السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثلاثة عوامل تعزز الثقة بقطاع أبوظبي العقاري

ثلاثة عوامل تعزز الثقة بقطاع أبوظبي العقاري
19 ابريل 2014 22:39
شهدت أجواء معرض سيتي سكيب أبوظبي العام الماضي، مزيجاً من الأمل والتطلعات الإيجابية إزاء تحسن القطاع العقاري في الإمارة خلال وقت قريب، وكنت قد تحدّثت حينها أنه لا بدّ من استقاء العبر من الأزمة الاقتصادية العالمية كي ننجح في تنمية وتطوير السوق على نحو سليم، ونوّهت ببدء ظهور علامات النضوج بالسوق، مع تحسن جودة العقارات وتزايد الاهتمام بإدارة الأصول. ونرى اليوم، وبعد مضي 12 شهراً، التقدّم الملحوظ على السوق، والذي لقي ترحيباً واسعاً بحكم أهمية القطاع ومردوده الإيجابي على صعيد الثروات الشخصية والتنمية الاقتصادية في مختلف نواحي المجتمع. ورأينا انتعاشاً كبيراً في البيع والتأجير أواخر العام الماضي، انعكس بشكل مباشر على عودة السوق إلى سابق عهده بارتفاع قيمة العقارات مرة أخرى. وهنالك ثلاثة أسباب رئيسة تعزز الثقة في القطاع على المدى الطويل، وهي: علامات النضوج التي بدأت بالظهور، والقرارات المتخذة للحدّ من تأثير عمليات المضاربة وتنمية السوق على نحو سليم، إلى جانب المسار السليم الذي اتخذته أبوظبي في دفع نموها الاقتصادي والذي كان له وقع مباشر على تزايد الطلب الحقيقي على العقارات. بدأت ترتسم الملامح العصرية على القطاع العقاري في أبوظبي قبل نحو عقد من الزمن، حيث تم تأسيس شركات ضخمة وبرز نوع جديد من المتعهدين الذين يمتلكون خبرات تقنية واسعة، فضلاً عن قدوم الشركات الهندسية العالمية والمؤسسات الخدمية. كما تأثرت حركة النمو في القطاع بعدد من العوامل، أهمها دخول أسعار النفط في مرحلة جديدة من الارتفاع المستدام، وتوفر تسهيلات ائتمانية على مستوى عالمي، وارتفاع الطلب على المشاريع السكنية والتجارية الجديدة، والتي امتازت بدرجة عالية من الجودة، لم تعهدها أبوظبي من ذي قبل. وكما هو الحال في الأسواق اليافعة، لم يكن من السهل خلق توازن بين العرض والطلب، لاسيما بحكم صعوبة قياس الطلب على منتج جديد ضمن سوق مرتبطة بتغيرات متسارعة، الأمر الذي خلق حالة من التذبذب وعدم الاستقرار في الأسعار. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، شهد السوق تغيرات حاسمة، نتيجة لتعاون كافة الجهات المعنية. وبات كل من المطورين والمشترين والمستثمرين، أكثر خبرة لحصولهم على كمّ أوفر من المعلومات التي من شأنها إحداث تغيير كبير من ناحية صنع القرار، منها البيانات الخاصة بمعدلات العرض والطلب وتفاصيل سوق الإيجار والقيم الرأسمالية للعقارات، نتج عنها مزيد من الاستقرار، وكان لمجلس التخطيط العمراني دور بارز في تنظيم تطوير المشاريع العقارية، حيث بات لا بد من المصادقة على التصاميم المفصّلة وحلول استخدام الأراضي بما يحد من التأثير السلبي على البيئة. وتم تحقيق ذلك من خلال اقتصار نشاطات السوق العقاري على المطورين المؤهلين. وفي الوقت ذاته، بدأت الشركات تتبع نهجاً مدروساً على نحو أكبر، وأصبحت تعمل على خلق التوازن بين عدد المشاريع الجديدة وحجم الطلب. كما أسهم اندماج كبرى شركات التطوير العقاري في أبوظبي، الدار وصروح، في رفع درجة التحكم بأوضاع السوق، وانبثق عنه ولادة شركة جديدة تتمتع بمكانة مالية قوية وتركز جهودها على تطوير السوق العقاري على نحو مسؤول ومستدام. جاء التحسن الذي طرأ على السوق مصحوباً بتشريعات أفضل لقوانين الرهن العقاري وملكية العقارات، وكان لقرار بلدية أبوظبي المتعلق بإصدار سندات ملكية