السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرق وليس السياسة··· محور انتخابات أميركا

العرق وليس السياسة··· محور انتخابات أميركا
16 أغسطس 2008 23:47
يعاني باراك أوباما من مشكلة، وهي كونه لا يرغب في أن تتركز الحملة الانتخابية الحالية على موضوع العرق، وإنما على التغيير والرئيس بوش والاقتصاد وأسعار الوقود والعراق وأفغانستان··· وأي شيء آخر تقريباً· والحال أن الحملة ستكون حول العرق فعلاً، ولو في جزء منها على الأقل، وذاك هو الدرس الذي يمكن استخلاصه من الأسابيع الأخيرة حين أثارت حملة ماكين موضوع العرق، بذريعة أن أوباما هو أول من أثاره· وفي رد فعلها، سعت حملة أوباما جاهدة إلى تغيير الموضوع، لكنها لم تفلح، ولم تكن وسائل الإعلام بالطبع لتضيع الفرصة، فسلطت أضواءها على الموضوع· يتعين على أوباما أن يعتبر ذلك تحذيراً، فموضوع العرق سيكون مركزياً بالنسبة لهذه الحملة، لأن ماكين في حاجة إلى أن يكون كذلك، لأنه بكل بساطة ليست لديه أوراق كثيرة أخرى ليلعبها· وسيكون موضوع العرق مركزياً كذلك لأنه كلما أشعل الجمهوريون عود ثقاب تقوم وسائل الإعلام بخلق حريق غابة، وذلك لأن العرق موضوع من الإثارة بحيث لا يمكن تجاهله· وعلاوة على ذلك، فإن تاريخ الانتخابات الرئاسية في مرحلة ما بعد حرب فيتنام، حافل بالمرشحين الديمقراطيين الذين اعتقدوا أنهم يستطيعون التركيز على الموضوعات السياسية وتجاهل الموضوعات الرمزية؛ وهذا العام ينتظر أن تكون الرمزية عرقيةً في جزء كبير منها· وبالتالي فإن أوباما لا يستطيع تحاشي الموضوع، ويتعين عليه بدلاً من ذلك أن يسيطر على النقاش حول العرق· والواقع أنه منذ الآن، هناك ما يدفع إلى الاعتقاد بأن العرق يشكل عبئاً ثقيلاً على أوباما· فقد وجد استطلاع للرأي هذا العام أنجزته شبكة ''سي بي إس'' وصحيفة ''نيويورك تايمز'' أن 94% من المستجوَبين لا يرون مانعاً من التصويت لمرشح رئاسي أسود· لكن حين سأل الاستطلاع ما إن كان ''معظم الناس'' لا يرون مانعاً، انخفضت النسبة إلى 71%· وعلاوة على ذلك، يقدر أستاذ العلوم السياسية بجامعة ''نوتر دام''، ديفيد ليج، أن ما بين 17 و19% من الديمقراطيين البيض والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية، سيقاومون التصويت لأوباما لأنه أسود، وهو عدد أكبر بكثير من نسبة الجمهوريين الذين قد يصوتون لأوباما لأنه أسود· وسيكون ذلك سبباً رئيسياً لجعل هذه الانتخابات متقاربة في نتائجها بين المتنافسين، رغم ميزات أوباما المتعددة· على أوباما أن يخفض النسبة التي توقعها ليج، وهو أمر ممكن، لأنه حتى العنصريين يمكن استمالتهم وخطب ودهم· ولنفكر في الأمر على هذا النحو فإن الكثير من الناخبين الذين لن يصوتوا لأوباما اليوم لأنه أسود، ربما كانوا سيصوتون لكولين باول رغم أنه أسود، وذلك لأنهم لا ينظرون إلى باول كواحد من دعاة تقليص اللامساواة في عملية توزيع الثروات على أساس عنصري، أو باعتباره رجلاً سيفضل المجموعة العرقية التي ينتمي إليها على حسابهم· والحقيقة أنه لا يوجد سبب عقلاني للاعتقاد بأن أوباما سيفعل شيئاً من ذلك أيضاً، لكن لما كان أوباما، وخلافاً لباول، ديمقراطياً ليبرالياً يتمتع بدعم كبير من السود، فإن ذلك هو ما يفترضه الكثير من الناخبين البيض المعادين عرقياً للسود· فبالنسبة لهؤلاء الناخبين، لا يستطيع أوباما ترحيل موضوع العرق بمجرد تجاهله، خصوصاً أن الجمهوريين ووسائل الإعلام لن يتركوه يرحل· وبالتالي، يتعين عليه أن يعترف بمخاوفهم ويقوم بشيء من أجل تخفيفها وتبديدها· وتكمن المفارقة هنا في أن أفضل فرصة أمام أوباما لإزالة الطابع العرقي عن الحملة، هو جعل العرق موضوعاً من الحملة! يستطيع أوباما أن يقوم بذلك من خلال خطاب رئيسي، وربما إعلان تلفزيوني، يدعو فيه إلى استبدال التفضيلات القائمة على العرق بتفضيلات تقوم على الطبقة، وهو ما من شأنه أن يقلل مخاوف البيض من أن تفضل إدارة أوباما الأقلية السوداء على حسابهم· وستكون تلك طريقة جيدة لتوضيح الفكرة التي طرحها أوباما منذ أن صعد إلى الخشبة الوطنية، والتي مازال بعض البيض يرفضون تصديقها، أي أنه لا يمثل الانقسام العرقي وإنما الوحدة الوطنية· بخصوص مزايا وإيجابيات التمييز الإيجابي، هناك الكثير مما يمكن قوله، فعلى مدى عقود لعبت التفضيلات العرقية دوراً أساسياً في خلق طبقة وسطى سوداء، لكن هذه الطبقة الوسطى هي اليوم كبيرة وتديم نفسها بنفسها، أما الفقراء، من السود والبيض معاً، فهم حقاً من يحتاج اليوم إلى دفعة جديدة، وهذا ما يبدو أن أوباما نفسه يفهمه ويدركه· ففي معرض تفسيره لماذا ينبغي ألا تستفيد ابنتاه من التمييز الإيجابي، قال لصحيفة ''كرونيكل أوف هاير إيديكيشن'' العام الماضي: ''علينا أن نأخذ في الحسبان الأطفال البيض الذين نشأوا في الفقر وأظهروا أنهم يتوفرون على ما يلزم للنجاح''· والواقع أن بعض آباء هؤلاء الأطفال البيض يخافون أن يصوتوا لأوباما لأنهم يعتقدون أنهم سيخسرون· والحال أنهم إذا عرفوا آراء أوباما، فقد يقومون بتغيير مواقفهم· بالطبع لن يرحل العرق كعامل في الحياة الأميركية، لكن المشكلة الأساسية في أميركا القرن الحادي والعشرين قد لا تكون ''خط اللون''، مثلما قال زعيم الحقوق المدنية والناشط السياسي الأميركي الأسود ''دبليو· إي· بي· دو بوا'' متحدثاً عن ذلك القرن· ففي عصر يتميز بتزايد التعددية الثقافية وتزايد اللامساواة الاقتصادية، قد تكمن المشكلة في ''خط الطبقة''· غير أن أوباما يستطيع، عبر الدعوة إلى نوع مختلف من التمييز الإيجابي، أن يعترف بهذا التغيير العميق، وبذلك يساعد على دفع نفسه نحو البيت الأبيض في الوقت ذاته· بيتر بينارت زميل مجلس العلاقات الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©