الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم» في جزيرة السعديات

«100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم» في جزيرة السعديات
20 ابريل 2014 00:14
جهاد هديب (أبوظبي) بحضور عدد من الشخصيات الرسمية وجمهور خاص من المهتمين بالفنون، يفتتح مساء الثلاثاء المقبل معرض «100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم»، الذي تقيمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات ويستمر حتى الثاني من أغسطس المقبل، وذلك بوصفه معرضا ثالثا تقيمه الهيئة تمهيدا لافتتاح متحف الشيخ زايد الوطني العام 2016. وسيكون الافتتاح مسبوقا بجلسة حوارية تبدأ في السادسة مساء في المنطقة الثقافية نفسها مع نيل ماكجريجور بجلسة حوارية بعنوان: «استكشاف الأعمال الفنية» الذي يشغل موقع مدير المتحف البريطاني، الجهة المتعاونة مع الهيئة على إقامة هذا المعرض. أما في العاشرة والنصف من صباح الاثنين، فيقام مؤتمر صحفي لغاية الإعلان عن انطلاقة معرض «100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم». وكانت الهيئة قد نظمت زيارة حصرية لجريدة «الاتحاد» الأربعاء الماضي، جرى خلالها الاطلاع على سير الاستعدادات الجارية خلف «كواليس» المعرض حيث التجهيزات الفنية عالية التقنية، التي تتصل بعرض الأعمال وفقا لاعتبارات تتعلق بكيفية الحفاظ على درجة الحرارة وتأثيرها على المادة الخام التي تتألف منها هذه الأعمال، وليس انتهاء بطرق نقلها ثم تفقدها بعد نقلها من لندن إلى أبوظبي بشروط صارمة تتعلق بالتغليف وطريقة النقل، وذلك تحت إشراف خبراء فنيين ومهندسين اختصاصيين في تصميم المعارض ومهندسي إضاءة ومهنيين ومرممي أعمال فنية، حيث تمت الزيارة برفقة سلامة الشامسي مدير مشروع متحف زايد الوطني، والبريطانية بيكي آلان منسقة المتحف البريطاني لمعرض «100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم». وأوضحت الشامسي أن «المعرض يأتي في سياق تنبيه المجتمع الاماراتي وتهيئته للافتتاح الكبير لمتحف الشيخ زايد الذي سيشهده العام 2016، مجسدا لفكرة الانفتاح على الثقافات الإنسانية التي أمكن لها عبر عصور طويلة ومتلاحقة من إثراء التجربة الإنسانية برمتها وإغنائها بالجماليات، وهي فكرة أساسية أرسى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بناء عليها أركان دولة الامارات العربية المتحدة صحبة أشقائه حكام الامارات». وأضافت: «بهذا المعنى يكون معرض «100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم» سردية فنية إماراتية يتم تقديمها للمجتمع الإماراتي مثلما لكل العالم». ومن خلال الانطباع الأول الذي تتركه الجولة بين الأعمال، وكلها أصلية قادمة من ثقافات متعددة، أنها شديدة الارتباط بتصورات محددة عن العالم تنتمي إلى التجربة البشرية في طفولتها الأولى، حيث تجتمع «بدئية» هذه التصورات إلى رسومات تبدو للمتلقي في بعض الأحيان غامضة وغير مفهومة غير أن صلتها كانت عميقة جدا بالحياة اليومية للناس في العالم القديم وحضاراته، التي نشأت على ضفاف الأنهار ومصبات المياه، حيث نشأت التجمعات البشرية التي أسست للمدن في ما بعد. أما الملاحظة الأخرى فإن ما نراه من أعمال ونتعامل معها بوصفها قطعا فنية تروي جانبا من تاريخ العالم لم تكن آنذاك، أي في الحياة اليومية للمجتمعات البشرية الأولى، أعمالا فنية أيضا كما نحن نتعامل معها، بل هي أدوات ولوازم كانت من الضرورات، حتى لو انطوى العديد من بينها على «نزعة جمالية» بالغة الوضوح، فالأرجح أن هذه النزعة هي من قبيل تقديرات لخبراء فنيين وأركيولوجيين كان يهمهم فكّ رموز لرسومات تحيل إلى مقدس ما. لكن الملاحظة الأخيرة والمهمة حول المعرض، والتي