار، كان اللوم واضحا على سياسة الدوحة. فيما نجد أن العاصمة الوحيدة التي وقفت إلى جانبها هي طهران المتهمة نفسها برعاية ودعم الإرهاب والمعزولة دولياً. وحتى موقفها كان التأييد على استحياء، وليس فيه أية فروسية. أما الموقف التركي فانتهازي ولا يمكن للدوحة، وهي في قمة أوهامها، أن تعول عليه. قطر بالنسبة لتركيا اليوم هي سوق لترويج ما فسد من بضاعة ستباع بأضعاف أثمانها. ما يجب أن يدركه الشارع القطري أن إيران وتركيا تحاولان الاستثمار في العناد القطري بما يؤدي إلى توسيع دائرة الخلاف الخليجي متجاهلتين أن معظم عمق قطر الاستراتيجي يقع على حدود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأن هامش تحرك قطر، التي ليس لها منافذ بحرية أو برية أو جوية، ضيق خارج هذا العمق الضيق. واصلت قطر سياساتها الاستفزازية، التي تشجعها وتحرضها عليها تركيا وإيران، ومحاولاتهما إيهام الدوحة بأنهما قادرتان على تغطية الواردات من دون الحديث عن التكلفة الباهظة للأزمة. إن كانت مشكلة الحكومة القطرية هي تكاليف الأزمة فمشكلة الشعوب الخليجية هي رغبة قطر المستمرة في دعم الإرهاب. إن عدم مسايرة الكويت وسلطنة عُمان لقرار بقية دول مجلس التعاون الخليجي ضد قطر ليس مرده تأييداً لمواقف قطر بقدر ما هو مسعى لخلق وسيلة تواصل بين الطرفين من جهة، ولأن الكويت وعمان لم تسلما، رغم خصوصية العلاقة بينهما وبين قطر، من التقارير التحريضية لقناة «الجزيرة». وقبل أن تهاجم هذه القناة السعودية والإمارات والبحرين، كانت تتمرن بإزعاج الكويت وعمان. كل هذا من دون أي سبب. الكرة الآن في ملعب النظام القطري. عليه أن يدرك أولاً أنه لم يعد ممكناً له ولا مقبولاً منه الاستمرار بنفس المنهج، وأن يقدم ما من شأنه إقناع الدول العربية بأنه عازم على أن يبقى دولة خليجية/‏عربية تلتزم بما تقوم عليه العلاقات العربية العربية من أسس بات متعارفاً عليها بين كل الدول. وأن يدرك ثانياً ومن قبله الشعب القطري أن القرار العربي هو قرار المضطر الذي أعيته السبل لإثناء النظام القطري عن سياساته التي باتت تتعارض مع مقتضيات الأمن القومي لتلك الدول العربية. ورغم أن رد الفعل القطري لا يوحي حتى الآن بأنه قد استقبل الرسالة بشكل صحيح يجعله يحد من تفاقم الأزمة، فإن الأمل ما زال معقوداً على لحظة يغلب فيها العقل والحكمة، التي غابت كثيراً عن النظام القطري. وفي النهاية، فإن على الشعب القطري الذي سيدفع فاتورة سياسات أو بالأحرى جرائم نظامه ضد الدول العربية أن يدرك جيداً أن ما حدث من الدول العربية إزاء النظام الحاكم هو مجرد كاشف لجرائم ذلك النظام، وأننا جميعاً إزاء ساعة الحساب الذي لم يعد ممكناً إبقاؤه في الغرف المغلقة، ولم يعد ممكناً تأخيره لأكثر من ذلك. على القيادة القطرية العودة إلى التاريخ الذي أثبت أن كل من يستقوي بالفرس مآله السقوط. فهذه الجماعات العميلة لإيران حولت لبنان دولة فاشلة، وكذلك الأمر في العراق، وسوريا، أما في اليمن فالطامة أكبر. إذ إن أعوان إيران يمنعون العالم من معالجة وباء الكوليرا الذي يفتك بالأبرياء، سعيا منهم إلى إخضاع الشعب اليمني لإرادة الولي الفقيه الفارسي. أليس من حق الشعب القطري أن تكون له قيادة رشيدة تزيد من انصهاره ضمن شعوب مجلس التعاون بدلاً من القطيعة الانتحارية التي تسببت بها القيادة الحالية؟ مجلس التعاون هو الحصن المنيع الذي يحمي دولنا، ولا نعتقد أن عاقلا يسعى إلى الخروج عليه. فالثقافة والعادات والتقاليد الواحدة، هي التي تملي الاتفاقات والمعاهدات الوحدوية، ولهذا تنجح الدول الأعضاء بتطبيقها لأنها تعبر عن ضمائر الشعوب وأحلامها. فهل تدرك القيادة القطرية ذلك؟ *كاتبة إماراتية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©