الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين جيلين

19 ابريل 2014 23:00
هناك من الآباء الذين لا همّ لهم سوى أن يكون الأبناء آلة مطيعة لتنفيذ أوامرهم مهما كانت، وأن يكون الابن «نسخة كربونية» منهم. حتى فيما يتعلق بمهنهم وأعمالهم. وهناك بعض الأبناء الذين يعلنون التنافس مع الأب، ويهربون من مهنة الأب كأنها مرض خطير، والواحد منهم يقول على الفور عندما تسأله، ولا أدري ماذا سأكون في المستقبل، لكن من المؤكد أنني لن أسير في الطريق نفسه الذي سار فيه أبي. سأختار عملاً آخر. إن عمل أبي لا يعجبني!. لا أحد يستطيع أن ينكر التنافس الذي يفرض نفسه بين الأجيال ويشتعل أحياناً كحرب لا هوادة فيها، لذلك لا محل لاتهام الجيل الجديد بأنه جيل عاثر أو غير مسؤول، إلى آخر قائمة الاتهامات. إن المقياس الأساسي الذي يمكن أن تتحدد به فاعلية كل إنسان هو. هل يصل هذا الإنسان في نهاية المطاف إلى درجة من النضج تكفي لتجعله قادراً على أن ينسجم مع حقائق المجتمع الذي يعيش فيه؟ لو وقع الابن في خطأ ما، هل يستطيع أن يصحح الخطأ، أم سيستمر فيه دون أن يكتشفه؟ هل سيظل الابن محاصراً بالعجز عن التعبير عمّا يضايقه أم سيحاول اكتشاف وسائل لوضع حد لهذا العجز؟ إن الابن أحياناً يحمل اقتراحاً جديداً عن طريقة ترتيب الطعام في الثلاجة مثلاً، وقد يحمل في الغد رأياً آخر، وقد يرفض في اليوم الثالث تناول طعام غير طازج. وقد يقول مرة إن طريقة تدريس العلوم يجب أن تطور، كل ذلك يحدث، بينما قد يهمل دروسه وعلومه، فهل نستسلم له أم نوجهه؟ لهذا، ليس لنا أن نقول كلمة حاسمة في هذا الأمر. إن الأب الذي دخل في أحد «قوالب» المجتمع قد ينجب ابناً متمرداً على ذلك ومهما حاول الأب أن يجعله مصبوباً في قالب فإن الابن سيرفض وسينجح في هذا الرفض. وكذلك الأب الذي تعود على أن يرفض القوالب الاجتماعية، فإنه قد ينجب ابناً تقليدياً يغرق في احترام الأصول والقواعد، وهكذا. إذن، على كل أب أن يؤمن أن معظم الأبناء سيختارون الطريق الخاص دون حاجة إلى أن يبذل جهداً خارقاً للطبيعة، فليس معنى الخروج على القالب أن يصبح الابن مجرماً. وعلينا أيضاً نحن الآباء أن نعرف الحقيقة وهي أنه ليس باستطاعة أحد أن يخلق عامداً متعمداً ابناً مصبوباً في قالب أو ابناً متميزاً. إن الطفل ليس قطعة من الطين في يد نحات، إنه كائن حي، يعيش تجاربه ويمر بمختلف الظروف، وكل ما نستطيع أن نحيط به أبناءنا هو الأمن والاطمئنان وترك الحرية لهم للاختيار. يمكننا فقط أن نحدد إطارات معينة ومعقولة لسلوك الأبناء مثل الإحساس بالمسؤولية، ونحن قادرون على ذلك عندما نكون قدوة لهم على هذا الطريق، لكن لن ينجح أحد في إكراه الابن على أن يكون مثلما يريد الأب، إلا إذا أراد الابن ذلك. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©