تحققها الأعمال الفنية المعروضة بالنسبة لمتلقي الفنون، متوسط الثقافة الفنية، مثلما للجمهور العادي، أنها تعطي فكرة رصينة وأصيلة عن طفولة الفن في العالم ككل، وعن الممارسات الفنية اليومية التي كانت محكومة إلى تصورات عامة ذات طابع اجتماعي ـ ثقافي وليس إلى تصورات فردية تخص فنانا بمجمل انفعالاته وتركيبته الثقافية والوجدانية كما هي حال الفن اليوم، أو منذ سبعة قرون بمعنى أدق. وقالت بيكي آلان: «تعود أقدم القطع الفنية في هذا المعرض إلى قرابة مليوني عام؛ إلى زمن الإنسان الأول حيث هناك العديد من القطع التي كانت تستخدم لصيد الأسماك أو الحيوانات وكذلك لقطع الأغصان، وهي أدوات كلها مصنعة من الحجر وعثر عليها أركيولوجيون في مناطق عديدة من العالم». وأضافت: «لقد جرى تصنيف القطع وعرضها تبعا للتدرج في الزمن فحسب، ومن هنا تجد هذا الاختلاط في القطع الفنية بين قارات العالم، ما يعني أن فكرة المعرض تتعامل بالأساس مع التاريخ البشري بوصفه فكرة زمنية بالدرجة الأولى ومكانية بدرجة أقل». ومن بين ما يلفت الانتباه في المعرض بعض القطع الفنية، لعبة تشبه الشطرنج تعود إلى مدينة أور، عاصمة أولى الحضارات القديمة في بلاد الرافدين، تجاورها أدوات زينة وأمشاط لنساء من الهند والباكستان تعود لفترة لاحقة قريبة عليها، كذلك ثمة تماثيل نادرة للملك سنحاريب ولرمسيس مثلما لسقراط وللامبراطور الروماني أغسطين ومسلة من مدينة طيبة.. تشير هذه الأعمال، تبعا لتسلسلها الزمني إلى طبيعة المراحل والتطورات التي مرّت بها الفنون، الرسم والنحت بالدرجة الأولى بحسب أعمال المعرض، والبصمات التي تركتها كل حضارة على هذه الفنون رغم النزعة الوظيفية لهذه القطع والدور، الذي كانت تؤديه في الفضاءات العامة للحضارات التي أوجدتها. في الأثناء، كانت عملية تجهيز القطع الفنية للعرض تقوم بها سيدة بريطانية وتقني مساعد لها يجهزان دثارا تقليديا من القرن الثامن عشر من قبيلة ماتي في أميركا الشمالية وهي إحدى القبائل من الهنود الحمر أو السكان الأصليين التي تعرضت ثقافتها للمحو، حيث بدا أن التركيز في عرض القطعة يتم بحيث تبرز أكثر المناطق جمالية في الدثار بالنسبة للمتفرج، وبحيث تبدو كما كانت في الحياة اليومية بالنسبة لصاحبها الأصلي، وذلك بمراعاة أن تكون القطعة المصنوعة من جلد القنفذ في وضع طبيعي يستشف المتلقي من خلالها طبيعة استخدام هذا الدثار من جهة مع الأخذ بعين الاعتبار الطيات في القماشة التي تكون تحت الإبط أو في امتداد القطعة على سائر الجسد الانساني الذي على المتلقي أيضا تخيله. إلى هذا الحد من العناية بالتفاصيل جرت الاستعدادات لهذا المعرض حيث أكدت سلامة الشامسي لـ «الاتحاد» أن العديد من التقنيين الاماراتيين شاركوا في هذه التحضيرات سواء أكانوا من موظفي الهيئة أم من المهندسين والخبراء. ومن المقرر أن يُعرض في القسم الأخير من المعرض قطعة إماراتية بعنوان «العالم اليوم»، وهي عبارة عن سيارة يتم توجيهها بالقدمين، من اختراع الطالبة الإماراتية ريم المرزوقي من جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 2013، وتنبع أهميتها من أنها تمنح الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم العلوية القدرة على القيادة، وبالتالي الارتقاء بمستوى حياة السائقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإلى جوارها شاشة تلفزيونية يُعرض من خلالها شريط فيديو تتحدث خلاله المهندسة الشابة عن هذا الابتكار بما يعزز الفكرة الأولى التي يقوم عليها المعرض والتي مفادها أن الدور الوظيفي للقطعة الفنية لا يعني إسقاط النزعة الجمالية ذات المضمون الأخلاقي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©