الوحدات العقارية، دور رئيس في تعزيز ثقة مشتري العقارات، ونتوقع أن يشهد الجانب القانوني تحسناً عما قريب، بالتزامن مع إصدار الهيكل النهائي للتشريعات المتعلقة بالسوق، وذلك خلال هذا العام. وضمن مساعيه للحدّ من المضاربة، قام المصرف المركزي بإصدار قانون جديد لقروض الرهن العقاري، يضع فيه حداً لنسبة القرض إلى القيمة، ويفرض قيوداً أكبر على شراء العقار الثاني. كما قام المصرف باتخاذ إجراءات للحد من عمليات الشراء والبيع على المخطط، والتي تهدف لتحقيق الربح السريع، برسوم تسجيل العقارات، فيما قامت شركات التطوير العقاري بمنع نقل ملكية عقود بيع وشراء العقارات إلا بعد دفع جزء كبير من القيمة، والذي يتراوح عادة بين 40 – 50%، من قِبل المشتري الأصلي. وفي الشأن ذاته، عمدنا إلى الحد من عمليات الشراء بالجملة لتعزيز عمليات البيع للمستهلكين النهائيين والمستثمرين، فيما نقوم بتطوير خطة محبكة لعمليات السداد. من ناحية أخرى، تم تأسيس شركة مختصة بجمع المعلومات الائتمانية بغرض منح تصنيفات للأفراد في الدولة، لإرساء ممارسات مسؤولة في عمليات الاقتراض، وتعزيز ثقة المصارف لتلبية الطلب المتزايد على الرهونات العقارية. وباتت المصارف أكثر حذراً، وانخفضت قيمة الرهونات المتعثرة 4% مقارنة بالعام 2010. ويتوقع بعض المحللين ارتفاع عمليات الإقراض الخاصة بشراء الوحدات العقارية بين 10 إلى 15% سنوياً، نتيجة تحول أسعار العقارات إلى درجة معقولة من الغلاء، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار العقارات مؤخراً، إلا أنها مازالت أقل بكثير عما كانت عليه في 2007، كما انخفضت فوائد الرهونات العقارية إلى نحو 4.5%، مقارنة بما يزيد عن 7% منتصف العقد الماضي. لا شك أن استقرار الأوضاع الاقتصادية التي تبعث بالثقة، هي العامل المحرك لخلق قطاع عقاري سليم، واجتاز اقتصاد الدولة تبعات الأزمة الاقتصادية بشكل مبهر، في ظل ارتفاع الناتج المحلي بشكل مطرد وبمعدلات تتراوح بين 3.5 إلى 4% سنوياً، وشهدت مقومات القطاعات الرئيسة، مثل السياحة والتجارة واللوجستيات وتجارة التجزئة والرعاية الصحية والتعليم، تحسناً ملحوظاً العام الماضي، ما انعكس إيجابياً على أسواق الأسهم والقروض، وترسخت عودة ثقة المستثمرين بفضل قرار مؤشر مورجان ستانلي بترقية أسواق الدولة من «حدودية» إلى «ناشئة». وفي أبوظبي تحديداً، يسهم كل من الاستثمار في البنى التحتية الملموسة وغير الملموسة، والعمل على تنويع القاعدة الاقتصادية وتنمية القطاع الخاص، في توفير بيئة مشجّعة وإيجابية. وأرست الحكومة خطة لاستثمار 90 مليار دولار في البنية التحتية الفعلية والاجتماعية، ما يلعب دور العامل المحفز للنمو، وتم وضع مخطط عام للمناطق الاستثمارية الجديدة، التي تتمتّع ببنية تحتية جاهزة، ما يشجع المطورين للمشاركة في التنمية. وغدت أبوظبي مدينة عالمية تعجّ بالحياة، لاسيما مع تطوير كل من ميناء خليفة ومدينة خليفة الصناعية، وإنشاء مبنى المطار الرئيسي الجديد الذي يهدف لتوسعة مطار أبوظبي الدولي، وتأسيس المركز الثقافي في جزيرة السعديات والمركز المالي في جزيرة المارية، في الوقت الذي نرى في جزيرة ياس أبرز وجهات الترفيه والسياحة على مستوى العالم. وفيما تتجه أنظار العديد من الأفراد نحو حركة التنمية المتسارعة، يدرك معظمهم أنها لا تزال في بداية الطريق نحو الازدهار المرجو ويتطلعون إلى المشاركة في قصة النجاح التي تكتبها أبوظبي. بقلم: أبوبكر صديق الخوري رئيس مجلس إدارة شركة الدار العقارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©